تصاعدت اعتراضات الناشطين على التسجيلات، رفع ابن القرضاوى، والناشط مصطفى النجار دعوى لإغلاق القاهرة والناس، ووقف بث البرنامج. لجآ للقانون الجنائى، لمنع إذاعة دليل تلاعبهما بقانون الوطن، والانتماء، لأرض يموت من أجلها شهداء طالبوا بحقهم ذات يوم. تكلموا عن الحريات، وهم من أدخلوا زناة الليل، غرفة نوم الوطن، وتنافخوا شرفا، وخوفا على حياتهم الخاصة.
معلون أبوالحريات، لو كانت تغطى سوءات، اللعب بتراب البلد، وهدمها فوقانى تحتانى، باسم الحرام والثورة، قالوا: القانون ولما منعوهم من السفر باسم القانون، شككوا فى القوانين.
فى قصيدة للرائع مظفر النواب: أدخلتم كل السيلانات الى حجرتها، ووقفتم تسترقون السمع لصرخات بكارتها.. فأى قرون أنتم؟.
لا يكذب الشعر، كما لا تكذب وثائق الخارجية الأمريكية.
لا خير فى نشطاء، استعانوا بالخارج، لإنقاذ بلادهم فى الداخل، لدينا من العقل ما يكفى، كى لا نصدق أن من ابتغى وجه الوطن، ووضع نفسه فى زمرة «النخب»، يستعين على بلاده، بالأجانب.
لم تجيز الحريات يوما، ولا نظريات السياسة التعامل مع المخابرات الأمريكية والمركزية، ووكالة الأمن القومى فى واشنطن، باسم النشاط.. لإنقاذ المصريين.
كيف يطالب نشطاء، بجلاء نظام مبارك بدعوى الديكتاتورية، وموالاة الأمريكان، بينما يتداولون هم صفقات، تنفيذا لرغبات الأمريكان؟
كارثة. والكارثة فينا أيضا.
نزلت على عيوننا غشاوة، وقت الأحداث، فأغلقنا قلوبنا، وأفواهنا بال«بلاستر الشديد» وسرنا فى الاتجاه الذى قادنا إليه، الأسوانى والبرادعى وأسماء محفوظ، وإسراء عبد الفتاح.
بعضنا اقترب من رفع أسماء محفوظ إلى مكانة، عمنا نجيب محفوظ «اهه كله محفوظ»، وادخلوها بسلام آمنين.
وفى حين كانوا فى واشنطن يتجادلون فى جدوى الاستعانة ، بمصريين موصوفين بالنشاط لتنفيذ الخطة وإسقاط الجيش تمهيدا لولاية «إسلاميين»، وفيما كانت الحرب على أشدها بين البنتاجون والخارجية فى جدوى الاستعانة ب«الثوار»، ل« تأليب» البلد وزرع الفتن كان المصريون موقوفين على متابعة نفس الشباب على فضائيات يسرى فودة.. ومنى الشاذلى.. مصدر الوطنية كانت ريم ماجد وبعض حلقات الأستاذ محمود سعد.
كان الدكتور البرادعى هو الأيقونة، وقدمت الصحافة إسراء وأسماء، باللتين جمعتا «أنوثة» المصريات «وذكورة» الدم الحامى.
لم يضرب الشعب أسماء محفوظ، إلا بعد فوات الأوان، ولم يعتر علاء الأسوانى الفهم، فيسب البرادعى، إلا بعد أن اقتربت مالطة من الخراب، لم يتبرأ بلال فضل من أستاذه وولى نعمته إبراهيم عيسى، إلا بعد أن بات الأستاذ إبراهيم يقول ما كنا نقوله قبل يناير.. فقالوا لنا: اطلعوا من البلد.
قال زميل ثورى إنه يفضل إسرائيل على نظام مبارك، وسمعت زميلة تقول لرئيس تحرير إن لديها ما تكتبه نصرة للجيش، لكنها امتنعت «لأن الزملاء هيزعلوا منى»!
قد تفسر وثائق الخارجية الأمريكية أسباب رفع وائل غنيم وأحمد ماهر ومحمد عادل فى عليين يناير 2011لكنها لم تفسر ما الذى جعل وائل غنيم يعود من حيث أتى بعد 30 يونيو، مع أن الثورة كانت مستمرة، ضد إخوان يقتلون الآلاف فى الشارع علنا باسم الشرعية!
فى بيانه استغرب «أبو وئولة» أن يكون ممن يتآمر على بلاده. وضع نفسه كما يصر النشطاء على وضع أنفسهم فى عليين مرة أخرى.
كل المصريين خطاؤون، إلا النشطاء كله مفبرك، إلا دفاع النجار وابن داعية إسلامى كان والده على وشك تخريج أحاديث فى فضل مرسى وعصمة حكام قطر بينما الابن فى القاهرة يجاهد فى سبيل ملفات علاقاته النسائية وصداقة المومسات.
العهدة على رواة أن الدكتور حسام بدراوى فى عليين هو الآخر. يحشر مع وائل غنيم والمسئولين فى شركة جوجل.. والقديسين.
توضأت قبل الكتابة، أحسن تطهرك أنت أيضا قبل أن تمس عيناك سير الناشطين، تحفها الملائكة.. وأرواح مقدسة!
عام 2011 قال باراك أوباما: أريد فتى جوجل رئيسا لمصر لا الفضائيات تفبرك ولا الأقمار الصناعية تدلس.
لا تدليس فى التاريخ ولا فى الخطابات المذاعة. يُذكر الماضى، لكن لا يعود، وقصة وائل مع جوجل على عينك يا تاجر، لكن إليك بعض المعلومات الخفية.
7 ديسمبر ، 2007 تكلمت وثيقة صادرة من السفارة الأمريكيةبالقاهرة عن موافقة واشنطن على طلب تمويل منظمات حقوقية وناشطين فى مصر ب 10 ملايين دولار ل«دعم الديمقراطية».
وخصصت الوكالة الأمريكية للتنمية 66 مليون دولار لما وصفته «تعديلات البنية الهيكلية للحكم فى مصر»، واعتمدت الوكالة 75 مليون دولار لبرامج «نشر الديمقراطية ودعم الحكم الجديد».
الوثيقة نشرتها الإندبندنت البريطانية، ثم أعاد ويكليكس نشر بقيتها، حيث وجهت واشنطن دعما تدريبيا مباشرا لبعض شباب السياسيين المصريين لاستخدامهم فى تغيير مصر، بطريقة «التفجير من الداخل».
قالت الوثيقة إن سفارتى الولاياتالمتحدة فى كل من القاهرة والإمارات قد ساعدتا معارضا شابا اسمه وائل غنيم للاشتراك فى خطة التدريب.
وحسب الوثيقة استدعى غنيم إلى الولاياتالمتحدة قبل يناير 2011 ، وعملت الأجهزة هناك على إخفاء شخصيته والتغطية على حضوره ندوات فى نيويورك عن أجهزة الأمن المصرية والعربية.
قالت مصادر لروز اليوسف إن أحد الأجهزة العربية وصلته معلومة حضور وائل وآخرين ورشة التدريب وأبلغ مسئولين مصريين، كان لديهم المعلومات.
وخلال عدة زيارات لمصر بين 2008 و2010 أجرى وائل مقابلات بالسفارة الأمريكية لإبلاغ أعضائها، أن تحالفا من الجماعات المعارضة (بما فيها إسلاميين) وضع خطة للإطاحة بنظام مبارك وتنصيب رئيس ديمقراطى واضح من وصفه أنه الدكتور محمد البرادعى.
وفى وثيقة أخرى صادرة من السفارة فى القاهرة بتاريخ 9 أكتوبر 2009 استنكر مسؤلون مصريون استغلال واشنطن للشباب المصرى فى أعمال «لا تتلاءم مع الأعراف الديبلوماسية».
وفى برقية، من السفيرة الأمريكية إلى واشنطن بتاريخ 28 فبراير ,2008 قالت إنها تلقت رسالة شديدة اللهجة من الوزيرة فايزة أبوالنجا للتوقف عن دعم «غير ملائم» و«بطرق غير ملائمة» شباب مصرى، وتدريبهم فى الخارج على أعمال «ضد الدولة».
