رغم أن العلاقات الدبلوماسية بين كل من أمريكاوإيران «مقطوعة» فى أعقاب الثورة الخومينية التى أطاحت بنظام الشاه 1979 بحجة أنه موال لأمريكاوبريطانيا ومطبع للعلاقات مع إسرائيل، فإن هناك جانباً آخر لم يفصح عنه الطرفان فى العلن، لتبقى العلاقات السرية بين البلدين محيرة وحولها العديد من علامات الاستفهام وعلامات التعجب. فالإدارة الأمريكية فى عهد جورج بوش الابن ومن بعده باراك أوباما منحت بعض الإيرانيين العديد من الامتيازات كما شغل البعض مناصب حيوية وحساسة داخل إدارتهما، حتى وصفت العديد من المواقع الإيرانية هذا الأمر بأن الإيرانيين اخترقوا البيت الأبيض وذاع صيتهم فى عهد أوباما. والأمثلة التى تكشف العلاقات الغامضة كثيرة فزوج ابنة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى إيرانى الجنسية، وفيريال جلشيرى، الإيرانية المساعدة الشخصية ل«أوباما»، وجولى عامرى، والتى كانت أول إيرانية تشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون التعليم والثقافة.. من ناحية أخرى فإن «أوباما» أعطى امتيازات واسعة للإيرانيين تحديداً حتى إنه ألغى تأشيرات لطلابهم اللاجئين، وفتح لهم الأبواب للهجرة إلى أمريكا دون أى قيود. زوج ابنة كيرى هو طبيب إيرانى الأصل مقيم فى الولاياتالمتحدةالأمريكية يعمل فى مجال جراحة المخ والأعصاب، هاجر مع أسرته إلى لوس أنجلوس، فوالداه «نوشين بور، ورضا ناهيد» يعملان كطبيبين بأمريكا.. تعرف على فانيسا، ابنة وزير الخارجية الأمريكى التى تعمل فى نفس الحقل الطبى أيضاً، وعملا سويا بمستشفى «ماساتشوستس» العام الواقع بمدينة «بوسطن»الأمريكية، وبدأت علاقتهما فى 2005 وانتهت بزواجهما فى 2009 أى بعد أربع سنوات من قصة الحب التى جمعت بينهما، دون أى اعتراضات من قبل أسرة العروس نظراً لحساسية منصب «كيرى»، لتكون هذه الحالة أول حالة زواج رسمى بين أسرة كبار المسئولين الأمريكيين وبين الإيرانيين فى فترة قطع العلاقات بشكل رسمى بين البلدين، فجامعة «هارفارد» الأمريكية وضعت اسم «والا ناهيد» من بين أكبر الباحثين فى مجال جراحة أورام المخ، وانتشرت بعض الأخبار حول سفر العروسين فى أعقاب زواجهما إلى إيران.. ف«بهروز ناهيد» الشهير باسم «برايان» فى أمريكا، تربطه علاقة قوية بصهره «كيرى»، كما أن الأخير يفخر دوماً بزوج ابنته، وأن جنسيته الإيرانية لم تمثل أى مشكلة فيما بينهما، حتى إن توقيت حفل زواج العروسين كان موافقاً لعيد النيروز، وهو رأس السنة الفارسية. وكتبت العديد من المواقع ووكالات الأنباء الإيرانية من بينها وكالة «فارس» وموقع «دبلوماسى إيران» تحت عنوان «أسرة جون كيرى الإيرانية» قائلة: إنه على الرغم من موقف «كيرى» الظاهر للعيان من خلال تصريحاته بشأن إيران وانتقاده المستمر لسياسة النظام التى يصفها ب«المتشددة»، إلا أنه أحد أبرز الوجوه الأمريكية المدافعة عن إيران، فعلى الصعيد الشخصى لم يعارض من زواج ابنته من إيرانى، على الرغم من الانتقادات التى وجهت له من قبل بعض المتشددين وأعضاء اللوبى الصهيونى إلا أنه لم يبال بها، ولم يعرها أى اهتمام، وعلى الصعيد السياسى فإنه كان أحد أهم الأقطاب التى عارضت بشكل صريح وواضح أى ضغوط على إيران لإثنائها عن استئناف مشروعها النووى، داعياً لإجراء مباحثات دبلوماسية معها ورافضاً لسياسة العنف. ويقول موقع «دبلوماسى إيرانى» فى قسمه الإنجليزى نقلاً عن «كيرى»: أنا فخور بعائلتى الإيرانية - الأمريكية.. ففى مراسم تنصيب جون كيرى، وزيراً للخارجية فى فبراير 2013 حضر «ناهيد» مع زوجته وابنه «إلكسندر» البالغ من العمر آنذاك عاماً والتقطت عدسات المصورين بعض اللقطات الخاصة التى جمعت بين «كيرى» وحفيده الإيرانى. من بين أكثر المواقف التى تبرز سياسة «كيرى» حيال إيران مطالبته لأعضاء الكونجرس الأمريكى بعدم التصويت على فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، حتى إنه كان صاحب اقتراح إجراء مباحثات بينها وبين مجموعة 5+1 وهى: (أمريكا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، ألمانيا) للاتفاق على الصيغة النهائية للبرنامج النووى الإيرانى دون فرض المزيد من العقوبات عليها. ويبدو أن سياسة «كيرى» المتعاطفة مع إيران لم تكن منفصلة عن سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، والتى يرأسها «أوباما»، ففى الرابع من نوفمبر الجارى قام الأخير بتعيين ويندى شيرمان، نائبة لوزير الخارجية بعد أن كانت تشغل منصب المفاوضة الأمريكية حول الملف النووى الإيرانى، وذلك بناء على طلب «كيرى» نفسه، والسؤال هنا هو: إذا كانت الإدارة الأمريكية غير راضية عن تعاطف «كيرى» مع إيران، هل كانت ستوافق على تعيين مفاوضة الملف النووى نائبة له؟ لم يختلف موقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما، عن وزير خارجيته، حيث إنه فتح الباب على مصراعيه للعديد من الإيرانيين على الرغم من حالة التهديد والوعيد التى يصرح بها بين الحين والآخر، فمن بين الجنسيات المختلفة اختار فيريال جلشيرى، الإيرانية الأصل لتكون المساعدة الشخصية له وسكرتيرته الخاصة، لتكون أول إيرانية تشغل هذا المنصب. «فيريال» كانت تعمل ضمن الحملة الانتخابية منذ 2007 فى شيكاغو الأمريكية ضمن الفريق المتخصص فى إدارة وتخطيط الدعايا الانتخابية، وفى أعقاب نجاح الحملة اختارها الرئيس أوباما، للعمل معه بالبيت الأبيض، فظلت خلال الخمس سنوات الأولى تعمل كموظفة بإدارة البيت الأبيض، وظلت تتدرج فى المناصب بصورة ملفتة للأنظار، حتى شغلت منصباً حيوياً بمجلس الأمن القومى الأمريكى NSC حتى إنها أصبحت كبير مستشارى بن رودس، نائب مستشار الأمن القومى، ثم مستشارة لرئيس الأركان بالأمن القومى، لتكون أول إيرانية تشغل هذا المنصب الحساس والحيوى فى تاريخ أمريكا. ونظراً لخبراتها فى مجال الأمن القومى الأمريكى ولثقة الرئيس باراك أوباما، الشخصية بها عينها كمساعدة شخصية له، واستعان بها بالبيت الأبيض، فهى من فوض لها مهام التخطيط بالرحلات التى يقوم بها أوباما لأى بلدان أجنبية، وكذلك فإنه يعتمد عليها فى تنسيق جداول زيارات الزعماء ورؤساء دول العالم وفقاً لما يتناسب مع أمن أمريكا القومى. الحديث عن الإيرانيين الذين شغلوا مناصب حيوية لن ينتهى، فالقائمة طويلة وتضم العديد من الشخصيات التى منحها «أوباما» تلك المهام مثل آزيتا راجى، أول سفيرة أمريكية من أصل إيرانى تشغل منصب سفير أمريكا فى السويد، والتى تولت هذا المنصب منذ أيام معدودة. وجمشيد دلشاد، الشهير ب«جيمى دلشاد»، الذى شغل منصب عمدة بيفرلى هيلز بكاليفورنيا حتى عام 2010 ليكون أول إيرانى يشغل هذا المنصب فى تاريخ أمريكا، وأول عمدة أمريكى ولد فى بلد إسلامى وهو «إيران»، حيث إنه ولد فى مدينة «شيراز» الإيرانية وهاجر مع أسرته قبل الثورة الإسلامية فى 1978 وبدأ حياته السياسية فى أمريكا .2003 من بين الصلاحيات التى أعطاها باراك أوباما للإيرانيين، هو ذلك القرار الذى أصدره فى 2011 الذى نص على إلغاء تأشيرات الطلاب الإيرانيين اللاجئين لأمريكا، فى إطار تحسين العلاقات مع الشعب الإيرانى، وحول هذا القرار علق الباحث الإيرانى الأمريكى الشهير تريتا بارسى، مؤلف كتاب «التحالف الغادر- إيران، إسرائيل، أمريكا» الذى نال شهرة واسعة حول العالم بأن هذا القرار جاء لفتح الباب أمام الإيرانيين للتعرف عن قرب على أمريكا وتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال الدراسة والإقامة هناك، على حد تعبيره. الامتيازات الأمريكيةللإيرانيين بدأت فى عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، وبالتحديد فى أعقاب الصفقات السرية التى عقدها مع الإدارة الإيرانية فى عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمى، حيث تعاون كل منهما فى 2002 لضرب أفغانستان بحجة محاربة تنظيم القاعدة، ومن بعدها قدمت إيران خططا استخباراتية ومعلومات حساسة كانت قد جمعتها الاستخبارات الإيرانية عن العراق وقت الحرب الإيرانية - العراقية 1980-1988 وكانت سبباً قوياً لتمكين أمريكا من العراق وإسقاطها فى .2003 فى أعقاب هذه الصفقات قام الرئيس بوش الابن، بتعيين جولى عامرى، كمساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون التعليم والثقافة، لتكون أول إيرانية مسلمة تشغل هذا المنصب، ثم تم تعيينها كوكيلة الأمين العام للقيم الدبلوماسية فى الاتحاد الدولى لجمعيات الصليب والهلال الأحمر. كما أن «بوش» فوض لها مهام المباحثات الدبلوماسية بين الإدارة الأمريكية فى الخارج.. كذلك قام «بوش» بتعيين الإيرانى فرار شرزاد، نائباً لشئون الاقتصاد والتجارة الدولية بالبيت الأبيض، ثم تمت ترقيته فى 2004 ليشغل منصب مساعد مستشار الأمن القومى الأمريكى للشئون الاقتصادية. ∎