تتنوع أساليب التلاعب بالمال العام فى مصر، ويبلغ بعضها حد إثارة السخرية، مثل ما أقدم عليه اتحاد الغرف السياحية، الذى أهدر 70 مليون جنيه فى مشروع سياحى بالشيخ زايد تأخر تنفيذه 8 أعوام، وعلى الرغم من أنه لم ينته حتى الآن، فإن الاتحاد أعفى الشركة المكلفة بالأعمال من غرامات التأخير، بل وتحمل تكلفة زيادة أسعار المواد الخام، فى واقعة هزلية ليست الوحيدة التى يرتكبها مجلس الإدارة. ففى تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات، عن مراجعة أعمال الاتحاد خلال العام المنتهى 2015 وطالب بالتحقيق فى بعضها، ورد أن رصيد حساب مشروعات الاتحاد تحت التنفيذ فى مدينة الشيخ زايد، بلغ 70 مليون جنيه بزيادة 1.5 مليون جنيه عن 2014 رغم استلام أرض المشروع فى سبتمبر 2003 على أن يجرى تنفيذه فى 5 سنوات تنتهى فى 2008 إلا أنه لا يزال قيد التنفيذ، بسبب عدم توافر السيولة المالية لدى الاتحاد، الذى تحمل 3.5 مليون جنيه زيادة تكلفة المواد الخام بسبب عدم إجراء دراسة جدوى للمشروع ما أضاع على الاتحاد 35 مليون جنيه تكلفة الفرصة البديلة لاستثمار رأس المال خلال تلك المدة. ولجأ الاتحاد إلى اقتراض مبلغ 34 مليون جنيه من صندوق السياحة التابع للوزارة لتمويل إنشاء مشروع الشيخ زايد، وتبين قيام الاتحاد بإثبات القرض بالكامل ضمن ميزانيته دون تحميل الغرف السياحية التابعة حصتها من أعباء القرض، فضلا عن قيام الاتحاد بسداد مبلغ 3 ملايين جنيه أقساطاً مستحقة عن الأعوام من 2011 إلى 2013 دون تحميل الغرف السياحية نصيبها بالمخالفة لما جاء فى البند الثالث من الاتفاقية المبرمة مع صندوق السياحة. ومما يثير الاستغراب عدم توقيع الاتحاد أى غرامات تأخير على شركة المقاولات والصناعات التخصصية، بالمخالفة للبند السابع من العقد المبرم معه، والمفاجأة أنه تبين اتفاق مجلس إدارة الاتحاد فى جلسته بتاريخ 24 نوفمبر 2013 على عرض المشروع برمته للبيع بعد استكمال تشطيب الواجهات فقط، فى حين أن المشروع مصمم لخدمة الجهات الإدارية ما يصعب فرص بيعه. وعلى الرغم من ذلك، رصد الجهاز تضمين مبلغ 811 ألف جنيه قيمة مكافآت لمدير المشروع المهندس مجدى مؤمن خلال عام واحد، فى الوقت الذى زادت فيه ديون الاتحاد إلى 3.21 مليون جنيه بزيادة قدرها 2.647 مليون عن العام السابق، بسبب صور من الإهدار فى كل اتجاه، منها صرف بدلات حضور جلسات فى أيام العطلات الرسمية، إلى جانب صرف 309 آلاف جنيه مكافآت بمناسبة عيدى الفطر والأضحى وشهر رمضان لأربعة من العاملين، تبين صرفهم لنفس المكافآت فى ذات المناسبات من جهة أخرى هى مشروع الطيران العارض التابع للاتحاد! وعلى سبيل (الدلع) تم صرف 30 ألف جنيه للواء عبد الرحيم حسان كمستشار للأمن السياحى والاتصالات الحكومية، بموجب عقد يمنحه 20 ألف جنيه شهريا لمدة 4 سنوات بإجمالى نحو مليون جنيه، دون أن يقدم المذكور ما يفيد خبراته فى مجال الأمن السياحى رغم سابقة طلب الجهاز لهذه الوثائق! يأتى ذلك إلى جانب مصاريف (الدلع) التى حصل أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بموجبها على 1.021 مليون جنيه قيمة تذاكر سفر وبدلات ومصروفات إقامة بالجنيه والاسترلينى واليورو نظير المشاركة