رئيس جامعة بنها يفتتح معرضا للمنتجات والسلع الغذائية بأسعار مخفضة    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    ما شروط القبول في المدارس الرياضية 2024-2025؟    جامعة النيل تنظم لقاء مفتوح لطلاب الثانوية العامة وأسرهم بعنوان «ارسم مستقبلك»    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    محافظ المنوفية يسلم 100 مشروع تنموي ومساعدات عينية للأهالي    انخفاض أسعار القمح العالمية لأدنى مستوى لها خلال شهر    بعد موافقة الشيوخ.. تعرف على موارد صندوق تكافل وكرامة لتمويل برامج الضمان الاجتماعي    وزيرة التضامن تؤكد على دور الفن التشكيلى فى دعم التنمية المستدامة    "القلعة" تنهي المرحلة الأخيرة لشراء الدين بنسبة تغطية 808%    نائب رئيس «المؤتمر»: قرار مجلس الأمن الدولي مرحلة حاسمة لإنهاء العدوان على غزة    وزارة الدفاع الروسية تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    زيلينسكي يطالب بشكل عاجل بمزيد من المساعدات في الدفاع الجوي    تركيا واليونان تطالبان المواطنين بعدم الخروج بسبب موجة الحر    وزير الرياضة يشهد انطلاق المشروع القومي لصقل مدربي المنتخبات الوطنية بالجامعة البريطانية    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    قبل مواجهة اليوم.. هل يُعني فوز الأهلي أو الاتحاد تتويج أحدهما بدوري السلة؟    "آخرهم حارس يوفنتوس".. هل يجمع رونالدو زملائه السابقين في النصر السعودي؟    الكرة الطائرة، ندوة تثقيفية لمنتخب مصر حول مخاطر المنشطات    السياحة تعلن الطوارئ القصوى استعدادا لاكتمال وصول الحجاج وبدء مناسك الحج    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    معلومات عن شقيق محمود كهربا بعد القبض عليه.. «ليست المرة الأولى»    بسبب تأخُّر «أوردر مطعم».. مشاجرة بالأسلحة البيضاء في قنا وإصابة 4 أشخاص    هاجر أحمد: الفن مسئولية وتجربة فيلم أهل الكهف كانت ممتعة للغاية    «قلبه في معدته».. رجال هذه الأبراج يعشقون الأكل    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    رئيس هيئة الدواء: مصر الأولى أفريقيًا في تصنيع الدواء    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    "الشياطين الحمر" يتوهج برفقة دي بروين ولوكاكو    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    صحة بني سويف: إحالة واقعة إصابة 29 طفلا ب "طفح جلدي" للنيابة    مع ارتفاع درجة الحرارة.. طبيب يقدم نصائح مهمة لحجاج بيت الله    قبل العيد.. 6 فوائد ذهبية لتناول لحم الضأن ونصائح مهمة للتخزين والطهي    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ضبط 7 مليون جنية حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    سيد معوض: حسام حسن يجب أن يركز على الأداء في كأس العالم والتأهل ليس إنجازًا    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور للمغضوب عليهم

«الدين لله والوطن للجميع» شعار عبقرى أنجبته ثورة 1919 وانتهت وبقى الشعار لافتة إعلامية، حبر على ورق لايجد توقيع مسئول أو مؤمن بحقوق أبناء هذا البلد، أيا كانت أديانهم أو مذاهبهم، أعقبتها ثورة يوليو ,1952 وما تلاها من أحداث كالعدوان الثلاثى وغيره أدت إلى هجرة اليهود المصريين وطنهم وبقيت ديانتان مصريتان، الإسلام والمسيحية، ولم تصل لأذهان وآذان المصريين مذاهب أو أديان أخرى طوال العقد السبعينى إلا بعد قيام ثورة الخومينى فى إيران، فعرف الشعب المصرى المذهب الشيعى سماعا فى نشرات الأخبار أو بعض تقارير الصحف، تلاها ظهور البهائية وخسارة معركتهم أو مطالبتهم بخانة الديانة فى البطاقة الشخصية وكان من المفترض أن ثورة 25 يناير وما أعقبها من أحداث وموجات مطالبة بالتغيير قد حقق المراد من تحريك كل المياه الراكدة فى بحر من التابوهات والمحرمات والموروثاتالخاطئة، مصر بعد 4 ثورات آخرها 30 يونيو ودستورها المعد حاليا وقيام مجموعة من اللادينيين بكتابة خطاب عبروا فيه عن مبادرتهم التى تبدو مشروعة، تحت عنوان «علمن بلدك» لطرح مطالبتهم فى الدستور القادم، لا تتعجب فعدد الملحدين فى مصر وصل إلى 4 ملايين مواطن مصرى حسب قولهم.

