نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    أسعار مواد البناء في مصر اليوم.. الحديد والأسمنت    وزيرة التخطيط تستعرض تطور تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية    بشرى للعمالة غير المنتظمة في بداية العام الجديد 2026    زيلينسكي يشكر قادة الاتحاد الأوروبي على موافقتهم تقديم الدعم المالي لأوكرانيا    وزير الخارجية يؤكد لنظيره التنزاني أهمية التعاون والتكامل في نهر النيل لتحقيق المنفعة المشتركة    الجيش العراقي ينفذ إنزالا جويا في سوريا، ما القصة؟    الاحتلال يشن قصف جوى ومدفعى على خان يونس جنوب قطاع غزة    كأس عاصمة مصر.. الأهلي يبحث عن الفوز الأول من بوابة سيراميكا    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    النيابة تستدعي مدير ناد صحي بالمعادي نشب بداخله حريق هائل    مقدمة برنامج بقناة فضائية تتهم التيك توكر إنجي حماده بالاعتداء عليها    "ليلة الفن والحياة"، ساقية الصاوي تكشف أجندة احتفالاتها الاستثنائية لاستقبال 2026    بعد تكريمه من جامعة السوربون، تعرف على المشروع الفكري لمحمد عثمان الخشت ومؤلفاته    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    مصر تهدد بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع السودان    السلام الملتهب في غزة: تحديات المرحلة الثانية من خطة ترامب    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بمحافظة الإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي لأصوات الناخبين    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    اليوم.. الأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا في الجولة الثانية من كأس عاصمة مصر    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    أوبرا الإسكندرية تحيي ذكرى رحيل فريد الأطرش بنغمات ملك العود    من الإسكندرية إلى القاهرة والعكس، جدول كامل لمواعيد قطارات اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    ننشر الحصر العددي للدائرة السابعة في انتخابات النواب 2025 بالشرقية    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    زيلينسكى: وفدنا فى طريقه إلى أمريكا لجولة جديدة من مفاوضات التسوية    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    بسبب خطأ.. إعادة فرز أصوات الناخبين في اللجنة الفرعية الرابعة بالدائرة الأولى بالزقازيق    عادل عقل: فيفا يحسم مصير برونزية كأس العرب بين السعودية والإمارات.. فيديو    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    عجة الخضار الصحية في الفرن، وجبة متكاملة بطعم خفيف وفوائد عديدة    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهر النيل والسمك.. مصر التى نعرفها
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 10 - 2016

هناك إمبراطورية تعيش على هامش النيل، لا تدرى بما يحدث فى البلد ولا أحد من البلد يدرى شيئا عن تفاصيل هذه الإمبراطورية.
هى منفية وليست طرفا فى شيء وغالبا هم مواطنون مجهولون خارج تعداد السكان، لاتعرف الحكومة عنهم شيئا ولا هم ينتظرون شيئا من الحكومة، هذه الإمبراطورية مثلها دراميا صلاح السعدنى فى فيلمه الشهير «المراكبى».
فقصة الصياد وزوجته اللذان يقيمان حياة كاملة داخل مركب بسيط للغاية فى وسط نهر النيل ليست أسطورة أو استحالة يمنع تحقيقها المنطق الإنسانى المعاصر، بالعكس تطفو حيوات بكل تفاصيلها على نهر النيل تتميز بالتلقائية والعفوية.
اقتربت «روزاليوسف» من شاطئ نهر النيل وأجرت حوارا مع أبطال فيلم (المراكبى) الحقيقيين الذى جسده الفنان صلاح السعدنى لتكتشف عالم نهر النيل الخفى عن عيون الدولة.
عم أحمد رجل خمسينى يعيش على شواطئ منطقة الوراق فى مياه النيل قال: وجودى على المركب الصغير الذى لا يتعدى سعره ال3 آلاف جنيه متوارث من الأب فمن المعروف أن كل أب يترك لابنه بيتا يسكن فيه لكن والدى ووالدتى تركا لى ميراثى مركبا لأعيش فيه أنا وزوجتى، وحياتى بكل تفاصيلها متوارثة من أجيال طويلة لأبناء الصيادين الذين قرروا العيش فى مياه النيل بعيدا عن حياة الشاطئ القاسية التى فيها معاناة ومحاسبة فى كل شىء.
