لا تنتهى قصص فك الأعمال والشفاء من السحر، وفك الأعمال للسيدات العواقر لينجبن، وفى محافظة الشرقية، وتحديدا بقرية «تل بسطة» تتزايد روايات الشعوذة، خصوصا عند زيارة بئر تبعد نحو 50 مترا عن الآثار الفرعونية لتل بسطة، البئر اسمها «بئر المسيح» وحكاياتها لا أول لها من آخر، يقال إن لها بركات لمن شرب منها، ويروى عن النساء اللاتى يزرنها أنهن يتجردن من ملابسهن تماما ليصبحن عرايا كما ولدتهن أمهاتهن طلبا للإنجاب، وربما يجدها «الجان» المسمى «الجاثوم» فرصة ليعاشرهن معاشرة الأزواج! كانت لنا زيارة للبئر المسحورة، لكشف وقائع وأحداث ما يجرى عندها، من خلال أحاديث أهل القرية الزائرين له. بئر المسيح هى عبارة عن مكان لايجاوره سوى الآثار فى مكان صحراوى موحش حالك الظلمة ليلا، وأرض غير مستوية مليئة بالحفر، وأعشاب تعلو عن الأرض بأمتار قليلة، وبه عدد من الزواحف، ويوجد حوله ثلاثة تماثيل غريبة الشكل، يبدو أنها منذ عصر الفراعنة والبئر يصل عمقها إلى سطح الماء قرابة السبعة أمتار، يحيط بحافتها أسلاك شائكة، ومياه البئر خضراء اللون لا تبدو عادية ولكنها كخليط من مركبات ما مضافة إلى الماء لتعطيه ذلك اللون. تبعد البئر عن الآثار الفرعونية بمنطقة تل بسطة نحو 50 مترا وتمثل لغزا للجميع ولا أحد يعلم تفاصيلها سوى أنها بئر البركات واللعنات فى نفس الوقت لمن يزورها ليلا. توافد الزوار يروى شهود العيان فى القرية أن البئر تتوافد عليها العشرات من الأهالى، وخصوصا الأقباط للتبارك، حيث تدعى هذه البئر ب«بئر المسيح» لمرور السيد المسيح عليها، والارتواء من مياهها وبرفقته السيدة العذراء «مريم» خلال هروبهما من بطش الرومان بفلسطين والاحتماء بأرض وأهل مصر، حيث مكثا بجوار البئر لفترة قبل اكتمال رحلتهما إلى صعيد مصر، الأمر الذى دفع الأهالى إلى التبارك بمياه البئر، والزيارات المستمرة لها رغم وجودها فى مكان ناءٍ من السكان، وتم تصنيف الزوار بأن غالبيتهم من الأقباط وسكان محافظة الشرقية من القرى الفقيرة وبعض قرى الصعيد من المسيحيين الذين يبحثون عن البركة. قصص أهل القرية رويت الحكايات والروايات والمعجزات التى تحوم حول البئر وقدرة مياهها على شفاء الناس وحل مشكلاتهم وخصوصا النساء اللاتى لا ينجبن حيث يحكى الأهالى عن قدرة المياه فى مساعدتهن على الحمل وعلاجهن من العقم، فيما يروى آخرون قصصا مرعبة عن البئر وحكايات تقشعر لها الأبدان، ويشيب لها الأطفال حول وجود عالم من الجن يسيطر على البئر، وأن هذه البئر ملقى عليها لعنة فرعونية يشعر بها من يقترب منها خاصة ليلا. وأكد أحد أهالى منطقة مساكن تل بسطة ممن زاروا ذلك المكان فى الليل وهو رجل يدعى «محمد خليفة» أنه زار البئر ليلا ليعلم ما صحة البركات وتخوف الناس من زيارتها ليلا فقال: إن معالم الرحلة إلى البئر تشعرك بأنك لست الوحيد فى المكان رغم خلوه من البشر وترى ثمة خيالات. وأضاف أنه لم يكن يشغله كل ما شعر به فى ذلك المكان وتجاهل حدوثه. رغم أنه كان بالفعل يشعر بكل ما ذكره، ولكنه لم يكن يريد أن يسلم نفسه للرعب، وحينما كان فى منزله يستعد للذهاب لذلك المكان أحضر معه مصحفا لتكون كلمات الله خير معين له على ما توقع أن يواجهه، وما تذكره هو أنه نسى المصحف فى المنزل وكأن من استدعاه إلى هناك أراد أن يريه أشياء لا يمكن أن يراها، وفجأة أحس بدوار شديد ولم يستطع التقدم نحو البئر أكثر وكأن شيئا يمنعه. وأكد أنه بمجرد اقترابه من مكان ما بين البئر وبين موضع الثلاثة تماثيل، تعثرت قدماه ببقايا إناءات محطمة من الفخار ليجد نفسه ملقى على الأرض أمام التماثيل الثلاثة وبجواره بعض ملابس نسائية قديمة جدا ملقاة على الأرض، وهى تدل على زيارات النساء المتعددة إلى المكان وأداء الطقوس التى يرويها سكان القرية بأن النساء يرتدين ملابس وزينة أثناء زيارتهن. ووفقا لما زعم أشار إلى أنه تمالك نفسه وصعد لمحاولة إيجاد حلول لكل ما