«روزاليوسف» تفتح ملف الملحدين فى مصر، وتدخل عالمهم الزجاجى والذى يخشى أن يقترب منه الكثيرون، لنسمع تجاربهم، ومطالبهم فى الدستور.

أحمد حسين حرقان - 30 عاماً - حاصل على بكالوريوس الفقه وعلوم الشريعة، قال إنه ألحد عام 2010 وكان عمره وقتها 27 عاما بعد رجوعه بشهر من السعودية واستقراره فى مصر بشكل نهائى.

حرقان نشأ على التربية الإسلامية، بل ينتمى والداه للتيار السلفى المتشدد، وكان والده بالرغم من عمله كمحاسب فإنه صاحب فكر تكفيرى ومنهج وله أتباع ومريدون، وكان يجتمع مع الشباب فى السعودية فى جلسات للعلم والدعوة، مشيرا إلى أن كل عائلته تنتمى إلى التيارات الدينية المختلفة سواء إخوان مسلمين أو جماعة إسلامية أو دعوة سلفية أو قطبيين، فهم خليط متنوع.

وبسؤاله عن مطالبه من لجنة الخمسين فى الدستور القادم؟ قال حرقان: من المفترض أننا مجتمع يتحول إلى دولة مدنية حديثة، ونتفاءل بأن يحصل كل مواطن على حقه بغض النظر عن دينه أو نوعه أو عرقه، ومن ثم نحن نريد من الدولة ألا تصنف المواطنين وفقا لدينهم وأن تحذف خانة الديانة من البطاقة لأن فيها عنصرية وتمييزاً فضلا عن كونها تزويراً لأننى ملحد الآن وبطاقتى مكتوب فيها مسلم.

وأضاف: إنه ينبغى إسقاط كل القوانين المقيدة لحرية الاعتقاد والتى تجرم الإلحاد وتعتبره جنحة ويحصل فيها المواطن على 3 سنوات سجناً ومن ثم يجب أن ينص الدستور على المساواة بين الجميع، وحرية الاعتقاد وأن الملحد من حقه أن يدعو وينشر أفكاره، مادام كانت بشكل سلمى.
أكد حرقان أن الدولة يجب أن تنظر للملحدين بطريقة مختلفة نحن لسنا فقط خمسة أشخاص وقعوا على البيان بمطالبهم فى الدستور القادم، بل إن عدد الملحدين فى مصر كبير يتجاوز الآلاف بل والملايين، فمثلا فى منطقتى بميدان الساعة بالإسكندرية يوجد 300 شخص ملحد فقط، فضلا عن انتشار الإلحاد فى المدارس، أى أنه حقيقة موجودة على أرض الواقع تتراوح فيها الأعمار ما بين 15 و 45 عاما، مشيرا إلى أننا سوف ننظم أنفسنا فى الفترة المقبلة وسنرسل خطابا إلى رئيس الجمهورية أو نطالب بمقابلته ونعرض مطالبنا فهذا من حقنا كمواطنين مصريين.

وبسؤاله.. ألا تخشى من ردود فعل المجتمع وعدم التعاطف معكم والادعاء أن ظهوركم على الساحة جاء بعد سقوط النظام الإخوانى الإسلامى، قال «نحن فى عهد مرسى قمنا بتنظيم العديد من الوقفات أمام مكتبة الإسكندرية والمحكمة الدستورية العليا وطالبنا بكل المطالب التى نريد تحقيقها الآن».

