كعادة القاهرة -هوليود الشرق- تفتح ذراعيها لكل فنانى ومخرجى ومنتجى العالم العربى فى الفترة من 9 وحتى 16 مايو الجاري، حيث مهرجان «أيام القاهرة السينمائية» ليستضيف 10 دول عربية ويعرض 40 فيلما منها ما بين روائى قصير وطويل ووثائقي. ويتم عرض الأفلام المشاركة فى القاهرةوالإسكندرية والإسماعيلية وبور سعيد.. المهرجان تقيمه وتنظمه «زاوية»، هذا الكيان السينمائى المستقل والمختلف عن كل ما هو سائد ومألوف فى السوق السينمائية المصرية، حيث تعنى بعرض الأفلام التى لا تجد لنفسها فرصة أو مساحة فى دور العرض التى تكتفى وتفيض بالأفلام المصرية والأمريكية التجارية. وتشارك مصر بعدد من الأفلام المتنوعة منها «لحظات انتحارية» إخراج إيمان النجار، وبطولة دنيا ماهر. الفيلم يتناول بشكل رمزى ثورة 25 يناير. حيث تدور أحداثه حول امرأة شابة تستعد للهجرة إلى زوجها وقبل رحيلها بثلاثة أيام تتوفى والدتها. لكن البطلة تصر على السفر فى موعدها والانتهاء من كل شيء قبل موعد الطائرة. لكن بعد دفن الأم تكتشف أنها قد تركت وصية بأنها تريد أن تدفن فى مكان آخر، تجد البطلة نفسها فى مأزق لتصبح فى نفس المنزل مع جثة أمها. وفى أثناء كل ذلك تبدأ ثورة يناير على بعد أمتار منها. وتشارك مصر أيضا بالفيلم الوثائقى «النسور الصغيرة» إخراج محمد رشاد، والذى يدور حول محمد، ابن العامل البسيط، فى مدينة الإسكندرية. والذى يلتقى بشاب وفتاة ينتسب والداهما للتيار اليسارى فى سبعينيات القرن الماضي، محمد يحاول أن يجد فى تاريخ والده شيئاً مثيراً يستطيع أن يحكيه، مقارنا حياة والده الذى قضاها فى العمل، من أجل كسب قوته، وتربية أبنائه، مع حياة والدى صديقيه. ويعرض أيضا الفيلم الروائى القصير «أسبوع ويومين» من إخراج مروة زين، وبطولة ياسمين رئيس وعمرو صالح، والذى يدور حول حالة اجتماعية تجسد معاناة الحياة الزوجية لإبراهيم وزوجته ليلي. أيضا يتم عرض الفيلمين الروائيين القصيرين «عزيزى الحيوان» إخراج مها مأمون و«تسكع بالمينا» إخراج كندة حسن. ويحتفى المهرجان بالمخرج الشاب مروان عمارة، فى تقليد سوف يتبعه المهرجان فى دوراته القادمة. فيتم تسليط الضوء فى كل دورة على مخرج شاب جديد. ويِعُرض ل«مروان» فيلمان هما «الزيارة» و«واحد زائد واحد يساوى كعكة الفرعون». أما عن الأفلام الروائية الطويلة التى سيتم عرضها. فقد نال بعضها جوائز كبرى فى مهرجانات دولية مهمة وكبيرة مثل الفيلم التونسى «آخر واحد فينا» إخراج علاء الدين سليم، والذى نال جائزة أسد المستقبل التى تمنح للعمل الروائى الأول فى مهرجان فينسيا. والفيلم يتحدث عن الهجرة غير الشرعية. ويعرض أيضا من تونس فيلم «نحبك هادى» إخراج محمد بن عطية والذى نال جائزتى أفضل عمل أول وجائزة الدب الفضى لأفضل ممثل وهو «مجد مستورة» فى مهرجان برلين السينمائى الدولى الأخير. «نحبك هادى» يحكى عن الواقع التونسى الحالى بعد مرور ست سنوات على ثورة الياسمين. وبدون أية مباشرة يوضح الفيلم الحالة الاقتصادية السيئة التى تعانى منها تونس، والحوار الوحيد الذى يأتى عن الثورة فى الفيلم يدور فى المقابر بين البطل والبطلة، وكأن الثورة ماتت. الفيلم يبين كذلك الرغبة التى أصبحت تجتاح معظم التونسيين فى الهجرة وإن كان البطل يعطى ظهره للمطار فى نهاية الفيلم ويتوغل داخل تونس المزدحمة والمتوترة، ومن الأفلام التى أثارت الجدل فى الفترة الأخيرة الفيلم اللبنانى «بيت