وتابع العم أحمد: أعيش على المركب مع زوجتى وابنى الصغير فقط فلا يتحمل المركب أكثر من 3 أشخاص ومن يكبر من أولادى أقوم بعمل مركب له هو وزوجته وهذا ما فعلته مع اثنين من أبنائى الرجال وهما يجاوران مركبى فى الوقت الحالى والمركب بمثابة بيت ميراث ووسيلة تنقل لنا للذهاب إلى أى مكان أو المرور للمحافظات المجاورة، فالناس على الشاطئ يركبون السيارات ونحن وسيلة حياتنا الأولى فى التنقل هى المركب. وأضاف العم أحمد: يوجد غيرنا مئات الأسر التى تعيش داخل مياه النيل حياة كاملة من شواطئ النيل فى جاردن سيتى حتى شواطئ أسوان لكن الدلتا ليس لنا علاقة بها تماما لأن هناك من يحتكر العيش فيها وهم الفلاحون الذين خرجوا من النجوع إلى المياه ليستقروا فيها.
أشار العم أحمد إلى أن الحياة فى النيل مجازفة كبيرة لكن تعودنا ولا يوجد لدينا مشاكل سوى الأوراق الرسمية فنحن مجهولون بالنسبة لحياة الورق الرسمى والدفاتر والبيانات فهى أزمة، نحن كسكان النهر لا نفضل كثيرا الخروج للشاطئ فقد لا ترى أعيننا الشاطئ إلا فى حالة المرض للحصول على الدواء أو الذهاب إلى الطبيب لإجراء عملية فقط حتى لا يموت أحد ويعنى ذلك أن الخروج للشديد القوى، ونعتمد على أنفسنا فى كل شيء فى أفراحنا وأحزاننا حتى طريقة الزواج نحن نفضل الزواج المبكر لأولادنا خاصة الفتيات ويكون بدون عقود أى بشكل عرفى فيما بيننا والأمر سبب لنا الكثير من المشاكل لأن بعض الصيادين يطالبهم أبناؤهم بالذهاب إلى المدارس ولا نمتلك بطاقات أو أوراق لنا كى يظهروا هم من بعدنا بشكل رسمى، ولأن الأمر أصبح ذا أهمية، نبحث عن حلول لكن نحن بسطاء وتلقائيون بطبيعتنا كيف سنحل مثل تلك الأمور المعقدة.
وقال سيد محمد، أحد الشباب من سكان النيل: أمتلك مركبا فى النيل وعمرى 28 عاما ولدت على مياه النيل، يومياتنا تختلف عن جميع البشر كل مركب يحرص على أن يكون مزودا بمعونة 6 شهور متواصلة من المنتجات المعيشية وجميع الأوانى للطعام، لكن نختلف بأننا لا نمتلك دولابا للملابس أو أساسات منزل فنحن لا نمتلك أكثر من 3 أشياء لارتدائها بالإضافة إلى جاكيت للشتاء، ولدينا تعود كبير على درجة برودة المياه أو تقلب الجو بشكل يومى والاستقرار الأكبر لنا يكون فى فصل الصيف فنحن نعانى بشكل نسبى فى فصل الشتاء لذلك نحرص على التواجد فى مناطق بعينها فى نهر النيل فى فصل الشتاء تكون غيرها فى فصل الصيف، وما يميز حياتنا أن تكاليف المركب بما فيه من حياة كاملة لا تتجاوز ال 7 آلاف جنيه، ونقيم أفراحنا فى المراكب ويحضر إلينا أصدقاؤنا للتهنئة أيضا بمراكبهم والزفة للعروسين تكون بالمراكب.
وأضاف سيد: اليوم يبدأ منذ طلوع الشمس عندنا وتقوم النساء والأطفال لإتمام الفطار ثم الصيد، كل مجموعة تطرح الشبك فى المياه وكل واحد يطلع برزقه ثم يحضر إلينا شخص من سكان الشواطئ ليقيم لنا مزادا يوميا كل صباح ويحدد سعر السمك لكل شخص فينا ويترك لنا المال ويحصل على السمك ويرحل، ثم تجلس كل أسرة للراحة داخل مركبها المغطى من الخارج بالبطاطين وكأنه غرفة منعزلة ونعتمد على إضاءة الكشافات فى الليل ثم يحرص كل صياد على تعرض المركب من الداخل للشمس يوميا للحفاظ على حياتنا من الميكروبات وتقليل نسبة الأمراض، ثم نتسامر سويا ونتبادل الزيارات وفى بعض الأحيان نتبادل الطعام بين الأصدقاء والأسر كنوع من الود ثم نبدأ فى توقيت العصر رحلة الصيد الكبرى حتى الليل كله وهنا نستطيع صيد كمية كبيرة من السمك وجميعنا نساند بعضاً.
