يركز الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب هذه الأيام على إغلاق مراكز تدريب النواب، التى يعتقد أنها تعمل وفق أجندات خارجية هدفها هدم المؤسسة التشريعية فى مصر، وكلف الأمانة العامة بإعداد قائمة سوداء بأسمائها، وناقش خلال جلسة طارئة كيفية التخلص منها، لكن مدير أحد هذه المراكز اتهم رئيس البرلمان باستهدافه وأمثاله من أجل إفساح المجال لآخرين للعمل فى هذا النشاط وتحقيق أرباح من خلاله، ولا سيما بعد تدشين جمعية «من أجل مصر» للتدريب، التى أسسها 14 نائبا، وشارك عبدالعال نفسه فى افتتاحها قبل أيام. فى جلسة ساخنة لمجلس النواب، أعلن خلالها عبدالعال أن هناك حملة ممنهجة مدعومة من الخارج يساعدها البعض فى الداخل لهدم المؤسسة التشريعية، وأن البعض التحق بالمراكز للحصول على دورات دون أن يعرف نوايا من يدربه من خلال البرامج التدريبية السياسية المسمومة، أعدت الأمانة العامة لمجلس النواب قائمة بهذه المراكز، وتم رفعها للأمن القومى لمراجعتها قبل إعلانها بشكل رسمى للنواب، لقطع تعاملاتهم معها، بهدف حذف أسماء المراكز التى يتم نفى شبهة لتمويل الأجنبى عنها، وذلك بعد مناقشات تمت بين النواب الذين تلقوا تدريبات بها على كيفية تحليل ومراجعة ومناقشة الموازنة العامة للدولة والسياسات النقدية. مصدر برلمانى أوضح ل«روزاليوسف» أن هذه قائمة مراكز التدريب تم تقسيمها إلى أكثر من مستوى، منها «بلاك ليست» محظور التعامل معها نهائيا، وأخرى يفضل عدم الخضوع لأى تدريبات وأنشطة معها إلا بموافقة مسبقة وتنسيق مع الأمانة العامة، لافتا إلى أن هناك مراكز أخرى مسموح التعامل معها وهى تلك التى يديرها أو يشرف عليها أحد رؤساء اللجان النوعية المهمة بالمجلس والمعروف عنه وطنيته، إذ من غير المعقول مثلا أن يأتى مركز تابع لإحدى المؤسسات القومية محل شبهة استهداف هدم المؤسسة التشريعية، ضمن مثل هذه القائمة. ووفقا لذات المصدر، فإن رئيس المجلس دعا لجنة القيم لانعقاد عاجل بداية الأسبوع المقبل، للبت فى أمر نحو 53 نائبا ممن لا يزالون يتعاملون مع تلك المراكز الذى حذر منها، وقبلوا دعوات لاستمرار التعامل معها، بينما بادر عدد كبير من النواب بإخطار أمانة المجلس بأسماء الدورات التى يتلقونها فى مراكز وجمعيات حقوقية، عقب تهديدات عبدالعال. «روزاليوسف» علمت أن قائمة هذه المراكز التى أكد النواب تلقيهم دورات بها تتضمن مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، والمركز المصرى للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، وأكاديمية «جلوبال بارتنرز»، والاتحاد النوعى لنساء مصر، والجمعية الحقوقية التى يرأسها النائب محمد أنور السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان، إلى جانب المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية الذى يديره القانونى «رامى محسن» الذى تم منعه من دخول البرلمان مؤخرا، رغم أنه متخصص فى تقديم الدعم الفنى للنواب فى صياغة مشروعات القوانين وطلبات الإحاطة والبيانات العاجلة. الأزمة اتخذت منحى آخر عقب مشاركة عبد العال الأربعاء الماضي، فى تدشين جمعية «من أجل مصر» التى أسسها رجل الأعمال محمد