تواجه المسودة النهائية لتعديلات الدستور الجديد التى سلمتها لجنة العشرة لرئاسة الجمهورية لعرضها على لجنة الخمسين.. موجة من الانتقادات والهجوم الحاد فى عدد من المواد خاصة فى باب الأحكام الانتقالية وما ألغته من مواد وخاصة نسبة ال50٪ عمال وفلاحين فى البرلمان، وإلغاء المادة 219 المفسرة للمادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية وإلغاء نظام الانتخابات بالقائمة والرجوع إلى نظام الانتخابات الفردية الذى ظل معمولاً به فى مصر طوال السنوات الماضية باستثناء حكم الإخوان اللجنة قسمت الدستور إلى 6 أبواب بإضافة باب جديد على الدستور المعطل المكون من خمسة أبواب وهذه الأبواب هى الدولة، المقومات الأساسية للمجتمع والحقوق والحريات والواجبات العامة، سيادة القانون ونظام الحكم والأحكام العامة والانتقالية. كما خفضت اللجنة موادالدستور من 236 إلى 198 مادة بعد أن ألغت 38 مادة من الدستور المعطل.. وقررت فى باب الدولة إلغاء عدة نقاط كان يرى التيار الإسلامى الذى أسس وأشرف على لجنة الدستور المعطل أنها مهمة وعلى رأسها حذف فقرة يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية من المادة 4 الخاصة بالأزهر الشريف، فى حين أن اللجنة تركت المادة الثانية كما هى والخاصة بالشريعة الإسلامية، وقامت بإلغاء المادة 219 المفسرة لها التى نصها: «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة»، الأمر الذى سوف يحدث أزمة متوقعة داخل التيار الإسلامى، خاصة حزب النور السلفى الذى قرر الاشتراك فى لجنة الخمسين وأعلن من الآن تحفظه على إلغاء هذه المادة قبل أن تبدأ اللجنة عملها!
وقامت اللجنة بتعديل المادة 6 فى الدستور الملغى لتصبح يقوم النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات فى إطار من المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى هذا الدستور، وألغت الفقرة التى تقول إن النظام السياسى يقوم على مبادئ الديمقراطية والشورى والمواطنة التى تسوى بين جميع حقوق المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة وعدم قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين.
ثم قامت اللجنة بتعديل المادة 54 لتنص على أن للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو ممارسة نشاط معادٍ لنظام المجتمع أو سرى أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائى.
وقامت اللجنة بإضافة مادة جديدة كانت الجمعية التأسيسية لدستور عام 2012 قد رفضتها وجاءت برقم 66 وتنص على «تحظر كل صور القهر والاستغلال القسرى للإنسان وتجارة الجنس وغيرها من أشكال الاتجار فى البشر ويجرم القانون هذه الأفعال ويحدد العقوبات التى توقع على ارتكاب أى منها».
ما انتهت إليه لجنة العشرة أشعل الخلافات السياسية بين الأحزاب والتيارات المختلفة، يوشك على الانفجار المتوقع داخل لجنة الخمسين، فقد انتقد خبراء وسياسيون وحقوقيون تمسك التيار الدينى بالإبقاء على المادة 219 من الدستور المعطل وقالوا إن المادة الثانية كافية في حين يتمسك التيار الإسلامي وعلي رأسه حزب النور السلفي بضرورة وجود المادة ,219 وهدد بالانسحاب من لجنة الخمسين إذا تمت الموافقة على حذف هذه المادة.
وقد شن المحامى عصام الإسلامبولى هجوما على التيار السلفى وحزب النور الذى يهدد بالتصويت ب لا على الدستور فى حالة طرحه للاستفتاء بدون هذه المادة.. مؤكدا أن التيار السلفى يريد أن يعرض على لجنة الخمسين تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية بنص دستورى غير مطبق فى أى من دساتير العالم.
أما الحقوقى حافظ أبو سعدة- عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان- فقد علق قائلا: نحن نرسى دستورا مدنيا قائما على المواطنة لكل المصريين.. لكن التيار السلفى يسعى إلى التمسك بهذه المادة لإيجاد نوع من التوتر على الساحة السياسية لا داعى لها على الإطلاق.. وأكد أنه لأول مرة توجد مادة تفسر أخرى فى الدستور رغم أن المجتمع المصرى متفق على المادة الثانية.
فى حين أكد حزب النور على لسان رئيس الحزب الدكتور «يونس مخيون» تمسكه التام بالمادة 219 من الدستور الملغى المفسرة للمادة الثانية والخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية.. وأضاف أن هذه المادة هى من أهم مواد الدستور التى كانت من مكتسبات دستور 2012 مؤكدا أن حزب النور سوف يتمسك بوجود هذه المادة داخل لجنة الخمسين التىسوف يشارك فيها حزب النور.
فى حين وصلت الانتقادات نقابة الصحفيين التى تمسكت بالمواد التى سبق إرسالها إلى لجنة العشرة والتى تتكون من 9 مواد تتعلق بحرية التعبير وحرية تداول المعلومات وحرية إصدار الصحف وغيرها من المواد المعبرة عن حرية الرأى والتعبير.
يقول الدكتور «حسن نافعة»- أستاذ العلوم السياسية- إن الإبقاء على المادة 219 له أضرار كبيرة جدا لأنها تنشر بذور الخلاف داخل المجتمع لكونها تحتكم إلى الفقه بخلاف القرآن والسنة.. وهو نص خطير لأن الفقه اجتهادات أشخاص وأمر طبيعى أن يكون ذلك محل خلاف.. فلا يجوز أن تكون قانونا أو مصدرا لقانون.