اهتمت الصحافة الأجنبية برحيل الفنان الكبير «نور الشريف» بمستشفى الصفا بعد صراع مع مرض سرطان الرئة الذى هزمه أخيرًا. 50 عاما من التألق والنجومية ورصيد بلغ 182 فيلما من علامات السينما المصرية. عرضت مجلة «إنترناشيونال بيزنس تايم» شذرات من حياته ووصفته بأنه قامة فنية عالية، تخرج نور الشريف، واسمه الحقيقى محمد جابر عبدالله، فى المعهد العالى للفنون المسرحية بتقدير امتياز عام 1967 ومن جيله محمود ياسين وعزت العلايلى، قدمه المخرج الكبير سعد أردش للمسرح من خلال دور صغير فى مسرحية «الشوارع الخلفية»، ورغم أنه لا يحمل مواصفات النجم الأول بالمقاييس المصرية وقتئذ، فإن موهبته الكبيرة فرضت نفسها وذكاؤه اللامع وقدرته المتفردة على التشكل والتلون وتغيير جلده من دور إلى دور، فهو الفتى الأول فى «قصر الشوق» و«سائق الأتوبيس» المهموم بمشاكله ومشاكل بلده مع المخرج عاطف الطيب، الذى نال عنه جائزة فى مهرجان «نيودلهى» السينمائى، وهو المفكر ورسام الكاريكاتير العربى ناجى العلى وهو الشخص العادى القلق الذى عاش فى غياهب نكسة وطن رافضا الفساد منتقدا سياسة الانفتاح الاقتصادى حاملا هموم وطنه والإنسان البسيط وهى نفس الأفكار التى جمعته بصديقه المخرج الراحل عاطف الطيب حتى وفاة الأخير عام 1995 وظل نور وفيا لأفكار الطيب، فقدم «دم الغزال» للكاتب وحيد حامد، وفيلمه الفريد «العار»، دوره الغريب فى «مسجون ترانزيت»، إضافة إلى اللون الرومانسى فى «بريق عينيك» و«بئر الحرمان»، و«بئر الخيانة». ثانى محطات نور الفنية كانت مع المخرج الكبير حسن الإمام فى فيلم «قصر الشوق» عن قصة الكاتب العالمى نجيب محفوظ ونال عنه شهادة تقدير هى أول جائزة فى مشواره الطويل. وتناولت المجلة علاقته بكرة القدم، حيث ذكرت أنه كان لاعبا فى فريق أشبال نادى الزمالك، لكنه لم يكمل مشواره فى كرة القدم بسبب حبه للتمثيل وقدم فيما بعد شخصية لاعب كرة «شحاتة أبوكف» فى فيلم «غريب فى بيتى» مع النجمة سعاد حسنى، عن مشوار لاعب فى القلعة البيضاء. وأشارت الجريدة إلى تجربته الإخراجية الوحيدة فى فيلم «العاشقان» الذى قام ببطولته أمام رفيقة عمره الفنانة بوسى عام 2001 وله تجربة إخراجية وحيدة أيضا هى مسرحية «محاكمة الكاهن» عام .1994 وألقت المجلة الضوء على كونه منتجا ناجحا، حيث أنتجت شركته التى أسسها بمشاركة زوجته بوسى التى كانت تحمل أول حرفين من اسميهما عددا من الأفلام الشهيرة «دائرة الانتقام»، «قطة على نار»، «مدينة الصمت»، ورائعته «حبيبى دائما»، من إخراج حسين كمال عام 1981 وفى العام نفسه أنتج فيلمى «ضربة شمس» و«آخر الرجال المحترمين»، و«زمن حاتم زهران» وأخيرا «ناجى العلى». وأشارت جريدتا ديلى ميل وميديا 24 إلى فيلمه الممنوع «ناجى العلى» الذى حذره الكثيرون من تصويره، لكنه أصر مقتنعا أنه يقدم عملا مهما بتقديم القصة الحقيقية للمناضل الفلسطينى ناجى العلى، رسام الكاريكاتير الذى استخدمت ريشته فى سبيل قضية بلاده وقام بمقابلات لجميع أصدقائه واستعان بالمخرج عاطف الطيب لإخراج العمل، كان سبب رفض مصر عرض الفيلم هو