فى الوقت الذى تنادى فيه الدولة بضرورة تجديد الخطاب الدينى، وينادى البعض بضرورة إصلاح وتعديل مناهج الأزهر، نرى ما يحدث لخطباء وأئمة المساجد العاملين بمكافأة هزيلة تحتاج إلى إصلاح وتعديل، المكافأة لا تتعدى ال140 جنيهاً ولا تكفى لشراء الزى الأزهرى الذى يعتلون به المنبر، مما جعلهم يعملون أعمالاً أخرى بسيطة لا تتماشى مع مكانتهم كدعاة وأئمه، الأمر الذى يثير سخرية البعض والتهكم على رجال الدين، الذين مهمتهم الأساسية إعلاء كلمة الحق. الشيخ محمد راشد رشوان خطيب مسجد آل رشدان بمركز جرجا بمحافظة سوهاج قال، إنه اضطر للعمل كمحام حر بجانب عمله الأساسى كخطيب مسجد لأن المكافأة التى يتقاضاها من وزارة الأوقاف لا تكفى ثمن الخبز لأبنائه، وأكد أنه يعتلى المنبر بدون الزى الأزهرى، فيرتدى الملابس العادية أمام مفتشى الأوقاف الذين يعلمون جيدا أن أقل جلباب وعمة يتعدى ثمنهما ال 1300 جنيه، ودعى وزارة الأوقاف إلى دعم الأئمة الأزهريين، بدلا من أن تضع لهم اختبارت وامتحانات تعجيزية حتى لايتم تعيينهم ويظلون يعملون بالمكافأة، مضيفا: إن وزير الأوقاف وضع شروطا خاصة بخطباء المكافأة وهى أن تصبح المسابقة قاصرة عليهم فقط ثم فوجئنا بأنها متاحة للجميع ثم خص خطباء المكافأة بشرط تعجيزى وهو تحديد من له حق دخول المسابقة بداية من دفعة 2006 حتى 2015 وما قبل ذلك لا يحق له دخول الاختبارات ولا التعيين. مشيرا إلى أن الخطباء فى الوقت الراهن يمثلون حائط صد ضد قنبلة الأفكار المتطرفة التى تنتشر بصورة كبيرة وتستهدف الشباب الصغار والبسطاء والأميين، وأن حظه كخريج كلية شريعة وقانون كان أفضل بكثير من غيره حيث أهلته كليته للعمل كمحام بينما بعض زملائه الآخريين خريجى كلية أصول الدين جامعة الأزهر يعملون فى حرف بسيطة فى ورش ميكانيكا أو سائقين على توكتوك والذين يتعرضون دائما لمواقف محرجة ولكنهم مضطرين لذلك من أجل لقمة العيش. مؤكدا أنه رغم كل ما يحدث فالائمة لن يتخلوا أبدا عن منابرهم ولن يتركونها لأصحاب الأفكار المتطرفة حتى لو وصل بنا الحال العمل دون مقابل، ولكن ليس من المنصف أن تزيد مكافأة خطبة أساتذة جامعة الازهر لتصل إلى 200 جنيه فى الخطبة الواحدة، وهم لديهم رواتب عالية وثابتة من عملهم فى الجامعة ونحن الذين لا نملك راتباً لا نتقاضى سوى 140جنيها شهريا. بينما قال الشيخ حسن خطيب بأحد المساجد بمحافظة سوهاج: أنا أعمل بائعاً فى محل مفروشات ولا أعتبر العمل عيباً وأنا أفخر أننى ابن الأزهر الشريف ولكنى تمنيت أن أتفرغ للعلم والدراسة وأن يكون لى دور فعال فى محاربة الفكر المتطرف من خلال المنبر ولكن للأسف معظم الخطباء المعنيين بتجديد الخطاب الدينى من خلال أهم وأشهر نماذجه وهى خطبة الجمعة مشغولين بالبحث عن لقمة العيش، فالمكافأة التى يتقاضونها لا تكفى حتى مواصلات الذهاب إلى المسجد وأن الغلاء المبالغ فيه والظروف الاقتصادية الطاحنة أضطرت الكثير منهم لترك العمل فى المساجد والبحث عن عمل آخر يمكنهم من كفالة أسرهم. وأضاف: إن الأوقاف تختار الخطباء من علماء الأزهر وخريجى الكليات الدينية وكليات دار العلوم الذين يحفظون القرآن الكريم والحاصلين على درجتى الماجستير والدكتوراه فيجب أن تقدرهم وترفع من مستواهم المعيشى حتى يتناسب مع مستواهم العلمى . واشتكى خطيب آخر يعمل سائق توك توك من الظروف المعيشية وذكر أن لديه 3 أبناء يحتاجون مصاريف يومية ويحصل على مكافأة قليلة جدا ما اضطره للعمل كسائق توك توك للإنفاق على أسرته ولكنه كثيرا ما يعانى من التعامل مع أشخاص أقل فى المستوى الفكرى منه وأحيانا يتهكمون عليه. وأضاف خطيب مكافأة آخر يعمل حلاقاً بسوهاج أنه حصل على ليسانس أزهر وخصع لامتحانات واختبارات، وأخذ تصريحاً للخطبة براتب شهرى 140 جنيهاً، وأضاف أنه على استعداد للعمل دون أجر بشرط أن يتم عمل تأمين صحى له ولأبنائه كباقى موظفى الدولة. بينما قال خطيب آخر يعمل ميكانيكى بجانب عمله كخطيب أنه لو كان يتقاضى راتباً كافياً لالتزم منزله للمذاكرة بشكل جيد حتى يتمكن من توصيل أفكار صحيحه للمواطنين وتكون هناك نظرة احترام من المجتمع له. وبسبب ضعف المكافأة التى تمنحها له الأوقاف، قد تظاهر أكثر من مرة العشرات من الخطباء العاملين بالمكافأة وهم حملة المؤهلات الأزهرية والذين تنطبق عليهم شروط التعيين أمام مبنى مجلس النواب للمطالبة بالتعيين وطالبوا المسئولين بضرورة التدخل لحل مشاكلهم، وحمل المحتجون لافتات كتب عليها استغاثة خطيب: «ياللى بتسأل إحنا مين إحنا الخطباء المظلومين». وتضم وزارة الأوقاف 108 آلاف مسجد حكومى و7 آلاف زاوية ومسجد أهلى، معين بها 50 ألف إمام وخطيب يعملون بها فقط، وقامت وزارة الأوقاف بإعطاء تصريح للخطابة واعتلاء المنبر وأداء الشعائر اليومية لسد نسبة العجز فى الأئمة والخطباء التى تخطت ال50 % ويؤدى خطباء المكافأة دورا لا يقل أهمية عن دور الأئمة المعينين بل يتميزون عنهم بأنهم متطوعون.