منظور، لتولى أعمال تدريب النواب، ومعه 14 عضوا مؤسسا من نواب البرلمان، هم: أحمد بدوى وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وداليا يوسف وكيل لجنة العلاقات الخارجية، والدكتورة دينا عبدالكريم الإعلامية والكاتبة، ورشا عبدالفتاح وكيل لجنة التضامن الاجتماعى، وسامر التلاوى أمين سر لجنة التضامن الاجتماعى وطارق الخولى أمين سر لجنة العلاقات الخارجية، والدكتور محمود سعد أمين سر لجنة المشروعات الصغيرة، إلى جانب عبدالحميد الدمرداش وعبدالهادى القصبى وكريم درويش ومارجريت عازر ومحمد هانى الحناوي، وشادية خضير. وفى المقابل، بادر مدير المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، وهو أحد المراكز التى حذرت أمانة مجلس النواب من التعامل معها، بالإعلان عن رفع دعاوى قضائية ضد من اعتبر أنهم نالوا من سمعة مركزه بوضعه ضمن تلك القائمة السوداء، نتاج ما قاله رئيس البرلمان بشأن وجود مراكز بحثية تمول خارجيا وتنشر أفكارا وتدريبات بهدف هدم الدولة، وفى أعقاب منع دخوله لمقر البرلمان، مؤكدا فى بيان أرسل نسخة منه لأمانة مجلس النواب، أن الحصانة البرلمانية لن تكون عائقا أمام النيل ممن أساءوا لسمعة مركزه الذى يتعاقد مع أكثر من 86 نائبا مستقلين وحزبيين، وأيضا تابعين لائتلاف دعم مصر. رامى محسن مدير المركز أوضح ل»روزاليوسف» أنه لا يقدم تدريب للنواب حتى يتم إدراجه ضمن تلك القائمة المزعومة للمراكز التى تستهدف هدم البرلمان، قائلا: «أنا مش بتاع تدريب»، ومؤكدا أنه لا يتلقى أى تمويلات من الخارج، وإنما يتعاقد مع النواب لتقديم استشارات قانونية لهم ومعاونتهم فى أداء عملهم البرلمانى نظير تعاقد مالي، التى من خلالها نجح المركز فى تقديم 5 مشروعات قوانين منظورة الآن ضمن أعمال اللجان النوعية بمجلس النواب، فضلا عن 315 طلب إحاطة وبيانات عاجلة وأسئلة. فى الوقت ذاته، ألمح محسن إلى وجود علاقة بين منع النواب من التعامل مع مركزه والاتهامات الموجه إليه، وبين وجود رغبة فى الإفساح لبيزنس آخر خاص بتدريب النواب، قائلا: «ربما السبب الحقيقى وراء النيل من سمعة المركز الوطني، هو الإفساح لمركز آخر تم تدشينه بحضور رئيس البرلمان وتحت رعايته». من جانبها، قالت النائبة مارجرت عازر، عضو مجلس النواب، وأحد مؤسسى جمعية «من أجل مصر» فى تصريحات صحفية على هامش حفل التدشين: إن نشاط الجمعية سيكون منفصلا عن البرلمان، ومن سيديرها هم المؤسسون من خارج البرلمان، لتفرغ النواب لجلسات اللجان النوعية والجلسات العامة للبرلمان، موضحة أن أنشطة هذه الجمعية تنموية وتدريبية كواحدة من مؤسسات المجتمع المدني. عازر أضافت أن من حق النواب أن يدشنوا جمعيات أهلية للمساهمة فى خدمة المجتمع، لأن ذلك جزء من عملهم، موضحة أن من ضمن أنشطة الجمعية، تدريب النواب لتكون بديلة عن مراكز الأبحاث التى حذر منها الدكتور على عبدالعال، وأشارت إلى أن الجمعية ستضع ضمن أولوياتها القضاء على العشوائيات والأمية وتقديم خدمات للشباب ومساعدة النواب على وضع مشاريع قوانين للبرلمان، من خلال الاستعانة بخبراء، مؤكدة أن الجمعية سلكت الطريق القانونى لتدشينها، وأن تدشينها لن يعطل النواب عن حضور جلسات البرلمان.