بدأت بيانات الناقد سمير فريد تخرج للنور إيذانا بإطلاق الدورة ال36 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى تضاء أنواره مرة أخرى بعد احتجاب لظروف سياسية وثورية فى الفترة من 9 إلى 18 نوفمبر المقبل. إدارة المهرجان الذى يحمل شعار عيون الفنانة الكبيرة نادية لطفى أطلقت البيان السينمائى الثانى الذى يحتوى على قائمة الأفلام العربية والمصرية المشاركة فى إدارته وهى حسب البيان 17 فيلما عربيا من بينها 8 أفلام مصرية موزعة على أقسام مختلفة. المفاجأة الأكبر أن الفيلم الذى يمثل مصر فى المسابقة الرسمية «باب الوداع» ينتمى إلى السينما الصامتة ويرجع بنا إلى عصر شارلى شابلن واكتشاف السينما فى العالم. الرقم المعلن فى البيان للأفلام المصرية يوحى بمشاركة مصرية كبيرة لكن بالنظر والتدقيق فيها نلمس المأزق الذى واجه إدارة المهرجان فى العثور على أفلام تمثل مصر، خصوصا فى المسابقة الرسمية حتى الاستقرار على فليم بعنوان «باب الوداع» إخراج كريم حفنى وهو مخرج شاب فى أول تجربة إخراجية له بينما لم تجد إدارة المهرجان لفيلم «ديكور» بطولة «حورية فرغلى» إلا قسم العروض الخاصة لنيل شرف المشاركة ولا يعرف أحد مبررات وضعه فى هذا القسم فى ظل غياب الأفلام المصرية من المسابقة الرسمية، وفى الوقت نفسه لا يعرف أحد أسرار عدم وجود فيلم لمخرج عملاق مثل داود عبدالسيد جاهز للعرض بعنوان «قدرات غير عادية» فى المسابقة الرسمية. باستثناء فيلم «باب الوداع» وفيلم «ديكور» تتضمن القائمة فيلم «حائط البطولات» إخراج محمد راضى وهو الفيلم الذى تعرض لظلم سينمائى وسياسى أدى إلى عدم عرضه بالصورة التى تتناسب مع قيمته باعتباره يستعرض قصص نصر أكتوبر وهى ذكرى غالية أهملتها السينما لحساب أفلام ضالة ومضللة على مدار 40 عاما. القائمة المصرية تضم أيضا عرض فيلم «الحرام» لسيدة الشاشة فاتن حمامة وإخراج الراحل بركات، وعثرت حسب البيان إدارة المهرجان على نسخة جديدة تعرض لأول مرة.. والفيلم يكرمه المهرجان ضمن احتفالية مئوية ميلاد المخرج الراحل مع تنظيم معرض خاص وكتالوج يحمل أهم أعماله ودوره فى تاريخ السينما المصرية، وقد ضمت إدارة المهرجان الفيلم لقسم «كلاسيكيات الأفلام الطويلة» وهو أيضا أحد الأقسام التى ابتدعتها إدارة المهرجان ورئيسه السينمائى المخضرم سمير فريد لإضفاء طابع التنوع فى فعاليات المهرجان. أما المفاجأة الحقيقية فهى عرض فيلم لا يعرفه أحد أخرجه الفنان الراحل حسين حسن الإمام بعنوان «زى عود الكبريت» ويعرض أيضا فى قسم «أفلام عن السينما» وهو الفيلم المصرى السادس إلى جانب فيلمين من الإمارات منهما فيلم «أحمر أزرق أصفر» إخراج نجوم الغانم وفيلمان من فلسطين منهما فيلم «عيون الحرامية» لنجوى نجار وفيلم واحد من الأردن ولبنان والكويت وتونس والمغرب وموريتانيا وسوريا. حيرة إدارة المهرجان فى الأفلام المصرية المشاركة اتضحت فى البيان الثانى المرتبك رغم محاولات الإدارة لتجميله بفيلم «الحرام» وهو أحد روائع سينما هنرى بركات وهو الفيلم الذى مثل مصر فى مهرجان «كان» عام .1965 أما المفاجأة الأكبر فهو فيلم «باب الوداع» الذى يمثل مصر فى المسابقة الرسمية والذى ينتمى إلى نوعية السينما الصامتة ليكون بالتالى أول فيلم سينمائى صامت فى السينما المعاصرة، ويعتمد على التجربة البصرية دون أى حوار بين أبطاله حسب تصريحات مخرجه الشاب وتدور أحداثه فى مكان خاص وزمان غير محدد وهو أشبه برحلة مع النفس، كما أن الفيلم لا يحتوى على قضية أو قصة تقليدية يتم تناولها داخل الأحداث.. والفيلم مدعوم من الدولة ب300 ألف جنيه تكلفة خروج الصمت إلى «النور» تحت إشراف وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية. «باب الوداع» يشارك فى بطولته سلوى خطاب، وأحمد مجدى موسيقى راجح داود وتبدو أنها ستكون بطلة الأحداث بينما تترقب بطلته سلوى خطاب الحقيقية استقبال لجنة التحكيم له، حيث تعتبره من الأدوار المركبة والصعبة التى تراهن بها بلغة العيون والجسد. ليس تقليلا من تجربة «باب الوداع» الشابة لكن يبدو أن المهرجان كعادة المهرجانات المقامة فى أرض مصر، تلخص الحالة السينمائية التى يعيشها المواطن ومأساة اعتماد دور العرض على الأفلام التجارية التى تصدر العبث إلى عقول الشباب وتتاجر بالأجيال الجديدة فى ظل غياب دور الدولة واقتصار دعمها لعدد محدود من الأعمال لمجرد حفظ ماء الوجه.. وإحتواء نكبة السينما المصرية التى لاتنتهى.∎