تدور الآن معركة حول صلاح الدين الأيوبى وتاريخه بين السُنة والشيعة، السُنة يرون أنه قائد عظيم هزم الصليبيين وحوّل مصر من شيعية إلى سُنية. أما الشيعة فيرفضون ما يقوله السنة عنه واعتبروه أنه أسقط دولتهم الفاطمية فى مصر، ويقولون عنه روايات مختلفة حولها منها ما يقولون أنهم يروونها عن المقريزى. مؤخرًا تعرض القيادى الشيعى الطاهر الهاشمى نقيب الأشراف بالبحيرة لهجومٍ حاد لانتقاده شخصية صلاح الدين الأيوبى، حيث شكك فيما رُوى عنه ونفى اعتباره بطلاً. نقيب الأشراف بالبحيرة ادعى أن «صلاح الدين الأيوبى ديكتاتور وجعلوه بطلاً أسطوريًا، كم خدعونا وهللوا وزوروا بأن صلاح الدين قاهر الصليبيين، وأنه كان قائدًا فى جيوش الخليفة الناصر فقط، على حد زعمه». وتابع الهاشمى، مدعما: «صلاح الدين ترك مدنًا عربية للصليبيين، وأول من سمح لليهود بالبقاء والتملك فى فلسطين، وكان يؤسس لدولته التى وزعها على أولاده، صلاح الدين دمر مكتبة دار الحكمة فى مصر التى كانت أكبر مكتبة فى العالم الإسلامى، وممتلئة بالمخطوطات النادرة والتاريخ الحقيقى لمصر. وادعى الهاشمى، أن صلاح الدين الأيوبى أعدم أكثر من مليون مصرى شيعى، وهدم أهرامات مصر، وكان هناك عدد كبير من الأهرامات فى منطقة الجيزة، هدمها صلاح الدين بأكملها وأخذ حجارتها ليبنى بها قلعته المعروفة باسمه فى جبل المقطم، والسور المحيط بالقاهرة، ولم يتبق منها سوى أعظمها والمعروفة حاليًا باسم أهرامات خوفو، وخفرع، ومنقرع. بغض النظر عن حقيقة ما قاله الطاهر الهاشمى وما صرح به عن صلاح الدين وهل حقيقى أم لا؟ فإن ذلك ليس مبررًا للهجوم على الشيعة كمذهب فربما يكون «الهاشمى» متحاملًا على صلاح الدين، وله أن يقول ما يشاء وقتما يشاء، لكن الحقيقة أيضًا أن صلاح الدين وشخصيته الحقيقية ليست هى شخصية أحمد مظهر فى فيلم «الناصر صلاح الدين»، وبالتالى انتقاده ممكنًا وهو شخصية تاريخية أخطأت وأصابت. السلفيون شنوا هجومًا على الهاشمى ووصل الأمر إلى حد التهديد والتطاول والسب والقذف. مؤسسات ليس لها ترخيص ولا سند لها فى القانون تهدد الشيعة ومن يدافع عنهم، ائتلاف يُسمى «الصُحب والآل» نصب نفسه متحدثًا باسم السُنة وسيفها ضد كل ما هو شيعى فبدأ بالترصد لأى احتفال شيعى وكانت إما تبلغ الأمن أو يتدخل أعضاؤها ويمنعون الاحتفال. فى الدورة ال 48 والأخيرة لمعرض الكتاب ترصّد الائتلاف للكتب الشيعية وكان إذا وجدها يتقدم ببلاغٍ ضدها على الفور، فأعلنت إدارة مكافحة جرائم المطبوعات، التابعة للمصنفات بوزارة الداخلية، عن أنها صادرت كتبًا شيعية وأغلقت عددًا من أجنحة دور النشر المشاركة بالمعرض، وقال مدير الإدارة أشرف مأمون، إن هذا الإجراء يأتى لمواجهة محاولات نشر الفكر الشيعى داخل مصر. وليد إسماعيل، أحد أعضاء ائتلاف الصحب والآل، قال: إن إيران كدولة شيعية تملك إمكانيات كبيرة فيما يتعلق بعملية التوزيع، ولو أرادت توزيع ملايين الكتب فإنها قادرة على ذلك، أما السنة فالأزمة المالية تمنعهم من ذلك. ائتلاف مثل الصحب والآل نصّب نفسه بديلاً لهيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المُنكر، دون غطاءٍ شرعى من القانون. الطاهرى الهاشمى دافع عن رأيه وأكد أن ما قاله عن تاريخ صلاح الدين الأيوبى حقائق تاريخية ومن لا يعرفها عليه الرجوع للتاريخ وأن الأمر ليست له علاقة بالشيعة أو السنة، ونحن لا نعادى أحدًا، وما ذكرته من معلومات هى معلومات تاريخية». د. أحمد راسم النفيس القيادى الشيعى والأستاذ بكلية طب المنصورة، قال إن هناك مصريين كثيرين هاجموا صلاح الدين الأيوبى وليس الشيعة فقط كما يحاول أن يدعى البعض، فقد سبقنا إلى هذا الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق وقد كتبت أيضًا فى هذا الموضوع كثيرًا، لكن هناك من يحاول استخدام الموضوع فى الاستعداء على الشيعة، والحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن مصر فقدت الكثير من القوة الناعمة لها بعد سقوط الدولة الفاطمية، ومنذ ذلك الحين تحولت مصر من حاضنة للخلافة الإسلامية إلى مجرد دولة تابعة للخلافة العثمانية، والآن هناك من يروج إلى أن سقوط الخلافة هو سقوط الدولة العثمانية، رغم أن الدولة الفاطمية كانت عاصمتها القاهرة، عكس الدولة العثمانية التى كانت فى اسطنبول. وأضاف «النفيس»: أستغرب ممن يعتبرون صلاح الدين بطلاً، ويكفى أنه فى الستينيات- على حد قوله - طلب الرئيس جمال عبدالناصر كتابًا من عباس العقاد عن صلاح الدين الأيوبى فقال له: لا تكشف شيئا واترك الناس على ما يعرفونه عن صلاح الدين فذاك أفضل، فالكتابة عنه ستنسف هذه الصورة. وأوضح «النفيس» أن هناك حربًا من بعض الجهات التى رفض تسميتها على الشيعة وأنها تشن عليهم هجومًا بدون سبب معلن وكل التهم التى يوجهونها للشيعة ليست تهمًا من الأساس فما الجريمة فى بناء جامع؟ أو إصدار صحيفة، وهناك أجهزة نعرفها تقف خلف هذه الحملات وهل هؤلاء لا يعرفون أن الدستور نص على حرية الاعتقاد إلا أنهم صادروا حقوقًا كثيرة؟! أما عن مصادرة الكتب فقال: إن هيئة الكتاب سمحت بدخول كتبه إلا أن الرقابة سحبتها ولا أعرف كيف لدولة هى مهد الحضارة تسمح بمصادرة كتب ولا أتخيل أن مصر تسمح بمنع ومصادرة كتاب مثل «نهج البلاغة»؟!