شاء د.زياد بهاءالدين أم أبى سيسأل فى يوم ما عن الأداء الاقتصادى «المخجل» لحكومة «لم ينجح أحد» المسماة بالحكومة المؤقتة.. باعتباره نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير التعاون الدولى.. ففى مائة وعشرون يوم هى عمر حكومة د.الببلاوى يبلور إنجازاته وفق لقاءات إعلامية واستضافات فضائية حرص عليها فى الآونة الأخيرة للرد على اتهامات عديدة طالته أقلها وصفه «بالطابور الخامس» لميله للمصالحة مع شباب الإخوان المغرر بهم على حد تعبيره.. يشير إلى بعض القرارات التى يرى أن الحكومة تستحق بها المساندة . - رسم صادر على الأسمدة المحلية.. وهو ما يوفر للفلاح احتياجاته أولا.
- تحسين الوجبة الغذائية الموجهة لطلبة وتلاميذ المدارس بإجمالى 11 مليون وجبة - التمويل متناهى الصغر الذى يرتبط به إدماج القطاع غير الرسمى الذى ليس له حماية قانونية - توقيع اتفاقات تمويل دولية مع صناديق عربية وبنوك إسلامية لمشروعات ملحة كالكهرباء.
يدافع عن المعونة الأمريكية الاقتصادية ويؤكد أنها لم تتأثر.. فهى تتم لقطاعات محددة كالتعليم والصحة والبنية الأساسية وفق رؤية الحكومةويرى أن موقف الاتحاد الأوروبى من مصر تحسن إلى حد كبير مبشرا بتوقيع اتفاقيات جديدة مع البنك الأوروبى مع استضافة مصر له كدولة مقر.. ويرى أن إصدار قانون «حماية الظاهر» الذى يمكن من خلاله حل معضلة شركات الخصخصة التى عادت لأحضان الحكومة مرة أخرى بأحكام فضائية بحماية التصرفات القانونية التى لم يشبها فساد.. ومنها التعويض دون ردها مرة أخرى خاصة أن البعض منها تم تداول أسهمه بالبورصة ولم توضع حتى الآن آلية لاسترجاعها.
يدهشك د.زياد بهاءالدين المعروف دائما بابتسامة لاتغادر وجهه وتواضعه الجم وصوته الخفيض عند مناقشة أى موضوع بعدم قلقه من تراجع ترتيب مصر فى تقرير التنافسية الصادر من البنك الدولى مؤخرا إلى المركز ال821 بعد أن كانت فى المركز ال 19. فهذه التقارير لا تأخذ الظروف الاستثنائية التى تمر بها الدول فى الاعتبار.
يرى الكثيرون أن زياد بهاءالدين يجيد الكر والفر بين الفرقاء دون أن يقترب من خطوطهم الحمراء.. فيترك لمحمود بدر منسق حركة تمرد أن يعلن عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» أن بهاء الدين هو من رفض منصب رئيس الوزراء.. ولم يعلق على دعوة مصطفى بكرى له أن يرتدى «نظارة» ليرى حجم العنف والإرهاب الدائر بالشارع المصرى بدلا من الحلول السياسية التى يدعو لها.
ويكاد يكون الأوحد الذى لم يتأثر «سياسيا» نتيجة علاقاته القوية بحكومة نظيف حين تولى خلالها رئاسة اثنتين من أهم الهيئات الاقتصادية خلال الفترة من 2004 حتى 2007 رئيسا لهيئة الاستثمار ثم هيئة الرقابة المالية حتى قدم استقالته منها للفريق أحمد شفيق بعد توليه رئاسة الوزراء 2011.. مفضلا الابتعاد عن العمل الحكومى بالانغماس فى الشارع السياسى مشاركا فى تأسيس الحزب المصرى الديمقراطى ليصبح نائبا لرئيس الحزب.. الذى يضم العديد من الوجوه التى تولت حقائب وزارية وعلى رأسهم د. حازم الببلاوى رئيس مجلس الوزراء.. فيما انسحب منه الناشط السياسى د. عمرو حمزاوى بدعوى غياب الشفافية والجماعية فى اتخاذ القرار داخل الحزب!!
