الإنسان عدو ما يجهل، حتى لو كان ما يجهل شيئا من صغائر الأمور أو ربما أمرا بسيطاً لا يستحق الضجة، وبما أن نسبة الأمية فى مصر زادت على 50 % حسب الإحصاء الأخير لمركز التعبئة العامة والإحصاء، فطبيعى أن يكون هناك من يطالب بمصادرة الفيس بوك أو يطالب بفرض رسوم عليه أو ضرائب رغم أن مؤسسه الأمريكى مارك زوكبيرج دون على صفحته الأساسية أنه مجانًا وسيظل مجانًا دائمًا. كثرت الدعوات التى تنادى بإغلاقه أو بالأحرى إغلاق النسخة العالمية منه وإنشاء نسخة مصرية أو ربما فرض مزيد من الرقابة عليه يحقق لهم ما أرادوا، حيث اقترح البعض أن يكون استخدامه ببطاقة الرقم القومى، وهناك من اتخذ منحى آخر ألا وهو تدريسه فى المدارس، حيث يطالب النائب محمد الكومى عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب فى اقتراح قدمه للمجلس بتدريس «الفيسبوك» ووسائل التواصل الاجتماعى للتلاميذ فى المدارس المصرية بدءاً من الصف الأول الابتدائي؛ للتوعية بأضرار ومخاطر مواقع التواصل الاجتماعى من ناحية، إلى جانب حث الأطفال على التعامل مع هذه الوسائل بشكل يحقق نفعا واستفادة بدلا من كونه بوابة للخطر والتطرف، لإيمانه بأنه يمكنه المساعدة فى الحد من إهدار الدولارات من مصر إلى الخارج، لافتًا إلى أن أرباح شركة فيسبوك العالمية من مصر فى الدقيقة الواحدة 1400 دولار تحول إلى الخارج. ودعا النائب أيضًا لإنشاء فيسبوك مصرى على أن يتم الدخول فيه ببطاقات الرقم القومى واعتبر أن ذلك سيمنع بدوره إنشاء حسابات وهمية تضلل الرأى العام وتنشر الفوضى وتضر بالأمن القومى المصرى. وفى نفس السياق دعا النائب محمد أحمد عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب إلى تمصير الفيسبوك، وأكد أن هذا المقترح يعتبر مساندًا لما ينادى به قانون الجريمة الإليكترونية لكن قال النائب أحمد بدوى، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن مصر لا تمتلك الآليات التى تسهل عليها تنفيذ إنشاء فيس بوك مصرى خاص بها، وغلق موقع فيس بوك العالمى، مشيرا إلى أن اللجنة تعد مشروع ضوابط تعمم على مستخدمى الفيس بوك فى مصر، حيث إن الضوابط التى يتضمنها قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية سيعزز من ذلك. وفى المقابل نجد دعوات أخرى تتمثل فى التقييد على استخدام الفيسبوك، هذا نجده فى مطالبة النائب رياض عبدالستار، عضو مجلس النواب، عن حزب المصريين الأحرار، الذى اقترح وضع تسعيرة على مستخدمى الفيسبوك، وقال إن مشروع القانون الخاص بتقنين الفيسبوك ووضع تسعيرة له، سيتضمن الدخول إلى الفيس بوك باستخدام بطاقة الرقم القومى، ورقم الموبايل، لتقنين أوضاع الحسابات. وأضاف عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار فى رسالة له ردا على مهاجميه، «أن المجتمعات المتقدمة الراقية اللى عايزين نبقى زيها فى الحريات، مبتدخلش تهاجم وتسب أشخاص علشان آرائهم، فلا الحرية ولا الديمقراطية تؤيد سب المختلف عنك فى الرأى بأفظع الألفاظ التى لا تليق، فمن حق الجميع كتابة التعليقات وإبداء الآراء بكل حرية، ونقبل كل الانتقادات بصدر رحب، أما السباب والشتائم فهذا غير مقبول». ويوافقه فى الرأى النائب عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، ولكن بوجهة نظر أخرى حيث قال إنه لا توجد أى موانع من وضع ضوابط على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة الفيس بوك، لما تحتويه من تحريض مستمر