رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    رابط وخطوات التقديم على 1450 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووي    الفريق أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع ترسانة ONEX اليونانية    الثانية في ساعات.. تعرض ناقلة نفط لهجوم قبالة سواحل تركيا في البحر الأسود    الخارجية التركية تحدد أهداف إسرائيل في سوريا بعد هجومها المدمر على بيت جن    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    مجموعة الأهلي| تعادل سلبي بين شبيبة القبائل ويانج أفريكانز بدوري أبطال إفريقيا    مجموعة بيراميدز.. ريمونتادا مثيرة تمنح نهضة بركان الصدارة    أول بيان رسمي من ستوديو مصر بعد حريق ديكور مسلسل "الكينج"    مصير التوكتوك بعد استبداله بالسيارات الحضارية الجديدة فى الجيزة    صور | مصرع وإصابة 3 في حادث مروري بقنا    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    علي ناصر محمد يكشف تفاصيل أزمة الجيش اليمنى الجنوبى وعفو قحطان الشعبى فى 1968    مايان السيد تكشف عن موقف مؤثر لن تنساه في «ولنا في الخيال حب»    فايا يونان وعبير نعمة تضيئان مهرجان صدى الأهرامات | صور    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    خلاف شخصي والحق سيظهر، حلمي عبد الباقي يوضح حقيقة أزمته مع مصطفى كامل    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    يسري جبر يروي القصة الكاملة لبراءة السيدة عائشة من حادثة الإفك    ضمن جولته بمحافظة الأقصر.. وزير الرياضة يتفقد مركز شباب الحبيل ويفتتح ملعب خماسي    دولة التلاوة.. تعرف على موعد عرض الحلقة الجديدة من البرنامج    القاهرة الإخبارية: وفد أوروبي رفيع يتفقد معبر رفح ومراكز المساعدات بالعريش ويُدين الانتهاكات الإسرائيلية في غزة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم ببورسعيد    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    راموس يستعد للرحيل عن الدوري المكسيكي    أرتيتا: تشيلسى يستحق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي    جامعة حلوان تطلق المرحلة الثانية من الجلسات التعريفية بالمنح التدريبية المجانية لطلابها    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    حكايات شادية من الأرشيف فى ذكرى رحيلها.. بامية وأغانٍ ومسرح    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    سريلانكا:ارتفاع عدد الوفيات جراء الانهيارات الأرضية والفيضانات إلى 56    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولد عروسة المسيح
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 16 - 05 - 2015

منذ أيام بدأت الاحتفالات بعيد استشهاد القديسة دميانة بديرها العامر ببرارى بلقاس بمحافظة الدقهلية.. وتقام تلك الاحتفالات على مدار عشرين يوماً وتشهد إقبالاً منقطع النظير من كل طوائف الشعب القبطى فالاحتفالات هى الأكثر شعبية وسط كل احتفالات الأقباط بذكرى قديسيهم وشهدائهم.. والاحتفالات أو كما يطلق عليها العامة «المولد» لها طابع مختلف فهى تعتبر سيمفونية للوحدة الوطنية، فالكثير من المسلمين رجالاً ونساء يحرصون على زيارة الدير ومشاركة إخوانهم فى الوطن أفراح المولد، فوجود نساء محجبات ومنتقبات داخل الدير هو أمر مألوف للجميع فالدير ملك لكل المصريين دون تفرقة فقديسة الدير ذائعة السيط ويعرفها الجميع.
