اختلفت الآراء وتعددت فى أوساط الأحزاب السودانية حول الحكم الصادر بحق بعض قيادات «الإخوان المسلمين» فى مصر لما لذلك من تأثير على الأوضاع فى السودان، وأوضحت قوى المعارضة السودانية رفضها لأى تدخل فى الأحكام القضائية، حيث ترى أن الاعتراض عليها يكون حسب الطرق القانونية ويتفق موقف الحكومة السودانية الظاهر مع المعارضة، بينما ترى مجموعات إسلامية منقسمة من ذات الحزب الحاكم ضرورة إلغاء الأحكام القضائية. ويتلخص موقف قوى المعارضة السودانية فى إنها ترفض التدخل فى الأحكام القضائية بشكل مبدئى، وترى أن الاعتراض على الأحكام القضائية له مسارات قانونية من خلال الإجراءات المتبعة فى كل دول العالم، وهى لا تتحفظ من التعبير عن موقفها الداعم لثورة 30 يونيو المصرية التى أطاحت بحكم الإخوان المسلمين إلى غير رجعة، ويعانى الشعب السودانى من تجربة حكم الإخوان المسلمين «المؤتمر الوطنى» الذى قسم البلاد إلى شطرين وأطاح بالنظام الديمقراطى التعددى فى الخرطوم منذ أكثر من 25 عاما ولا يزال يسيطر على الحكم فيه. وفى المقابل بعث الإمام الصادق المهدى رئيس وزراء السودان السابق ورئيس حزب الأمة القومى رسالة أخوية للرئيس عبدالفتاح السيسى يطالبه فيها بإعمال ما أسماه العدالة الوقائية تخوفا من تطرف الجماعات الإسلامية وفى مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين» وبقية الحركات الإسلامية. وقال المهدى فى رسالته: «إن إعدام هذه القيادات لن يكون رادعا، بل يفتح بابا لتصعيدات بلا حدود» وأنهم فى السودان يترقبون دورا مصريا فى تحقيق معادلات توفيقية فى المنطقة»، والتمس المهدى من الرئيس السيسى إصدار قرار بالعفو عن هذه القيادات وقال: «نلتمس منكم بعد أن يكمل القضاء كلمته إصدار عفو عام عن هؤلاء المحكومين بلا تأخير وبلا مساومة، ما يفتح المجال لحث الإخوان على المراجعات المنشودة». وأضاف المهدى: «من شأن المراجعات الإخوانية المساهمة فى مناخ المعادلات التوفيقية المنشودة لإنقاذ أمتنا من استقطابات تودى بها وتحقق بتمزيقها أهداف أعدائها». وأكد المهدى أنهم فى السودان ضحايا لسلطة الإخوان المسلمين التى استولت على الحكم بالقوة فى العام 1989 وقال: «إننا كنا ومازلنا ضحايا مرجعية إخوانية فى السودان». وكانت مجموعات من إسلاميى السودان طالبوا الحكومة المصرية بإلغاء قرار القضاء الحكم بإعدام محمد مرسى وبقية عناصر جماعة الإخوان المسلمين فى قضيتى «الهروب من السجن والتخابر»، وفى بيان حصلت «روزاليوسف» على صورة منه قالت الحركة الإسلامية وهى تنظيم طليعى داخل حزب المؤتمر الوطنى الحاكم: «إن الحركة الإسلامية السودانية تدرك دور مصر المحورى فى المنطقة وأهمية الاستقرار فيها وأثره على الإقليم بأسره، لذلك ترجو من حكماء مصر والعالم العربى والإسلامى ومحبى السلام العالمى السعى لأن يكون الحوار هو السبيل لتحقيق الاستقرار والأمن فى مصر»، وأضافت الحركة أنها تنظر بأسى وإشفاق لما ستقود له مثل هذه الأحكام من إشعال للفتنة وزيادة فى الانقسام بمصر. ورغم الحبل السرى الذى يجمع بين حزب المؤتمر الوطنى الحاكم وما يسمى بالحركة الإسلامية إلا أن الحكومة السودانية رسميا نأت بنفسها عن التعليق على أحكام القضاء المصرى، وقالت فى تصريح صحفى للناطق باسم وزارة الخارجية وهو دبلوماسى تكنوقراط غير محسوب على النظام: إن ما يدور فى مصر من محاكمات شأن داخلى، والحكومة لا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول. وليس بعيدا عن موقف الخارجية جاء موقف المجلس الوطنى -البرلمان-، حيث أكدت عفاف تاور رئيس لجنة الثقافة والإعلام رفضها لأى تدخل فى أحكام القضاء وشئون دول الجوار وقالت: إن الأحكام القضائية الصادرة بحق الرئيس المعزول محمد مرسى، وقيادات جماعة الإخوان، شأن، داخلى