تحدث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فى أحاديث شريفة تكاد تبلغ حد التواتر عن شخصيات تظهر قبيل نهاية الزمان كعلامات تؤكد اقتراب يوم القيامة، ذكر الرسول فى أحاديثه المتعددة مواصفات لهؤلاء الشخوص وأحداثًا تتعلق بظهورهم وأماكن تحتضن هذا الظهور، ووصل الأمر إلى تحديد أسمائهم. من أبرز هذه الشخصيات والتى اتفق على ظهورها تقريبا جمع من علماء الإسلام وأئمته بمختلف أفكارهم شخص يظهر فى النهايات أطلق عليه الرسول الكريم لقب «المهدى»، وهو أحد المنتسبين إلى آل بيت الرسول طبقا للأحاديث الصحيحة وله عدة أدوار ومهام إصلاحية فى الدنيا لخصها الرسول فى جملته الشهيرة «يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا». كما ذكر أيضا شخصاً آخر يمثل الوجه الآخر من المهدى وهو «المسيخ الدجال» أو الأعور الدجال، كما ذكر فى عدة مواضع وهو شخص يدعى فى البداية أنه المسيح عليه السلام ثم تتطور دعوته الخبيثة ليعلن للناس أنه هو الإله الخالق للكون ويطلب من الناس عبادته، كما أكد الرسول أيضا على المجىء الثانى للمسيح عليه السلام ليتزامن وجوده مع ظهور المهدى والمسيخ الدجال على الأرض ويجمع الثلاثة معركة كبرى هى الأشد والأقوى منذ خلقت الأرض تنتهى بهزيمة الدجال وقتله على يد المسيح وهزيمة جيش الدجال على يد جيش المهدى لتتوالى بعدها علامات القيامة المذكورة فى السنة النبوية إلى أن ينتهى الأمر بالأرض إلى زوال. كثيرا ما يتردد هذه الأيام أن علامات ظهور هؤلاء الأشخاص تحدث الآن بالفعل، خصوصا أن هناك أحداثًا أخرى تم ذكرها فى السنة النبوية كعلامات على ظهور المهدى والمسيح والدجال، البعض يجزم أنها حدثت بالفعل تحديدا بعد الثورات العربية، ولفت نظر الجميع حديث أفراد من تنظيم داعش الإرهابى قبيل ذبحهم ل21 مصريًا فى ليبيا وهم يرددون أجزاء من أحاديث الرسول عن علامات نهاية الزمان ونزول المسيح للأرض، ولاحظ العديد من الدارسين لهذا الملف جيدا محاولات داعش وأفراده للربط بين ما يحدث وما يفعله التنظيم وبين أحاديث الرسول عن نهاية الزمان، وتطورت محاولات الربط لنجد أشخاصًا يؤكدون أن البغدادى أمير تنظيم داعش هو نفسه المهدى الذى حدثنا عنه الرسول عليه الصلاة والسلام، وقبل أن نخوض فى هذا اللبس المتعمد من أعضاء التنظيم الإرهابى ينبغى أن نتعرف أولا على حقيقة ما ذكر فى السنة حول شخصيات آخر الزمان وأحداثه لنوضح ما تتعرض له الأمة الإسلامية من خدعة كبرى يقف وراءها أجهزة مخابراتية دولية درست الشأن الإسلامى جيدا، وتسعى لتلبيس الحق بالباطل لإشعال الفتن والمؤامرات. المهدى فى السنة «لا تذهب أو لا تنقضى الدنيا حتى يملك العرب رجلاً من أهل بيتى يواطئ اسمه اسمى، واسم أبيه اسم أبى». رواه أحمد والترمذى وأبو داود عن النبى صلى الله عليه وسلم. وعن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدى منى أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين» رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألبانى فى صحيح الجامع. الحديثان السابقان مجرد أمثلة على عدد كبير من الأحاديث الصحيحة التى تتعلق بالمهدى، حيث يعتقد أهل السنة أن من أشراط الساعة خروج المهدى فى آخر الزمان، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال. وقد جاءت السنة ببيان اسمه وصفته ومكان خروجه والظروف والملابسات التى يظهر خلالها مع توضيح علامات محددة يتعرف من