عندما قررت سعاد حسنى وزميلتها نادية لطفى فى فيلم «للرجال فقط» أن تذهبا إلى قلب الصحراء للعمل فى استخراج البترول، تنكرتا فى هيئة رجلين لأن المهنة شاقة ومستعصية على «الجنس الناعم»، إلى أن أثبتت السندريلا وزميلتها نجاحهما فى العمل وأن المهنة وأى مهنة ليست «للرجال فقط» بل للمجتهدين والمتميزين من الجنسين. وفى مشهد آخر واقعى وليس سينمائيا قررت لقاء الخولى أن تعمل ميكانيكى سيارات تمسك بعدتها وتنزلق تحت السيارات الحديثة لتصلح أعطالها وتعمل على صيانتها كاسرة حاجز المهن المقتصرة على الرجال فقط لتواجه تحدى المجتمع وعادات وتقاليد قرى الصعيد. تقول لقاء: «بدأت العمل كميكانيكى منذ 9 سنوات مع أبى كنت فى الحادية عشرة من عمري، أراقب كل ما يفعله فى ورشته الخاصة حتى تعلمت الصنعة وشربتها ومع مرور الوقت أصبحت ذراع أبى اليمين، وكنت آخذ مكانه فى حال غيابه وكبرت وكبر حبى للعمل وأصبح هناك شغف خاص بالجلوس تحت السيارات والإمساك بأدوات الورشة وارتداء ملابس العمل عشق لا يمكن التخلى عنه، ثم أردت أن أثبت ذاتي، فزدت إصرارا وتحديا للمجتمع الذى ينظر للمرأة على أن مكانها الأوحد هو البيت وتربية الأطفال». لقاء أضافت: «أخبرت والدى عن رغبتى الملحة فى العمل معه بشكل منتظم ويكون لى مكان أساسى بالورشة فرحب بالأمر وأصبح يساعدنى كثيرًا على الرغم من أن الأمر مستحيل داخل قرى الصعيد، وأصبح تشجيعه لى أمرا يجعلنى أتحدى نظرات المجتمع». حصول الأسطى لقاء على الدبلوم جاء نتيجة خوف والدها الشديد عليها من دخول كليات بعيدة عن قريتها. وتوضح أكثر بقولها: الزبائن فى البداية كانت ترفض أن أقوم بتصليح سياراتهم لكونى فتاة ومش هقدر أربط السيارة بقوة، وكانوا ينتظرون أن يأتى والدي، ومع الوقت أصبح من يأتى للورشة يسأل عنى بثقة، والآن وفى بداية العشرينات من عمرى أصبح لى زبائنى الذين يرفضون أن يصلح أحد سياراتهم غيرى، بسبب إتقانى لعملي، وحرصى على إصلاح الأعطال وتجهيز السيارة بالقطع الجديدة التى تحتاجها». لقاء الخولى هى البنت الصغرى بين ثلاث بنات إحداهن حاصلة على ليسانس آداب، والأخرى تدرس بكلية التجارة. والميكانيكا هو عمل تعشقه وليس من أجل مساعدة أسرتها أو الاحتياج إلى الأموال فهى من أكبر عائلات محافظة الأقصر. وعن المصاعب التى واجهتها أضافت لقاء: «فى البداية كنت فتاة صغيرة فى الحادية عشرة من عمرى ولم يلفت هذا انتباه أهل القرية لكونى طفلة صغيرة تلعب فى ورشة أبيها، وعندما كبرت الجميع أصبح يهاجمنى بحجة أننى أصبحت آنسة ولا يجوز أن فتاة تعمل ميكانيكى وتنام تحت العربية وتفعل كما يفعل الرجال، خاصة أننى أعمل بالشارع نتيجة لصغر حجم الورشة، ولكنى لم ألتفت لحديثهم خاصة بعض التعليقات التى كنت أسمعها منهم». «لقاء» تصل إلى قمة سعادتها حينما يذكرها أحد بالأسطى لقاء، وأضافت: أقوم بتصليح السيارات الحديثة فقط وهى أصعب فى عملها من السيارات القديمة. حصلت لقاء على تكريم خاص من حزب الوفد، لتضرب مثالا للفتاة الصعيدية المكافحة، ولتكون قدوة لكل فتاة ترغب فى تحقيق طموحها وتعمل بجد وتفان. وتقول لقاء إن فخر الجميع بى زاد من ثقتى بنفسى كثيرًا على المستوى الشخصى والمهنى، هذا بجانب حصولى على فرصة للتدريب فى أحد مراكز صيانة السيارات من أجل زيادة خبرتى فى الجزء النظرى الخاص بتصليح السيارات بجانب التدريب العملى أيضًا. لقاء الخولى تطمع فى امتلاك مركز لصيانة وتجهيز السيارات يكون مجهزًا بأحدث الأدوات والتقنيات الحديثة، والارتباط برجل يتفهم طبيعة عملها ويقدره، خاصة أنها لن تتخلى عن حلمها وهدفها.