∎ الست دميانة
هناك الكثير من المخطوطات القديمة سجلت فيها سيرة القديسة دميانة المخطوطة التى كتبها الأنبا يوحنا أسقف البرلس - نقلاً عن مخطوطة أقدم منها - فى القرن السادس فى زمن البابا دميانوس ال35 فيقول أسقف البرلس: (كان إنسان يسمى مرقس والياً على مدينة الزعفرانة بوادى السيسبان، وكان موسراً بالمال والعبيد والإماء والمواشى والغلال والحقول والبساتين والمزروعات والذهب والفضة وسائر الخيرات التى لهذا العالم الزائل، وكان له ابنة وحيدة لم يكن له سواها اسمها دميانة وكانت عزيزة عنده جداً، يحبها حباً شديداً حسنة الصورة إلى الغاية، فائقة فى حسنها وجمالها، رباها أبواها بأحسن تربية وعلماها القراءة فى الكتب، فكانت دائماً تختلى بنفسها، وتقرأ وتبكى. فلما كمل لها من العمر خمس عشرة سنة أراد أبوها أن يزوجها لأحد أكابر مدينته، فلما بلغها ذلك الخبر قالت لأبيها: «يا أبى كيف يخطر ببالك هذا الفكر، وأنا قد نذرت نفسى أن أكون عروسة للمسيح أنا خادمته ولن أفعل هذا.. أبداً». فقال لها أبوها: يا ابنتى هذا لا يغضب الله، وحيث إنك نذرت نفسك بالبتولية لا يجب لى أن أغصبك. قالت له: يا أبى الحبيب أريد منك شيئاً وهو سهل عليك. قال لها والدها وهو فَرِحاً: قولى لى أيتها الابنة المباركة السعيدة لأنى مستعد أن أفعل لك كل ما تريدينه. قالت له: أنا قد نذرت نفسى لله وأكون بجسدى خادمة إلهى ومولاى وحياتى. ومرادى منك يا أبى الحبيب أن تبنى لى محلاً لطيفاً خارج هذه المدينة لأعبد إلهى فيه، وخصوصاً أنا يا أبى لكون أنى بنت وآنية ضعيفة مسكينة أريد محلاً أستتر فيه. والآن أسألك يا أبى تمام مسألتى. فلما قالت الست دميانة هذه الكلمات لوالدها، ابتهج بالفرح والسرور، ومن شدة الفرح رغرغت عيناه بالدموع وقال لها: أبشرى بالفرح والابتهاج أيتها الابنة المباركة إننى من الآن فى هذا الوقت صانع لك كل ما أردت وفاعل لك ما طلبت. وللوقت والساعة أسرع وأحضر مهندساً بارعاً حكيماً مسموعاً فى تلك البلاد كلها بالصناعة الجيدة، وجماعة بنائين.. وقال لهم لما حضروا: أريد منكم أن تعملوا لابنتى دميانة المحبوبة عندى قصراً فى الموضع الذى أريكم إياه.. وها وكلائى والأمناء على أموالى أمرتهم أن يدفعوا لكم كل ما تحتاجونه من الأموال والأرزاق والغلال والمأكول كامل ما تريدونه بزيادة، واعملوا شغلكم أحسن الصناعة التى عندكم. قالوا له: سمعاً وطاعة يا حاكم البلاد. ولوقته قام معهم وخرج إلى خارج المدينة أعنى مدينة الزعفرانة بحرى البلد بقليل، وأراهم الموضع، ولوقتهم هيأوا آلات البناء.. فلما فرغ الصناع من شغلهم حضروا إلى مرقس الوالى أبيها، وأعلموه بتمام القصر وللوقت قام، وأتى إلى المكان ودخل إلى القصر. فلما رآه فرح جداً لأنه كان نزهة للناظرين، فأنعم على الصناع بأفضل الأنعام والعطايا وتوجهوا بسلام. وللوقت أحضر ابنته العفيفة الست دميانة، وأدخلها داخل القصر، واجتمعت عندها فى ذلك اليوم فى القصر أربعون عذراء من بنات أكابر المدينة بالزعفرانة وهن كن صاحباتها سابقاً أبكاراً أطهاراً كالملائكة كن لا يفارقن الست الطاهرة دميانة بالصلاة المتواترة باكراً وعشية بدير الميمة قبلى بلدهم. وأن والد القديسة أمر الست دميانة بغلق القصر بالأقفال الوثيقة من داخل ومن خارج وودعها بسلام. وتوجه من عندها إلى المدينة وأما العذراء الست دميانة ورفيقاتها العذارى، فلم يفترن عن الصلاة الدائمة ليلاً ونهاراً).