خلالها المسلمون على هوية المهدى ويظهر ذلك جليا فى الحديث الآتى: عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: (يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكةوالمدينة، فإذا رأى الناس ذلك، أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثًا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال ، ويعمل فى الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون). رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه. وفى رواية لهما: (فيلبث تسع سنين). مما يعنى أن ظهور المهدى يتعلق باضطرابات سياسية تقع فى منطقة الحجاز التى تضم مكةوالمدينة بعد وفاة خليفة يحكم منطقة الحجاز - السعودية الآن- ويتبع وفاته خلاف على الحكم بين عائلته، وأثناء هذا الخلاف والصراع على الحكم يخرج المهدى هاربا من المدينة إلى مكة ثم يبايع من المسلمين لتولى أمرهم وبعد البيعة مباشرة يتحرك ناحيته جيش من الشام - سوريا حاليا- ليحاربه، هذا الجيش يخسف به الأرض ويسمى جيش الخسف، وهذه علامة ظهور المهدى الأولى. أحاديث المهدى بلغت 50 حديثا تقريبا بلغوا التواتر ومنها الصحيح والحسن والضعيف، وملخص ما ذكر فى هذه الأحاديث أن المهدى سيقود جيوش المسلمين التى عانت من الانكسار والهزيمة والتفتت قبل ظهوره، ليصحح بهم الأوضاع فى الأرض ويحكم بهم العالم 7 أو 9 سنوات، ويبلغ الناس الدين الحق الذى اختلفوا حوله، ويدعمه الخالق فى حربه المقدسة ضد قوى الشيطان التى سيطرت على الأرض وملأتها ظلما وقبحا، فيعيد إليها المهدى العدل والجمال والخير. الروايات الصحيحة والمشهورة تؤكد أن المهدى يظهر قبل الدجال الأعور، فإذا وصلت فتوحات المهدى إلى القسطنطينية- تركيا حاليا - صاح الشيطان: إن الدجال قد خلفكم فى أهلكم، كما رواه مسلم وغيره، فإذا خرج الدجال فإنه يمكث أربعين يوماً ثم إن عيسى عليه السلام ينزل فيقتله ويصلى خلف المهدى، ورد ذلك فى صحيح مسلم وغيره. أحاديث وأحداث نهاية الزمان بعد أن تعرفنا سريعا على ماهية الشخوص الثلاثة الذين ينتظرهم المسلمون فى نهاية الزمان طبقا للأحاديث النبوية، نتطرق بعدها إلى بعض الأحداث التى وقعت خلال الأربعة أعوام الأخيرة ويطابقها البعض بما رواه الرسول والسلف حول أحداث النهاية وعلامات المهدى مما جعل الكثيرين يعتقدون أننا على مشارف النهاية وأن المهدى على وشك الظهور. من ضمن هذه الأحاديث، حديث مقطوع، والحديث المقطوع هو حديث أُضِيف للتابعى قولاً كان أو فعلاً سواء كان التابعى كبيراً (مثل سعيد بن المسيب) أو صغيراً (مثل يحيى بن سعيد)، وحكم الحديث المقطوع أنه لا يكون حجة إذا خلا من قرينة الرفع، أما التابعون هم أشخاص لم يلقوا النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما لقوا من قابلوه وهم أصحابه، أو لقوه ولكن لم يؤمنوا به إلا بعد وفاته ، والحديث نصه كالآتى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، عَن إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ هِشَامٍ، عَن ابْنِ الْمُسَيِّب، قَالَ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ بِالشَّامِ، كَانَ أَوَّلَهَا لَعِبُ الصِّبْيَانِ، ثُمَّ لا يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ عَلَى شَىْء، وَلا تَكُونُ لَهُمْ جَمَاعَةٌ حَتَّى يُنَادِىَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: عَلَيْكُمْ بِفُلانٍ، وَتَطْلُعُ كَفٌّ تُشِيرُ». المثير للجدل أن بدايات الثورة السورية- الشام قديما- حملت تفاصيل تشبه الى حد كبير ما ذكر فى الحديث المقطوع، ففى 9 مارس 2011 أقدم العميد عاطف نجيب/ رئيس المخابرات السياسية فى درعا على اعتقال مجموعة من الأطفال أعمارهم مابين (8 - 11 عاما) تأثروا بثورات الربيع العربى فى مصر وتونس وليبيا وكتبوا شعارات مُناهضة لنظام بشار الأسد على جدران مدرستهم.. وتم تعذيب الأطفال داخل المبانى التابعة لجهاز المخابرات بدرعا مما جن له جنون أهليهم وذويهم فتوجهوا إلى مقر المخابرات وأعلنوا احتجاجهم لما أصاب أطفالهم وتظاهروا لمدة أسبوع كامل احتجاجا على تصرف رئيس المخابرات وأخذوا يرددون (يا نجيب بدنا نسيك الحليب).. فرد عليهم بهجوم عسكرى مما تسبب فى سقوط شهداء وجرحى واعتقل العشرات من الرجال والنساء مما زاد الأمر سوءا وتوترًا، وكانت هذه الواقعة هى الشرارة الأولى للثورة السورية التى أسقطت الدولة وقسمتها وأغرقتها فى الفوضى التى تمر بها حتى هذه اللحظة. حديث آخر عن حاكم خائن يحكم مصر فيثور ضده الشعب وينتزع منه الحكم.. فيستقوى ذلك الحاكم الخائن بالغرب، هذا الحديث يعرفه ويتداوله الكثيرون هذه الأيام تحت مسمى حديث (أخنس مصر) الذى رواه صاحب كنز العمال فى البرهان ص 200 نقلاً عن تاريخ ابن عساكر عن النبى صلى الله عليه وآله قال: (سيكون بمصر رجل من قريش أخنس يلى سلطاناً ثم يغلب عليه أو ينزع منه، فيفر إلى الروم، فيأتى بهم إلى الإسكندرية فيقاتل أهل الإسلام بها، وذلك أول الملاحم). لا شك أن الجزء الأول من الحديث يطابق ما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسى التابع لجماعة الإخوان، خصوصا ما جاء بالحديث عن انتزاع الحكم منه ثم فراره إلى الروم بعدها، والفرار هنا قد لا يعنى الفرار بجسده، فكلمة فرار ذكرت فى القرآن بمعنى اللجوء كما هو الحال فى الآية الكريمة «ففروا إلى الله»، أما الجزء الثانى من الحديث حول دخول قوات غربية مصر عن طريق الإسكندرية لقتال أهل الإسلام المناهضين لحكم السلطان المعزول لم يتحقق حتى الآن، ووصف الحديث هذه المعركة بأنها أولى ملاحم النهاية أو قبيل النهاية. قد تكون هذه الأحاديث متعلقة بما يحدث الآن بالفعل، وقد تكون غير ذلك تماما، وأن التشابه فقط من قبيل المصادفة، فالأحداث تتكرر أحيانا على مدار التاريخ، لكن فى كل الأحوال كانت هذه الأحاديث التى طابقها البعض بما يحدث الآن سببا فى اعتقاد الكثيرين أننا اقتربنا من النهاية ومن خلال هذه القناعات استطاعت أجهزة وكيانات وأشخاصًا النفاذ إلى عقول المسلمين لتثبيت أفكار مغلوطة تصب فى مصلحة أعداء هذه الأمة وتقضى على الدول العربية شيئا فشيئا، وكان تنظيم داعش هو أول هذه الأشياء التى نفذ من خلالها أعداء الأمة العربية إلى عقول وقلوب أبنائها. ادعاءات داعش حول أحداث آخر الزمان أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بتنظيم داعش، تداولوا فى البداية الأحاديث السابق ذكرها للتأكيد فيما بينهم أن نهاية الزمان اقتربت، ويرى معظمهم إن لم يكن جميعهم أن جيش التنظيم هو جيش المهدى الذى أبلغ الرسول عنه، وأنهم ينتظرون ظهوره ويعدون له العدة كى يخوضوا معه الحروب المقدسة ضد الشيطان وأتباعه من البشر، ثم تطورت أفكارهم فى تفسير ما يحدث وبدأوا فى إطلاق تأكيدات أن أبا بكر البغدادى يحمل صفات المهدى، وأن اتباعه فيما يقول ويعتقد هو إرضاء لله سبحانه