وأوضح سيد، معظم المتواجدين فى مياه النيل لا يخرجون من المياه إلا بعد سنوات طويلة وأكثر الصعوبات التى تواجهنا منذ القدم وحتى الآن هى بياناتنا الحقيقية فنحن نعيش حياة عشوائية بدون أى مستندات دالة على شخصيتنا، ومن الأشياء التى يختلف فيها العالم الخاص بنا عن عالم الشاطئ أنه لا يوجد بيننا أى نسبة جرائم أو كره أو ما شابه ذلك.
وقالت وردة الفتاة العشرينية من سكان مراكب الصيد فى النيل: كل أحلامى عريس ورغم أنه يتقدم لى العديد من أبناء الصيادين المجاورين لنا لكن لم أجد من سيغير حياتى ويرحل بى بعيدا إلى الشاطئ فأنا أتجول بالمركب كل مساء على المقاهى القريبة من الشاطئ لبيع السمك الطازج للمترددين على المقاهى وأحلم بأن يكون أبنائى فى المدرسة ويكون زواجى بورق رسمى وليس كلاما عرفيا فقط، حياتنا بسيطة وكل شيء فيها بسيط ومهر الفتاة لا يتجاوز ال500 جنيه ولا نشترى الذهب والعروسة لا تمتلك فى جهازها سوى راديو وبطانية وأوانى الطبخ وستائر للمركب وبوتاجاز صغير للطهى وشبكة للصيد مع الزوج.
وأكدت وردة، أن سكان النهر ليس لهم علاقة بالسياسة ولا يعلمون من هو الرئيس الحالى لمصر ولا يهتمون ولا ينشغلون إلا بيومياتهم فقط ومشاكلهم البسيطة التى تدور جميعها حول قوت اليوم الواحد ولا نقوم بجمع المال وتخزينه.
الحاج عاطف رجل سبعينى يئس من العيش فى مياه النيل قال: ورثت حياتى من أسرتى على مدار 70 عاما لكن الحياة فقيرة وضعيفة وليس لنا حقوق فيها ويتوارث أبناؤنا فقرنا كل ذلك يجعلنا فى حالة نفسية سيئة وما جعلنا نضطر للتمسك بتلك الحياة هو فقرنا وأننا ليس لنا أى مهنة ولا يعلم أحد عنا شيئا على الشاطئ فإلى أين سنذهب؟ فقد خرجت مرة واحدة فى حياتى إلى الشاطئ لدفن أحد جيرانى فى تراب الشاطئ وأحلم بالعيش وسط البشر هناك، لكن حياتى اختلفت عنهم وتنقصها إثباتات وجودى على الأرض فنحن نفرح بالإنجاب لكن لا نسجل أحدا من أطفالنا ونفرح بالزفاف لكن لا نعقد زفاف أبنائنا إلا عرفيا بيننا، ومطالبنا هى أن نعيش حياة كريمة ويتم تقنين أوضاعنا بوصول مساعدات لنا ورصد بياناتنا واستخراج أوراق رسمية لأطفالنا للذهاب إلى المدارس، فنهر النيل عبارة عن مجموعات تعيش فى المياه وحالنا بجوار آخرين جيدة فالدخل اليومى للمركب الواحد يصل إلى 50 جنيها لكن لا تكفى لأسرة كاملة، وهناك من هم أكثر سوءا منا، والطريف فى الأمر أن كل ما يحدث أن بعض وسائل الإعلام رصدت حياتنا ولكن بدون أى حلول ومعنى ذلك أن المسئول يعلم مأساتنا ولم يفكر فى حلها حتى بمجرد زيارة واحدة أو حملات طبية لسكان النهر فنحن نعيش فى العالم الوهمى الخاص بنا بشكل عشوائى رغم أننا مصريون ونحب وطننا لكن يوجد بيننا الكثيرون لم يؤدوا حتى الواجب الوطنى والالتحاق بالجيش نظرا لعدم وجود أوراق رسمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.