يمر على ثورة يناير 42 شهرًا، ونحتفل بمرور عام على موجتها الثانية فى 30 يونيو، التمرد الذى أطاح بظلام الإخوان وأقر وضعًا جديدًا تتضح معالمه يومًا بعد يوم.. وخلال ثلاثة أعوام ونصف العام عانت فئات من المجتمع المصرى من بطش الجميع، متظاهرين، شرطة، إخوان، ومواطنون شرفاء، الصحفيون أبرز الفئات المتضررة من انفلات النظام وبلطجة وإرهاب الإخوان، صحفيون فارقوا الحياة فى ميدان عملهم، سرقوا، اختطفوا، سكنوا السجون. رغم أنها كانت ثورة على القمع، نادت بمزيد من حرية التعبير إلا أنها واجهت قمعًا أكثر شراسة بخصوص المراسلين الميدانيين والمصورين والصحفيين، أعداد ضحايا الاعتداءات المختلفة تزداد يومًا تلو الآخر لذلك لا يوجد حصر نهائى.. بدايًة بيوم 29 يناير 2011 حين أصيب أحمد محمود، الصحفى بجريدة الأهرام، بطلق نارى اخترق جسده أثناء وقوفه مطلاً من نافذة مكتبه داخل مبنى مؤسسة الأهرام، محاولاً توثيق الأحداث بكاميرا هاتفه المحمول، انتقل إلى المستشفى ليقضى هناك 5 أيام قبل أن يرحل إلى السماء.
ونذكر أيضًا وائل ميخائيل، المصور بقناة «الطريق»، التى عمل بها ليزيد دخله، حيث إنه فى الأساس موظف بشركة «كريازى».. قاده القدر إلى منطقة ماسبيرو فى أكتوبر 2011 ليغطى الأحداث التى نشبت هناك بين المتظاهرين من جهة وبين عناصر الأمن من جهة أخرى وسط تدخلات مجهولين مسلحين، سرعان ما اشتدت حدة الأحداث لتتحول إلى معركة الأهداف أطرافها غير واضحة، طلقات نارية تطير من أعلى الكوبرى ومن جانب الكورنيش ومدرعات مجنونة تجرى وتدهس، بينما وائل يحاول تسجيل الحدث بكاميرته التى جرت به إلى ذلك المكان، المكان الذى استشهد فيه أثناء أداء عمله كمصور، تاركًا وراءه دين القرض الذى حصل عليه قبل وفاته بشهور، وآلام 3 أطفال أصبحوا يتامى.
ومن القتل إلى الخطف كثرت الضحايا.. على سبيل المثال نذكر هيثم رخا الصحفى بالأهرام، اختطف من قِبل 3 مسلحين أثناء قيادته لسيارته فى طريق مدينة نصر، حيث أطلقوا عليه النار لإجباره على التوقف، ليقوموا بعد ذلك بالاستيلاء على سيارته وهاتفه المحمول، وسرعان ما تمكن من الهرب وقام بالاتصال بالنجدة على الفور.
وفى فبراير 2013 اختطف محمد الصاوى، الصحفى بموقع «مصراوى» على يد مجهولين أجبروه بالقوة على ركوب سيارتهم معصبين عينيه، ليقتادوه إلى مكان مجهول، حيث أطلقوا سراحه بعد ضربه والاستيلاء على متعلقاته.. وفى مارس من نفس العام، تعرض فوزى هويدى، مراسل جريدة المساء بالإسماعيلية، للاختطاف من أمام منزله وتم الاعتداء عليه ضربًا، وذلك بعد تغطيته لحادث قتل سيدة، قال المعتدون إنهم أقاربها.
فى عهد الإخوان الذى لم يستمر طويلاً، استمرت الحرب ضد حرية التعبير، وكان أبرز ضحايا الإعلاميين، الحسينى أبو ضيف، الصحفى بجريدة الفجر، والذى أصيب بطلق نارى بمحيط الاتحادية وسط المعارك التى دارت بين مجموعة من المتظاهرين ومليشيات الإخوان أمام قصر الرئاسة فى ديسمبر 2012 نُقل على إثرها إلى مستشفى الزهراء، ثم تم تحويله إلى مستشفى قصر العينى الذى تتوفر فيه معدات أفضل، دخل فى غيبوبة وتوفى بعد أسبوع، حيث قال الطبيب المعالج إن الرصاصة القاتلة أطلقت من مسافة قريبة، وحمّل الصحفيون مؤيدى الإخوان مسئولية إطلاق الرصاصة التى أودت بحياة أبو ضيف.
وإلى الآن لم تتمكن جهات التحقيق من الكشف عن الجهة المتورطة فى قتل الحسينى بعد عام ونصف العام من رحيله!.
