أثار مشروع قانون إسناد تعيين رؤساء الهيئات القضائية إلى رئيس الجمهورية أزمة جديدة بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وتسب في حالة غضب بين القضاة عبروا عنها بالرفض للمشروع باعتبار أنه يخالف الدستور ويمثل تدخلا من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية. وكان النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، تقدم بمشروع قانون لتعيين رؤساء الهيئات القضائية: مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، حيث ينص مشروع القانون على أن يكون التعيين لرؤساء الهيئات القضائية من بين 3 مرشحين بقرار من رئيس الجمهورية. وتصاعدت ردود الفعل الغاضبة داخل الهيئات القضائية، لرفض مشروع القانون الجديد، الذي يُعدل نص المادة 44 من قانون السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية، وآلية ترشيح واختيار وتعيين رئيس محكمة النقض ورؤساء الهيئات والجهات القضائية، وهي مجلس الدولة وهيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية، على أن يكون التعيين عبر الاختيار من بين 3 أسماء ترشحهم كل هيئة، وترسل أسماءهم إلى رئيس الجمهورية ليختار أحدهم، وهو ما يختلف عن طريقة التعيين الآن، التى تكون بالأقدمية المطلقة. وعبر نادي القضاة عن رفضه لمشروع القانون المقدَّم إلى مجلس النواب لتعديل نص المادة 44 من قانون السلطة القضائية الخاصة بتعيين رئيس محكمة النقض، واصفًا تعيين رئيس الجمهورية لرئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بأنه "اعتداءً على استقلال القضاء". وقال نادي القضاة، في بيان أصدره أمس إن اختصاص مجلس النواب بالتشريع "لا يسلب القضاة حقهم في إبداء رأيهم في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونهم"، مضيفًا أن رأيهم وإن كان استشاريًا وفقًا للمادة 185 من الدستور، فهو "ملزما للجميع إذا استند إلى حق دستوري أصيل هو مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في المادة 184 من الدستور". وأكد البيان أن "استقلال القضاء يقتضي حتمًا ودون أي مواربة أن تظل الاختيارات القضائية بجميع مستوياتها بأيدي القضاة أنفسهم"، مضيفًا أن "الثوابت والأعراف القضائية المستقرة هي من صميم استقلال القضاء ولا يجوز المساس بها إلا لتحقيق ضمانات أفضل لهذا الاستقلال المنشود". واعتبر نادي القضاة أن اختزال قانون السلطة القضائية في تعديل المادة 44 دون باقى القانون "الذي هو في حاجة أكيدة للتعديل ليتوافق في بعض مواده مع أحكام الدستور الجديد من ناحية، ومن ناحية أخرى لتضمينه ما يكتمل به استقلال القضاء"، أمر "لا يتفق مع مقتضيات الصالح العام". وقال النادي إن "التعديل المقترح للمادة سالفة البيان الذي يجعل اختيار رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى بمعرفة رئيس الجمهورية من بين ثلاثة مرشحين من نواب رئيس محكمة النقض يرشحهم مجلس القضاء الأعلى يمثل اعتداء على استقلال القضاء لمساسه بالثوابت القضائية المستقرة ولا يحقق الغاية من التشريع باختيار الأجدر منهم لهذا المنصب، الأمر الذي لا يتأتى إلا لجمعيتهم العمومية". وعلق الدكتور فؤدا عبد النبي أاستاذ القانون الدستوري، بجامعة المنوفية، بأن دستور 2014 تحدث عن السلطة القضائية في 25 مادة من باب القضاء تقدم كل وأن المادة 184 من الدستور نصت على أن السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، كما أن المادة 185 نصت على أن تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شؤونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، موضحا أن عملية إسناد تعيين القضاة إلى السلطة التنفيذية الممثلة في الرئاسة يعد مخالفة دستورية وتعديا على سلطة القضاة، وتدخلا من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية، ويخالف مبدأ الفصل بين السلطات. وأضاف عبد النبي في تصريحات خاصة ل"البديل" أن مجلس النواب بهذا المشروع قيد السلطة القضائية في عملية إدارة القضاء لشؤونة وهو ما يعد مخالفة دستورية من المجلس نفسه لمواد الدستور التي نصت على أن يأخذ المجلس رأي مجلس القضاء الأعلى في ما يخص القضاة والرجوع إليها قبل أي تشريع، بالإضافة إلى مخالفة أعضاء المجلس ما أقسموا عليه من يمين باحترام مواد الدستور والقانون.