لم يقتصر تدريب النشطاء المصريين على أمريكا، فقد تلقت سفارة عربية بالقاهرة من تابعين فى دول غرب أوروبا (صربيا أو جورجيا) أسماء نشطاء مصريين (نشطاء 6 إبريل)، رصدت لقاءاتهم مع عملاء مخابرات أجنبية، وطلبت البرقية من سفيرها إبلاغ الرسالة القاهرة.
ربما فى 2011من أرادها ثورة، لأكل العيش وتحسين مستوى الناس بينما أرادها آخرون.. انقلابا على الدولة.
ربما يفسر هذا إحباط سببه الجيش بالتزام صف الشعب إذ أصبحت القوات المسلحة حجر العثرة الوحيد أمام هدم الدولة، لذلك سرعان ما بدأ وائل غنيم وباقى نشطاء دعاوى «التطهير»، بالانقلاب على قادة القوات المسلحة، وأعزوا لشباب فسبوا ضباطه وشتموا مجنديه.. مرة بدعوى تعرية الناشطات.. مرة أخرى بدعوى محاولة المؤسسة العكسرية إعادة إنتاج نظام مبارك!
لماذا نصدق نفى وائل غنيم بينما فى مكالماته المسجلة يتكلم عن معلومات عسكرية وعن تعبئة وروح معنوية ومصطلحات يتداولها إما جواسيس أو أبطال مسلسل «جمعة الشوان».
نصدقه ونكذب عيونا، تابعته على شاشات الفضائيات مطالبا بتطهير الداخلية وتطهير القوات المسلحة.. فيقتلون رجالها ويقتحمون مبانيها.. دونما اعتراض أحد، ولا يصدهم .. ضابط؟
نصدقه ونكذب مطالباته، وأسماء وإسراء والأسوانى بمحاكمة قيادات «العسكر»، وأحاديثهم التى ملأوا بها النايل سات، عن قلة وعى «العسكريين»، وعدم قدرتهم على إدارة شئون الشعوب الحرة.
صحيح عاد الأسوانى، بعد أشهر يطالب بالسيسى رئيسا وفعل أبوالغار وآخرون.. الشىء نفسه. عادوا لرشدهم، بينما عاد البرادعى ووائل غنيم.. من حيث أتيا، إلا أن ما فات لا يُنسى.
عام 2005 عينت جوجل وائل سعيد عباس غنيم ضمن موظفيها فى مصر وبعد عام من تخرجه فى هندسة القاهرة.
فرصة «لا توصف» لطالب يتخرج الآلاف مثله بلا خبرات ولا مقومات، حتى إن كان، فلا يمكن أن تتطابق تلك المقومات والخبرات مع مطالب أهم شركة لإدارة أهم محرك بحث وخدمات برمجة على ظهر الأرض.
وقتها لم يكن معلوما عن غنيم سوى أنه مؤسس مدونة «طريق الإسلام»، التعيين الفورى فى جوجل كان «مسار شك» بالنسبة لخريج هندسة «أول إمبارح».
وفى عام 2009 عينت جوجل وائل (مواليد 23 ديسمبر 1980) مديرا إقليميا لها بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى منصب «يخض» أجعص مبرمج كمبيوتر فى العالم.
فترة مبكرة من عام ,2010 تبين أن وائل غنيم هو مؤسس صفحة «كلنا خالد سعيد» على فيس بوك، الصفحة التى لاقت رواجا فى الأوساط الشبابية.. بشكل ملفت.
لم يكن المهم الإقبال الشبابى بقدر ما كان المثير حجم الإعلانات عن الصفحة حول العالم للدرجة التى نقلت الديلى ميل البريطانية إحصائية قالت إن الصفحة تعلن عن نفسها كل دقيقة بدولار فى المتوسط.
والنتيجة أن راجت «كلنا وائل سعيد» وارتفعت أسهمها فى أسواق الإنترنت بالولاياتالمتحدة وسط تساؤلات عن الجهات الممولة.. وأسباب التمويل.
