اعترضت الهيئات القضائية على قانون السلطة القضائية واعتبرته تعديًا على استقلال القضاء، إلا أنه بعد أن نُشر فى الجريدة الرسمية ليصبح قانونًا سائرًا، التزم به القضاة، وأرسلوا ترشيحاتهم بالفعل إلى الرئيس، وقالوا فى مواقف متعددة إنهم سيتبعون السبل القانونية المختلفة للطعن على القانون، لكن حتى كتابة هذه السطور، لم يطعن أى قاض على القانون فى المحكمة الدستورية. المفارقة أن أول دعوى أقيمت على القانون كانت الدعوى رقم 45413 لسنة 73 قضائية والتى أقامها المحامى عصام الإسلامبولى. الدعوى طالبت بإصدار حكم قضائى بوقف العمل بالقانون وإحالة جميع مواده إلى المحكمة الدستورية لمخالفتها العديد من مواد الدستور وبصفة خاصة المنظمة للجهات والهيئات القضائية واستقلال السلطة القضائية أو التصريح للمدعى باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية مواد هذا القانون. وقالت الدعوى إن القانون الذى يمنح رئيس الجمهورية سلطة تقديرية لاختيار رؤساء محكمة النقض ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة من بين 3 مرشحين من أقدم 7 أعضاء يؤدى إلى خلق أوضاع غريبة أبرزها اختيار رئيس الجمهورية، رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى الذى تنصبه المادة 159 رئيسًا للمحكمة الخاصة، التى يحاكَم أمامها رئيس الجمهورية عندما يُتهم بمخالفة الدستور مما مفاده تحكم رئيس الجمهورية فى اختيار رئيس هذه المحكمة على نحو يؤدى إلى تعارض وتضارب المصالح ويؤدى لإثارة الشكوك فى حيدة ونزاهة هذه المحكمة. وأقام أشرف عبدالله ومحمد السيد أمين الإعلام بحزب العمل الاشتراكى ثانى دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة طالب فيها باصدار حكم بانعدام مشروع تعديل قانون السلطة وعدم الاستمرار فى المشروع. سألنا المستشار عبدالستار إمام رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس نادى قضاة المنوفية عن خطط القضاة فى المرحلة القادمة، ولماذا لم يستمر القضاة فى مطالبتهم لمقابلة رئيس الجمهورية لعرض وجهة نظرهم فى هذا القانون قال لنا إنه رغم أن القضاة فى فترة إعداد القانون قبل صدوره اعترضوا عليه، لمساسه باستقلال القضاء ولإخلاله بمبدأ الفصل بين السلطات، إلا أنهم التزموا به حرصًا على المصالح العليا للدولة. وقال المستشار عبدالستار من حق أى شخص أن يطعن على قانون السلطة القضائية وأن يكون له مصلحة فى الطعن عليه، هذا بالإضافة إلى أنه من حق القضاة الذين لهم حق التعيين فى رئاسة الهيئات القضائية ولم يتم تعيينهم وتعيين من أقل منه فى الأقدمية والطعن على القانون أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة. وكشف لنا المستشار عبدالستار بأن هناك قانونًا للسلطة القضائية يتم مراجعته حاليًا من قبل نوادى القضاء وسيرسل لمجلس القضاء الأعلى بعد المراجعة ثم يرسل لوزير العدل لإرساله لمجلس النواب لإقراره وهذا القانون سيعيد للقضاء استقلاليته وتم تعديل أمور أخرى فى القانون الحالى. وأكد المستشار عبدالستار أنه بعد صدور القانون لم يطلب القضاة مقابلة رئيس الجمهورية لطرح وجهة نظرهم فى القانون لأن بعد صدور القانون أصبح الجميع ملتزمين به، والقضاة ملتزمون به حرصا على الاستقرار وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء. وحسم مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مصطفى شفيق ترشيحاته لرئاسة محكمة النقض وفق نص قانون الهيئات القضائية الجديد رقم 13 لسنة 2017 الذى ينص على ترشيح 3 من أقدم 7 من نواب رئيس المحكمة، ليعين رئيس الجمهورية أحدهم ويتولى المنصب بداية من أول يوليو القادم. وأرسل مجلس القضاء الأعلى لرئيس الجمهورية ترشيحاته قبل انتهاء مدة رئيس المحكمة الحالى ب60 يومًا حسب نص القانون الجديد. وتضم قائمة المرشحين الثلاثة لتولى رئاسة المحكمة المستشارين أنس عمارة ومجدى أبوالعلا وإبراهيم الهنيدى نواب رئيس محكمة النقض. ويأتى المستشار أنس عمارة على رأس قائمة الترشيحات وهو صاحب عدد من أهم الأحكام فى تاريخ محكمة النقض إذ حكم بإبطال انتخابات 2003 التى فاز فيها زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية وكان آخر أحكامه إلغاء إعدامات مذبحة كرداسة ويعتبر «عمارة» هو الأقدم فى مجلس القضاء الأعلى والأكبر سنًا. أما المستشار إبراهيم الهنيدى فقد عمل قبل تعيينه وزيرًا للعدالة الانتقالية ومساعدًا لوزير العدل، ورئيسًا لجهاز الكسب غير المشروع وفى بداية عمله بالجهاز أجرى حركة تغييرات شاملة لمحققى الجهاز وطلب من مجلس القضاء الأعلى إنهاء انتداب رؤساء هيئات الفحص والتحقيق وعددهم 14 قاضيًا وندب آخرين بدلاً منهم. وأرسلت هيئة النيابة الإدارية برئاسة المستشار على رزق مرشحيها الثلاثة لتولى منصب رئيس الهيئة بعد الاجتماع الذى عقده المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بحضور جميع الأعضاء. وإرسال الترشيحات إلى رئاسة الجمهورية لإعمال شئونها وضمّت قائمة الترشيحات المستشارين رشيدة محمد فتح الله وعبدالمنعم فرحات الدجوى ومحاسن لوقا. ووفقًا للقانون القديم وحسب الأقدمية المطلقة كان سيتم ترشيح المستشارة رشيدة محمد فتح الله، (تتقاعد فى أغسطس المقبل) باعتبارها أقدم نواب رئيس الهيئة لكن تطبيقًا للقانون الصادر مؤخرًا أضيف اسما المستشارين عبدالمنعم فرحات الذى سيتقاعد فى يوليو المقبل، والمستشارة محاسن لوقا التى ستتقاعد فى سبتمبر 2018. واستقر المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة برئاسة المستشار على سكر على ترشيح المستشارين محمد ماضى ومنير مصطفى وحسين عبده خليل، لرئاسة الهيئة اعتبارًا من أول يوليو القادم. وكشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى عن أن المستشار ماضى هو الأقدم والأبرز لتولى رئاسة الهيئة. وأرسل المجلس الأعلى أسماء المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية لتعيين واحد منهم لرئاسة الهيئة، خلفًا للمستشار على سكر الذى يحال للتقاعد فى 30 يونيو القادم. وقال المستشار الدكتور محمد حسن رئيس الأمانة الفنية للمجلس الخاص إن مجلس الدولة سيحترم القانون وسيطبقه وسيظل متماسكًا فى نفس الوقت بالتقاليد والقيم القضائية المتعلقة بالأقدمية. وطرح أعضاء مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة على المجلس الخاص ما انتهى إليه النادى من قرارات فى أعقاب صدور القانون والتى أصدر بها بيانًا وتضمن تعليق العمل بمحاكم وأقسام مجلس الدولة وإنهاء ندب مستشارى مجلس الدولة لدى مجلس النواب وعدم إشراف قضاة المجلس على الانتخابات