مصرى ولا يحق لأية دولة أو حكومة أن تتدخل أو تعلن رأيًا مخالفا لذلك، طالما أن الحدث مصرى خالص. وأضافت تاور أن هناك قضايا داخلية لا يحق لأية جهة أو دول خارجية أن تتدخل فيها طالما أن الحكم صدر من مصر، وأن حكومة السودان تتبنى سياسة واضحة فى عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، كما أنها لا تسمح بالتدخل فى شئونها الداخلية. المؤتمر الشعبى الذى يتزعمه حسن الترابى، رفض قرار الحكم بالإعدام أو إحالة أوراق المعزول محمد مرسى، إلى المفتى تمهيدا لتنفيذ الحكم بالإعدام عليه و106 آخرين من تنظيم الجماعة. وقال إبراهيم السنوسى نائب الترابى فى مؤتمر صحفى عقده بالخرطوم: إن مصر تكون قد دخلت إلى مرحلة الفتنة الداخلية حال تنفيذ حكم الإعدام على مرسى وبقية عناصر الإخوان، وتوقع اندلاع حرب أهلية تصل إلى دول الجوار، وحذر السنوسى القيادة الجديدة فى مصر كونها ستدفع الثمن غاليا حال تنفيذ أحكام الإعدام على مرسى وبقية الإخوانيين الذين وردت فى حقهم أحكام قضائية. وأكد السنوسى أنهم فى حزب المؤتمر الشعبى سيقودون حملات مع إخوانهم فى تنظيمات الإخوان المسلمين وبقية الحركات الإسلامية فى العالم لمناهضة الحكم والحيلولة دون تنفيذه، وكان الأمين السياسى للمؤتمر الشعبى كمال عمر قد وصف، حكم المحكمة على مرسى وبقية المدانين بالظالم والبربرى! وطالبت حركة «الإصلاح الآن» التى يتزعمها غازى صلاح الدين وهى فصيل منشق من حزب المؤتمر الوطنى الحاكم الحكومة المصرية «بالالتزام الصارم بمعايير العدل والتقيد بتشريعات حقوق الإنسان» حسب ما جاء على لسان يوسف أبوسن الناطق باسمها، الذى قال: إن حركته تعبر عن قلقها البالغ لصدور أحكام الإعدام بحق قيادات الإخوان فى مصر، وإن ذلك يمكن أن يعمق من حالة عدم الاستقرار وتزيد من احتمالات الانقسام فى مصر. فى تعليقه ل «روزاليوسف» حول موقف الإسلاميين السودانيين الداعم للجماعة الإرهابية فى مصر قال عضو هيئة قيادة بالجبهة الوطنية العريضة «صلاح أبوالسرة»: إن موقف الإسلاميين من ثورة 30يونيو ومن الحكومة المصرية ليس غريبا بل من مجمل التطورات التى حدثت فى مصر، فقيادات الجبهة الإسلامية القومية فى السودان هم من مارس الضغوطات على النظام الديمقراطى وخربوه وقاموا بانقلاب على الحكومة الديمقراطية فى السودان، ومن الغريب أن حسن الترابى قائد انقلاب العام 1989 فى السودان الذى اعترف بأن ما جرى فى السودان وقتها كان بأوامر منه فكيف يتحفظ على الأحكام الصادرة بإدانة الإخوان المسلمين، ثم يدين شرعية الحكومة المنتخبة فى مصر! ويستطرد أبو السرة قائلا: «موقف البشير الحقيقى أيضا لا يختلف عن موقف الترابى وإن ظهر بموقف آخر لمقتضيات اشتراكه فى عاصفة الحزم، ومحاولة الانحناء للعاصفة بغية الحصول على بعض الأموال ليحكم قبضته على السلطة فى السودان فهما الترابى أو البشير إخوان مسلمين وإن نكرا أو تنكرا لذلك. ويؤكد أبوالسرة أن موقفهم من الحكم الصادر فى حق جماعة الإخوان المسلمين فى مصر هو موقف من القضاء المصرى وهو موقف قديم، ولم يكن لهم رأى أو موقف من القضاء المصرى بأن حكم مرسى والقانون الذى بموجبه حوكموا كان قائما وموجودا، وطريقة نقض الأحكام معلومة ومعروفة وتمر عبر محكمة الاستئناف وفقا لطريقة التقاضى العادية، وما صدر من القضاء المصرى صدر طبقا للقانون، والموقف الدولى أصلا موقف مساند للإخوان المسلمين، وأظن أن الحملة على القضاء تأتى فى إطار حملة أمريكية أوروبية هدفها تحقيق مساعيهم عبر مشروع التقسيم فى ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد وكلنا نتابع موقفهم مما يحدث فى ليبيا ودعم وفرض ما يسمى بفجر ليبيا فى التسوية السياسية الجارية هناك رغم وجود شرعية معترف بها من قبل المؤسسات الدولية.∎