هل يحقق الرئيس المنتخب السيسى حلم جدنا الأكبر الفرعون «سيتى الأول» بتحويل قناة السويس للرافد الجديد لتنمية مصر بالمحور الاستثنائى المرتقب، الذى يحول محيط قناة السويس إلى «هونج كونج» ثانية؟.. «سيتى الأول» معروف بأنه صاحب أول مشروع لقناة السويس، وكان ذلك فى 1310 قبل الميلاد.. ومن سيتى إلى السيسى.. عاصرت القناة طوال 3332 عاما.. هى عمر القناة بشكل أو آخر، انهارت الأحلام وتحولت إلى كوابيس، وعاشت القناة حروبًا ومحاولات نهضة، ومخططات احتلال، ومؤامرات فساد. القناة تجسد على صفحات مياهها البيضاء والحمراء، باسمى البحرين التى تربط بينهما،كل تاريخ معاناة وفرحة المصريين.. ودائما ما تكون العيون الداخلية والخارجية موجهة للقناة، لأنها المصدر الرئيسى لاستقرار ودعم مصر، وواحد من أهم مفاتيح السيطرة على مصر، وبالتأكيد الوقائع تسجل تاريخ القناة، التى حفرها المصريون عدة مرات، وردموها عدة مرات أيضا، لأسباب أمنية وسياسية، منها المرة التى أغلق فيها الخليفة «أبوجعفر المنصور» القناة من ناحية السويس حتى لا تصل إمدادات أهالى مصر الى مكة والمدينة ضد الحكم العباسى، وكل المرات الستة الأشهر التى أقيمت فيها القناة كانت تحمل أسماء الملوك التى تمت فى عصورهم، أقدمهم كما قلنا سيتى الأول، ثم نخاو ودار الأول وبطليموس والإسكندر الأكبر وراجان وعمرو بن العاص، والمرة السابعة والوحيدة التى كانت بدون اسم ملك، هى «قناة السويس».
وطبعا.. كان «فاسكو دى جاما» العدو غير المباشر للقناة باكتشافه طريق رأس الرجاء الصالح، فغربت شمس النقل البحرى عن مصر، لتتحول إلى جنوب أفريقيا، وأصبحت القناة أداة فرنسا لمطاحنة الامبراطورية الإنجليزية التى احتكرت طريق رأس الرجاء الصالح.
وكانت هناك محاولة فاشلة من «نابليون بونابرت» راح فيها 341080 مصريًا شاركوا فى حفر ما من الممكن تسميته «قناة بونابرت»، وليس هذا العدد الكبير جدا من المصريين من ماتوا أسفل القناة، فهى كما كانت دائما بشرة خير المصريين، طوال عمرها، هى أيضا مقبرة المصريين الذين شاركوا فى حفرها، وهم بالملايين ، لكن لا يوجد إحصاء دقيق أو حتى عام، لهؤلاء الشهداء، الذين كتبوا للكثير من الاجيال المصرية الحياة بتضحيتهم وهم يربطون لنا بين البحرين الأحمر والأبيض.
و«قناة السويس» الحالية ، هى نتاج دراسات فرنسية مصرية طوال 21 عاما ، لم يلعب فيها نائب القنصل الفرنسى بالقاهرة «فرناندود دى ليسبس» دورا كبيرا فى بدايتها، كما هو شائع ، ومن المفارقات الرقمية تم استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال من عمليات الحفر، وتكلفتها 369 مليون فرنك فرنسى وعدد العمال الذين شاركوا فيها مليون. ويبلغ عدد الذين ماتوا أثناء الحفر 125 ألف عامل ويبلغ طول القناة وقتها 165 كم وعرضها 190 م وعمقها 58 قدمًا.
ومنذ عدة سنوات يزيد الحديث عن تطوير محور قناة السويس، وكأن القناة بروافدها المتجددة، هى الأم الحقيقية للمصريين، التى تفتح بيوتهم طيلة كل هذه السنوات، والتى نخوض من أجلها الحروب العسكرية ومعارك التنمية، فهى رمز من رموز السيادة والهيبة المصرية، عندما تغلق أو تمس بأى ضرر، يكون هذا نذير شؤم على مصر، ورغم القلق الذى يحاصر القناة خلال السنوات الأخيرة إلا أن إيراداتها تتضاعف بشكل واضح جدا، فالجيش المصرى يحاصر الإرهابيين الذين يحاولون المساس بها، كما طالها الإسرائيليون من قبل، لكن أحدث إيرادات القناة زادت بنسبة 10٪ لتصل إلى 9,441 مليون دولار خلال مارس الماضى.
إقليم قناة السويس هو الابن الجديد للقناة الأم التى تمدنا بالخير من 3332 عاما، وهو من أكثر المواقع أهمية على المستوى العالمى.
ومعروف أن الفساد، وقف فى وجه تطوير قناة السويس التى تعد من المشروعات القومية، رغم أن المحور عندما سيتحول إلى منطقة تجارية صناعية حرة سيفيد الجميع، ودخل القناة بعد تنميتها سيتضاعف عشر مرات، مما يمكن أن ينهض بالاقتصاد المصرى ويوفر آلاف فرص العمل للشباب المصرى والخريجين، على أن يتم التعاقد مع المستثمرين فى وجود المخابرات العامة والمخابرات الحربية والجهاز المركزى للمحاسبات حتى نحمى مصر من أى تلاعب بأمنها القومى ونغلق الباب أمام الخونة والطامعين.
هناك عشرات الدراسات العلمية الجادة التى أجريت لتطوير قطاع قناة السويس، وتحويلها إلى منطقة تجارية وصناعية عالمية كبرى، إلا أن هذه الدراسات مازالت فى الأدراج، ونحن فى انتظار من يستدعيها ويضع خطة استراتيجية شاملة لتنفيذ مشروع التنمية بقناة السويس، كما أن هذا المشروع فرصة للرئيس القادم أن يثبت إخلاصه لمصر وينهض بها.. ونتمنى أن يكون السيسى، وطبعا لا نقصد حملته التى أثبتت فشلها فى الانتخابات.
ويرى الخبراء أن محور قناة السويس من المشاريع القومية الضخمة، والتى من شأنها أن تنقل مصر نقلة نوعية كبيرة، فهو شرارة البدء فى انطلاقة اقتصادية قوية ولن ترجع مصر بعدها إلى الوراء، فإذا تم بالفعل تحققت التنمية الاقتصادية وفتح الباب أمام المستثمرين فى منطقة قناة السويس وسيعاد بناء الاقتصاد المصرى من جديد.