يأتى افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الحادية والثلاثين، «ريو دى جانيرو 2016» نهاية الأسبوع الجارى باستاد ماراكانا، فى الوقت الذى تتزايد فيه المخاوف الدولية من أعمال العنف التى تستهدف بها التنظيمات الإرهابية كثيرا من دول العالم، وبينما تعانى البرازيل، الدولة المضيفة، من أزمات داخلية متعددة، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الصحى. تستعد مدينة ريو دى جانيرو، على قدم وساق، لاستقبال الملايين من المشجعين سواء من داخل البلاد أو من جميع أنحاء العالم، تحت شعار «عالم جديد» أو بالبرتغالية «أم موندو نوفو»، لتبدأ المراسم التى يشارك فيها 10 آلاف و500 رياضى، من 207 دول، فى 28 لعبة للتنافس على 306 مجموعات من الميداليات، خلال الفترة من 5 إلى 21 أغسطس المقبل. من الرياضات الموجودة بالسباقات، الغوص والسباحة والسباحة التوقيعية وكرة الماء والرماية وألعاب القوى وتنس الريشة وكرة السلة والملاكمة وسباق الدراجات وركوب الدراجات الجبلية والترويض والفروسية والقفز والمبارزة ولعبة الهوكى وكرة القدم والجولف ورياضة بدنية والترامبولين وكرة اليد وجودو والخماسى الحديث والتجديف وسباعيات الرجبى والإبحار وتنس الطاولة والتايكوندو والتنس والترياتلون والكرة الطائرة والكرة الطائرة الشاطئية ورفع الأثقال والمصارعة وغيرها. وفى حفل الافتتاح 5 أغسطس المقبل سيتم استعراض الدول المشاركة حيث تدخل الفرق من كل دولة الاستاد الرئيسى كجزء من الموكب، يدخل دائما الفريق اليونانى أولا لإحياء الأصل التاريخى للألعاب الحديثة وفريق الدولة المضيفة يكون دائما آخر الفرق الداخلة، وسيشمل أعمالاً فنية وموسيقى وخطابات.. ويعبر تبادل الشعلة الأوليمبية عن انتقال المبادئ الأوليمبية من اليونان القديمة إلى العالم الحديث وبعد أن يشعل آخر العدائين الشعلة الأوليمبية فى الاستاد الرئيسى سيقوم الرئيس البرازيلى بإعلان بدء الألعاب الأوليمبية ويطلق سربا من الحمام لتمثيل الأمل فى السلام العالمي. وللمرة الأولى تشارك كل من دولتى كوسوفو وجنوب السودان، فى دورة الألعاب الأوليمبية، وستجرى الأحداث الرياضية فى 33 موقعا فى المدينة المضيفة، وفى 5 أماكن فى مدن ساو باولو «أكبر مدينة فى البرازيل»، وبيلو هوريزونتي، وسلفادور، وبرازيليا «العاصمة»، وماناوس، وسوف تكون هذه الألعاب الأوليمبية الصيفية الأولى فى ظل رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية الجديد توماس باخ. وستكون خريطة الأماكن التى ستقام فيها المسابقات فى ريو دى جانيرو، فى ساحة المستقبل فى المقدمة، أريناس دى جانيرو 1 و 2 و 3 وفيلودروم فى الخلفية، فى بارا الحديقة الأوليمبية وملعب ماراكانا والاستاد الأوليمبى هافيلانج جواو وحديقة ريو دى جانيرو ومركز ماريا لينك المائى، وساحة ريو الأوليمبية ومركز التنس الأوليمبى ومركز الرياضات المائية والقرية الأوليمبية، ومباريات كرة القدم تحديدا ستجرى فى 5 أماكن فى مدن ساو باولو، بيلو هوريزونتى وبرازيليا وماناوس، وأوليمبياد المعاقين سيقام فى كل من ريو دى جانيرو، وبارا دا تيجوكا وفى 3 مناطق أخرى من المدينة المضيفة وهى شاطئ كوباكابانا، وماراكانا وديودورو. وعلى المستوى الاقتصادى ستنقل الدورة الأوليمبية البرازيل إلى مراحل جيدة، وهناك الكثير من المشروعات التى تمت إقامتها ومنها إعادة تطوير منطقة الميناء للعمل على زيادة جاذبية مركز المدينة وتعزيز الموقف التنافسى فى ريو دى جانيرو فى الاقتصاد العالمي، وذلك بعد الكثير من الإخفاقات