رؤى ومطالب أخرى يضيفها محمد إسماعيل - طالب بكلية تربية فيقول: نحن نرى أن النظام العلمانى هو أقرب نظام عقلانى علمى لنا، وحيث نتعامل مع الدولة على أنها مؤسسة خدمية ليست لها علاقة بمعتقدات المواطنين، فنرفض تعليم الأطفال الدين بالمدارس أو تعميدهم فى الكنائس، فهو اغتصاب لطفولتهم، وحكر على اختياراتهم بعد ذلك.

أما عن مطالبنا فى مبادرة «علمن بلدك» فهدفنا الأول والأخير تأكيد الهوية المصرية بعيدا عن ادعاء أن هويتنا مسيحية أو عربية أو إسلامية، نريد العيش فى ظل دولة علمانية، ليست دينية أو عسكرية، نريد دولة ترسخ قيم الحرية والعدالة والمساواة، وتحاسب الفرد وفق عمله وإنتاجه وإبداعه، فى ظل قانون يحفظ الحقوق، وليس وفق توجهات الفرد ونزعته الدينية، قانون ينظر إلى أبناء الوطن الواحد جميعا على قدم المساواة، دون النظر إلى أى اختلافات عرقية «نوبى - بدوى - أمازيغى - عربى»، أو جنسية «مغاير/ مثلى» أو دينية عقائدية «مسيحى، مسلم، بهائى، شيعى، لادينى، ملحد».

ونطالب بإلغاء المادة الثانية وبالحق فى الحصول على الوظائف العامة لكل المواطنين، والنظر فى قوانين الأحوال الشخصية المجحفة التى تكبح حرية الأفراد، كما نطالب بحق الزواج المدنى، وبمساواة كاملة بين الرجل والمرأة، وإزالة خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى وأوراق المواطن الرسمية، وإزالة قوانين ازدراء الأديان، والحبس فى قضايا الرأى.

ناشط لادينى مسيحى هو أيمن رمزى نخلة - 42 عاما - متزوج ولديه ابنة.

قال إنه قاد حملة كبيرة لتفعيل الزواج المدنى، بعد أن درس مشكلات المتزوجين والمتاعب التى تواجههم، ومن ثم فهو يرفض أن تفرض الكنيسة سلطانها على الشعب المسيحى، ويطالب بأن يتم الزواج فى الشهر العقارى، سواء للمسيحيين أو المسلمين، فلا يوجد ما يسمى بالشريعة المسيحية أو الإسلامية على حد تعبيره، مضيفا إنه يجب على الجميع أن يتعامل بشكل قانونى مدنى وأن يكون القاضى هو الحكم وليس القسيس أو الشيخ.

وأكد رمزى أنه يرفض تمثيل الأنبا بولا مسئول ملف الأحوال الشخصية لمصر ولأقباط المهجر ممثلا للكنيسة الأرثوذكسية فى لجنة الخمسين، متسائلا: كيف يقضى فى أحوال الزواج والعلاقات الخاصة بين الأزواج وهو راهب لم يتزوج بعد ويعيش دائما فى صحراء؟ مشيرا إلى أن المسيح قال «اعط مال لقيصر لقيصر» ولم يقل أعطه للكهنة والقساوسة، ومن ثم هؤلاء الرهبان عند ترسيمهم كرهبان يشترط أن يتم صلاة الميت عليهم، ومن ثم كيف لأموات أن يشرعوا لأحياء؟

أما عن مطالبهم كاللادينيين يقول رمزى إلغاء المادة الثانية من الدستور القادم: «لأنها تفرق بين المصريين، وبالنسبة للمادة الثالثة التى تتعلق بأن يلجأ غير المنتمين للأديان السماوية لشرائعهم، نحن نريد أن ينص الدستور على مادة خاصة للادينيين وحدهم وإلغاء المادة 219 لأنها ترمى الدولة فى حضن المؤسسات الدينية والحكم يصبح لرجل الدين، سواء شيخا أو قسيسا.

