سنوات تمر ومصر كلها فى انتظار وقف نزيف صحة المواطن «الغلبان» الذى تحول فى المستشفيات غير الآمنة، وبيد أطباء سماسرة، إلى مجرد فأر تجارب!. الجميع فى انتظار أن ترد إلى المريض كرامته الصحية، دون «حوجة»، ودون «وساطة»، ودون آلاف الجنيهات هى ربع تكاليف العلاج الذى لا يتحمله مواطن لا يزيد دخله على 1500 جنيه شهريا. ومع مناقشة مجلس النواب قانون التأمين الصحى الشامل الذى وضع ميزانية له بتكاليف تصل إلى 140 مليار جنيه سنويا تزيد مع زيادة التكاليف والأعباء العلاجية. فتحت «روزاليوسف» ملف قانون التأمين الصحى الشامل مع رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى الدكتور على حجازى. بعد مرور 10 سنوات على بدء مناقشة قانون التأمين الصحى متى يتم الإعلان عن الانتهاء منه وتطبيقه؟ - انتهينا مؤخرا من التوافق على الإطار العام للقانون ومن خلال مناقشته فى لجنة الصحة فى مجلس النواب، والتأكيد على أن يكون هناك قانون يقضى بإنشاء الهيئات الثلاث: هيئة الرعاية الصحية وتتبع وزارة الصحة، وهيئة الرقابة أو الاعتماد وتتبع رئيس الجمهورية، وهيئة التمويل وتتبع رئيس الوزراء، وكان هناك فى اللجنة مطالبة بتشكيل قانون للرعاية الصحية أولا ثم قانون للهيئتين الأخريتين. ولكن المستشار العجاتى رفض ذلك لأنه كان سوف يضعف من المنظومة عند التطبيق، وتم تصحيح الوضع ليكون هناك قانون واحد. كم تبلغ التكلفة السنوية لتطبيق قانون تأمين صحى يحترم آدمية الإنسان وحقوقه الصحية؟ - التكلفة حاليا يصعب تقديرها إلا من خلال تحديث الدراسات التى تم إجراؤها فى 2007 وكانت فى حدود 90 مليار جنيه طبقا لما كانت عليه مصر منذ عشر سنوات، والدراسة كان قد أجراها «إيبون هويت» وهو بيت خبرة إنجليزى، والدراسة هذه أصبحت قديمة حاليا وأصبحت تخالف الواقع لاختلاف البيانات حتى المعادلات التى كان يتم استخدامها أيضا قد تطورت وعلى سبيل المثال، كان التأمين الصحى وقتها يخدم 40 مليونا والآن 52 مليون مواطن بالإضافة إلى اختلاف طبيعة الأمراض فى الشرائح العمرية للإنسان والإنفاق الصحى فى كل شريحة، عن الأخرى مثل المعاشات، الطلبة، الأطفال، العاملين، المرأة المعيلة وغير الرسميين. من هم غير الرسميين وكيف يتم الوصول إليهم؟ - غير الرسميين هم غير المسجلين فى منظومة من الدولة وهم العمالة العارضة والأرزقية وغيرهم والوصول إلى غير رسميين صعب، ولكن وجدنا أن ملف الأسرة هو البوابة الرئيسية التى سوف يتم الحصر من خلالها، ومن خلال العائل، ورب الأسرة يكون الملتزم بسداد اشتراكات من يعولهم من الأبناء حتى يستقلوا بحياتهم ويصبحوا أصحاب دخل ليشتركوا لأنفسهم. وما هى أهم مصادر التمويل؟ - هناك عدة مصادر للتمويل أهمها الاشتراكات السنوية وهى نسبة 1 % من الدخل المؤمن عليه و3 % من صاحب العمل و2 % عن الزوجة و0.5 % عن كل ابن بالإضافة إلى 4 % من الدخل المبين فى الإقرارات الضريبية بالنسبة لأصحاب الأعمال على أن تتحمل الدولة عن باقى الفئات من الفقراء. بالإضافة إلى نسبة من الضرائب عن الصناعات المؤثرة على الصحة العامة والسجائر وغيرها. كم تبلغ نسبة الفئات المهمشة فى المجتمع التى تتكفل بها الدولة؟ - الفئات المهمشة ما بين محدودى ومعدومى الدخل يمثلون 50 % من الشعب، وتتحملها الدولة من خلال وزارة المالية. هل ترى أن القانون لو صدر بشكله الحالى يكون خاليًا من النواقص والعيوب؟ - أى قانون من صنع البشر لا يخلو من العيوب والثقوب ولكن لو كان بشكل سليم سوف تتراجع عيوبه التى نكتشفها مع التنفيذ ونحتاج إلى مرحلة انتقالية وهى فترة حرجة تتطلب عملا متواصلا لرفع كفاءة كل عناصر المنظومة الصحية بداية من العنصر البشرى والعيادات الوقائية ومستشفيات الطوارئ والمنشآت الصحية العامة ومستشفيات التأمين الصحي. أين القطاع الخاص الطبى فى المنظومة؟ - مشاركة القطاع الخاص الطبى ضرورة وسوف يدخل معنا بالتعاقد على تقديم الخدمة، وفى إطار ما يتم تحديده من تكاليف تضعها لجان متخصصة ويعاد تقييمها سنويا، وحتى تكون هناك منافسة بينه وبين القطاع العام الطبى، لأن الأول يهدف إلى الربح على عكس الآخر الذى لا يهدف إلى الربح. بالنسبة لمعايير الجودة التى يتم بناء عليها اعتماد دخول المستشفيات والعيادات الوقائية فى منظومة التأمين. هل تتوافر فى القطاع الصحى فى مصر؟ - هناك 500 مستشفى حكومى على مستوى مصر ليس فيها من يطبق معايير الجودة ولابد من رفع قدراتها وعلى مراحل، والمؤهل للدخول بعد إجراء تعديلات عليه لا يتجاوز 20 % منها. هل هناك نية لخصخصة القطاع الصحى فى مصر؟ - خصخصة القطاع الطبى العام فى مصر خط أحمر، ولن نقترب منه، ولكن نريد التطوير له، لأنه لا يتم اعتماد أى مستشفى إلا بعد توافر المعايير العالمية التى يصل عددها إلى 700 معيار. والقطاع الخاص ينافس ولن يستطيع مستشفى أن يبقى على قيد الحياة فى مصر إلا إذا خضع للتطوير. هل لدى هيئة التأمين الصحى القدرة على أن تخضع كل قطاعات الصحة للمنظومة بشكل سليم، هل لديها سلطة لفرض القانون؟ - حتى لا يكون هناك عداء للقانون لابد من الدخول معًا فى المنظومة الجديدة ومن خلال التوافق بين قطاعات وزارة الصحة، وهذا يحتاج إلى لجنة عليا لإدارة النظام لأن هيئة الرعاية الصحية سوف تنقسم إلى جزءين مقدمو خدمة، وجهة لإدارة النظام وهو ما يخلق نوعًا من المشاكل تكون السيطرة عليها حسب رأيى وخبرتى بتشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الصحة أو رئيس الهيئة وعضوية رؤساء القطاعات المختلفة ويتحدد لكل منهم مسئولياته وسلطاته، وتختص الهيئة العليا بإدارة مشاكل هذا النظام وما يترتب على فصل الخدمة عن التمويل، وكرئيس هيئة ليس لدىّ سلطات على رؤساء القطاعات المختلفة إلا من خلال اللجنة العليا المقترح تشكيلها. كم يصل الإنفاق على الصحة فى مصر حاليا؟ وما النسبة التى تتحملها الدولة؟ - الإنفاق على الصحة فى مصر يصل إلى 65 % من جيوب المصريين و35 % من الدولة. كم تبلغ مديونيات الهيئة ومستحقاتها لدى الجهات الأخرى؟ - حجم الديون للعام الماضى 820 مليون جنيه وعلينا متراكم مليار و600 مليون جنيه ولنا مستحقات لدى وزارة المالية تتمثل فى ضريبة السجائر تبلغ 3.2 مليار جنيه ولم نحصل عليها حتى الآن. ما توصيفك للخدمة الصحية فى مصر حاليا؟ - سيئة بكل معانى الكلمة فليس هناك منشآت صحية كافية والإنفاق زهيد فى بعض القطاعات، هناك مستشفيات تتبع التأمين الصحى وهناك تتبع وزارة الصحة، والصحة يتبعها أكثر من قطاع مثل المؤسسة العلاجية وأمانة المراكز الطبية المستشفيات التعليمة، هناك مستشفيات جامعية ومستشفيات تتبع القطاع الخاص، هناك مستشفيات تهدف إلى الربح والتابعة للقطاع الخاص وتعدد الأنظمة يفقد الدولة القدرة على الرقابة وبالتالى تحدث التجاوزات التى يدفع ثمنها الإنسان، فهناك ندرة فى الإنفاق فى كل القطاعات التابعة للدولة بينما هناك إنفاق ببذخ وسفه فى قطاعات أخري. هناك اختلاف بين الخدمة العلاجية مما يخلق تفرقة بين مواطن ومواطن فى حق واحد وهو حقه فى الصحة والعلاج. وما هى مشاكلك كتأمين صحى؟ - المشكلة هى التمويل ولن نستطيع أن نستمر فى تأدية الخدمة لأن هناك نحو 52 مليون منتفع يتزايدون كل عام بنسبة %3، وزيادة نسبة المستفيدين معناها زيادة الأعباء المالية على الهيئة والميزانية تمول من حصيلة اشتراكات المشتركين ويصل الإنفاق فى عام 2015 2016 إلى نحو 7 مليارات و225 مليون جنيه أنفقت على الأدوية والأجور والتجهيزات الطبية والمستشفيات وغيرها، ونتعاقد بجانب مستشفيات الهيئة مع المستشفيات الحكومية والقوات المسلحة وأنفقت الهيئة على علاج فيروس سى منذ أكتوبر 2014 حتى الآن 624 مليون جنيه. هل ترى أن مشروع القانون الجديد يقدم الحلول الأخرى التى ترى ضرورتها لعلاج الخلل فى التمويل؟ - القانون الجديد يوحد 7 قوانين حالية نتعامل على أساسها فى قانون واحد، فلدينا قوانين مثل 79، 32، 99، 86، 23 والأرامل 81 بخلاف قرار ضم الأطفال وهو ما يجب أن تصب كلها فى قانون واحد، ولقد جهزنا مشروع قانون ونعمل وفقا لثلاثة أشياء أساسية وهى أن التأمين الصحى نواته الأسرة وليس الفرد، ويتم توحيد القوانين فى قانون واحد وأن يكون للأسرة ملف واحد باسم رب الأسرة، وأن تكون مصادر التمويل واضحة وثابتة ومستدامة.