∎ الاضطهاد
تكمل المخطوطات: (وكان فى ذلك الزمان دقلاديانوس ملكاً على الرتبة الرومانية ومدينة الإسكندرية وخمس مدن الغربية ونواحيها. وكان يومئذ يدين بدين المسيح، وكان لشعب النصارى الأمانة والسلامة فى سائر الأقطار، وكان دقلاديانوس محباً لمرقس الوالى وبينهما محبة جليلة وصحبة، ثم إنه أعطاه ولاية الفرما. فلما كان بعد ذلك طغى الشيطان قلب دقلاديانوس وانقلب عن دين المسيح، وعمل له سبعين صنماً ذهباً وفضة، وسمى منها خمسة وثلاثين ذكوراً وخمسة وثلاثين إناثاً، وسمى أكبر الذكور أبولون وأكبر الإناث أردميسه. وللوقت أمر بسرعة فأحضر مئة حصان بيض ملاح غاليين القيمة. وألبسهم الحرير والديباج والأطلس، وعمل عليهم عدد رخت (سرج) ذهب أحمر، ودكاديك مطرزة ذهباً خالصاً وجعلهم قدامه من غير أن يركبهم أحد، وجعل العسكر قدامه وكان عددهم كثيراً جداً ثلاثين ألف أمير وضرب بالبوق عشرة أبواق من الشمال وعشرة عن اليمين، وطافوا راكبين وهم لابسين أفخر اللباس، ومئة وأربعين كاهناً للأصنام السبعين، لكل وثن كاهنان؛ واحد حامل الصنم والثانى يبخر له قدامه، وصاروا طائفين المدينة كلها، ومنادى يزعق زعقة مرعبة قائلاً: معاشر الأمم والناس جميع أهل أنطاكية والغرباء أيضاً، كل من يطيع الملك ويبخر لآلهته ينعم عليه بكل الأنعام الجزيلة، ومن خالف ولم يطع ينهب بيته ويحرق ويموت بأشر ميتة وأصعب العذاب. وبعد تلك الدورة بسط آلات العذاب فى مجلس الحكم، ثم بسط الأصنام السبعين.. قدامه على كراسيهم وقام بسرعة وسجد لهم.. دقلاديانوس أولاً، وبعده رومانوس وزيره الكبير أبو بقطر، ثم كبراء الديوان وكثير من أكابر المملكة صاروا فى غم زائد بسبب هذا الأمر، وتقدموا إلى دقلاديانوس ورفضوا الأوثان، فمنهم من نفاه إلى مصر وبعضهم إلى بلاد بعيدة، وقتلوهم هناك ومنهم من أباده بأشد العذاب والموت بالسيف أخيراً. وصارت شدة عظيمة لا يقدر لسان على وصفها فى سائر المسكونة.
∎ خيانة مرقس
وإذا جاء دور الوالى مرقس والد الست دميانة قال له الملك: ما بالك يا مرقس تتأخر عن السجود للآلهة الكرام الذين أعطونا الظفر والغلبة على سائر الممالك وأنت عين الأصحاب، وكبير الولاة. فلا تتأخر يا حبيبنا لأنك محبوبٌ عندنا، وبهذا الكلام اللين والتلاطف انخدع مرقس الوالى، ولوقته بخر للأوثان النجسة وسجد لها، وجحد إله السماء، وتمادى مع الملك على هذا الحال شهراً من الزمان ثم رجع إلى ولايته بالفرما.