فى المعارض الدولية بالمخالفة لميزانية الاتحاد وقراراته، رغم اعتراض الجمعية، ومنها صرف 51 ألف جنيه قيمة تذكرة سفر إلى أمريكا لرئيس الاتحاد شخصيا، من دون تقديم أى تقرير عن السفرية، والأنكى صرف 10 آلاف جنيه لسيف العمارى تكلفة حضور مؤتمر (دبليو تى إم) فى نوفمبر 2014 والذى اعتذر عنه أساسا! ومن المضحك أيضا، أن الاتحاد صرف شيكا بقيمة 60 ألف جنيه لأستاذ أكاديمي، مقابل نحت 3 تماثيل، تبين بعد الفحص الرقابى أنها عبارة عن مشروعات تخرج لطلاب فى كلية الفنون الجميلة، لم يتقاضوا عنها جنيها واحدا! وفى واقعة أخرى تحمل الاتحاد مبلغ 2 مليون جنيه فروق ضريبة كسب العمل بخلاف 712 ألف جنيه غرامات تأخير عن تلك الفروق فى الفترة من 2005 إلى 2009 نتيجة عدم إعداد تسوية ضريبة للعاملين منذ 2003. وفى حركة كرم صرف مجلس الإدارة 30 ألف جنيه لبعض الوفود الأجنبية المشاركة فى مؤتمرات بالخارج، إلى جانب صرف 7588 جنيهاً تكلفة إرسال أتوبيسات للوفود المشاركة فى مؤتمر العمل العربى فى سبتمبر 2014 من خلال شركة ترافكو، ليتبين لاحقا أن رئيس الشركة هى أمانى الترجماني، التى تشغل فى ذات الوقت عضوية مجلس إدارة الاتحاد! وفيما يتعلق بالمشروعات التابعة للاتحاد، أكد الجهاز عدم تعبير ميزانية مشروع الطيران العارض عن المركز المالى الحقيقى للمشروع، بل وعدم قيام المشروع بتصوير حساب للإيرادات والمصروفات عن نتيجة النشاط، فى حين جرى رصد حصول 5 عاملين بإدارة الاتحاد على مبلغ 1.66 مليون جنيه مقابل أعمال إدارية من صلب وظائفهم، فضلا عن عدم التحقيق فى صرف بدلات حضور جلسات لجنة الطيران العارض لمدير عام الاتحاد أثناء سفره خارج مصر، بقيمة 3500 جنيه مما أمكن حصره فقط، بخلاف ما تم صرفه لأعضاء لجنة الطيران عن أيام العطلات الرسمية بلغ ما أمكن حصره منها 22 ألفا و500 جنيه. وكشف تقرير المراجعة عن عدم قيام الاتحاد بإبلاغ وزارة السياحة بما حصل عليه ممثلو الوزارة الأربعة فى لجنة تحفيز الطيران العارض من بدلات حضور وحوافز ومكافآت بلغت 1.44 مليون جنيه بالمخالفة لقرار رئيس الجمهورية رقم 63 لسنة 2014 بتحديد الحد الأقصى للأجور. أما الكارثة الكبرى فكانت فى مشروع المركز المصرى للقيادة الآمنة، حيث رصد الجهاز عدم التأمين على أصول بقيمة 148 مليون جنيه، وعدم استكمال الاتحاد للشكل القانونى للمركز وعدم صدور أى قرارات وزارية بإنشاء المركز وتبعيته أصلا، وطالب جهاز المحاسبات بضرورة استصدار قرار وزارى يحدد موقف المشروع حفاظا على استثمارات بلغت 205 ملايين جنيه. وبلغت قيمة العجز فى مشروع المركز للعام الأخير نحو 13 مليون جنيه بخلاف العجز المرحل من سنوات سابقة بقيمة 34 مليونًا منذ بدء المشروع فى مارس 2011. والطريف أن بدلات ومرتبات وحدة التشغيل بلغت 1.8 مليون جنيه، بينما بلغت قيمة راتب ومكافآت حسين بدران المدير التنفيذى للوحدة منفردا 1.04 مليون جنيه دون وجه حق. آخر طرائف مجلس إدارة الاتحاد التى رصدها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات هى صرف 28 ألف جنيه بدلات حضور اجتماعين فقط لمجلس أمناء مراكز التدريب السياحى ضمن مشروع مركز تدريب فنون الطهي، رغم أن الحضور تطوعى بقرار من مجلس الإدارة!