كعادة كل رمضان، تثير مسلسلاته حزمة القضايا والملفات ما بين تنميط صورة المرأة مع تكثيف غريب للمشاهد الجنسية فى الشهر الكريم، وما بين هجوم بعض الفئات من المجتمع على طريقة تناولهم على الشاشة، وغالبا تكون الأكثر تأثيرا وصاحبة الصوت المسموع والمهن الفاخرة ولا عزاء لأصحاب المهن البسيطة الذين لا يجدون من يدافع عنهم. الأزمة هذا العام اندلعت مع مضيفات الطيران بعد إذاعة الحلقات الأولى لمسلسل «اللا لا لاند» لدنيا سمير غانم وإخراج أحمد الجندى، ومسلسل «أرض جو» لغادة عبدالرازق وتأليف محمد عبدالمعطى وإخراج محمد جمعة.
النقابة العامة للضيافة المصرية أطلقت بيانا شديد اللهجة، أعلنت فيه عن استيائها من هذه الأعمال الدرامية التى تناولت عمل الضيافة الجوية، واحتفظت بحقها باتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد صناع هذه الأعمال الدرامية، بل دعت أعضاءها بالترفع عن هذا الجهل وتجاهل مشاهدة هذه الأعمال «الوضيعة» على حسب وصفها. وانتقل الهجوم إلى مواقع التواصل الاجتماعى بهاشتاج # مضيف جوى - وأفتخر، رافضين استمرار عرض حلقات المسلسل. تامر عاصم، رئيس لجنة التدريب بالنقابة العامة للضيافة المصرية قال، إنه يعمل مدربا معتمدا للضيافة الجوية منذ 18 عاما، لم ير فى أرض الواقع مما جاء بالمسلسل، سواء المسلسل الكوميدى لدنيا سمير غانم الذى قدمها بطريقة ساذجة وسطحية وتحويل المضيفة إلى مجرد خادمة لتقديم الشاى والقهوة على الطائرة، أو مسلسل «أرض جو» الذى أساء لسمعة المضيفات وشكك فى سلوكياتهن الشخصية. المسلسل - والكلام مازال لتامر عاصم - لم يعرض حقيقة معاناة طاقم الضيافة وأنهم مسئولون عن السلامة لكل راكب على متن الطائرة، ولكن أظهر المضيفات فى شخصيات مستهترة تقوم إحداها «بإغراء» ثرى خليجى «أبونواف» لينفق عليها ويحقق أحلامها، وهو ما يكرس صورة سلبية خاطئة عن مهنة الضيافة تسىء لسمعة العاملين بها. مضيفات الطيران كما قال رئيس لجنة التدريب بالنقابة العامة يحصلن على تدريب مكثف بشكل دورى مدته ثلاثة شهور للتدريب على الإسعافات الأولية، وكيفية إخلاء الطائرة فى حالة الطوارئ، وكيفية حماية الركاب وتأمينهم حال الخطف أو الهبوط الاضطرارى. وليس الضحك و«الهزار» على متن الطائرة والتقاط صور السيلفى كما ظهر كابتن الطائرة محمد كريم ومساعده فى أحد المشاهد. وبسؤاله عن التسرع فى الحكم على أولى حلقات المسلسل، أجاب «عاصم» بأن الصورة السلبية أسرع انتشارا وترسيخا فى أذهان ملايين المشاهدين، فمنذ الحلقة الأولى والمسلسل قدم المضيفة بهذه الصورة المتدنية، فكيف تتغير بعد ذلك حتى بعد انتهاء ال30 حلقة. محمد عبدالمعطى، مؤلف مسلسل «أرض جو» فى المقابل قال: إن العمل درامى والشخصيات من وحى الخيال، ولم نقصد الإهانة لمهنة المضيفات أو الإساءة إليهن، حيث نكن لهن كل الاحترام والتقدير، ونعتبر المضيفات سفيرات لمصر بالخارج، وأن المسلسل لا يناقش مهنا بعينها، ولكن يناقش تفاصيل وقضايا اجتماعية، وأن أحداث المسلسل عبارة عن حبكة وشخصيات درامية من وحى الخيال، بعيدة كل البعد عن تلك المهن. جميع النواحى الفنية الخاصة بالتصوير داخل الطائرة، تم العمل عليها بناءً على نصائح من متخصصين كانوا متواجدين فى موقع التصوير، وملازمين لفريق عمل المسلسل لتجنب حدوث أية أخطاء تقنية أو فنية أثناء تصوير مشاهد الطائرة. وتفض الناقدة ماجدة موريس، الاشتباك بقولها