إذا تأملنا فيما أعجزه القرآن الكريم من أقوال سنجد أن أول ما بدأ به القرآن هو أول آية من سورة العلق.. بسم الله الرحمن الرحيم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ. الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) صدق الله العظيم. وكتب «ألبرت هيوبارد»: لن يكون هناك بلد متحضر حتى ينفق على الكتب أكثر مما ينفق على شراء اللبان. وقال «إدوارد ليتون»: كن سيد الكتب لا عبدها، اقرأ لتعيش ولا تعش لتقرأ. والكثير منا يعلم أن القراءة غذاء الروح، ومن ناحية أخرى أصبح موضوع القراءة تحت مجهر العديد من الدراسات التى أرادت معرفة كيف ينهض المجتمع، فقد أوضحت إحدى الدراسات- التى أجريت حول معدلات القراءة فى العالم- أن معدل قراءة المواطن العربى سنوياً ربع صفحة، بينما معدل قراءة الأمريكى 11 كتاباً، وكل من البريطانى والألمانى سبعة كتب، بمعنى أن كل 20 مواطناً عربياً يقرأون ما يعادل كتاباً واحداً فى السنة، فى حين يقرأ البريطانى أو الألمانى 7 كتب، أى ما يعادل 140 شخصاً عربياً، ويقرأ كل مواطن أمريكى 11 كتاباً فى السنة، أى ما يعادل ما يقرأه 220 عربياً فى السنة، أما على مستوى نشر الكتب فيصدر العالم العربى نحو 2000 كتاب سنوياً، فى حين تصدر أمريكا وحدها أكثر من 85 ألف كتاب سنوياً.
وصدر على المستوى المحلى تقرير عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بعنوان «ماذا يقرأ المصريون؟»، كشف عن أن 88٪ من الأسر المصرية لا تقرأ إلا الكتب المدرسية، وترتفع هذه النسبة فى الريف مقارنة بالحضر، وأن 79٪ من النسبة القارئة تكتفى بقراءة الكتب الدينية، وهذا يعنى أن هناك 76٪ من الأسر لا تقرأ أى نوع من الصحف أو المجلات.
ويقدر عدد الأسر التى يقوم أحد أفرادها على الأقل بممارسة القراءة بحوالى 2,2 مليون أسرة، منهم حوالى 5,1 مليون أسرة لديها مكتبة صغيرة بالمنزل. وقد أشار إلى أن 4٪ فقط من الأسر المصرية يقومون بقراءة الكتب بانتظام، وتبلغ النسبة 6٪ فى الحضر مقابل 2٪ فى الريف. وأن 30 من أرباب الأسر أو أحد أفراد أسرهم الذين يقرأون يحرصون على القراءة بانتظام، و56٪ يقرأون أحياناً.
وإيماناً من بعض المثقفين العارفين بأهمية القراءة تبنوا عدة مشروعات مهمة تحث المجتمع على القراءة لتنمية المجتمع والنهوض به فهناك تجارب عديدة على شبكة الإنترنت لمنتديات تحث على القراءة ومناقشة الكتب والمعلومات، وبالإضافة إلى ذلك يوجد صفحة على موقع Facebook فى رأيى تقدم خدمة جليلة لمن يعرف قدر القراءة وهى صفحة (هات وخد) وتقوم على إرسال الكتب التى تطلبها حتى باب البيت من خلال رسوم اشتراك زهيدة، حتى لا تدع الكسل يتخللك، أما عن التجربة التى أعيش فيها منذ سبعة أعوام فهى البذرة التى زرعها الأستاذ الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة وأطلق عليها «منتدى القراءة» التى يتجمع فيها العديد من طلاب العلم أسبوعياً لقراءة أصول الكتب، وطرح المناقشات البناءة، ومن ثم تحول المنتدى إلى جمعية مشهرة تحمل شعار «العارفون يمتنعون» وهو شعار يجسد الاعتراف بالجهل والبحث الدائم عن المعرفة والوجود المختلف. وتطمح الجمعية أن تتمكن ذات يوم من إجراء مسابقة كبرى للقراء يكرم فيها كل عام القارئ الأول، وذلك إيماناً منها بألا نهضة بدون قراءة وعلم ومعرفة.
وعلينا أن نعرف إذا أردنا أن ننهض بأمتنا ومجتمعنا من جديد، أن نضع أمام أعيننا أولى كلمات الوحى التى تنزل بها جبريل عليه السلام على سيدنا محمد (ص) وهى كلمة «اقرأ» التى كانت السر فى إخراج المعجزة من الإنسان والتى بنت أعظم حضارة، وندرك أن القراءة التى تزيد من مداركنا العلمية طاعة لله عز وجل، وليس من سبيل لأخذ يد مجتمعنا إلى الأمام من دون العلم والمعرفة، وأن تتبنى الدولة سياسات تشجيعية للأطفال والشباب من خلال المكتبات العامة والأندية الاجتماعية وتتكاتف معهم وسائل الإعلام لتوضيح أهمية القراءة فى النهوض بالعقول ومن ثم النهوض بالمجتمعات لبناء حضارات.