منذ قيام الثورة الخومينية عام 1979 والتى جعلت السلطة فى قبضة الملالى بعد الإطاحة بنظام الشاه، والشعب يعانى من ممارسة شتى أنواع القمع والتضييق على الحريات باسم الدين، والأدهى أن النظام يلجأ لتطويع العقيدة لإخراجه من الأزمات التى يواجهها، والتى جعل منها شماعة يعلق عليها أخطاءه وعجزه عن فشل بعض الأمور، فالفتاوى يتم تفصيلها وفقاً لحجم الأزمة ووفقاً لأهواء المرجعيات الدينية الذين يرون أن التشدد والمغالاة أمر لابد منه لحماية المجتمع من شر نفسه وحصناً له من السقوط فى الرذائل. ∎ جن إسرائيلى للتجسس
«إسرائيل عاملة عمل لإيران».. هذه ليست نكتة أو إيفيه فى فيلم كوميدى بل هو ما جاء على لسان رجل دين شيعى بارز فى إيران، حيث صرح ولى تقى بورفر- الملقب بحجة الإسلام - فى حوار تليفزيونى مع إحدى الفضائيات الإيرانية أن إسرائيل تستخدم الجن وبالتحديد «الجن الغواص» للتجسس على إيران ومعرفة معلومات حساسة تهدد أمنها القومى، واختراق الأجهزة الاستخباراتية، مشيراً إلى أن «اليهود» ماهرون فى هذا الأمر.
وأشار إلى أن الجن الذى تستخدمه إسرائيل يهدف لضرب ما أسماه بحركات المقاومة، واستهداف حركتى حماس وحزب الله المدعومتين من إيران والتى تنفذ مخططاتها فى المنطقة.
انقسمت تعليقات الإيرانيين على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لتكشف عن أفكار الشباب الإيرانى ونظرتهم حول هذه الموضوعات، فالبعض أكد على وجود أمر غير طبيعى وأن قوة إسرائيل نابعة من تسخيرها للجن واستخدامها للأعمال لوقف حال إيران ومنعها من التقدم، والبعض الآخر وهو قطاع ليس بقليل سخر من هذا الكلام واستخف به.
∎ تعطر المرأة محاربة لله
لم تمض أيام على إصدار النظام الإيرانى لائحة بمنع أعضاء هيئة التدريس والطلاب والعاملين بالجامعات وبالتحديد كلية الطب من استخدام العطور ومساحيق التجميل، باعتبارها مخالفة للشريعة الإسلامية ودرباً من (الأمركة) والتأثر بالثقافة الأجنبية، حتى خرج أحد المرجعيات الشيعية لإصدار فتوى صادمة لتحريم تعطر المرأة خارج بيتها، حيث تداول بعض النشطاء فيديو لأحد العلماء البارزين فى إيران الملقب بحجة الإسلام رشيد يزدى، أثناء لقاء تليفزيونى مع شبكة التليفزيون الإيرانى والذى صرح خلاله بأن: «تعطر المرأة خارج منزلها حرام شرعاً.. وإنه يعد محاربة لله».
الأمر الذى أثار استياء العديد من المواطنين الإيرانيين والذين أعربوا عن غضبهم عبر موقع «فيس بوك»، الذين اعتبروا أن هذا الأمر مغالاة فى الدين وأنهم يصدرون صورة مغايرة لطبيعة الدين الإسلامى السمح ويروجون للفكر التكفيرى والإرهابى، مستنكرين هذه الفتوى التى تخرج المرأة من الدين وتدعى أن شخصاً بإمكانه محاربة الله، علماً بأن هذه التهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام وفقاً لما ينص عليه القانون الإيرانى.
∎ الجلد للسافرات وللزناة
يتفنن رجال الدين والنظام الحاكم فى إيران فى إيجاد عقوبات وفتاوى للتضييق على الشعب الإيرانى عموماً وعلى المرأة على وجه التحديد، حيث صرح جعفر شجونى، عالم الدين الشيعى البارز وعضو جمعية رجال الدين المقاتلين المقربة من النظام.. بأنه لابد من تنفيذ عقوبة الجلد على النساء اللاتى لم يلتزمن بالحجاب الشرعى لتأديبهن وتحسين سلوكهن بالقوة. وأضاف أنه يجب تأديب المنحرفين أخلاقياً عن طريق عقوبات رادعة وأن النظام عليه بألا يكتفى بفرض غرامات مالية أو السجن فحسب، بل للجلد أيضاً لتخويف النساء من الإقدام على تلك الخطوة، مشيراً إلى أن الحجاب يحمى المجتمع من الوقوع فى الرذيلة وأن عدم الالتزام به أو ارتدائه بشكل يظهر جزءاً كبيراً من شعر النساء يعد امتثالاً للغرب وتأثراً بثقافته البعيدة عن التعاليم الإسلامية، على حد تعبيره.
ومن المعروف أن عقوبة الجلد فى إيران تطبق على المتهمين فى قضايا الزنى والاغتصاب وحتى المفطرين فى نهار رمضان، ويتم تطبيقها فى العلن وعلى الملأ بحجة أن المذنبين سيكونون عبرة لكل من تسول له نفسه بارتكاب جرائم مماثلة وبالتالى فإن النظام وجلاديه يعتبرون أنفسهم حماة للشعب من شياطينه التى توسوس لهم بارتكاب الرذائل، إلا إن هذا الأمر غير صحيح حيث يواجه المجتمع ارتفاعاً ملحوظاً لزيادة معدل الجريمة بين شرائح المجتمع المختلفة بسبب ارتفاع معدل الإدمان والتى تأتى فيها إيران من أوائل الدول فى زيادة نسبة المدمنين وفقاً لتقارير الأممالمتحدة وذلك بسبب الفقر والبطالة وزيادة القمع الذى يمارسه النظام على الشعب، حيث إن أكثر من 40٪ يعيشون تحت خط الفقر.