∎ دميانة توبخ مرقس أباها
فلما اتصل الخبر إلى ابنته الست دميانة قامت بسرعة وسارت واجتمعت بوالدها، فلما رآها فرح جداً برؤيتها لأنه كان له مدة من حين فارقها، فسلمت عليه وبعد السلام قالت له: كيف يا أبى هذا الخبر الذى سمعته عنك الذى أرعب قلبى؟ قال لها: وما هو يا ابنتى! قالت له: سمعت أنك تركت دين المسيح وبخرت للأصنام العمى الذين ليس بهم فائدة أحجار وفضة وخشب وذهب مصنوعة بالأيدى فاعلم يا أبى إن أنت تماديت على هذا الحال فأنا أكون غريبة منك وأنت غريباً منى فى هذا الدهر والدهر الآتى وللوقت لما سمع منها أبوها هذا الكلام، فاق لوقته كمثل من يكون سكرانا ويفيق. ولوقته صرخ بالبكاء والنواح وقال: «ويلى أنا الخاطئ على ما استجرأت وعملته لأنى جعلت الأحجار اعتمادى، ومساكن إبليس سجدت لهم. مباركة هى الساعة التى رأيتك فيها أيتها الابنة المباركة، نشلتينى من جب عميق، والآن أنا فى هذه الساعة كأننى فى قرار الأرض فى ظلمة مدلهمة، والآن أنا فى هذه الساعة كأننى على أجنحة الريح وليس لى فكرة ولا شهوة فيما كنت فيه. وأنا مستعد للموت على الاسم المخلص الذى ليسوع المسيح إلهى، به أومن باسمه أحتسب، وعليه أعتمد، وبه أموت، ومعه أحيا إلى الأبد».
∎ الوشاية بدميانة
ومن بعد استشهاد والدها -الوالى مرقس- فقال له وزيره: قد بلغنى من صاحب لى، أن مرقس الوالى ما انثنى عن مودتنا وكره آلهتنا ورفضها، وترك عبادتنا إلا من ابنة له اسمها دميانة ساكنة بالزعفرانة بوادى السيسبان.. قصراً مرتفعاً كان قد عمله لها والدها، وصحبتها أربعون عذراء أبكار. لأنها لما سمعت بوالدها أنه أطاعنا، حضرت إليه بالفرما، وأحادته عن طريقنا، ولهذا السبب كفر بنعمتك أيها الملك فلما سمع الملك الكافر ذلك غضب غضباً شديداً، وللوقت أمر واحداً من عسكره قائلاً له: خذ معك مئة جندى وأمضِ إلى مدينة الزعفرانة بوادى السيسبان، وأنظر لى خبر هذه البنت دميانة التى سمعت بها أنها فى قصر عالٍ والآن أمض إليها وخادعها (يقصد أن يساومها)، وقل لها: يقول لك أيضاً الملك ضابط الدنيا كلها متولى كل الرتبة الرومانية والديار المصرية.. مالك أقطار العالم دقلاديانوس، أن تسجدى للأوثان وتبخرى لهم، فإن هى أطاعت، ابنِ لها قصراً ثانياً يكون أحسن من الأول، وأدفع لها من الأموال ما أرادت، وإن هى أبت ذلك ولم تطع عذبها بأشد العذاب، ولا تدع عذاباً قوياً إلا وتجلبه عليها، وأخيراً تأخذ رأسها بالسيف هى والعذراى اللواتى معها.
∎ عذابات القديسة
وما أن وصل جند دقلاديانوس الى قصر القديسة دميانة وأبلغوها عرض الملك حتى رفضت بشدة هى والعذارى رفيقاتها فتم التنكيل بالجميع بأشد أنواع العذاب فتم رفع القديسة على الهنبازين، وأمر بعصرها بين أربعة رجال أقوياء اثنين مقابل اثنين. فأحست الست دميانة بعظم الآلام، وكانت جميع العذارى واقفات قائمات بجانبها باكيات وتمشيط جسدها بأمواس حادة وتدليكه بالخل والجير وضربها بمرازب حديد وقوروا رأس العفيفة الست دميانة بقادوم النجارة. وسبكوا رصاص وأذابوا زيت وزفت، ووضعوه فى مكان التقوير. ثم إنهم قلعوا عينيها، ثم سلخوا باقى جلد رأسها إلى أكتافها، وصبوا عليها من ذلك الزفت والزيت المغلى كذلك تم تقطيع أعضائها وإلقاؤها للوحوش.