هناك حساسية شديدة من كل فئات المجتمع المصرى تجاه كل ما يقدم على الشاشة سواء سينما أو تليفزيوناً، وهى إشكالية تعود للنظرة المحافظة التى سيطرت على المجتمع تجاه الفنون منذ السبعينيات، فجميع الفئات محامون، ممرضات، صحفيون، قضاة يريدون أن يظهروا على الشاشة وكأنهم ملائكة، وهذا غير واقعى ويتنافى مع أصل الدراما التى تقوم على الخيال والإبداع. وأضافت ماجدة: أنا مندهشة من هجوم نقابة الضيافة على مسلسل «أرض جو» خاصة أنه مازال فى حلقاته الأولى، وهذه الشخصيات التى تتهمها النقابة بالانفلات الأخلاقى والتى ظهرت فى أولى الحلقات، لا تنسحب أولا على كل أفراد المهنة لأن كل مهنة فيها الصالح والطالح، فضلا على عدم انتظارهم للتطور الدرامى للشخصية وبنائها وتشابك جميع خيوط الأحداث على مدار 30 حلقة، والذى يمكن أن يظهر بتحولات جديدة فى الشخصية ويكشف للمشاهد الأسباب وراء سلوكيات الشخصية. وقالت ماجدة: إننا بحاجة إلى إعادة فهم لكيفية قراءة العمل الفنى الدرامى، وأن يكون الحكم عليه ليس من منظور أخلاقى بحت ولكن من منظور فنى يرتبط بقراءة الأحداث وتطور الدراما. بينما تقول شيماء عبدالسلام، وهى مضيفة على أحد خطوط الطيران، إنها تعمل فى المهنة منذ 8 سنوات، وأنها انزعجت من الأعمال الدرامية التى تتناول مهن المضيفات، أو شخصية دنيا سمير غانم «فى اللا لالاند» حتى ولو كانت كوميدية إلا أنها فجة وغير منطقية، حتى تحولت إلى شخصية مفتعلة غير واقعية، وبلهاء، لأن الاختبارات التى تمر بها المضيفات صعبة ودقيقة وجميعها باللغة الإنجليزية، ومن ثم لا يمكن قبول شخصية مثل «دنيا» تتحدث بالفلاحى ولا تجيد الإنجليزية، بل تتكلم بطريقة سوقية وغير لائقة. ويقدمن الشاى والقهوة وكأنهن يقدمن ضيافة على «أتوبيس السوبر جيت». وعن مسلسل «أرض جو» قالت شيماء إن أسرتها فى غاية الحزن من مشاهدة المسلسل لأنهم يدركون جيدا صعوبة هذه المهنة التى تعمل فيها ابنتهم ،فضلا عن المعاناة فى حل جميع مشكلات الركاب الذين يمكن أن يتراوح عددهم ما بين 60 و 400 حسب طراز كل طائرة. وأضافت: «أرض جو» حول المضيفات إلى مجموعة فتيات ليل ،من السكارى المنفلتات أخلاقيا، يعاكسن الركاب على الطائرة، بل يتشاجرن على من تقوم بالخدمة فى الدرجة الأولى، وهذا لا يحدث إطلاقا على أرض الواقع، فقبل كل رحلة يوجد اجتماع من المشرف مع طاقم الضيافة ويتم توزيع المهام، وتقسم الدرجات على الطائرة حسب الأقدمية، فكلما كانت المضيفة أكثر خبرة يفضل أن تقوم بالضيافة فى الدرجة الأولى أو VIP. أما عن الأخطاء الفنية فى عمل المضيفات قالت: العمل حول المضيفات إلى شخص مشتبه فيه ومتهم بل يمكن أن تتحول إلى إرهابية بين يوم وليلة، حيث ظهرت «غادة عبدالرازق» فى أحد المشاهد تمر بشنطتها دون تفتيش، بل تأخذ من إحدى السيدات المسنات دواء مهدئا ممنوعاً صعوده على الطائرة، وهذا كلام عار من الصحة تماما ولا يحدث فى الواقع. فضلا عن دخول المضيفة فى المسلسل لكابينة القيادة للطائرة وكأنها تدخل غرفة نومها، فالوصول لقمرة القيادة مسألة فى غاية التعقيد ويجب أن يكون هناك كود متفق عليه حتى تتمكن المضيفة من العبور، لأن الكابينة من أخطر الأماكن التى لو وصل لها مثلا مختطف للطائرة يمكن أن يؤدى لسقوطها. فالمهنة ليست مجرد فسحة وسفر حول العالم يجب أن تعكس الدراما هذه المعاناة للمهنة بطريقة أمينة وليس الإساءة لسمعة من يعمل بها.