أعترف بأننى ضاقت بى الأرض بما رحبت فى الفترة الأخيرة لأسباب عديدة، وكان من أهمها المحاولات المستميتة من قبل الحكومات المتعاقبة لكسر منبر التنوير والثقافة وحرية الرأى بمؤسسة «روزاليوسف» وكان آخرها تحديدا محاولات حكومة الإخوان لتركيع إرادة هذا الصرح وعرضه فى مزاد علنى عقابا على موقفها، فمنعت المرتبات وحوافز العاملين حتى وصل الأمر ببعض أبنائها إلى تسول ثمن طعام أطفالهم! وخرج الإخوان من المشهد الحكومى والسياسى بعد 30 يونيو، واستبشر العاملون خيرا، وفجأة تواصلت سلسلة القهر لكسر هذه القلعة التنويرية من قبل وزارة التعليم ووزارة التأمينات بدعوى عدم تسديد ديون منذ أكثر من 50 عاما.
وجاءت الخطابات الحكومية إما الدفع أو الحبس لقبطان هذه السفينة المهندس الشاب عبدالصادق الشوربجى الذى تولى إدارة المؤسسة منذ شهور قليلة فقط، برفض متعسف من قبل الحكومة ضد أى حلول لجدولة هذه المسألة.
وشعر العاملون بهذا المنبر بمحاولات تصفية حسابات.. أو لعدم فهم طبيعة الدور الذى تقوم به هذه المؤسسات العملاقة لخدمة الوطن.. مع الوضع فى الاعتبار أن إدارة المؤسسة قد طالبت بإعادة تطويرها وهيكلتها فى فترة زمنية محددة لا تحمل فيها الدولة أى تبعات مستقبلا حتى تكون هذه المؤسسة فى مصاف المؤسسات الاقتصادية الكبيرة صحفيا وثقافيا واقتصاديا، بالإضافة إلى الدور التنويرى لهذا الشعب العظيم.. ولكن.
وفجأة تمت دعوتى منذ أيام لبدء فعاليات بناء وتعليم شباب مصر الواعد بمصر الحديثة، بالبحث عن مواهب شابة فى التصوير وفن الكاريكاتير والخط العربى على يد عظماء وشيوخ هذه المهن النادرة.. كى تتواصل الأجيال ليحضن الكبير الصغير.. ويتعلم الشاب من آبائه الروحيين أصول وقواعد بناء شخصية مصرية مستقلة لا تعبث بأذهانها عقول متطرفة أو هدامة أو أشخاص يزعمون أنهم وطنيون.
ولكنهم فى الحقيقة يريدون تحويل هذه القلاع الثقافية إلى مولات تجارية تبيع الفيشار واللب وإكسسوارات المراهقين.
أعترف بأنى قد دمعت عيناى عندما شاهدت فى هذه الاحتفالية الكبرى كوكبة من العظماء الأساتذة مفيد فوزى وبهاء طاهر وكثيرين.. فضلا عن صوت السيدة الفاضلة فاطمة اليوسف وإحسان عبدالقدوس وكامل زهيرى ورفعت السعيد عبر الفيلم التسجيلى تناشد الكاتب الكبير الراحل محمد التابعى وعباس العقاد الوقوف بجانبها لاستخراج رخصة مجلة «روزاليوسف» منذ .1925
وكانت نقطة الضوء فى هذه الحكومة كلمات يملؤها الشجن والحزن بصوت أحد وزرائها التنويريين د. صابر عرب وزير الثقافة الذى ناشد فى الاحتفالية داخل مؤسسة روزاليوسف أبناء هذه المؤسسة شبابها وشيوخها بألا يحاول أحد كسر هذه القلعة الثقافية والتنويرية لأن جذورها ضاربة فى بنيان هذه الأرض الطيبة.