البرلمانية المقبلة. ورفض المجلس الخاص جميع المقترحات مؤكدًا أنه سيحترم تطبيق القانون باعتباره ساريًا لا يجوز مخالفته، وفى الوقت نفسه سيحترم التقاليد والقيم القضائية التى كانت متبعة قبل صدوره فيما يتعلق بضرورة تغليب مبدأ الأقدمية لدى اختيار رئيس مجلس الدولة. ومن أبرز المرشحين لتولى رئاسة مجلس الدولة وفقًا لتقاليد القضاء المصرى المستشارون يحيى دكرورى وفايز شكرى حنين ومحمد زكى موسى الذى يبلغ سن التقاعد فى سبتمبر القادم. والمشكلة التى ستواجه قضاة مجلس الدولة فى حال عدم تعيين المستشار يحيى الدكرورى رئيساً لمجلس الدولة هى من سيتولى رئاسة المحكمة الإدارية العليا محكمة الأحزاب ودائرة توحيد المبادئ هل سيكون رئيس المجلس أم أقدم المستشارين، فطبقا لقانون مجلس الدولة من يترأس هذه المحاكم أقدم المستشارين ورئيس مجلس الدولة. ومع حالة القلق التى تنتاب الهيئات القضائية ومع إقامة المحامين دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة للطعن بعدم دستوريته أثارت العديد من الأسئلة حول صفة ومصلحة من أقام هذه الدعاوى خاصة أن من لهم المصلحة المباشرة للطعن على هذا القانون القضاة أنفسهم. عصام الإسلامبولى الفقيه الدستور ومقيم الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى قال لنا: أنا لى صفة ومصلحة بإقامة هذه الدعوى لأننى مواطن مصرى ومحام أمارس مهنة المحاماة ومن حقى وحق أى موكل لى أن يمثل أمام قاض سواء فى محاكم القضاء العادى أو مجلس الدولة يتسم بالاستقلالية والنزاهة، واستقلال القضاء يحمى الجميع. وقانون السلطة القضائية يعتبر شاذًا ومخالفًا للدستور فرئيس مجلس الدولة هو رئيس الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التى تنظر الطعن ومحاكمة رئيس الجمهورية والحكومة، وينظر الطعن على انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الدولة هو أيضا رئيس محكمة الأحزاب ورئيس دائرة توحيد المبادئ فكيف ينظر هذه الطعون ورئيس الجمهورية هو من قام بتعيينه رئيساً لمجلس الدولة. المستار عادل فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة قال لنا: بالتأكيد سيكون هناك مشكلة حال عدم تعيين المستشار يحيى الدكرورى رئيسًا لمجلس الدولة فطبقا لقانون مجلس الدولة رئيس المحكمة الإدارية العليا هو رئيس مجلس الدولة وهو أقدم المستشارين وهنا سيرأسها من يعين رئيس المجلس وهنا سيحدث حرج كبير للمستشار دكرورى. هذا بالإضافة طبقا لقانون مجلس الدولة أيضا يحق لرئيس مجلس الدولة أن يرسل خطابًا لرئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إبداء الرأى فى موضوع معين وهذا الخطاب يكون شبه أمر وهنا السؤال: كيف يأمر رئيس المجلس من هو أقدم منه فى حال استمرار المستشار يحيى الدكرورى رئيسًا لقسمى الفتوى والتشريع حال عدم تعيينه رئيسًا للمجلس هذا بالتأكيد حرج كبير للمستشار الدكرورى. وقال لنا عصام الإسلامبولى له مصلحة وصفة فى إقامة دعوى عدم دستورية قانون السلطة القضائية لأنه كمواطن ومحام يهمه جدا أن تنظر قضاياه وقضايا موكليه أمام قاض نزيه فكيف تنظر القضايا المقامة ضد رئيس الجمهورية والحكومة بصفتها السلطة التنفيذية تم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية أى السلطة التنفيذية.