فى الفترة الماضية، وسط اتهامات بالفساد للحكومة السابقة، أدت إلى إقالة ديلما روسيف رئيسة الجمهورية، ليترأس الحكومة حاليا الرئيس المؤقت ذو الأصول اللبنانية ميشال تامر. ومن المشروعات المصاحبة للدورة أيضا، التجديد الحضرى للمدينة، ويشمل الشبكات العامة للمياه والكهرباء والغاز والاتصالات وثلاث محطات لمعالجة الصرف الصحي، فضلا عن الترام الجديد الذى يتم تشغيله من مطار سانتوس دومون لرودوفيريا نوفو ريو، والذى تطلب أكثر من 200 كيلومتر من الأسيجة الأمنية، فى حين أن المدينة كلها شهدت تحسينات البنية التحتية الرئيسية. وتشمل تجهيزات قرية الرياضيين، نحو 80 ألف كرسي، و70 ألف منضدة، و29 ألف مرتبة، و60 ألف دولاب و6 آلاف جهاز تليفزيون، و10 آلاف هاتف ذكي، لمراقبة الحركة فى دورة الألعاب الأوليمبية. التمويل الأكبر للدورة الأوليمبية جاء من الأموال العامة للحكومة الاتحادية والصناديق الخاصة، ومنها إيك باتيستا وبراديسكو وأودبريشت وإمبراتل وتام أيرلاينز للخطوط الجوية، التى قامت حتى بعمل تخفيضات فى تذاكر الطيران، وتم بيع ما مجموعه 7.5 مليون تذكرة بانخفاض 200 ألف تذكرة عن الدورة الأوليمبية فى 2012. فى المقابل، فإن هناك مخاوف صحية وسياسية وأمنية، تواجه الدورة الأوليمبية المرتقبة، إذ إن قائمة من الرياضيين تخوفوا من حضور الألعاب الأوليمبية فى البرازيل، بسبب مخاوف من عدوى فيروس زيكا، حيث أثار التفشى المستمر للفيروس الذى ينقله البعوض فى البرازيل، مخاوف بشأن تأثيره المحتمل على الرياضيين والزوار. وتواجه الرياضات المائية فى هذه الدورة، أزمة تلوث خليج جوانابارا، الذى سيتم استخدامه لمسابقات الإبحار وركوب الأمواج، فهو ملوث بشكل كبير، ومن بين الأسباب الرئيسية للتلوث، القمامة، وهى قضية طويلة الأجل، وعلى الرغم من أن المسئولين وعدوا فى مؤتمر قمة الأرض فى عام 1992 بأن البرازيل سوف تبدأ فى معالجة التلوث، فإن المحاولات السابقة للقيام بذلك لم تكن كافية. أيضا عدم الاستقرار السياسى والاقتصادي، من ضمن التحديات التى تواجهها الدورة، خاصة بعد فضيحة الفساد التى تمت على إثرها إقالة روسيف، إلا أن رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية توماس باخ، علق على الوضع السياسى فى البرازيل قائلا: «إن هذه الدورة التى ستقام فى البرازيل على الرغم من الصعوبات التى تواجهها البلاد، فستكون رسالة أمل إلى كل ركن من أراضيها، وكذلك فى جميع أنحاء العالم». وأشاد بالشعب البرازيلى الذى يرحب بالعالم بمنتهى الحماس، وسوف يجعل الجميع مندهشين - على حد تعبيره. وفى سياق آخر، لاتزال هناك مخاوف أمنية فى ريو، خاصة بسبب الحوادث المتعلقة بالسرقة والقتل وإطلاق الرصاص، إلى جانب المخاوف من هجمات إرهابية محتملة على المسابقات والرياضيين. مشاكل الجريمة فى مدينة ريو دى جانيرو معروفة وتثير الاهتمام فى جميع أنحاء العالم، واعترف رئيس البلدية بأن هناك الكثير من القضايا الكبرى التى تواجه المدينة فى تأمين دورة الألعاب من العنف. وفى 21 يوليو الجاري، أى قبل أسبوعين من بداية الدورة، ضبطت الشرطة الفيدرالية البرازيلية حلقة إرهابية جهادية تقوم بالتخطيط لتعيث فسادا بطريقة مماثلة لمذبحة ميونيخ عام 1972 وألقى القبض على 10 عناصر متحالفة مع داعش واثنين آخرين لاذا بالهرب. وهناك الكثير من الدعوات التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، تقوم بتشجيع الذئاب المنفردة للقيام بهجمات لاستهداف الرياضيين من جميع أنحاء العالم، باستخدام السموم أو المتفجرات.