ووفقاً لتقرير منظمة الطب الشرعى فى إيران فإنه يتم قتل ثلاثة أشخاص يومياً بالأسلحة البيضاء فى العاصمة الإيرانية«طهران»، وذلك بسبب عدم سيطرة هؤلاء على تصرفاتهم بسبب الضغوط النفسية الواقعة عليهم من المجتمع، لعجزهم عن توفير قوت يومهم و تأثير المواد المخدرة عليهم.
من ناحية أخرى فإن أجهزة الأمن الإيرانية لم تكتف بتطبيق العقوبات فحسب، ولكنها تقوم بإلقاء اتهامات جزافية بأن هذه الجرائم فعل «شيطانى» من تدبير الغرب الذى أغرق البلاد فى الفوضى، ففى إحدى جلسات مجلس الشورى الإيرانى صرح قائد الشرطة إسماعيل أحمدى، بأن الارتفاع الكبير لمعدل الجرائم خلال السنوات الأخيرة فى البلاد سببها الدول الغربية والهجمات الثقافية الأمريكية والأفكار الواردة من الخارج لإفساد المجتمع، وادعى أن هذه خطة ممنهجة لمحاربة الدولة الإسلامية فى إيران، وهو ما يتوافق مع آراء على خامنئى، المرشد الأعلى للثورة، الذى يؤكد على هذا الأمر فى العديد من خطاباته، فمع تصاعد الأزمة الاقتصادية الإيرانية والتى ادعى النظام بأنها بسبب الحصار الاقتصادى المفروض على البلاد من الغرب انتشرت أعمال العنف والبلطجة فى أنحاء إيران، وجاءت تصريحاته مؤكدة بأن مايحدث «مؤامرة» لإسقاط النظام الإسلامى، فى حين أن الشعب ضاق ذرعاً من عجزه عن توفير قوت يومه.
طالب «حزب الله» فى إيران المقرب من الحرس الثورى النظام الإيرانى بتطبيق عقوبة الجلد على ليلى حاتمى، الممثلة الإيرانية الشهيرة بسبب الصورة التى التقطت لها فى مهرجان «كان» وهى تقبل جيل جاكوب، رئيس المهرجان على وجنته، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتعارض مع الشريعة الإسلامية ومخالفة لتقاليد الجمهورية الإيرانية الملتزمة بتعاليم الإسلام.
وطالب بجلد «حاتمى» 50 جلدة، كى تكون عبرة لغيرها، وبالفعل تم تحويلها إلى القضاء الذى ينظر فى قضيتها ، وعلى الرغم من اعتذارها للشعب الإيرانى وبلادها عن تصرفها، إلا إنه من المحتمل أن يكون الحكم ضدها فى ظل هذا النظام المتشدد.
لم تكن هذه المرة الأولى التى تثير فيها «حاتمى» الجدل حولها، ففى مهرجان «كان» قبل الماضى والذى تم تكريمها من خلاله عن دورها فى فيلم «انفصال» الحائز على أفضل فيلم أجنبى، واجهت انتقادات حادة من قبل النظام والشرطة الإيرانية متهمين إياها بالانحراف والفساد وعدم الالتزام بالحشمة والمظهر الإسلامى، على الرغم من ظهورها بالحجاب ،إلا إن اعتراضهم جاء لكونه «غير تقليدى» أو «حجاب موضة» وأن ملابسها غربية ولاتعبر عن روح الثقافة الإسلامية.
∎ أكل الدجاج مكروه
فى أعقاب أزمة ارتفاع أسعار «الدجاج» التى شهدتها إيران منذ عامين بسبب الحصار الاقتصادى، حيث تعتمد تجارة الدواجن فى إيران على استيراد العلف واللقاحات من الخارج، ومن ثم جاء دور بعض رجال الدين ليحجموا من غضب الشعب عن طريق إصدار فتاوى لا أساس لها فى الشريعة، ومن بينها فتوى للمرجع الشيعى سيد أحمد ميرعمادى، إمام مسجد «خرم آباد» بأن أكل الدجاج من المكروهات..
هذه الفتوى أثارت جدلاً كبيراً فى إيران، فبدلاً من أن يبحث النظام عن حل للخروج من هذه الأزمة، لجأ إلى تحريم الطعام على الشعب، ومن المعروف أن الدجاج كان وجبة الفقراء فى إيران، فلا يوجد وصفة للطعام إلا وكان الدجاج من أهم مكوناتها.
وظهرت العديد من الكاريكاتيرات الساخرة التى تناولت هذا الأمر بشكل ساخر، ومن أبرزها كاريكاتير للفنان الإيرانى المعارض البارز مانا نيستانى، الذى يصور فيها «خنزيرًا» يستقبل «دجاجة» ويقول لها: مرحباً بك فى مجموعة المحرمات.. كما أن النظام أصدر تعليمات بمنع ظهور الدجاج على شاشات التليفزيون، فالشعب محروم منها، وبالتالى فلا حاجة لإثارة غضبه واستفزازه بتلك المشاهد.