قالوا عن المرأة زمان إن قوتها فى ضعفها، فمن السهل أن تكسب المرأة بكلمات رقيقة، ولكن قالوا أيضاً: «اتق شر الحليم إذا غضب» فتتحول المرأة من ضعف إلى بركان من الغضب حتى تحمى حقوقها. وهذا ما حدث منذ القرن التاسع عشر فى 1857 لتحصل على يوم عيدها، عندما خرجت مجموعات من النساء فى مدينة نيويوركالأمريكية للتعبير عن الظروف اللا إنسانية التى أجبرن عليها فى العمل، وكان نتاج هذا التظاهر هو تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج فى أمريكا بعد عامين من هذه الاحتجاجات. وعادت مرة أخرى هذه الاحتجاجات النسائية فى الثامن من مارس عام 1908 ليخترن هذه المرة شعاراً لهن هو «خبر وورود» ومطالبات هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وقد نتج أيضاً عن هذه الوقفة الاحتجاجية بداية تشكيل حركة نسائية داخل الولاياتالمتحدة تحت اسم Suffragists، ومن ثم بدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك.
وفى مؤتمر كوبنهاجن، اقترحت النساء الأمريكيات أن يخصص يوم الثامن من مارس كيوم عالمى للاحتفال بالمرأة، ولكن هذا الاقتراح تبنته منظمة الأممالمتحدة بعدها بسنوات عديدة ليطبق فى عام 1977 ويكون هذا اليوم هو رمز لنضال المرأة وتخرج فيه لتطالب بحقوقها وتذكر العالم بمازالت تعانيه للحصول على أبسط حقوقها.
واليوم نحن نتحدث عن المرأة المصرية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو وما حققته هذه الثورات للمرأة المصرية من إنجازات على الرغم من الصعوبات التى تواجه المجتمع المصرى والمرأة معاً إلا أنها استطاعت أن تحقق بعض الإنجازات.
فعلى المستوى الداخلى استطاعت المرأة المصرية وبالأخص بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو أن تثبت أن لها دوراً مهماً فى الحياة السياسية، واستطاعت أن تحصد العديد من المقاعد الوزارية فى كل وزارة تتشكل منذ 25 يناير ,2011 ومن ثم حدثت نقلة لتمكين المرأة فى الحياة السياسية، بالإضافة إلى دورها فى المشاركة فى الانتخابات والاستفتاء على الدستور والتى وصلت نسبة مشاركتها إلى 55٪، حيث وصلت نسبة المقيدات فى الجداول الانتخابية إلى 41٪.
ونزيد على ذلك على الصعيد الاقتصادى، أصبحت نسبة مشاركة المرأة فى قوة العمل تصل إلى 23,1٪، وقد نالت المرأة نحو 31,2٪ من الوظائف الإدارية العليا بالقطاع الحكومى، أما على المستوى الاجتماعى فحظيت بمجموعة من القوانين التى تحمى حقوقها وتحمى أطفالها، بالإضافة إلى زيادة نسب مشاركتها فى التعليم وانخفاض نسب التسرب منه، فهناك زيادة فى نسبة المقيدات بالدراسات العليا بالجامعات الحكومية من إجمالى المقيدين، حيث بلغت (8,50٪)، ونسبة الحاصلات على دبلوم وماجستير ودكتوراه 65٪ من إجمالى عدد الخريجين. ونسبة الحاصلات على جوائز الدولة التقديرية فى مجال العلوم والتكنولوجيا وصلت إلى 83٪، أما نسبة الحاصلات على جائزة الدولة للتفوق فكانت 43٪، وأما عن الوعى الصحى فزاد لديها للحفاظ على صحتها وصحة أبنائها ونجاحها بشكل كبير فى تربية أبنائها.
أما على الصعيد العالمى فقد حصدت العديد من السيدات عدة جوائز عالمية فى مجالات مختلفة، فقد نالت الدكتورة وفاء حجاج جائزة المرأة المخترعة عن عدة اختراعات فى مجال المبيدات الزراعية، كذلك الدكتورة منى مصطفى وهى واحدة من أهم علماء النساء فى الشرق الأوسط لأبحاثها القيمة فى مجال مرض سرطان الثدى حول العالم، وغيرهن الكثير.
والأهم هو أن الدولة المصرية تؤمن بأن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق فى مجتمعنا دون مشاركة إيجابية من المرأة كما تؤمن بأهمية دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع وتسعى لتفعيل إسهامها فى الحياة العامة، وتتبنى سياسات تؤدى إلى تدعيم مكانتها اقتصادياً واجتماعياً وتشجيعها على المشاركة السياسية بجميع صورها. وفى ضوء ذلك أطالب القائمين على الاهتمام بالمرأة ودورها أن يحققوا سياسات تمكين المرأة من خلال إدماج قضايا المرأة فى جميع السياسات العامة ذات الصلة، وتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، بالإضافة إلى توسيع مشاركة المرأة فى الحياة العامة، والقضاء على أى صور للتمييز ضد المرأة.