∎عباءة غالى
«ثلاثة فرسان» خرجوا من عباءة د. يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق الصادر بحقه العديد من أحكام الحبس والملاحقة الجنائية د.محمود محيى الدين وزير الاستثمار- منال حسين مساعد وزير المالية ود. زياد بهاء الدين.. ثلاثتهم شغلوا منصب مستشار الوزير «النابه» فى اختيار رجاله.. وهو «الناجى» الوحيد من هذا الثالوث الذى لم يغادر مصر كما غادرها محمود محيى الدين فى أواخر أيام مبارك بناء على نصيحه عمه د. عمرو محيى الدين ليقفز من سفينة الوطن قبل غرقها شاغلا لأحد المناصب الرفيعة بالبنك الدولى.. ولم تطله شبهات استغلال النفوذ كما حدث لمنال حسين مساعد وزير المالية فى قضية السيارات تحت الإفراج الجمركى.
بل ساعدته دراسته القانونية والاقتصادية ليصبح واحدا من ألمع القانونيين المتخصصين فى قضايا الاستثمار من خلال مكتب خاص للدراسات الاقتصادية والقانونية أسسه بشقة ورثها عن والده الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين بمشاركة كل من د.محمود محيى الدين- د. سامح عمرو- بهاء نجل القيادى السياسى بالحزب الوطنى ووزير الشباب السابق د، على الدين هلال وكان من أبرز إنجازاته القانونية التى قدمها للدكتور يوسف بطرس غالى.. قانون «الرهن العقارى» الذى كان البوابة الذهبية لدخول عالم الأبهة الحكومية التى وصل إلى سدتها بعد رحلة لم تستغرق سوى سنوات لا تجاوز عدد أصابع اليدين.
الهدوء والاتزان وطهارة اليد عناصر محورية فى شخصية د، زياد بهاء الدين ابن محافظة أسيوط التى ينتمى لها أيضا أحمد كمال أبوالمجد قائد مبادرة المصالحة مع الإخوان.. وسيد قطب مرشد الإخوان تقودنا بخط على استقامته لواحدة من أهم المبادرات التى شارك فيها وأدارها، وهى المبادرة المصرية للوقاية من الفساد التى يرى من خلالها إمكانية تحقيق حلم عمره بمستقبل تسود مصر فيه العدالة والشفافية والنزاهة.
ويأتى د. حسام عيسى على رأس الموقعين على هذه المبادرة وآخر الأسماء د، زياد بهاء الدين كخبير قانوني.. ومدير للمبادرة التى لم يخرج من رحمها حتى الآن العديد من القوانين الاقتصادية الملحة التى يمكن بها إطلاق طاقات وقدرات الاقتصاد المصرى المعطلة، ومنها- وضع نظام للإفصاح عما يتقاضاه المسئولون بالدولة من مكافآت وبدلات ومزايا نقدية وعينية وإتاحتها للمواطنين.. ومراجعة العاملين بعقود استشارية 450 ألف مستشار الذين تجاوز جملة ما يتقاضونه 16 مليار جنيه ولكن «لا حياة لمن تنادى»- مراجعة واقتراح تعديلات فى بعض القوانين واللوائح القائمة ومنها القوانين المنظمة لتخصيص الأراضى والانتفاع بها- المنافسة ومنع الاحتكار- التراخيص التجارية والصناعية- حماية المال العام- شركات قطاع الأعمال العام والقطاع العام- المناقصات والمزايدات- عقود امتيازات التنقيب والثروات الطبيعية وتحقيق الشفافية فى استخدام متحصلاتها- التوعية بأهمية تطوير معايير الشفافية فى الموازنة العامة- اقتراح إطار قانونى لمراقبة استخدام المعونات الأجنبية والتمويل والمنح الواردة من الخارج.. هذا بعض من قائمة طويلة من القوانين والإجراءات التى كان ولابد أن يترجمها نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير التعاون الدولى إلى واقع.. ولكن النوايا الطيبة غالبا ما تقود إلى جهنم بسرعة الصاروخ.