رمزى يرى ضرورة تنقية جميع القوانين من أى استناد لنصوص شرعية دينية، سواء مسيحية أو إسلامية، موضحا أن مطالبهم سوف يتقدم بها مع زملائه اللادينيين من خلال مبادرتهم «علمن بلدك» إلى ثلاث جهات وهى رئاسة الجمهورية ووزارة العدل ولجنة الخمسين، وسوف يسعون لتقديم طلب لعمرو موسى رئيس اللجنة بحضور إحدى جلسات الاستماع فى الفترة المقبلة لعرض مقترحاتهم ومطالبهم.

وبسؤاله عن عدم تخوفهم من ردود فعل المجتمع على مطالبهم كملحدين، قال رمزى: لابد من الحديث بصراحة، فالملحدون فى مصر أصبح لهم وجود حقيقى، وفقا للإحصائيات العالمية المسموح بها عددهم 2 مليون ملحد، ولكن فى رأيى الخاص العدد يفوق ذلك ليصل إلى 4 ملايين ملحد مصرى، لكن كيفية قبول المجتمع لمطالبنا، فأنا لاحظ الفرق جيدا، فمنذ خمس سنوات عندما كنت أكتب مقالا أو «بوست» على الفيس بوك كانت الردود أغلبها تأتى شتائم وسبابا لعينا، ولكن مع حكم التيارات الإسلامية لاحظت تغيرا تاما فى النبرة معى أو مع أصدقائنا الملحدين، فالردود بدأت تقتصر على «دى حرية شخصية، ولكم دينكم ولى دين»، ومن ثم فهناك أمل كبير وقوى فى تقبل المجتمع للفكرة طالما نحن كاللادينيين أو بهائيين أو أى شخص يؤمن بعقيدة خارج الأديان الثلاثة ينشر أفكاره بسلمية وبغير عنف مع المجتمع، فالتعايش سيتحقق بين الجميع.

ألبير صابر - المدون والناشط قال إن أسباب تزايد أعداد الملحدين هى المعرفة التى أصبحت متاحة بضغطة زر واحد من الإنترنت، فأصبح لدى الأجيال الجديدة القدرة على البحث والتفكير بدون خطوط حمراء أو قيود أو أسلوب المنع القديم، حيث كانت الكتب ممنوعة من النشر ويصعب الحصول عليها ولكن الآن الإنترنت أتاح للجميع البحث والمعرفة.

ألبير يرى أنه من الأسباب الأخرى للإلحاد أنه بعد الثورة بدأ الناس يتكلمون بحرية وبدون خوف وبدأوا ينتقدون الوضع الحالى والثوابت والمقدسات، فضلا عن الفيس بوك ومساعدته فى فتح نقاشات حرة بين الناس وبعضهم حول الدين، مشيرا إلى أنه كلما تعمق الإنسان فى الدين بعقل مفتوح أكثر كان اقترابه من الإلحاد أكثر.

والدليل على ذلك أننى كنت الخادم المثالى فى كنيستى لحبى للقراءة ودراستى لتاريخ الكنيسة والفرق بين المذاهب وهذا ساعدنى فى الوصول للإلحاد.

أما عن آراء بعض النشطاء والمدافعين عن حرية الأديان فيقول: إسحاق إبراهيم - باحث ومسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية - إن الأصل فيما يتعلق بقضية هؤلاء اللادينيين أن مصر وقعت على الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وينص فى المادة «18»: «لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة».

أما المادة «19» فتنص على أنه لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أى تدخل، واستنقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

ومن ثم وبعد هذا التوقيع على الوثيقة الدولية، فمصر ملتزمة بتوفير الأمن والحماية لهؤلاء المواطنين أيا كان معتقدهم وأفكارهم.

