يجنى الرئيس عبد الفتاح السيسى هذه الأيام، حصاد سياسته الخارجية التى تبناها مع دول آسيا، حيث ينهى اليوم السبت زيارته إلى الهند، بعد أن اتفق مع رئيس وزرائها ناريندا مودى على تعزيز التعاون الاقتصادى والمشاركة معا فى مكافحة الإرهاب، ثم يطير إلى الصين غدا، للمشاركة فى قمة مجموعة العشرين الاقتصادية بدعوة من نظيره الصينى للعام الثانى على التوالي، وهناك سيلتقى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لمناقشة إنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوراسى ومصر. وقضى الرئيس السيسى وبرفقه وفد رفيع المستوى، 3 أيام فى نيودلهى بدأت الخميس، وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى بهدف تعزيز المشاركة فى مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون التجارى والاقتصادي، أعاد بها البريق القديم للعلاقات المتميزة بين مصر والهند. وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام الهندية، فإن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، الذى كان يزور نيودلهي، وكان من المقرر أن يسافر قبل وصول السيسي، مدد إقامته فى الهند حتى يلتقى به، لمناقشة عدة قضايا تخص دول منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الوضع فى سوريا وليبيا، والجهود الدولية التى تبذل للتوصل إلى حلول سياسية تؤدى إلى استعادة السلام والاستقرار. ولحق كيرى أمس الجمعة بالرئيس باراك أوباما فى الصين، لحضور قمة مجموعة العشرين التى تبدأ غدا الأحد وتنتهى بعد غد الاثنين. ووفقا لصحيفة «تايمز أوف إنديا» الهندية، فقد وقع كل من السيسى ومودى على عدد من مذكرات التفاهم فى جميع المجالات، ولا سيما الاقتصادية، إذ إن الهند هى سادس أكبر شريك تجارى لمصر، وثانى أكبر مقصد للصادرات، وكانت واردات الهند من مصر بقيمة 1.74 مليار دولار خلال الفترة من 2014 إلى 2015. وقد استثمر رجال الأعمال الهنود ما يقرب من 3 مليارات دولار فى نحو 50 شركة فى مصر، والتى أعطت فرص عمل لنحو 35 ألف عامل مصري. وبحسب الصحيفة فقد احتفى التليفزيون الهندى بزيارة السيسى باستعراض فيديوهات قديمة لزيارة جمال عبد الناصر الزعيم الخالد للهند والعلاقات المصرية الهندية فى ذلك الوقت، تحت عنوان «السيسى يعيد إشعال البريق القديم»، حيث إن الهند ومصر بينهما علاقات تاريخية وصداقة أسطورية بين نهرو وناصر، فقد أطلقا شرارة «حركة عدم الانحياز»، ولكن قوة العلاقات تراجعت بعدهما إلى أن أعادها الرئيس السيسي. ومن أبرز القضايا التى تم الاتفاق عليها بين السيسى ومودى هى الشراكة فى مجال مكافحة الإرهاب، فضلا عن الاستفادة من خبرة الهند وحماية حدودها مع جارتها باكستان التى تتمركز فيها العديد من الجماعات الإرهابية ومنها حركة طالبان. ومن جانبها، قالت صحيفة «فيرست بوست» الهندية إن الهند لا تحاول منافسة الصين، التى تعهدت لمصر بالكثير من الالتزامات الهامة فى جميع المجالات، ولكنها تعمل لإعادة العلاقة الخاصة بينهما، حيث التقى السيسى بوزيرة الخارجية سوشما سواراج، وبعيدا عن التعاون الثنانى فى المجال الاقتصادى ومكافحة الإرهاب، فقد تبادلا الأفكار حول استخدام باكستان لمنظمة المؤتمر الإسلامي، التى تحظى مصر بعضويتها، لحشد الدعم الدولى ضد الهند فى قضية كشمير، غير أن الهند حاولت اجتذاب مصر ناحيتها، حتى تدعمها فى تلك القضية. وشهدت الزيارة الاتفاق على ضرورة وضع الصيغة النهائية لاتفاقية شاملة بشأن الإرهاب الدولى (CCIT) فى الأممالمتحدة، حيث أكد السيسى أنه يريد أن يحول التعاون فى مكافحة الإرهاب إلى مستوى