مقابل صفحة «كلنا خالد سعيد»، كانت صفحة مصرية أخرى لها اسم مشابه «اسمى خالد سعيد» دون رواج يذكر رغم اهتمامها بنفس قصة شاب الإسكندرية صاحب القصة المشهورة.
ومع زيادة أعداد مرتادى «كلنا خالد سعيد» وفى تحرك شديد الذكاء وغير معهود أعلنت الصفحة عن حسابات بديلة لها على تويتر وموقع خاص آخر يمكن التواصل معها عن طريقه لو تعرض حسابها الأصلى للإغلاق أو العطل.
وفى نهايات 2010 بدأت «كلنا خالد سعيد» التحرك وفق آليات مدروسة، فنشرت محاضرات عن طرق التظاهر وتنظيم الاعتصامات ونشرت مقالات عن نصب محاكم ثورية ل «رموز الفساد» الذين كانوا «سفاحين الداخلية».. وقيادات القوات المسلحة.
خلال فترة قصيرة نجحت «كلنا خالد سعيد» فى خلط الفروق فى العقول بين معنى إسقاط رأس الحكم وبين هدم الجيش والشرطة.. والقضاء والتشكيك فى الإعلام.
تطورت الصفحة فنشرت محاضرات فى طرق تفادى الغازات المسيلة للدموع خلال التظاهرات.
وشرحت طرقاً للكر والفر خلال التجمعات استهدفت التأثير على الروح المعنوية لقوات الشرطة، وعملت على إرغامها التواجد لساعات طويلة فى الشارع، مما أثر على فعاليتها.
وشرحت طرقاً للتجمع السريع والانسحاب بسرعة مع التوزيع على شوارع متقابلة أو متعاكسة!
رغم أخطاء نظام مبارك، إلا أن الشعوب لو ثارت فهى لا تنتهج عادة طرقاً مخابراتية لإنهاك القوات النظامية وإبقائها فى الشوارع أطول الأوقات لاستهلاك طاقتها.
ومع اندلاع أحداث يناير a 2011وجئت الأجهزة المصرية بعودة «وائل غنيم» فجأة إلى القاهرة، فألقى القبض عليه حتى أخرجه الدكتور حسام بدراوى فى صفقة استهدفت تهدئة شارع هاج وماج للقبض على أحد شباب الثورة مع أن أحدا لم يكن يعرف ما الذى جعله من شباب الثورة.. وفى الزحمة لم يسأل المصريون أنفسهم: من هو وائل غنيم ؟
أما الذى أعلم المصريين باعتقال «أبو وئولة»، فهى شركة جوجل التى طالبت مصر، بالإفراج عن مديرها الإقليمى قبل أن يعرف المصريون أن وائل اعتقل!
يومها دخل وائل على منى الشاذلى باكيا فأبكاها وأبكى المصريين . قال إنه استقال من جوجل قبل عودته.. ولم يظهر أن هذا صحيح. قال إنه لم يخبر أحداً بنيته العودة حتى زوجته.. وظهر أن هذا لم يكن صحيحا أيضا.
بالعكس كانت جوجل والإدارة الأمريكية وزوجته والعالم كله يعرف أنه فى القاهرة.. وقبل أن يعرف المصريون.
من يومها ووائل فى مصر مطمئنا راغدا حتى هب واقفا بعد عزل مرسى، فغادر إلى دبى، ولما سألوه قال: لا أحب أن أتسبب فى فتنة تراق فيها الدماء.
فى رده على تسجيلات عبدالرحيم على قال إنه أراد لبلاده الديمقراطية والحكم الرشيد لكن بعد 30 يونيو: عرفت أن مصر ليست فى حاجة إلى أمثالى.
هو صح لا أمثاله ولا أمثال البرادعى، ولا من على شاكلتهم. من أول النجار والأسوانى وانتهاء بالناشطة «اللى ضربوها وهى تراقب الاستفتاء».
بعضهم هاربون من مراقبة، وآخرون.. مراقبتهم حتمية.. لو تعلمون.