جدل واسع بين الهيئات القضائية فجره مشروع بتعديل قانون يهدف إلى تعيين رؤسائها، والذي أجمعت على رفضه، متمسكة بمبدأ الأقدمية في تعيين رؤسائها، فيما عزاه البعض إلى الرغبة في معاقبة المستشار يحيى الدكروري، رئيس محكمة القضاء الإداري، والمرشح لرئاسة مجلس الدولة كأقدم الأعضاء، بعد تقاعد الرئيس الحالي للمجلس المستشار محمد مسعود، نهاية يونيو المقبل 2017، بعد حكم الخاص ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية. وفي حين عقد البرلمان جلسة مساء الأحد الماضي، لبدء مناقشة القانون، وأرسل نسخة منه إلى خمس هيئات قضائية كبرى، عقد قضاة مجلس الدولة اجتماعًا، الثلاثاء، مع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، لبحث الرد على هذا القانون وبيان أسباب رفضه، فيما هددت هيئات قضائية بعقد جمعيات عمومية للحشد ضد القانون. وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الدستور يقرر استقلال السلطة القضائية والقضاء طبقًا لأحكامه حسب القانون، وما تقدم به وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب مخالف للدستور. وأضاف الجمل ل"المصريون": "مشروع القانون يعد اعتداءً على السلطة القضائية، خاصة أنه جعل للسلطة التنفيذية أحقية الاختيار والتعيين والتدخل في شئون السلطة القضائية بالمخالفة للدستور"، موضحًا أن "التعيين يتم بالأقدمية المطلقة والكفاءة والجدارة في شغل الوظائف القضائية، فلماذا يتم تعديل القانون الآن"؟! وفي رده على سؤال حول ما إذا كان المقترح عقابًا للمستشار يحيى الدكروري على حكمه بشأن جزيرتي تيران وصنافير وترهيبًا لغيره، قال الجمل إن "كان هذا هو الدافع فيعد اعتداءً على السلطة القضائية وانتقامًا منها لإصدار الأحكام، وهو ما لا نقبله، كما يعد انحرافًا في استخدام السلطة التشريعية". وتابع: "القضاء عامة سيقف حائلاً ضد مثل هذه القوانين التي من شأنها العمل على إهدار أحكام القانون والدستور". فيما اعتبر مصدر قضائي – طلب عدم نشر اسمه- أن ما يحدث تنكيل متعمد بقضاة مجلس الدولة من قبل السلطة التنفيذية، رابطًا في الوقت ذاته بين القبض على مدير المشتريات بمجلس الدولة المستشار جمال الدين اللبان، وإقرار الحكومة لاتفاقية ترسيم الحدود بالرغم من نظرها أمام مجلس الدولة. وأضاف أن "عرض 3 أسماء على رئيس الجمهورية ليختار من بينها رئيسًا لمجلس الدولة، سابقة خطيرة وعدوان على استقلال القضاء، وذلك لأن الاختيار وفقًا للدستور يتم بالأقدمية". وأوضح، أن "القانون ينال من هيبة وكبرياء المجلس، وينتقص من قضاته، لتصور مجلس النواب أنه سلب اختصاصه بشأن قضية جزيرتي تيران وصنافير، فجاء مشروع القانون ليعيد عصر التقارير الأمنية، ما يؤدي إلى فتنة بالقضاء، وإذا تم تمريره انهارت الدولة". وتابع: "مذكرة القانون الإيضاحية كشفت الغرض الأساسي لإصداره، حيث يستهدف المستشار يحيى دكروري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة (قاضي تيران وصنافير)، الذي يحل عليه الدور في الأقدمية ليكون رئيسًا للمجلس". على الجانب الآخر، رأى المستشار رأفت السعيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، أن "ما تقدم به النائب أحمد الشريف، أمر ينص عليه الدستور والقانون ويعد طبيعيًا وليس به مشكلة وهو المعمول به الآن". وأوضح أن "النائب أراد أن يتم تقنين ما جاء بالدستور، الذي لم ينص على كيفية اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وإنما كان الأمر مطلقًا يتم بالأقدمية والاختيار". وعن ربط البعض بين أحقية المستشار يحيى الدكروري لرئاسة مجلس الدولة كأقدم الأعضاء وبين توقيت طرح القانون، اعتبر السعيد في تصريح إلى "المصريون"، أن "هذه تعد تكهنات وشائعات لا يجوز الحديث فيها، خاصة أن وصول المستشار الدكروري لهذا المنصب أمامه وقت ليس بالقليل".