وتعالى، ويظهر هذا جليا فيما ذكره أبو حمزة المكى القيادى فى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أن البغدادى مذكور فى أحاديث خاتم الأنبياء، والبخارى، وقال فى منبر الإعلام الجهادى، إن هناك بعض الآثار الواردة الدالة على ولاية أبى بكر البغدادى الحسينى الهاشمى والتى تدل على أن الله يفرج به الفتن. وأكد أن هناك أحاديث فى البخارى، تتحدث عن أن البغدادى، سيسوم الأمة الإسلامية بالخسف أى بالمتفجرات والعمليات الاستشهادية، ويضع السيف على عاتقه، وهذا كناية عن كثرة القتل، والذبح بالسلاح الأبيض كما يفعله اليوم، من الذبح بالسكاكين، حتى أن الناس يستنكرون فعله، ويطعنون فى قربه من آل البيت، لقلة رحمته وكثرة سفكه للدماء، حيث سيقيم دولته على غرار دولة بنى العباس وبنى أمية، أى بالانتقام من أعدائه. وأكد القيادى فى التنظيم أن عليا بن أبى طالب، تحدث عن البغدادى، وقال: يفرج الله الفتن برجل منا يسومهم خسفا لا يعطيهم إلا السيف يضع السيف على عاتقه 8 أشهر هرجًا، حتى يقولوا والله ما هذا من ولد فاطمة لو كان من ولدها لرحمنا يغريه الله ببنى العباس وبنى أمية. كما كتب أحد التابعين لتنظيم داعش مؤخرا على صفحته بموقع تويتر قائلاً: إن دولتهم فى العراق والشام باقية حتى يأتى عيسى ابن مريم ويصلى به البغدادى إماماً بإذن الله، بحسب قوله، مما يؤكد أن هذا الشاب المنضم لتنظيم داعش يعتقد أن البغدادى هو المهدى، لأن المهدى طبقا للحديث الذى ذكرناه هو الذى يصلى بالمسيح إماما، هذا الأمر أصبح شائعاً بين أفراد التنظيم وهناك قصدية فى زرع هذه الفكرة لدى الأفراد، خاصة المقاتلين الجدد الذين ينضمون إلى داعش من عدة دول مختلفة، ولم يظهر البغدادى فى أى صورة أو شريط مصور، لكن أتباعه وأنصاره يتناقلون معلومات عنه، أبرزها نسبه إلى سيدنا الحسين حفيد رسول الله، وكأنهم يريدون إسقاط ذلك على المهدى الذى يظهر فى آخر الزمان والذى يعود نسبه أيضا لآل البيت، هذه الأفكار أصبحت مسيطرة بشكل كبير على أذهان أعضاء داعش، ويظهر ذلك دوما فى كتاباتهم وفيديوهاتهم على الإنترنت، على الرغم من أن البغدادى نفسه لم يعلن أنه المهدى، ولعل عدم إعلانه ذلك هو جزء من مناورة خبيثة يؤكد بها أنه المهدى بالفعل، حيث إن المهدى فى صحيح السنة لن يعلن عن نفسه بل يذهب إليه الناس لمبايعته رغما عنه، وهو ما يعتمد عليه البغدادى بشكل كبير من خلال خطة محكمة لنشر أخبار وأفكار تجعل مقاتليه يعتقدون من أنفسهم أن المهدى هو البغدادى، حتى يذهبوا إليه ليبايعوه دون أن يذكر هو ذلك فتتحقق نبوءة الرسول فى أحاديثه. داعش دعوة خبيثة فى أحاديث الأولين بخلاف أن العديد من ممارسات داعش تؤكد أن أعضاء التنظيم من المستحيل أن يكونوا على علاقة من قريب أو بعيد بجيش المهدى الذى ذكره الرسول ووصفه بجيش الحق والعدل، خصوصا أن جيش المهدى لن يذبح أبدا أشخاصًا عزل أو مسالمين، وأن حربه الرئيسية ستكون مع بنى إسرائيل لإفسادهم فى الأرض، وداعش حتى هذه اللحظة لم يقترب من إسرائيل، ولم يطلق حتى تهديدا واحدا للكيان الصهيونى بل خصص معاركه وتهديداته لقتل العراقيين والسوريين والمصريين وغيرهم بمختلف معتقداتهم سواء مسلمين أو مسيحيين. وإذا كان أبو بكر البغدادى ومن وراءه من أجهزة مخابراتية تحاول تجسيد ما جاء بالسنة النبوية وتفتعل أحداثًا وأشخاصًا من أجل إظهار البغدادى على أنه المهدى المنتظر لدى المسلمين، لتقسم به الأمة