قطع مجلس النواب شوطاً كبيراً نحو إنهاء التعديلات الخاصة بقانون السلطة القضائية والذي يقر مبادئ قضائية جديدة من بينها إلغاء حكم الأقدمية، فيما هدد نادي القضاة بالدخول في إضراب عن العمل في حال إقرار التعديلات الجديدة. ومن المتوقع أن يقرّ البرلمان تعديلاً على قانون السلطة القضائية، بغرض قطع الطريق على شخصيات معينة ومنع وصولها إلى مناصب عليا، ما يرجّح حصول مواجهة بين السلطة الثالثة والبرلمان، في حال إقرار التعديل وسط أنباء عن وقوف جهات في الدولة وراء مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي يحظى بموافقة أكثر من 60 نائباً حتى الآن قبل مناقشته رسمياً، يتردد أن الهدف من التعديل القانوني الذي يعيد توسيع سلطات رئيس الجمهورية في اختيار رؤساء الهيئات القضائية المختلفة، هو إزاحة شخصيات محددة. ومن بين هذه الشخصيات، نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار يحيى الدكروري، الذي كان يُفترض تعيينه رئيساً للمجلس لمدة عامين بحكم الأقدمية، وهو نفسه القاضي صاحب أول حكم قضائي بمصرية جزيرتي تيران وصنافير. وبموجب القانون الحالي، سيتولى الدكروري منصب رئيس مجلس الدولة أعلى جهة قضائية وهو المتخصص بالنظر في جميع القضايا الإدارية والمنازعات القضائية ضد الحكومة في القرارات الإدارية، علماً بأنه حالما يمرّ القانون بالصورة المقدم عليها، فإن الدكروري لن يتولى المنصب في أول يوليوالمقبل. وفاجأ البرلمان الذي لم ينتهِ من مشاريع قانونية عدة منصوص عليها في الدستور، الحكومة، بحسب تصريحات وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، المستشار مجدي العجاتي، بتقديم مشروع قانون لتعديل بعض مواد قانون السلطة القضائية الحالية، علماً بأن المشروع المقدم من قبل وكيل اللجنة التشريعية للبرلمان، يضمن اختيار الأكفأ للمناصب وليس الأقدم كما هو منصوص في القوانين الحالية، وفق ما يقوله النواب. ويفترض أن يرسل المجلس التعديلات المقترحة للجهات القضائية لاستشارتها فيها، كما ينص الدستور. وتنتزع التعديلات المقترحة قاعدة الأقدمية المطلقة التي تقوم على أساس تولي أقدم القضاة منصب رئيس الهيئة القضائية، ليكون الاختيار من بين ثلاثة أسماء تُرسل إلى رئيس الجمهورية، وهو الأسلوب نفسه الذي جرى التعامل به أثناء حكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وسبّب مشاكل عدة، إذ كانت الترشيحات من نصيب القضاة المنحازين إلى الحكومة بنحو كبير. وعادةً ما كان يجري الاختيار بناءً على التقارير الأمنية التي تقدمها الجهات الرقابية والأمنية إلى الرئيس بغرض الاختيار. وقد سعى القضاة بمختلف هيئاتهم إلى تغيير هذه الآلية منذ ثورة 25 يناير، وهو ما حدث في أكثر من جهة، منها المحكمة الدستورية العليا التي أصبح اختيار رئيسها من أقدم أعضائها وليس من خارجها، كما كان يحدث إبان نظام مبارك، مع الأخذ في الاعتبار أن التحرك البرلماني لم تصدر حوله أي تعليقات حتى الآن من قبل الرئاسة أو مقربين من الرئيس تجنباً للحرج. ويرفض القضاة مشروع القانون الذي ينال من الاستقلال الجزئي الذي حصلت عليه السلطة القضائية في اختيار رؤساء هيئاتها، وسط ترقب لما ستسفر عنه مناقشات البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة، ولاسيما مع إعلان مختلف الهيئات رفضها مشروع القانون عبر وسائل الإعلام، وإجراء عدد كبير من القضاة اتصالات مع البرلمان للمطالبة باستشارة الهيئات القضائية كما ينص الدستور. وبدأ نادي القضاة تحركات ومناقشات موسعة بين أعضاء مجلس إدارته وبين أعضاء النادي خلال الأيام الماضية، أدت إلى اتخاذ قرارات بالتصعيد ضد البرلمان إذا طُرح القانون للتصويت على النواب من دون الاستجابة لمطالبهم مع التهديد بالإضراب، إذ ناقش مجلس إدارة النادي في اجتماع مؤخراً مع أعضاء مجلس القضاء الأعلى جميع الاحتمالات وطريقة التعامل معها في اجتماع مغلق استمر أكثر من ساعتين، حسب صحيفة "الأخبار اللبنانية".