وأكد إسحاق أن التوقيع على الاتفاقية شىء وما يحدث على أرض الواقع شىء آخر، لأنه بكل تأكيد يوجد فى مصر تقييد على الحريات الدينية، بل إن الأقليات الدينية تواجه مشكلات كبيرة مثل المسيحيين والبهائيين فيما يتعلق بممارسة الشعائر أو تقلد الوظائف العامة، ومن ثم فالقيود ستكون أكثر حدة على هؤلاء اللادينيين لأنهم غير معترف بهم أصلا، سواء فى الدولة بالرغم من توقيعها على الوثيقة الدولية أو من المجتمعنفسه الذى يتعامل معهم بازدراء شديد.

وأضاف إسحاق: إنه إذا كان يوجد فى مصر مشكلة كبيرة فى تغيير الدين من مسيحى إلى مسلم أو العكس سواء فى الإجراءات الرسمية أو إمكانية تعديل ديانتهم فى الورق الرسمى، فما بالنا بمطالب اللادينيين نفسهم والاعتراف بهم من الدولة.

وبسؤاله عن إمكانية حدوث مخاطر تهدد حياة الملحدين فى مصر أو القبض عليهم؟ أكد إسحاق أنه لا يمكن إنكار أنه توجد عمليات قبض واعتقال لأقليات دينية أخرى مثل الشيعة أو الأحمدين سواء قبل الثورة أو بعدها، ويتم احتجازهم ومن ثم مسألة القبض عليهم تعود لكيفية وأسلوب الدولة الذى تستخدمه فى التعامل مع اللادينيين، أما عن مسألة توجيه تهمة بأنه ملحد، تتم فقط فى حالة إثبات أنه ازدرى دينا معينا تتحول إلى جنحة يحصل فيها على 3 سنوات سجنا.

مسئول ملف حرية العقيدة أكد أنه ليس من حق النيابة أن توجه اتهاما لهؤلاء الشباب بأنهم ملحدون لأنه يصبح ضد حرية المعتقد التى وقعت مصر على حمايتها، مشيرا إلى أنه لم تتلق المبادرة أى حالة فى انتهاك أو اعتداء على ملحد بالقبض عليه، وكل الحالات تنحصر مع الأحمدين والقرآنيين والشيعة والبهائيين.

وعن رأيه حول مطالب الملحدين فى الدستور الجديد قال إسحاق: «الأصل فى الأشياء أن كل مواطن يطالب بحقوقه وحرياته فى الدستور ويضمن أنه لن يتم التعرض لها أو يشعر أن حياته مهددة بسبب ما يعتقده، ومن ثم يستطيع أن يتقدم بمطالبه التى تضمن له توفير الأمان والحرية فى اعتناق ما يريد، وهو ما يمكن أن يحدث مع لجنة الخمسين وأن تستمع إلى مطالبهم».

وأشار إسحاق إلى أن مسودة الدستور التى تقدمت بها لجنة العشرة كانت أفضل حالا من دستور 2012 فيما يتعلق بحرية العقيدة، حيث كان دستور الإخوان يضع قيودا شديدة ويدستر لملاحقات أمنية للمخالفين للأديان الثلاثة، ولكن يجب الآن أن يكون فى كل الدساتير الحرية لكل مواطن يمارس عقيدته.

بينما يشير الكاتب حلمى النمنم إلى أنه لا يمكن إنكار مسألة وجود مجموعات من الشباب تسمى نفسها إلحادية، ومن المؤكد أنها زادت فى الفترة الأخيرة من حكم جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أنه من المؤسف القول إن الإخوان كان إنجازهم الحقيقى لحكم هذا العام هو أنهم طلعوا هذا الشباب من دينه، وهى بلاشك كارثة كبرى.

النمنم له رأى مختلف فيرى هذا الشباب سياسيا وليس دينيا عقائديا، مشيرا إلى أنه يتصور أن الكثير منهم يعودون لخلفيات منتمية لجماعات دينية متشددة، ومن ثم يجب أن يعطوا لأنفسهم فرصة فى مراجعة أفكارهم حتى لا يتخذون مواقف حادة فى مطالبهم فى الدستور أو لعرضها على لجنة الخمسين.

