المؤكد أن ليس أهم شىء فى مسيرة النجمة «كيت بلانشت» الفنية هو مشاركتها ككومبارس فى الفيلم المصرى «كابوريا» إخراج «خيرى بشارة» عام 9891. الصدفة كانت هى الدافع الوحيد لهذه التجربة فى حياة «بلانشت» فهى لم تأت إلى مصر بحثا عن العمل فى السينما ولا عن المجد والشهرة، لذلك فهذا الأمر ليس بالشىء الذى نفتخر به فى مصر لدرجة الحديث المتواصل عنه فى وسائل الإعلام منذ حصولها على جائزة الأوسكار أفضل ممثلة فى الأسبوع الماضى، الواقعة من وجهة نظر «كيت بلانشت» وكما حكتها أثناء تكريمها فى مهرجان نيويورك الأخير فى أكتوبر الماضى، حدثت كالتالى: «كيت» كانت فى الثامنة عشرة من عمرها عندما مرت بمصر فى طريق عودتها من انجلترا إلى استراليا، من خلال أحد أصدقائها ذهبت مع مجموعة من الأجانب للمشاركة ككومبارسات فى الفيلم الذى ظهر من خلاله العديد من الوجوه الأجنبية، مدير مهرجان نيويورك سأل «بلانشت» حول هذه الواقعة فقالت: «هذه حكايتى الطريفة الوحيدة.. لقد ذهبت لأقول عدة كلمات بالإنجليزية فى مقابل أجر خمسة جنيهات حصلت عليها.. ووجبة «فلافل» لم أحصل عليها.. لأن المخرج لم يعجبه أدائى فأخذ يصرخ فى من خلال ميكروفون.. فتركت التصوير.. «وهنا وقفت إحدى السيدات اللائى حضرن لقاء تكريم «بلانشت» فى نيويورك وقالت «أنا مصرية وموجودة بصحبتى المخرج الذى صرخ فيك وهو يعتذر عن ذلك».. فردت كيت : «لا توجد مشكلة.. لقد نجوت». رحلة «كيت بلانشت» الفنية الفعلية بدأت من مسارح أستراليا - موطنها الأصلى - والذى عاشت بها سنوات حياتها الأولى.. «كيت» التى شاهدت عرضا لساحر وهى فى السادسة من عمرها.. قررت وهى طفلة أنها تريد العمل كممثلة.. الغريب أن المخرج «وودى الآن» الذى منحها فيلمه «الياسمين الأزرق» أوسكار أفضل ممثلة، كان يعشق السحر وهو طفل وكان قادرًا على ممارسة بعض الألعاب السحرية. بعد سنوات التحقت «كيت» بالدراسة فى المعهد الوطنى للفنون المسرحية فى أستراليا. ومع أول أدوارها على المسرح فى عام 1993 من خلال شخصية العروس فى مسرحية «رقصات كافكا» نالت جائزة أفضل وجه جديد، واستمرت فى تقديم شخصيات مميزة على المسرح منحتها جوائز وتقديرات متوالية كان من ضمن هذه الشخصيات «أوفيليا» فى «هاملت».. ومع المسرحيات قدمت «بلانشت» عدة أدوار للتليفزيون ثم عددًا قليلا من الأفلام هى: «الحدائق» ،«طريق الجنة»، «الحمدلله أنه التقى ب(ليزى)» و«أوسكار ولويسندا» الذى كان إنتاجا مشتركا بين أستراليا وإنجلترا والولايات المتحدة.. ويعد هو الفيلم الذى فتح طريق الاحتراف ل«كيت بلانشت» حيث رشحت بعده لأداء شخصية الملكة اليزابيث فى الفيلم الإنجليزى «اليزابيث» عام ,1998 الدور الذى رشحت له قبلها كل من «ميريل ستريب» و«نيكول كيدمان» ولكنه ذهب فى النهاية ل«كيت» ليمنحها أول ترشح لجائزة أوسكار أفضل ممثلة عام .1999 ويجعل مخرج الفيلم «شيخار كابور» أثناء التصوير يفكر فيها ويقرر عمل فيلم جديد عن «اليزابيث» من بطولة «كيت بلانشت» أيضًا، وبعد عشر سنوات يحققان ذلك ويأتى الترشح الثانى لنفس الجائزة - أفضل ممثلة - عام 2008 من خلال فيلم «اليزابيث: العصر الذهبى».
