منذ 19 عاما أصيب الوسط الفنى بصدمة رحيل أحد أهم مخرجى السينما فى العالم العربى وهو الراحل عاطف الطيب، الذى ما زال حتى هذه اللحظة يصنف بأنه ممن قدموا سينما تشريح الواقع المصرى عن قرب، إذ رحل أثناء إجرائه عملية تغيير صمام قلب بأحد المستشفيات فى 23 يونية من عام 1995. كان عاطف الطيب وهو ما لم يعرفه كثيرون قد صور معظم مشاهد فيلمه الأخير "جبر الخواطر" باستديو مصر فى ديكور بنى خصيصا ليكون بديلا عن مستشفى أمراض نفسية، حيث تعذر التصوير فى أحد المستشفيات الخاصة، وشعر الطيب رحمه الله بإعياء شديد فما كان من مدير التصوير الدكتور سمير فرج إلا أن أوقف التصوير ولم تستكمل المشاهد الأخيرة منه، حتى قام الطيب بمتابعة التصوير بعد ذلك وهو يعانى آلاما حادة، وهو ما استدعى قيام المونتير أحمد متولى والدكتور سمير فرج بمونتاج الفيلم دون حضوره إذ كان قد دخل غرفة العمليات ورحل الطيب فى مثل هذا اليوم من 19 عاما. ويعد عاطف الطيب من أفضل من قدموا سينما من الواقع المصرى، بل وقدم أعمالا وصفت بأنها ذات دلالات سياسية قوية، ورغم أنه لم يقدم فى مشواره سوى 21 فيلما إلا أن كلا منها يعد بصمة فى مشواره، وتعد من أفضل ما قدمت السينما المصرية. ويعترف كثيرون بأنه من العلامات المهمة فى تاريخ مصر السينمائى ومنهم المؤلف الكبير وحيد حامد والراحل أحمد زكى ولبلبة التى تقول إنه أول من أعادها للسينما وأنها فقدت برحيله أعز أصدقائها الذي أعاد اكتشافها من جديد. وحتى هذه اللحظة عندما يسأل أى من الوجوه الجديدة عن حلم حياته يؤكد أنه كان يحلم بالعمل مع عاطف الطيب الذى نجح فى تقديم نجوم كثيرة منهم ممدوح عبد العليم فى البريء وليلى علوى فى ضربة معلم وإنذار بالطاعة، ومحمد نجاتى فى ضد الحكومة، كما قدم حنان شوقى. وفى تصنيفات أهم مائة فيلم فى السينما المصرية تتصدر بعض أفلامه القائمة ومنها "سواق الأتوبيس" و"البريء" و"ليلة ساخنة" و"ضد الحكومة "و"الهروب". وكان الطيب من المخرجين الذين عرفوا بتوجهاتهم القومية فقدم فيلم "ناجى العلى" وهو يعلم أنه سيدخل به عش الدبابير ومنع الفيلم من العرض فى مصر لمواقف رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى من مصر. والطيب من مواليد جزيرة الشورانية مركز المراغة محافظة سوهاج ، تخرج في المعهد العالي للسينما - قسم الإخراج، وعمل أثناء الدراسة مساعداً للإخراج مع مدحت بكير في فيلم (ثلاثة وجوه للحب 1969)، وفيلم (دعوة للحياة 1973). كما عمل مساعداً للمونتاج مع كمال أبو العلا. والتحق، بعد تخرجه، بالجيش لأداء الخدمة العسكرية، وقضى به الفترة العصيبة (1971 1975)، والتي شهدت حرب أكتوبر 1973. وخلال الفترة التي قضاها بالجيش، أخرج فيلماً قصيراً هو (جريدة الصباح 1972) من إنتاج المركز القومي للأفلام التسجيلية والقصيرة ، وكانت فترة الجيش بالنسبة لعاطف الطيب فترة تكوين ذهني وفكري، حيث تمكن خلالها من تكثيف مشاهداته للأفلام (بمعدل 4 أفلام يوميا ، ثم عمل في العام 1973 مساعداً للمخرج شادي عبد السلام في فيلم "جيوش الشمس". وعمل مساعد مخرج ثان مع المخرج يوسف شاهين في فيلم " إسكندرية... ليه؟ "، وفي عام 1981 عمل مع المخرج محمد شبل في فيلم "أنياب ". بالإضافة إلى عمله مساعداً للمخرج العالمي لويس جيلبرت في فيلم "الجاسوس الذي أحبني"، ومع المخرج جيلر في فيلم "جريمة على النيل"، ومع المخرج مايكل بنويل في فيلم "الصحوة"، ومع المخرج فيليب ليلوك في فيلم "توت عنخ آمون". وقد قدم خلال خمسة عشر عاماً هي مشوار حياته الفني واحداً وعشرين فيلماً سعى فيها إلى تقديم صورة واقعية عن المواطن المصري والمجتمع المصري.