وأضاف النمنم: إن الأصل فى الدستور أن يضم العموميات التى ترسخ للمواطنة والمساواة بين جميع المصريين وليس أن يقدم فصيل مطالبه الخاصة به، مشيرا أن مطالب هؤلاء الشباب من اللادينيين الآن سوف تحفز ضدهم قوة محافظة فى المجتمع كانت تخاف من مفهوم الحرية، وهذه التيارات سوف تتحجج بأن 30 يونيو جاءت لتحارب الإسلام كما يعتقد الكثيرون، وستبدأ تترسخ لدى هذه التيارات المحافظة فكرة أن الحرية تعنى الإلحاد أو الانحلال الجنسى.

وأوضح النمنم أنه عندما نؤسس أولا الدولة المصرية المدنية العلمانية الوطنية الحديثة، نستطيع أن نتكلم بعدها عن حقوق اللادينيين.

ويختلف معه أحمد سامر منسق حركة علمانيون قائلا: من حقهم أن يعرضوا مطالبهم وحتى لو لم تتحقق اليوم، فهى سوف تجبر المجتمع على التفكير بشكل مختلف باتجاه هذا الفصيل الذى لايمكن إنكار وجوده ويجب أن نتعامل بوضوح وصراحة أن مصر بها عدد كبير من الملحدين مثلما موجود بها بهائيون وشيعة و15٪ مسيحيين، أى أنها دولة تضم الجميع، ومن ثم مادام هؤلاء اللادينيين أو الملحدون مواطنين مصريين يحملون الجنسية ويلتزمون بقانون الدولة ويحترمون سيادتها، فلهم مطلق الحرية فى اعتناق ما يريدونه وأن يطالبوا بحقوقهم مثل باقى فئات المجتمع.

وأضاف سامر إن الاختلاف بين الأديان والطوائف أمر طبيعى وموجود فى كل دول العالم، وهو الضمان الأساسى لوحدة هذا الوطن، لأنه لو اجتمعنا على دين أو مذهب واحد سيؤدى بنا إلى الفرقة والتناحر، مشيرا إلى أنه كفانا فكرة الاستقطاب والتكفير والتخوين التى مارستها التيارات الدينية، سواء إخوان مسلمين أو سلفيين أو جهاديين أو جماعة إسلامية ضد الشعب المصرى خلال عام واحد من حكمهم، وكم ذاق المصريون من آلام بعد عزلهم من قتل وتخريب وتدمير، بل خسارة 5 آلاف مواطن نتيجة للاحتقان الطائفى والدينى والسياسى.

وأشار منسق حركة علمانيون إلى أنهم يدعمون مطالب هؤلاء الشباب بل وأى حراك يدعم حقوق المواطنة بشكل تام ومطلق ولكن لن يصلح ذلك فى ظل دستور 2012 الطائفى، وأنهم بصدد صياغة 13 مادة تتعلق بالهوية ونظام الحكم والحريات والقوانين، وسيتم تقديمها إلى لجنة الخمسين، ليشكلوا لبنة صلبة لدستور علمانى لتكون أهم مواده أن مصر جمهورية علمانية ديمقراطية، بالإضافة إلى المطالبة بحذف المادة «2» كأبرز المواد الموجودة حاليا والتى ترسخ التمييز الدينى والعنصرية.

أكد سامر أن أى دستور سيتم صياغته الآن لن يعيش طويلا وعمره قصير، لأن المجتمع فى حالة من المرونة والحراك والتشكل من جديد على المستوى الاجتماعى أو الثقافى أو السياسى، ومن ثم لا يمكن الجزم بأن هذا المجتمع قرر وعرف طريقه للمرحلة المقبلة، فهو سيظل فى حالة من التفاعل والتغيير الدائم لكل القوانين والأنظمة والموروثات إلى أن يستقر بعد 10 أو 20 عاما على الشكل الأكثر وضوحا وثباتا لشكل الدولة.

فالوقت مناسب للغاية أن يعرض الملحدون مطالبهم لتدخل فى غمار هذا الحراك الفكرى والمجتمعى طالما أن أفكارهم لاتضر المجتمع ولا تحض على الكراهية والعنف ولا تكدر السلم العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.