كما قتل أحمد عاصم السنوسى المصور بجريدة الحرية والعدالة التى كانت تصدر عن جماعة الإخوان المنحلة، وذلك أثناء تغطيته أحداث «دار الحرس الجمهورى» فى يوليو 2013 وأعلنت عبير سعدى، وكيل نقابة الصحفيين، أن النقابة ستمنحه عضويتها الشرفية، مع منح أسرته معاشًا استثنائيًا.
وقبل ذلك الحادث بأيام تعرضت الصحافة لحادث مشابه، عندما قُتل صلاح الدين حسن، الصحفى بموقع «شعب مصر»، بعد وقوع انفجار وسط متظاهرى ميدان الشهداء بمحافظة بورسعيد، حيث كان يؤدى صلاح عمله بتغطية مظاهرة تطالب برحيل محمد مرسى، فشاهد أحد الأشخاص وهو يلقى بجسم غريب على المتظاهرين، فحاول أن يلتقطه فانفجر فيه واستشهد.
وفى نفس اليوم قام مجهولون بإلقاء قنابل «حارقة» على مجموعة من الصحفيين كانوا مجتمعين فى مقهيين للتحضير لتغطية التظاهرات فى محافظة السويس، وكان المهاجمون يرددون شعارات مناهضة لوسائل الإعلام أثناء هجومهم على الصحفيين، حسبما أفاد خالد البلشى للجنة حماية الصحفيين بالنقابة العامة، حيث قال البلشى إن بعض المعدات التى كان يحملها الصحفيون تحطمت، بينما أوضحت تقارير الأنباء أن ثلاثة صحفيين تعرضوا للضرب مما استدعى نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج، وهم محمد كمال من جريدة اليوم السابع، ورجائى العطار من موقع «أخبار السويس»، وكريم أنور من جريدة «البديل».
وفى شهر أغسطس من العام الماضى، فقدت الصحافة 4 أشخاص!، ثلاثة منهم قتلوا فى أحداث فض اعتصام رابعة بمدينة نصر، وهم، مصعب الشامى الصحفى بشبكة رصد، وأحمد عبد الجواد بجريدة الأخبار، وحبيبة عبد العزيز مراسلة جريدة جولف نيوز الإماراتية، فيما قُتل تامر عبد الرؤوف مدير مكتب جريدة الأهرام فى محافظة البحيرة بعد ساعات قليلة من بدء حظر التجوال فى مدينة دمنهور يوم 20 أغسطس .2013
وقبل ثلاثة شهور تعرضت الصحافة لعملية قتل أكثر بشاعة، استشهدت ميادة أشرف الصحفية بجريدة الدستور بعد إطلاق النار عليها خلال تغطيتها لمظاهرة تابعة للجماعة الإرهابية، فى منطقة عين شمس، وهى الحادثة التى فجرت الغضب داخل الوسط الصحفى، وجعلت الجهات الرسمية وغير الرسمية تنظر إلى الحادث على أنه اتجاه لتصفية الصحفيين واحدًا تلو الآخر.
وكشفت التحقيقات عن وجود 4 متهمين بالتورط فى قتلها، لقى واحد منهم مصرعه خلال مطاردة قوات الأمن له فى أبريل الماضى، وضبط السلاح المستخدم فى واقعة قتل ميادة.
السجن لم يكن بعيدًا عن الصحفيين، حيث رصد مركز المصرى للدراسات والمعلومات 10 حالات استدعاء للتحقيق، والتى جاء أغلبها فى اتهامات تتعلق بإهانة رئيس الجمهورية، تكدير السلم والأمن القومى، وازدراء الأديان، وإهانة السلطة القضائية، والتعليق على أحكامها.. منهم «إسلام عفيفى» الذى حكمت المحكمة بحبسه احتياطيا على ذمة قضية اتهامه بإهانة الرئيس من خلال نشر «أخبار كاذبة».
ومؤخرًا تم الإفراج «الصحى» عن مراسل قناة الجزيرة فى القاهرة عبد الله الشامى، بعد 10 شهور من حبسه وبعد 4 شهور من إعلانه الإضراب عن الطعام.
ومن إفراج إلى حبس جديد.. صدرت ضد 3 صحفيين بقناة الجزيرة، أحكام بالسجن المشدد من 7 إلى 10 سنوات بعد إدانتهم بدعم الإرهاب، ونشر أخبار كاذبة.
وقبل أيام أيضًا تم القبض على 4 صحفيين أثناء تغطيتهم لأحداث فض قوات الأمن لمسيرة جبهة ثوار وحركة شباب 6 أبريل المتجهة إلى قصر الاتحادية، للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر، ضمن فاعليات اليوم العالمى للتضامن مع المعتقلين، وأخلى سبيلهم قسم مصر الجديدة.