من قبل الصفحات المجهولة التى تضر بالأمن القومى للبلاد. وأضاف «حمروش» فى تصريح له، أنه لا يوجد أى شرط لوضع أى تسعيرة على الفيس بوك، ولكنه مع أن يكون هناك حصر للمستخدمين عليه، لمنع استغلاله من قبل المجهولين فى الإضرار بأمن البلاد، والتحريض على مؤسسات الدولة، وتركه للجماعات الإرهابية تستخدمه بشكل خاطئ ضد الدولة. جنون ورأى الناشط السياسى ممدوح حمزة أن مقترحات بعض النواب لفرض «تسعيرة» على استخدام الفيسبوك «دا كلام فاضى لن تستطيع الدولة المصرية تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع لأن مواقع التواصل الاجتماعى ليست ملكا لمصر، حتى تفرض رسوما عليها وفى حال تواصل الدولة المصرية مع إدارة هذا الموقع لتطبيقه فلن توافقهم وإذا نفذته ستتعرض مصر لعقوبات مالية ضخمة كتعويض لمالك تلك المواقع». سوء استخدام وسخرية من ضمن حالات سوء استخدام الفيسبوك نجد حالة المحامى محمد رمضان عبد الباسط الذى صدر ضده حكم بالحبس لمدة 10 سنوات وتحديد إقامته لمدة 5 سنوات أخرى ومنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعى لمدة 5 سنوات بتهمة التحريض على العنف وإهانة رموز الدولة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى. ذكرت المحكمة فى حكمها أنه استخدم وسائل التواصل الاجتماعى فى التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض مصالح المجتمع للخطر ومنع السلطات من القيام بعملها. لم تكن حالة «رمضان» هى الوحيدة ولكن خلال مايو الحالى تم احتجاز الناشط أيمن حجازى بعد القبض عليه ووجهت النيابة للمتهم تهم الانضمام لجماعة الإخوان الإرهابية وتحريض المواطنين على قلب نظام الحكم. مفيش حاجة بتستخبى لم تعلن الحكومة المصرية على سبيل المثال عن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتى قالت الحكومة أنه بموجبها انتقلت تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، لكن بعد توقيع الاتفاقية كان أول من نشر الخبر وأن السعودية قد حصلت بموجب هذه الاتفاقية على تيران وصنافير كانت صفحة الناشط وائل عباس، ليتم تداول الأمر وتقوم عليه ثورة فيسبوكية انتقلت فى مرحلة لاحقة إلى الشارع، لتضطر الحكومة إلى الإعلان عن الاتفاقية لتقول إن ما حدث كان ترسيمًا للحدود، ولولا النشر عن الأمر فى مواقع التواصل الاجتماعى ربما لم تكن الحكومة لتعلن عنه. أسلم تسلم حذر د. مجدى عاشور المستشار العلمى لمفتى الجمهورية من خطورة تصديق الفيس بوك وبناء الحياة على أساسه، لأنه يضلل الناس بحسب تعبيره. وقال فى بيان له: «الفيس بوك يضلل الأزواج والزوجات وأصبح يمثل الزواج البديل، بل أصبح الدولة البديلة عند بعض الناس». وحول استفتاء الإنسان لقلبه دون فتوى أحد قال الشيخ عاشور إن الإنسان ليس مفتيا حتى يستطيع أن يعرف الحكم، ولكن للإنسان أن يختار عندما تأتى إليه فتويين مختلفتين فى أمر ما. من جهة أخرى قال د. مجدى عاشور إن الخوف من الموت يزداد كلما ارتبط الإنسان بالحياة الدنيا بأن جعلها فى قلبه، ولكن إن عمر الإنسان قلبه بحب الله نزع خوف الموت منه، وأوضح: «أن الدنيا وسيلة لابتغاء رضا الله، ولا ينبغى أن تسكن الدنيا القلوب» مشيرا إلى أن الله الذى كتب الموت هو الذى كتب على نفسه الرحمة. وأضاف أن على الإنسان أن يجعل نفسه فى طاعة أو تائبا من معصية، أما من يغفل ويصر على المعصية فهذا من يخشى عليه، موضحا أن الإنسان عليه أن يستعد دائما للقاء الله بالطاعة.