يعيش فى باكستان أكثر من مليونين و600 ألف لاجئ أفغانى، مليونا منهم غير مسجل بشكل قانونى، وتعتقد الحكومة أن مسلحى طالبان يجدون الملاذ الآمن لهم وسط هؤلاء اللاجئين، حيث ينطلقون من بينهم لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، ثم الاختفاء بين اللاجئين مرة أخرى. الهجوم الذى شنته عناصر من طالبان واستهدف إحدى مدارس بيشاور فى ديسمبر الماضى وأسفر عن مقتل 136 طالبا دعا الحكومة إلى القيام بإصلاحات أمنية على رأسها رحيل هؤلاء جميعا، وقامت الشرطة وعملاء الاستخبارات بمداهمة مخيمات اللاجئين المنتشرة فى جميع أنحاء البلاد وترحيل اللاجئين غير القانونيين فورا، وإجراء ترتيبات لعودة اللاجئين المسجلين، للتخلص نهائيا من الشبهات التى تحوم حولهم. الحكومة الباكستانية وقعت اتفاقية مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بمقتضاها يمكن عودة اللاجئين المسجلين حتى نهاية العام الحالى، أما غير المسجلين والغرباء فليس لديهم الحق فى البقاء، وتبقى مخاوف بعض الجماعات الحقوقية الدولية بشأن سلامتهم فى أفغانستسان. نشرت صحف «الصنداى تايمز» البريطانية والدايلى نيوز وداوون الباكستانية تقريرا يؤكد أن وتيرة عودة الأفغان تسارعت منذ بداية الشهر الماضى، ليبلغ عددهم الألف يوميا دون أى دعم لإعادة استقرارهم، وفقا للمجلس النرويجى للاجئين وهى منظمة غير حكومية تعمل على دعم اللاجئين. وقال المجلس إن هؤلاء غير مسجلين رسميا باعتبارهم لاجئين فى باكستان، فإنهم لا يحصلون على المساعدة التى يحصل عليها المسجلون حين يعودون إلى أفغانستان حيث بدأت باكستان العام الماضى فى إجبار اللاجئين الأفغان العودة إلى بلادهم فى ظروف قاسية أحيانا وفى وقت تعجز أفغانستان عن تأمين المأوى والحماية لهم فقد شهد العام الماضى عودة نحو 380 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية العليا و225 ألف لاجئ غير قانونى فى أفغانستان. وقالت كاتى أوروكى مديرة المجلس النرويجى للاجئين فى كابول إن اللاجئين غير القانونيين يعودون إلى بلادهم التى ينخرها انعدام الأمن والبطالة ويخرج ثلث أراضيها عن سيطرة الحكومة ما دفع العام الماضى أكثر من 600 ألف مدنى جديد إلى مغادرة منازلهم هربا من المعارك، علاوة على ذلك أمضى بعض اللاجئين عقودا خارج أفغانستان ولم يعد لديهم أملاك أو أقارب فى بلدهم. كما نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بتواطؤ الأممالمتحدةوبريطانيا مع عمليات الطرد المكثفة للاجئين الأفغان من باكستان التى تتم فى أغلب الأحيان تحت ضغط الشرطة والسلطات واعتبرت المنظمة أن المفوضية العليا للاجئين ومن خلال مضاعفة المنحة للاجئين العائدين من 200 إلى 400 دولار لكل شخص، شجعت على إعادة الأفغان وباتت عمليا متواطئة فى انتهاكات حقوقهم بنظر القانون الدولى. شددت على أن المفوضية بقيت صامتة تجاه عمليات الطرد واسعة النطاق دون أن تعترض ولو لمرة واحدة على واقع أن العديد من العائدين هم أساسا يفرون من تجاوزات الشرطة الباكستانية. وقال جيرى سيمبسون من منظمة هيومن رايتس: يحظر على باكستان مثل جميع الدول الأخرى، الإعادة القسرية للاجئين المسجلين بأى شكل من الأشكال إلى بلدهم الأصلى، ومن ثم فقد ارتكبت بذلك عملية إعادة قسرية جماعية بضغوط بريطانية. وأضاف أن المفوضية الآن على دراية واضحة بأن التجاوزات التى ترتكبها باكستان تدفع أعدادا قياسية من الأفغان للمغادرة، واستئناف المنح النقدية لدعم الأفغان سيساعد باكستان فى هدفها بإجبار المزيد من اللاجئين مع اقتراب مهلة الترحيل والظروف الرهيبة التى سيعود الأفغان إليها والبيئة العدائية التى يغادرونها فى باكستان موثقة توثيقا جيدا من قبل جماعات حقوق الإنسان، فضلا عن الأممالمتحدة نفسها حيث أجبرت العديد من الأسر على المغادرة بسرعة دون إتاحة وقت كاف لبيع الأصول بشكل صحيح، وغالبا ما تصل بلادها بقليل من الممتلكات. كما حذرت المنظمة الدولية للهجرة من أن هناك أعدادا غير مسبوقة من الأفغان يفرون بسبب تزايد حوادث العنف والاعتقال التعسفى والاحتجاز وغيرها من أشكال المضايقات. ونفى أقدس شوكت المتحدث باسم وزارة الأقاليم والمناطق الحدودية انتهاك باكستان لأى قانون دولى أو إجبار للاجئين الأفغان على العودة إلى بلادهم. ويبدو أن باكستان قد أوقفت بشكل مؤقت حملة التخويف التى تنفيها رسميا لكنها واضحة تماما ضد اللاجئين الأفغان وتوضيحا لذلك قال عبدالقدير بلوش وزير الأقاليم والمناطق الحدودية: لقد تم إيقاف إعادة توطين اللاجئين الأفغان من شهر نوفمبر الماضى بناء على طلب رسمى من الحكومة الأفغانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين وبعض الأحزاب السياسية المعارضة فى بريطانيا. ومعروف أن الأفغان يفرون من الحروب منذ عدة عقود خاصة باكستان وتزوج كثيرون منهم من باكستانيين وأنجبوا أطفالا، لكن باكستان تقول الآن إنه يجب عليهم العودة إلى وطنهم، على الرغم من استمرار الحرب، ومن الناحية القانونية يمكن أن تحصل الزوجة الأجنبية لرجل باكستانى على الجنسية، جنبا إلى جنب مع أطفالهما، ولكن القانون لا يوفر نفس الحقوق للمرأة، ولم تخصص الحكومة مادة فى القانون تنص على بقاء الأزواج الأفغان لنساء باكستانيات أو أبنائهم فى البلاد. تلقت الحكومة مئات الطلبات من النساء الباكستانيات لمنح أفراد أسرهن الجنسية كما تدرس مقترحا لتوفير تصاريح عمل للرجال الأفغان المتزوجين من نساء باكستانيات. ولم يعرف عدد النساء الباكستانيات المتزوجات من رجال أفغان ويعتقد أنهن عدة آلاف.