روى من حكايات حول تلك البئر وكراماتها وتلك التماثيل ولعناتها، فإذا به ينظر بالبئر، قائلا «راحة غريبة تجدها كلما اقتربت للبئر وعدم راحة بصورة بالغة فى البعد عنها»، إذا وجد بعض الفوارغ لإناءات بلاستيكية وخشبية وكأن أحدا منذ فترة قريبة حاول أن يشرب من البئر وهذا أيضا يدل على حرص الزوار على الشرب من مياه البئر كنوع من أنواع البركة. وأشار محمد إلى أنه لا يعلم مدة تواجده عند البئر هل ساعات أم دقائق، مضيفا «كل ما أعلمه أنى كالبرق أتيت وكالبرق ذهبت وحقيقة وجود ملابس قديمة ملقاة حول البئر للنساء ليست مجرد أقاويل». وتقول سيدة تدعى المقدسة «عدالة إسحاق» أكبر النساء سنا وأكثرهن قربا لذلك المكان - عمرها 80 عاما تعيش بطابق أرضى بمنطقة المساكن المجاورة لمنطقة آثار تل بسطة: البئر ملعونة وذلك المكان يجامع فيه الجان النساء اللاتى لم ينجبن والعاقرات اللاتى تأتين رغبة فى الإنجاب ويقمن ببعض الأفعال لاستحضار الشياطين التى تعيش فى حفر من النار فى الأراضى، وقالت إن من يحضر أثناء الطقوس التى تقوم بها النساء نوع من الجن وهو يدعى «الجاثوم» وهو نوع من الجن يتحكم فى البشر وفى حركاتهم فى بعض الأحيان يقيم علاقات جنسية مع نساء البشر. كواليس زيارة النساء تقول المقدسة «عدالة إسحاق» إنها كانت ترى وتعلم لأنها من أقدم السيدات فى القرية القريبة من البئر، أن تلك السيدات اللاتى يحضرن إلى المكان لنيل البركات يتجمعن منفردات أمام الثلاثة تماثيل وبحوزة كل واحدة سبعة أوانِ فخارية وترتدى أفضل ملابس نسائية عندها لتخلع تلك الملابس عنها عند منتصف الشهر العربى وفى أواخره فقط القطعة تلو الأخرى لتصبح عارية تماما وتبدأ فى كسر الأوانى والصراخ والعويل وتلطم وجهها كثيرا وحينها تتعرض لإغماءة وينتهى بها الحال إلى سقوطها مغشيا عليها حتى الصباح وعندما تستيقظ تجد نفسها عارية وتتخيل أن ما حدث هو حلم نتيجة أن أغمى عليها فى ذلك المكان الموحش فى جنح الليل. وزعمت أن هناك عشرات السيدات قد حملن بعد ذلك وأكدت أن جميعهن كن يجهضن أنفسهن قبل الولادة بموعد بسيط، وأكدت أن من كن يتممن حملهن وعملية الولادة هن من أتين فقط للتبارك ببئر السيد المسيح والشرب من مائها. وأضاف إبراهيم كرم أحد السكان أن ما يحدث مما نسمعه من زائرى البئر غريب لكن منذ فترة قلت الزيارات لخوف عدد كبير من لعنة زيارة البئر لما يقال إنها تظهر ليلا وتقوم النساء بطقوس بعينها وتتزين ليلا من أجل الإنجاب، وبالفعل تنجب بعد فترة وهذه حقيقة، فهناك سيدات أعرفهن جيدا أنجبن بعد زيارة البئر والارتواء بمائها رغم لونها الأخضر الغريب إلا أن الزوار يرتوون منه. وزارة الآثار وأكد هشام عبدالمؤمن مدير هيئة الآثار بالشرقية أن هذه البئر موجودة من قبل الميلاد، حينما أتى المسيح «عيسى بن مريم» ووالدته مرورا من تلك المنطقة وشربا من البئر وتبارك بها من بعده الناس لما كان لنبى الله «عيسى» عليه السلام من معجزات منحه الله إياها، وأكد أنه سمع عما ذكرته السيدة المسنة من أنها بئر للبركات تحدث فيها أشياء غريبة، وأكد أنها مجرد أقاويل وحكايات عجائز لا يمكن تصديقها فتلك البئر هى مجرد تاريخ ولا يمكن أن يصبح كما ذكرت السيدة المقدسة، وعلل ما ذكر بأن الزيارات قد انعدمت منذ فترة خاصة مع الإجراءات التى تم اتخاذها بعد ترديد بعض الأشخاص الروايات عن البئر واستخدام ضعيفى النفوس والسيطرة عليهم بحجة بركات البئر. ومن ناحية أخرى أشار الدكتور «طه زيادة» وكيل أوقاف الشرقية إلى عدم صحة تلك الادعاءات والممارسات الشاذة التى تحكى عن تلك البئر، مشيرا إلى أن هناك بعض الأشخاص يستغلون الأهالى البسطاء للسيطرة على عقولهم، فلا صحة لما يقال لأن الداء من عند الله وكذلك الدواء من عند الله، مؤكدا على أن تعاليم الدين الإسلامى السمحة ترفض الانصياع والاستدراج لمن يستغلون المواقف والظروف لكسب مغانم مادية ومعنوية على حساب البسطاء.∎