ليس هناك تعبير عن العلاقة الأبدية بين مسلمى ومسيحيى مصر أصدق مما قيل على موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك).. لقد فشلت عملية فصل التوأم المصرى مسلم ومسيحى لأنهما يعيشان بقلب واحد (وتلك الصورة تعبر بكل صدق عن علاقة الترابط القوية بين المسلمين والمسيحيين وأنهما كانا شركاء فى كل شىء فى الحروب وفى الثورات فلا أحد يستطيع أن ينكر أن أحداث كنيسة العمرانية ومقتل اثنين من الأقباط وكذلك أحداث كنيسة القديسين كانتا محركا أساسيا لاشتعال ثورة يناير ليقدم الأقباط مع المسلمين الشهداء كوقود للثورات وكذلك فى ثورة 30 يونيو وكان الأقباط أكثر من دفع ضريبة سقوط حكم الإخوان . قدم الأقباط تضحيات كبيرة منذ مشاركتهم فى يناير 2011 وحتى 30 يونيو من شهداء وكنائس وتهجير حيث حرقت وخُربت لهم نحو 60 كنيسة بدأت بمارجرجس فى رفح ثم الشهيدين فى صول بأطفيح ومارمينا فى إمبابة فى 2011 وتوالى سقوط الشهداء ويرى الكثير من المحللين أن الأقباط هم من بدأوا الثورة على الشرطة بعد أحداث العمرانية فى ديسمبر .2010
ويقول الباحث عيد سعد على الرغم من نجاح سياسات نظام مبارك فى عزل الأقباط واختزالهم فى رأس الكنيسة الممثلة فى قداسة البابا باعتباره الأب الروحى لهم المعبر عن آراء جموع الأقباط وتوصيات الكنيسة بعدم المشاركة فى الاحتجاجات، بدعوى أنها مظاهرات داعية إلى التخريب والهدم. كانت هناك مجموعة من الانتفاضات تمثل خروجا على العزل السياسى والخضوع الكنسى بدايتها أحداث العمرانية والتى كانت الشرارة الأولى للثورة وخروج الأقباط على الحكم والكنيسة ومواجهات مع الشرطة أمام محافظة الجيزة بسبب انتهاك للوحدة الوطنية وغياب الرؤية الوطنية والقصور فى تسيير العمل الإدارى فى بناء كنيسة، وقدم الأقباط فى هذه الأحداث شهداء إلى جانب أحداث كنيسة القديسين وقدمت أيضا الكنيسة وقودا جديدا ليشعل الثورة ويعطى الشرارة للثورة الحقيقية المطالبة بالحقوق المشروعة لأفراد يعيشون فى مجتمع يتجاهل هذه الحقوق فى ممارسة أبسط الحقوق فى بناء دور عبادة ويتجاهل حقوق السياسة والتمثيل فى كل هيئات المجتمع وتزامنا مع فكرة التوريث أصبحت هناك أهداف مشتركة بين أفراد المجتمع ألا وهى القصاص من الحكومة فى شخص الرئيس وفكرة الحرية والكرامة الإنسانية هذا كله جعل للمواطن القبطى أهدافا مشتركة إلى جانب القمع من جهة الحكومة وتهميش الأقباط واختزال الأقباط فى صورة البابا فلم تعد للكنيسة السلطة على عقول الأقباط فبعد انعزال الأقباط لمدة ما يقرب من 30 سنة كان لدى الأقباط فكرة الوطن هو السماء أم العالم زائل ومع كلمات البابا أن مصر وطن يعيش فينا كان هناك شتان بين رأى أن الوطن زائل وفكرة المواطنة، كان هناك انفصام فى الشخصية بين ترسيخ مبدأ المواطنة وتجاهل حقوق الأقباط من خلال الكنيسة والالتزام من خلال التوصيات التى تأتى من السلطة للكنيسة مباشرة والتعليمات من السلطة. وهو ما رفضه الأقباط بمشاركتهم العملية فى ثورة يناير.
فيما يقول أسامة عيد مدير بانوراما شهداء الثورة المصرية الكثير من المتابعين يؤكدون أن مذبحة كنيسة القديسين والاعتداء على كنيسة العمرانية قبلها بشهر تقريبا أمام محافظة الجيزة كانت مقدمات لثورة 25 يناير ولأول من هتف بسقوط مبارك والعادلى كان أقباط العمرانية وشاهدت ذلك بنفسى أثناء تغطية مظاهراتهم وقدم الأقباط على مدار الثورة الكثير من الشهداء تارة كمصريين مشاركين فى الثورة يطالبون بالحرية ومساندين لإخوتهم فى الوطن وتارة استهدفوا على أساس هويتهم الدينية على يد جماعات الإسلام السياسى والكارثة الكبرى أن أغلب من قتلوا لم يُقدم قاتلوهم لمحاكمات بل شهيد متهم كما حدث فى مذبحة ماسبيرو وحيث اتهم فيها الشهيد مينا دانيال ومايكل مسعد.