جديد كليا، ودعا إلى تحرك جماعى قوى ضد التطرف والتجنيد الإرهابي. ومن المعروف أن الهند ومصر بينهما نحو 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم فى مجالات الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجارى منذ عام 1966 وحتى الآن، فى مجالات متنوعة خاصة بالنقل البحرى والطيران المدنى والنقل ومجالات الزراعة والتبادل التجاري، ومجال السياحة وتنمية الصناعات الصغيرة ومنظومة الصناعات، إضافة إلى التعاون الجمركى والتعاون الفنى والتكنولوجيا. وتعهدت سواراج بتحديد بعض الإصلاحات الاقتصادية بعيدة المدى والمبادرات الرائدة، إذ إن حجم التجارة الثنائية لا يزال دون الإمكانات، وبصرف النظر عن الأرز، يمكن أن تستورد مصر القمح والحليب، التى تعد الهند رائدة فى تصديرهما على مستوى العالم، إلى جانب الاستفادة من الخبرة الهندية فى تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتنشيط تعاون الصندوق الاجتماعى للتنمية بمصر مع نظيره الهندي، وتفعيل اتفاق الصندوق والهيئة العربية للتصنيع من جانب مصر ومؤسسات هندية فى مجال البرمجيات وصناعة الحاسب الآلي، فضلا عن التعاون فى مجال السياحة وتعزيز الروابط بين الشعبين. وغدا يطير السيسى إلى مدينة هانجتشو التى تستضيف قمة العشرين، بدعوة خاصة من بكين، ليكون ضيف الشرف فيها، بدعوة من الرئيس الصينى شى جين بينج، وتشارك مصر أيضا فى مؤتمر الاستثمار الثانى فى إفريقيا بعد يومين من انتهاء قمة العشرين. وتعد هذه هى الزيارة الثانية للسيسى فى الصين، وذكر تلفزيون الصين المركزى (CCTV) أن 86 شركة صينية لها استثمارات بلغ مجموعها أكثر من 1.1 مليار دولار فى منطقة قناة السويس، وتأتى هذه الخطوة فى إطار سعى الصين على نحو متزايد لتطوير الطرق البرية والنقل البحرى من الصين إلى أوروبا والاستعانة بمصادر خارجية. ووفقا لمسئولين صينيين فإن هناك عقبات للعمل فى العديد من البلدان الإفريقية، ولكن بالنسبة لمصر فهى الوجهة الاستثمارية ذات الأولوية وهذه هى منطقة اقتصادية خاصة بالنسبة لبكين، فجودة الإدارة والمرافق جيدة جدا والمستويات آخذة فى التحسن باستمرار، فضلا عن إطلاق الحكومة الصينية مشروع طريق الحرير والسكك الحديدية الجديد الصين، حيث تم تشجيع العديد من الشركات على الاستثمار خارج الصين والنمو والتطور فى مصر. وبحسب تقرير التليفزيون الصينى فإن الصين ترسم الخارطة الاقتصادية فى العالم فى وقت حرج للغاية، حيث يعانى العالم اقتصاديا من الإرهاب والحرب والصراع المدني، موضحا أن قمة هذا العام تهدف إلى تخليص العالم من السياسات الاقتصادية القديمة الراكدة، بما فى ذلك الهيمنة والمحسوبية السياسية القائمة، وتمرير نجاح الصين باعتبارها النموذج الاقتصادى للدول المشاركة فى القمة. وسيلتقى السيسى بعد غد الاثنين بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، على هامش قمة مجموعة العشرين فى الصين، وأيضا سيلتقى بوتين غدا الأحد مع ولى ولى العهد ووزير الدفاع السعودى الامير محمد بن سلمان وسيتم التركيز فى كلا اللقاءين على القضية الفلسطينية، والحرب فى سوريا والإرهاب فى ليبيا. ومن أبرز الاتفاقات التى سيتم مناقشتها بين السيسى وبوتين هى إنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوراسى ومصر التى سيبت فيها قبل نهاية العام الجاري، فضلا عن البدء فى تنفيذ المشاريع الثنائية الضخمة، ومن بينها بناء أول محطة نووية فى مصر، وإقامة منطقة روسية حرة وتأسيس منصة للتعاون بين الصندوق الروسى للاستثمار المباشر وبنك مصر، لتحقيق مشاريع استثمارية مشتركة فى مصر.