تكاد تكون هذه المبادرة بما حوته من تفاصيل وإجراءات وتعديلات لقوانين أن تكون مصباح علاء الدين الذى يمكن د. زياد بهاء الدين «لو أراد» أن ينير به مغارة على بابا للفساد داخل الدهاليز الحكومية.. وإلى أن يتحقق ذلك سيظل نائب رئيس الوزراء مسئولا عن الأداء الاقتصادى الكسيح.. وربما يأتى من بعده من يفتح ملفات مسكوتا عنها ليس فقط فى هذه الحكومة.. بل وأيضا فى حكومات ما قبل الثورة التى أغلقت الأدراج على ألغاز مالية واستثمارية ارتبطت بفترة توليه هيئتى الاستثمار والرقابة المالية، لم يتم فك طلاسمها حتى الآن، ومنها الكيل بمكيالين عند شطب الشركات المقيدة بالبورصة لعدم استيفاء قواعد القيد والشطب، حيث تم شطب 29 شركة مما أدى لانهيار رأس المال السوقى لهذه الشركات من 750 مليار جنيه إلى 350 مليار جنيه منها 4 شركات تمثل علامة فى تاريخ البورصة كمختار إبراهيم المصنفة ضمن الأربع شركات الأولى فى منطقة الشرق الأوسط- مجموعة فاركو للأدوية وهى الأعلى ربحية تحت دعوى انخفاض نسبة التداول الحر عن 5٪.. والمثير للعجب والاندهاش.. أن الشطب تم لأن النسبة لم تتجاوز 4.7٪، بالإضافة للقومية للأسمنت- الإسكندرية لتداول الحاويات.. يتضرر من هذا الإجراء ما يقرب من مليون مستثمر صغير ضاعت استثماراتهم بجرة قلم.. وانخفضت معها القيمة السوقية لهذه الشركات بنسبة 50٪ وتبعها الجدارة الائتمانية فى الوقت الذى تركت فيه 30 شركة مماثلة بنفس الظروف والملابسات دون شطب.
- إهدار حصة المال العام فى أسهم البنك الوطنى التى فسرها البعض أنها تمت لصالح ابنى الرئيس السابق.
- القضية المتداولة حاليا حول قيام أحد كبار رجال الأعمال الذى يملك إحدى شركات المقاولات بسبب موافقة الهيئة على قبول عقد ابتدائى لأراض مساحتها 20 فدانا بأبورواش أضيفت لأصول الشركة بالمخالفة للقانون، وقيمت ب 440 مليون جنيه واستبدلت بحصة من أسهم الشركة.
الأمثلة صارخة.. والتساؤلات تفتح الأبواب على مصراعيها لو أرادت الجهات الرقابية أن تعيد الحقوق لأصحابها ومعها ملف شركة أجواء الذى لم يغلق حتى كتابة هذه السطور وقت أن كان د، زياد بهاء الدين رئيسا لهيئة الرقابة المالية.. والذى تدين فيه حيثيات الحكم الصادر بهذه القضية التى حكم فيها بغرامة 20 مليون جنيه على المستثمر السعودى صاحب الشركة أداء هيئة الرقابة المالية وتقاعسها عن الدور الرقابى المنوط بها القيام به.
ورغم تقديم العديد من البلاغات للنائب العام ومنها بلاغ 1424 لسنة 2012 بالتواطؤ مع المستثمر السعودى بالتلاعب على أسعار أسهم الشركة وتزوير محاضر جمعياتها العمومية ووقف عمليات التنفيذ العكسى على أسهم الشركة دون سند قانونى مما أضاع أموال صغار المستثمرين إلا أن هذا الملف الشائك ينضم لقائمة الطلاسم الاستثمارية والمالية فى مصر.
تتوالى التساؤلات وتزداد حدتها مع تزايد عدد المطالبين بفتح هذه الملفات التى يرى الكثيرون أنه لا ينبغى أن تسقط المخالفات التى تحويها بالتقادم وربما تمتد لمن شاركوا فى تقييم شركات قطاع الأعمال العام المباعة أو تلك التى دخلت البورصة المصرية خلال السنوات الخمس الأخيرة الماضية وإن كان بعض «الغلاة» من مقتفى أثر زياد بهاء الدين ومتتبعيه يستعدون لتكوين جبهة وفقا لما اختصوا به روزاليوسف تكون مهمتها الوحيدة إثبات عدم جدارته بتولى أى من مناصبه التنفيذية.