البحر» إخراج روى ديب. والذى منعت الرقابة اللبنانية عرضه بحجة أنه يسيء إلى لبنان، حيث تروج فكرة الفيلم- من وجهة نظر الرقباء- إلى المثلية الجنسية ويصور اللبنانيين إما مثليين أو موافقين على ذلك. الغريب أن أحدا من رجال الأمن العام قال إن سبب عرض الفيلم فى مصر وفى دول أخرى أنه ببساطة لا يسيء لهذه الدول!! وبالتزامن مع ما يواجهه العالم من بطش وإرهاب داعش يعرض الفيلم العراقى «الرياح الداكنة» للمخرج الكردى حسين حسن. والذى يتناول قصة الهجمة الوحشية من داعش للقضاء على اليزيديين فى عام 2014. الفيلم يدور حول شاب وفتاة يستعدان ليوم زفافهما، فى الوقت الذى تقوم فيه داعش بمهاجمة قريتهما، فيكون مصير الفتيات الصغيرات اليزيديات، ومن ضمنهن البطلة، البيع كرقيق والخضوع للتعذيب والاغتصاب. الغريب أن الفيلم واجه انتقادات ودعاوى تشهير من اليزيديين الذين ادعوا أن الفيلم يقدمهم على نحو غير عادل بأنهم مفرطو التحفظ. الأفلام الوثائقية التى يعرضها المهرجان هى الأخرى لا تخلو من القضايا الشائكة. مثل الفيلم الجزائرى «تحقيق فى الجنة» إخراج مرزاق علوش. الفيلم يقتحم عالم التطرف الدينى من زاوية واحدة هى (الجنة الموعودة) وكيف يروج لها الدعاة السلفيون المتطرفون فى المغرب العربى والشرق الأوسط. حيث يعدون الشباب بالجنة وما فيها من خمر وحور عين إذا قاموا بتنفيذ العمليات الانتحارية. ليؤكد «علوش» مع نهاية الفيلم أن تلك الجنة أصبحت فى يد هؤلاء مجرد سلعة كان أول من روج لها هم الوهابيون. وعن الواقع السورى الأليم ومن وجهة نظر مخرج أرمني، وعبر شرفة منزله يصور المخرج أواديس كابرئيليان فى فيلمه «منازل بلا أبواب» حال أحد الأحياء الحلبية بعد أن دمرتها الحرب. أما عن فلسطين فتظهر فى فيلمين الأول لبنانى هو «خارج الإطار أو ثورة حتى النصر» إخراج مهند يعقوبي. والثانى «غزة سيرف كلوب» أو «نادى غزة لركوب الأمواج» إخراج فيليب نات وميكى يمين. أما الفيلم الأول فيعرض ما تبقى من أرشيف الأفلام والصور الفوتوغرافية التى تحكى قصة فلسطين من بدايات القرن العشرين. وتصور يوميات الفلسطينيين فى الشتات والثورة الفلسطينية وبدايات العمل الفدائى، هذا الأرشيف الذى كانت تحتفظ به منظمة التحرير الفلسطينية فى لبنان ، لكن مع احتلال بيروت عام 1982 اتهم الجيش الإسرائيلى بسرقة الأرشيف. أما الفيلم الثانى فيعرض حالة الشباب الفلسطينى المقيم فى غزة. تلك المدينة الواقعة بين مصر وإسرائيل والتى تحكمها حماس. هؤلاء الشباب المشتتون وجدوا فى رياضات البحر من ركوب أمواج وغيرها ملاذهم وهروبهم من واقعهم المر. واستطاعوا أن يستغلوا أحد الشواطئ المهجورة لممارسة هوايتهم وتمكنوا من تهريب ما يقرب من 40 لوحا لركوب الأمواج، رغم الحصار. بالإضافة لعروض الأفلام ينظم المهرجان برنامجاً خاصاً لعرض عدد من أفلام المخرج اللبنانى الراحل مارون بغدادى منها «بيروت بيروت»، «حروب صغيرة» و«كلنا للوطن». كما يقيم المهرجان ورشة للنقد السينمائى يديرها الناقد التونسى «الطاهر الشيخاوى» مؤسس جمعية النقاد بتونس. ويقام أيضا على هامش المهرجان لقاء مفتوح حول أربعة محاور هى تطوير الفكرة واللغة السينمائية، الإنتاج والتمويل، التوزيع والعرض، والنقد السينمائي، ويدير اللقاء المخرج المصرى «يسرى نصر الله»، والموزعة الأمريكية «أورلى رافيد»، والمنتج الكرواتى «سينيشا يوريتشيش» والناقد التونسى «الطاهر الشيخاوى»