∎ ظهور المسيح للقديسة
وللوقت أرعد الرب من السماء رعداً قوياً وزلزله حتى أن الحاضرين وقعوا كالأموات ونزل السيد المسيح والست السيدة العذراء جالسة عن يمينه ورؤساء الملائكة يسبحون تسبيحاً لا ينطق به. وصرخ المخلص له المجد نحو أعضاء ولحم القديسة الطاهرة دميانة قائلاً: لكِ أقول أيتها الابنة المباركة دميانة قومى من غير فساد (يقصد من غير جراح). وللوقت قفزت كأنها كانت نائمة فقال لها المسيح: تقوى أيتها المختارة دميانة، هوذا قد أعددت لكِ ثلاثة أكاليل لعرسك السمائى فى فرحى الدائم. وقد بقى لكِ تعب قليل فى هذه المرة الواحدة، وتأخذين تاج الفرح، الأجر التام بسفك دمك بالسيف. وهوذا أنا أجعل لك صيتاً شائعاً بالعجائب والقوات فى هذا الموضع الذى أنت فيه. يُبنى لك فيه كنيسة على اسمك ويتقاطر كل الخلائق من كل مكان إلى الزيارة لبيعتك، ويكون فيه غفران الخطايا باسمى، واسم والدتى العذراء، واسمك. ويكون ذكركِ إلى آخر وقت ذائع. وتحل بركتى وبركة والدتى العذراء فى هذا المكان إلى الأبد.
فلما قال السيد المخلص هذا الكلام للست العفيفة دميانة، قواها وأعطاها السلام، وصعد إلى السماء ثم أيقظت القديسة العذارى وبقية الحاضرين ومضت مسرعة إلى الأمير فى مجلس الحكم: «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» آخز أنت أيها الأمير وافتضح لأن سيدى يسوع المسيح قد أقامنى من بعد ما قطعتنى مثل جزل السمك، ودقيت أيضاً عظمى بالفؤوس، وهوذا أنا الآن واقفة صحيحة العقل سالمة البدن.
∎ استشهاد القديسة العفيفة دميانة
وللوقت لما رآها كل الحاضرين صرخوا كلهم قائلين من فم واحد: اخز.. وافتضح يا منافق (المقصود هو الأمير)، نحن نصارى مؤمنون بإله هذه القديسة الست دميانة. فقال له جليسه: كيف ونحن لنا مدة نعاند ونقاوم هذه الصبية.. ولا قدرنا عليها نُطيِّعَها، ولا قدرنا أن نميتها، ولا هدأ سرنا منها ساعة واحدة، ونحن نضاربها، وهى ثابتة، وأنا أعرف أن هؤلاء القوم أعنى النصارى أقوياء على احتمال العذاب، والآن أيها الأمير أنا أشير عليك بمشورة تريحك، اسمع منى وخذ رأسها بحد السيف، ونقوم بسرعة نتوجه من هذا الموضع إلى الملك لأجل خدمتك لئلا بسبب تأخرك هذه المدة عن الملك يحصل لك الإهانة منه. فأعجب الأمير بهذه المشورة، وللوقت كتب قضيتها هى والأربعين عذراء وسائر الذين آمنوا أيضاً وكانوا كثيرين جداً. وأخرجهم الأعوان خارج مدينة الزعفرانة وأخذوا رؤوس الجميع بحد السيف. وكان عدد الذين أخذوا الشهادة بسبب هذه القديسة دميانة من ابتداء أمرها إلى كمال جهادها أربعمائة نفس.