وتقضى به على الإسلام والمسلمين بل والعرب جميعا، وإذا كانوا يصرون على الاستدلال بأحاديث الرسول ليؤكدوا زعمهم الخاطئ، فهناك أيضا من ضمن أحاديث الرسول ما يؤكد أن داعش لا علاقة له بالإسلام، أحاديث تتعلق بآخر الزمان أيضا قالها الرسول ليحذر من الكذبة الفجرة الذين سيقدمون أنفسهم وكأنهم المدافعون عن الإسلام ورسوله وهم عكس ذلك تماما، وإذا كانت أحاديث الرسول وخواطر على بن أبى طالب حول آخر الزمان هى المعيار الذى يستخدمه هؤلاء لإظهار أنفسهم فى صورة مختلفة عن حقيقتهم، فماذا عن الأحاديث التى تصف داعش بأدق التفاصيل وتحذر منهم ومن دعوتهم الخبيثة؟، وماذا عن الأحاديث التى تحذر من رجل يظهر فى العراق والشام ويؤسس جيشا ودولة منسوبة للإسلام بالخطأ وهى أبعد ما يكون عن هذا الدين العظيم؟.. فإذا كنا فعلا على أعتاب آخر الزمان وأن الأحاديث التى يستخدمها الداعشيون للتدليل على ذلك تقصد بالفعل ما نمر به الآن، إذن فأحاديث الرسول وخواطر على بن أبى طالب والمتعلقة بآخر الزمان والتى تحذر من داعش وأخواتها تقصد أيضا ما يحدث الآن من هذا التنظيم الإرهابى الخائن. نجد ذلك فيما رواه نُعيم بن حماد فى كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم ورشدين بن سعد عن عبد الله بن لهيعة عن أبى قبيل عن أبى رومان عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال: «إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض، فلا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم، ثم يظهر قوم ضعفاء لا يُؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى، ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء، حتى يختلفوا فيما بينهم، ثم يؤتى الله الحق من يشاء». بالتأكيد لست بحاجة لعمل إسقاطات عما يحدث الآن وما ذكر بحديث على بن أبى طالب، فمن يعتبرون أنفسهم أصحاب الدولة الإسلامية؟، ومن يستخدمون الكناية فى أسمائهم وينسبون نفسهم للقرى والمدن كأبى بكر البغدادى مثلا وأبوحمزة الحلبى؟ ومن ينطبق عليهم قوله شعورهم مرخاة كالنساء؟، لم نر مثيلا لهؤلاء إلا على يد تنظيم القاعدة ودولة داعش الخبيثة. حديث آخر عن شخص يدعى السفيانى يظهر قبيل ظهور المهدى فى الشام- سوريا حاليا، وهو شخص حذر منه الرسول وحذر من دعوته الباطلة، فهو من يرسل جيشا لمحاربة المهدى نفسه ويخسف بهذا الجيش الأرض وهو ما ذكرناه كعلامة للمهدى فى الحديث الصحيح، هذا الشخص تنطبق فعليا مواصفاته المذكورة فى الأحاديث على شخص البغدادى والله أعلم والحديث نصه كالآتى: رواه الحاكم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل يقال له السفيانى فى عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء أو يقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها.. ويخرج رجل من أهل بيتى فى الحرة فيبلغ السفيانى فيبعث إليه جنداً من جنده فيهزمهم، فيسير إليه السفيانى بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم. ومن ذلك ما رواه الحاكم أيضاً عن ابن مسعود مرفوعاً: أحذركم سبع فتن تكون بعدى: فذكر منها: وفتنة من بطن الشام وهى السفيانى.. قال الحاكم صحيح الإسناد. رواية أخيرة ذكرها أبى جعفر لعله سمعها من الصحابة والتابعين تقول «عن أبى جعفر، قال: إذا استولى السفيانى على الكور الخمس، فعدوا له تسعة أشهر»، أى أن السفيانى يستولى على 5 قرى أو مدن فى الشام تكون أساس دولته.∎