تواجه سويسرا مأزقًا سياسيًا وقانونيًا صعبًا، فيما يخص إجراءاتها لتجميد أموال الرئيس المخلوع مبارك وعائلته ومسئولين فى نظامه وأخذت الأمور منحى آخر بعد تبرئته السبت الماضى. وقالت جريتا فينر، خبيرة مكافحة الفساد ومديرة معهد بازل للحوكمة لوكالة الأنباء السويسرية، إنه لا توجد أدلة واضحة الآن لإثبات أن الأموال التى تنتمى إلى مبارك ونظامه تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة. وجمدت الحكومة السويسرية بعض الأصول التى تصل قيمتها إلى 750 مليون دولار منذ عام ,2011 فى أعقاب انهيار النظام برئاسة مبارك. وكان هدف الحكومة السويسرية إعادة الأموال للحكومة المصرية فى نهاية المطاف، بعد إثبات أن هذه الأموال تمت سرقتها عن طريق استغلال النفوذ والسلطة، وفقًا لتصريحات سابقة من وزارة الخارجية السويسرية. وأضافت فينر أن الوضع يشبه ما حدث للرئيس الكونغولى موبوتو سيسى سيكو والذى قامت سويسرا بتسليمه هو وعائلته وإعادة 7,7 مليون دولار من الأصول المصادرة بعد إسقاط الإجراءات القانونية التى رفعتها جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد العائلة. وبحسب فينر، لدى سويسرا الآن خياران فى قضية مبارك، أولهما استمرار مكتب المدعى العام الاتحادى السويسرى فى المضى قدمًا فى الدعوى ضد مبارك، وفى هذه الحالة سيكون عليه إيجاد الأدلة لإثبات أن هذه الأموال تم الحصول عليها بصورة غير قانونية. والخيار الآخر هو إلقاء القضية على عاتق الفريق القانونى لمبارك لإظهار أن ثروته قانونية، وفى كلتا الحالتين، سيكون وضع سويسرا السياسى حساسًا وحرجًا، لأن القرارات يمكن أن تفسر على أنها انتقاد للنظام القانونى والقضائى المصرى. ورفض مكتب المدعى العام الاتحادى ووزارة الخارجية السويسرية التعليق على آخر التطورات فى قضية مبارك. والمعروف أن الحكومة السويسرية قد اعتمدت مشروع قانون بشأن تجميد واسترداد الأصول المكتسبة بصورة غير مشروعة ليتم تطبيقها فى الحالات التى يتأكد فيها شراء شخصيات سياسية من خلال الفساد أو وسائل إجرامية أخرى، وتودع الأصول المكتسبة بصورة غير مشروعة فى البنوك السويسرية. وينص القانون على إمكانية اتخاذ تدابير هادفة لدعم بلد المسئول الذى يتم محاكمته فى جهودها لاستعادة الأصول المكتسبة بصورة غير مشروعة. وبعد براءة مبارك لم يعد معروفًا إذا كان من الممكن استرداد هذه الأصول أم لا خاصة بعد تضارب الأنباء عن موقف رجل الأعمال المصرى حسين سالم المقيم فى إسبانيا بعد تبرئته، فقد ذكرت فى التقارير أن سالم نفى ما تداولته وكالات الأنباء عن تنازله عن نصف ثروته التى تقدر بنحو 8 مليارات جنيه، بالتضارب مع تصريح محاميه الخاص، الدكتور محمود كُبيش، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة والذى أكد أنه قدم بالفعل طلبًا إلى النائب العام، بتنازل سالم عن نحو 560 مليون دولار، أى ما يعادل نصف ثروته، وفندق بمدينة شرم الشيخ، ومحطة للمياه والصرف الصحى، وأرض البياضية بمحافظة الأقصر. ووفقًا لمنظومة جلوبال ويتنس لكشف الفساد وإنهاء الإفلات من العقاب فإنه فى ظل القوانين السويسرية الأخيرة، لم يعد ملزمًا إعادة الأموال التى تم تهريبها إلى سويسرا، طالما لدى السلطات السويسرية أدلة تثبت الفساد المالى والسياسى. ولذلك فالحمل الثقيل سيقع على جهاز الكسب غير المشروع لتقديم الإثباتات اللازمة للسلطات السويسرية للإفراج عن الأموال، خاصة أن اللوائح الدولية تنص على أن الأموال المجمدة لا يمكن إعادتها لخزينة الدولة، أو إلى أى مؤسسات ذات انتماءات سياسية. والمشكلة أن الكثير من تلك الأموال لا تزال فى الحسابات المجمدة فى سويسرا، والمملكة المتحدة، وإسبانيا، وقبرص، وهونج كونج، وكندا وفرنسا. ولدى السلطات السويسرية تاريخ طويل من مصادرة الأموال غير المشروعة المودعة من قبل الشخصيات السياسية، مثل الرئيس الفلبينى السابق فرديناند ماركوس، وجان كلود دوفالييه فى هايتى، وسانى أباتشا فى نيجيريا. فضلاً عن تجميد الأموال الخاصة بالقذافى ومبارك وبن على وأتباعهم، وقد طالبت مجموعة مكافحة الفساد البنوك بعدم التعامل مع الدكتاتوريين الفاسدين ويجب وضع نظام جديد.∎