وفيما بين «اليزابيث» الأول والثانى تقدم «بلانشت» أفضل تجسيد لعدد من الشخصيات الحقيقية، بداية من شخصية الصحفية الإيرالندية «فيرونيكا جورين» فى فيلم بنفس الاسم عام 2003 ثم تجسيدها لشخصية نجمة هوليوود «كاثرين هيبورن» فى فيلم «الطيار» عام 2004 والذى نالت عنه أوسكار أفضل ممثلة مساعدة، ثم تجسيد جديد من نوعه على امرأة حيث أدت شخصية المغنى «بوب ديلان» فى فيلم «أنا لست هناك» عام 2007 والذى منحها ترشحا جديدا للأوسكار أفضل ممثلة مساعدة، ويضاف الى هذه الترشيحات ترشح آخر كأفضل ممثلة مساعدة أيضا عام 2005 عن دورها فى فيلم «ملاحظات حول فضيحة»، لتتمكن من خوض معركة الأوسكار ست مرات فى خمسة عشر عاما.
مع الأعمال السابقة والتى نال كل منها العديد من الترشيحات للأوسكار.. شاركت «كيت» أيضا فى أفلام «بابل» و«حالة بنيامين بوتون المثيرة للفضول».. بالإضافة لمشاركتها فى ثلاثية «مملكة الخواتم» وأحدث أجزاء «أنديانا جونز».. فهى تعد من النجمات القلائل اللائى لا يترددن فى تجريب أنفسهن فى أعمال مختلفة ومع مناهج متعددة لمخرجين متنوعين.. فعلى مدار مسيرتها الفنية تعاملت «كيت» مع مخرجين مثل: «مارتن سكورسيزى»، «ستيفن سبيلبرج» ، «بيتر جاكسون» ، «جيم جارموش»، «ويس اندرسون»، «وودى الان» ومؤخرًا «تيرانس ماليك».
وتتميز «كيت بلانشت» أيضا وتوصف بأن قدرتها كممثلة لا تمنحها فقط التميز والتنافس على الجوائز، بل تمنح ذلك أيضا للممثلين الذين يقفون أمامها. والدليل أن معظمهم يقدم أفضل ما لديه وينال ترشيحات للأوسكار عن الأعمال التى يشترك بها مع «بلانشت» مثلا : «ليوناردو دى كابريو» رشح لأفضل ممثل عن «الطيار» ، «جودى دنيش» عن «ملاحظات حول فضيحة»، «براد بيت» عن «حالة بنيامين بوتون المثيرة للفضول»، وأخيرًا «سالى هوكينز» عن «الياسمين الأزرق».
فيلم «الياسمين الأزرق» الذى نالت عنه «كيت بلانشت» جائزة الأوسكار أفضل ممثلة، هو الفيلم رقم 48 فى المسيرة الفنية للمخرج «وودى آلان» - 79 عاما - من خلال هذا الفيلم يعود «آلان» الذى يعيش منذ سنوات فى باريس إلى مدينته الأصلية نيويورك مرة أخرى، لتدور الأحداث بين نيويورك وسان فرانسيسكو.. وذلك بعد أن أصبحت أوروبا هى المكان المفضل لقصص أفلامه الثمانية الأخيرة، «آلان» كان دائما يمنح الأوسكار لبطلات أفلامه من «ديان كيتون» ل«ميرا سورفينو»، و«بينلوبى كروز».. وقد عرض الفيلم على «كيت بلانشت» دون أن يعلم أنها قامت بأداء شخصية «بلانش» فى «عربة اسمها الرغبة» على المسرح الأسترالى.. وهى شخصية شديدة أشبه بشخصية «جاسمين» فى الفيلم ..امرأة من الطبقة العليا، مترفة ومتعجرفة تأتى للعيش مع أختها المتوسطة الحال.. وينتهى الحال بها إلى الجنون. أداء «كيت» فى هذا الفيلم يكاد أن يمحو جميع من سبقنها فى أداء نفس الشخصية.. فالشخصية فى الفيلم لا توتر من حولها فقط وتشعرهم بالقلق بل تتمكن «بلانشت» من توصيل هذا الإحساس للمتفرج. وتتمكن أيضا من عمل توازن فى أدائها يجعل الكل غير قادر على معرفة ما إذا كانت عاقلة تدعى الجنون، أم مجنونة تدعى العقل حتى آخر مشهد فى الفيلم.