وهناك حادثة بشعة يوم 8 مارس 2011 بعد التنحى بفترة قليلة حيث هاجم البلطجية منطقة الزرائب وقتل 6 أقباط ونهبت بيوت المئات وأحرقت مصانع وبيوت وكان مشهدا صعبا للغاية خاصة أن ذلك استمر يوما كاملا دون تدخل أمنى إلا بعد ضغط إعلامى. وبعد انتهاء حقبة المجلس العسكرى ووصول الإخوان للحكم كان الأقباط على موعد مع سلسلة من الأحداث المؤسفة واستهداف الكنائس والأقباط كان أصعبها الخصوص وأحداث سمالوط والمنيا وبنى مزار وأسيوط وسوهاج
وقنا كانت واضحة وانتشار حالات الاختفاء للفتيات وكانت كارثة الاعتداء على الكاتدرائية صدمة للعالم وليس المصريين فقط وبعد 30 يونيو كان الأقباط أيضا هم أكثر من دفع ضريبة إنهاء حكم الإخوان وإرهابهم والدليل على ذلك مجزرة الوراق التى أبكت مصر كلها ومريم كانت أيقونة الشهداء والتي تلقت فى جسدها 12 رصاصة وأحرقت كنائس وصل عددها إلى 90 كنيسة وكان باكورة شهداء 2014 شهيد عين شمس شاب لم يتعدى ال 20 عاما وأطالب الدولة بالاهتمام بشهداء الأقباط ومعاملتهم بالمثل ومساواتهم فى الحقوق وإدراج أسماء شهداء ماسبيرو وكل الأحداث الطائفية فى الفترة الأخيرة لأنهم مصريون ولا تكتفي بدعم الكنيسة ونحن فى بانوراما شهداء مصر قررنا عمل جدارية لكل شهداء الاعتداءات الطائفية تخليدا لهم ولذكراهم وستكون عبارة عن جدارية مساحتها 33 مترا تضم من استشهدوا من 1972 وحتى الآن.
ويؤكد الإعلامى جرجس بشرى أن أقباط مصر هم الشرارة الأولى للانتفاضة ضد الظلم والطغيان فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك خاصة أنهم أعلنوا قبل 25 يناير عن تنظيم عدة تظاهرات فى ميادين مصر وخاصة ميدان التحرير عقب أحداث نجع حمادى التى وقعت ليلة الاحتفال بعيد الميلاد 2010وتلاها عدة تظاهرات احتجاجا على حرق وهدم الكنائس وقتل الأقباط والتى كان أخطرها أحداث كنيسة القديسين.
ويقول الكاتب مجدى خليل مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات والمتحدث باسم منظمة التضامن القبطى:
إن الأقباط فى المهجر قاموا بالدور الأساسى فى دعم الثورة المصرية وفى دعم الدولة المصرية وفى مواجهة الإخوان، منذ ثورة 25 يناير 2011 خصص الأقباط فى المهجر جزءا كبيرا من نشاطهم لدعم الدولة المصرية والثورة المصرية، وخاصة وأنهم استشعروا منذ البداية أن الإخوان قادمون ليختطفوا الثورة، وقد قامت منظمة التضامن القبطى الدولية، المنظمة الأكبر فى المهجر، بمجهود جبار فى هذا الصدد، وقد خصصت مؤتمرا دوليا كاملا داخل الكونجرس للحديث عن خطورة الإخوان وعلاقة أمريكا بهم، ويعتبر المؤتمر الأول من نوعه الذى يتناول هذا الموضوع فى أمريكا، تحدث فيه 12 عضو كونجرس وأكثر من 30 سياسيا وباحثا فى شئون الإخوان، كما قادت المنظمة أكثر من 20 مظاهرة كبرى فى واشنطن على مدى الأعوام الثلاثة الماضية لدعم الدولة المصرية والجيش المصرى ومهاجمة إرهاب الإخوان المسلمين، علاوة على ترتيب أكثر من جلسة استماع فى الكونجرس عن مصر وعن الإخوان. وفى نفس الوقت قادت المنظمة حملة ضخمة من خلال بياناتها التى نشرتها الكثير من الصحف الأمريكية ووزعتها وكالة رويترز، كشفت فى هذه البيانات خطورة حركة الإخوان ودافعت عن الدولة المصرية وعن الشعب المصرى وحقوقه وحريته فى طرد الإخوان من الحكم. إن الأقباط فى المهجر قاموا بالفعل بالدور الأساسى فى دعم الثورة والجيش المصرى ودعم الدولة والدفاع عنها ضد محاولة إسقاطها وكذلك فى مجابهة تيار الإخوان المسلمين ونشروا الإعلانات فى كبرى الصحف الأمريكية دعما لثورة 30 يونيو، وبالتأكيد هناك جهات كثيرة راقبت ورصدت دور أقباط المهجر الوطنى فى دعم مصر شعبا وثورة وجيشا ودولة، وكذلك فى مساندة مصر دوليا لمواجهة الحملة الدولية الشرسة التى تعرضت لها من التنظيم العالمى للإخوان ومن تركيا وقطر، ولعل أحدث البيانات التى نشرتها منظمة التضامن القبطى مؤخرا هو تبيان دعم نتائج الاستفتاء على دستور 2013 والترحيب بالنتائج وبالدستور الجديد.