∎ مظاهر الاحتفال
(رايح رايح رايح أزور الدير.. علشان دميانة الطاهرة هى وش الخير.. ويارب عمرى يطول.. هاجى أزفك على طول.. وفى ديرك هاوفى ندور.. آه يا وش الخير.. يا طاهرة يا نقية.. يا منورة البرية.. جايلك من إسكندرية.. آه يا وش الخير) هكذا تتنوع مظاهر الاحتفال بعيد القديسة دميانة ولا تخلو من خليط بين الطقس الشعبى والدينى فعند بداية الاحتفالات يقوم الدير «بنصب» الآلاف من الخيم استعداداً لاستقبال زوار الدير وتستخدم تلك الخيم للمبيت والإعاشة وتتم إقامتها فى زمام الدير وأثناء إقامة تلك الخيام ينشد الجميع (جايين أراضيكى دميانة يا وش الخير.. جايين نتشفع بيكى ونيجى نزور الدير.. وبننصب خيامنا وننام على قش وتبن.. وتكون أحلى أيامنا فى ديرك فرحانين) كما يتم إنشاء أسواق حول الدير لتدبير احتياجات الزوار من مأكل ومشرب ولا تخلو تلك الأسواق من وجود بعض الملاهى للأطفال وتزدحم الأسواق بباعة التذكارات الدينية من صور للقديسين وهدايا تذكارية وبالطبع فإن السمة المشتركة فى كل موالد مصر وجود باعة الحمص والحلاوة وتبدأ الاحتفالات اليومية ب«زفة الأيقونة» والأيقونة هى صورة ضخمة الحجم للقديسة دميانة يتم عمل زفة روحية لها باستخدام الآلات النحاسية والطبول وغناء بعض الأغانى الشعبية التى تعدد مآثر وكرامات القديسة وتستمر تلك الزفة حوالى ساعة تلف جميع أرجاء الدير ومنطقة الخيام ليستقر المقام بالأيقونة داخل الكنيسة الكبيرة بالدير حيث تتم الصلوات الروحية وتختتم تلك الصلوات بعظة روحية، أما عن سهرات دميانة فلا تخرج عن بعض التجمعات هنا أو هناك حيث تلتف كل طائفة من الزوار حول أحد المنشدين الدينيين الذين يبدعون فى نظم المديح فى القديسة ومنها (ست يا دميانة يا شهيدة يا طاهرة.. اليوم جاينلك جاينلك فى زيارة مباركة.. جايين نزورك نتملى بنورك.. عايزين شفاعتك يا ستى شفاعتك ويانا.. فى قصر عالى فوق فى البرارى.. ويا أربعين قديسة عيشتى فرحانة.. سهرانة بتصلى للرب تملى.. جه عدو الخير يحاربك معركة خسرانة.. طلب أبوكى يجوزوكى.. رفضتى يا طاهرة وقولتى عريسى إللى فدانى) وتمر أيام المولد وتنقضى سريعا ويودع الجميع الدير وقديستة ويسهر الجميع فى آخر ليلة (الليلة الكبيرة) ينشدون المدائح والترانيم فى حب القديسة ويطلبون منها أن تسهل لهم المجىء فى العام القادم قائلين (دميانة يا دميانة باركينا.. وكل سنة نيجى بس ادعينا.. والله يا غاليه وحشتينا.. سمعنا صوتك بينادينا.. فوتنا ديارنا وحالنا وجينا.. يا فرح ونور ليالينا.. يا دميانة يا شهيدة باركينا.. وخلى عنيكى دايما دى علينا.. أطوى البلاد يا غاليه وأجيكى.. بروحى وبدمى أفديكى.. ولو تطلبى نن عينى يا طاهرة.. ما يغلى عليكى.. بس يا دميانة أجيكى.. أقبل تراب أراضيكى.. يا غالية انتى عندى).∎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.