النقد اللاذع والهجوم الشديد من قبل ناجى العلى على اتفاقية كامب ديفيد وعلى شخص السادات، تم منع عرض الفيلم بعد أسبوعين بسبب مهاجمته لبعض الأنظمة العربية التى أصدرت قرارا بمنع عرض جميع أعمال نور الشريف فى دول الخليج ضمن قائمة شملت محسنة توفيق ومحمد حسنين هيكل. ونعت جريدة «الليبراسيون» الفرنسية النجم الكبير، وقالت إن رحيله خسارة للفن العربى ووصفته بأنه واحد من أهم الفنانين فى السينما المصرية وأحد الرموز العالمية فى فترة الستينيات والسبعينيات، وركزت الجريدة الفرنسية على أعماله التى جسدها للكاتب العالمى صاحب نوبل الأديب نجيب محفوظ، فقد حصل على نصيب الأسد من هذه الأعمال الخالدة ب 9 أعمال أولها «قصر الشوق»، حيث أدى شخصية «كمال أحمد عبدالجواد»، ثم فيلم «السكرية» مجسدا الدور نفسه، و«السراب» ثم «الكرنك» والأخير تناول فترة الستينيات وجرائم القهر السياسى والتعذيب داخل السجون، ثم «الحرافيش» و«الشيطان يعظ»، وقدم بعدها أحد أجزاء ملحمة الحرافيش بفيلم «المطارد»، وقدم شخصية «سماحة الناجى» الذى يعيش حياته مطاردًا وهاربًا من حكم بالسجن المؤبد. موقع اليونيفرسال الإيطالى وجريدة الديلى ميل أيضا وجريدة لوموند احتفت بعلاقة النجم الراحل الكبير بالمخرج العالمى يوسف شاهين، ووصفته بأنه النجم المفضل للمخرج العالمى، حيث شارك فى معظم أفلامه وجسد شخصيته نفسها، وشهدت علاقة شاهين بنور الفنية أعمالا فريدة من نوعها بدءا من «حدوتة مصرية» 1982 وهو ثانى أفلام الرباعية الشهيرة «إسكندرية ليه، حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان، إسكندرية - نيويورك» وهى عن دور يحيى فى فيلم «حدوتة مصرية» قال نور: إنه كان واحدا من أصعب الأدوار التى مثلتها فى حياتى، فالشخصية الحقيقية قابعة خلف الكاميرا تراقبنى بقلق وطوال الأيام الثلاثة الأولى من التصوير لم نكف عن العراك ونجح شاهين فى عرض الظروف الاقتصادية والعائلية وانتقاد المجتمع. كان رهان نور الشريف الأكبر على الإنسان رسم الشخصية وإضفاء عليها روح تخصها تصدقه فى كل حالاته فى «عمارة يعقوبيان» وفيلم «ليلة ساخنة» التى حصل على جائزة أفضل ممثل حتى رهانه الأخير فى فيلم «بتوقيت القاهرة » الذى جسد فيه دور رجل فى خريف العمر مريض بالزهايمر، ورغم علامات المرض الواضحة والوهن الشديد، فإن بريق العبقرية فى عينيه ولمعان الموهبة الفذة كانت تنير وجهه. قدم نور أيضا شخصية ابن رشد فى فيلم «المصير» الذى يعد واحدا من أفضل الأفلام المصرية، وتم إنتاجه عام 1997 وتدور أحداثه فى القرن ال 12 الميلادى أثناء حكم الخليفة المنصور حاكم الأندلس، حيث يدب الضعف فى جيشه بعد انتصاره على الإسبان وانتشرت الفوضى والعنف والتطرف واشترك فى العديد من المهرجانات الأوروبية وتم ترشيحه لنيل جائزة السعفة الذهبية، أما مهرجان «كان» فهو واحد من الأماكن النادرة التى تفتح أبوابها وذراعيها لاحتضان سينمات مختلفة من دول متنوعة جنبا إلى جنب مع السينما الأمريكية وقال نور عنه: كنت فخورا بالاشتراك فى فيلم يقدم للعالم صورة إيجابية عن العالم العربى.∎