احتفى أهالى العريش يوم الأحد الماضى بشهيد الأمن المركزى النقيب عمرو شكرى، الذى أنقذ المدينة وقسم ثالث من تدمير محقق استهدفه الإرهابيون، حيث كان فى مهمة إدارية لتوزيع التعيين على الخدمات المنتشرة فى المنطقة، وعندما اشتبه فى السيارة التى تحمل المتفجرات سارع باعتلاء مدرعة وتعامل مع المهاجمين بالسلاح الآلى وتمكن من قتل سائق السيارة مما أفشل خطة تدمير القسم بأكمله وكذلك المنطقة المحيطة. «روزاليوسف» حاولت كشف كواليس محاولة تفجير قسم ثالث العريش. الشهيد عمرو شكرى - 27 عاما - المسئول عن توزيع المهمات والتعيينات على زملائه فى أقسام العريش منذ أربع سنوات أول من سقط فى الحادثة الإرهابية. وهو ضابط ماليات فى معسكر العريش ومسئول عن رواتب الضباط والعساكر بعيدا عن الخدمات تماما وبسبب العجز فى الضباط، فما كان من عمرو سوى أن ذهب بنفسه يوزع التعيين على الجنود فى الخدمات، إلى أن وصل إلى قسم ثالث العريش ليوزع الطعام وحدث ما حدث لينال الشهادة، وكانت بداية النهاية بالنسبة لعمرو يوم الأحد الماضى حينما كان فى نهاية فترة خدمته فى توزيع التعيينات على أقسام العريش وكان آخر مكان فى خط سيره هو قسم ثالث العريش، وبعد أن انتهى من توزيع التعيينات طلب من الجندى المرافق له الذهاب للسوبر ماركت لشراء بعض المستلزمات التى تنقص أصدقاءه فى الخدمة لاستكمال الوجبة الغذائية وأثناء انتظار السائق الخاص به على باب القسم فوجئ بصوت لتبادل إطلاق النيران فى المنطقة الخلفية للقسم حيث كانت هناك سيارة «فولفو» بيضاء اللون تقترب من القسم من جهة الخلف فى محاولة لاقتحامه، ولكن اتضح بعد أن بادر جميع قناصة القسم فى التوجه للخلف لمواجهة السيارة الفولفو أنها ما كانت إلا وسيلة للإلهاء والتغطية على السيارة الرئيسة التى ستقوم بعملية تفجير القسم وهى سيارة نصف نقل محملة بخمسة أطنان من المتفجرات مغطاة بحمولة من «القش» للتمويه. وهو الأمر الذى ظهر فى أحد مقاطع الفيديو تظهر صوت الشهيد عمرو وهو يطالب السائق بالتوقف قبل أن يبادر بإطلاق النيران على السيارة الأمر الذى أدى لقتل سائقها واختلال عجلة القيادة فى يده. انتقل الشهيد عمرو للمدرعة واعتلى البرج وأخذ فى إطلاق النيران من السلاح الآلى للمدرعة على السيارة فى الوقت الذى عاد فيه رفاقه من مواجهة السيارة الفولفو المراوغة للقسم من الخلف، لكنها تمكنت من الفرار. وبعد تبادل إطلاق النيران من الأسطح تم تفجير السيارة النقل بحمولتها من المتفجرات مما أدى إلى الإطاحة بالمدرعة التى كان يعتليها الشهيد «عمرو» وتفجيرها هى وبعض أجزاء من السور الحامى للقسم من الأمام. ويؤكد شاهد عيان يعمل فى مخزن لتخزين الحديد مقابل للقسم أنه سمع وأحس بدوى الانفجار وهو بداخل المخزن ولكن سمك الباب الحديد المغلق للمخزن هو الذى حماه وعندما حاول هو وباقى زملائه فتح الباب الحديد وجدوا قطعة من اللحم البشرى ملتصقة بجدار الباب الحديد من الخارج ولا يعلم أحد لمن من الشهداء. زملاء الشهيد «عمرو شكرى» فى الدراسة طالبوا محافظ جنوبسيناء «اللواء خالد فودة» بإطلاق اسم الشهيد على مدرسة الحرية الثانوية بطور سيناء التى درس فيها أو على اسم شارع أو ميدان تكريما وتخليدا لذكراه. ويذكر أن الشهيد درس فى مدارس طور سيناء عندما انتقلت الأسرة للعمل بجنوبسيناء نظرا لظروف والده «اللواء شكرى خلف» كما عملت والدته معلمة فى التربية والتعليم وأجمع زملاء وأصدقاء عمرو فى الدراسة ومعلموه أن والد عمرو كان نموذجا لرجل الأمن والأب الصالح فتعلم الابن الإنسانية والأخلاق الحميدة والرجولة من أبيه. ويؤكد إبراهيم عطية معلم «عمرو» فى المرحلة الإعدادية فى مدرسة بدر الإعدادية بطور سيناء: «كان ملاكا يمشى على الأرض» مؤكدا أن البيت بأكمله كان نموذجا للأسرة المصرية والتربية الصالحة، لافتا إلى أن والدة الشهيد كانت معلمة للغة العربية بطور سيناء وكانت هى الأخرى نموذجا للمعلمة والأم المثالية. ويضيف عطية: «إن الشهيد عمرو كان متميزا فى كل شىء دراسيا وأخلاقيا وكان مصنفاً ضمن أوائل المحافظة فى جميع المراحل التعليمية وكان حليما لأبعد الحدود لدرجة أن جميع معلميه كانوا يتمنون أن يكون طبيبا بشريا من رقى وتحضر تعامله منذ نعومة أظافره». وبكلمات بطعم المرارة ورائحة الحزن قال أصدقاء الشهيد «عمرو» فى الدراسة «حسبى الله ونعم الوكيل»، إنه كان رجلا بمعنى الكلمة ونموذجا حيا للأخلاق السمحة وفيه روح القيادة منذ صغره وكان قمة التواضع حتى بعد تخرجه وأصبح ضابط شرطة لم ينقطع التواصل بيننا ولم يتغير أبدا. وأضاف الشاب أحمد حربى الذى كان جارا للشهيد «عمرو» بحى الدبش بطور سيناء: «كان نعم الجار والصاحب والزميل ورغم حزننا على فراقه إلا أننا سعداء بكونه شهيد وبطل عاش اللى مات راجل». «محمد شكرى» الشقيق الأصغر للشهيد يقول: إن عمرو أصر يوم استشهاده أن ينزل بنفسه لتوزيع المهمات على الأقسام وليشد من أزر زملائه لأنه يعلم أن العريش تعانى من نقص حاد فى قوات الأمن والتأمين، ويضيف محمد أن والده اللواء «شكرى خلف» كان صلب لأبعد مدى ولم ينطق إلا بجملة واحدة: «الحمد لله».∎