بعيون محايدة للغاية، رصدنا ملف أزمات وإنجازات «مرسى»، وسألنا الناس عما تحقق من مشروع النهضة، فقال لنا: «هى النهضة ورانا ورانا».. وكانت أبرز الإنجازات الاقتصادية منظومة «التوك توك» التى اهتم بها الرئيس منذ خطابه الأول، وزيادة دعم العيش الذى ضاعف عجز موازنة الدولة، وأشهر الإنجازات السياسية إبعاد طنطاوى والتخلص من النائب العام السابق رغم تداعيات ذلك المستمرة حتى الآن!وتأكيدا على الحيدة، فلن نتحدث عن أزمات حياتية وسياسية واقتصادية واجتماعية تحاصرنا من السولار حتى الدولار، والتعامل الخاطئ مع أزمة انقطاع الكهرباء رغم أنها بخلفيات خاصة للنظام السابق، وأيضا انقطاع المياه وحتى أزمة إثيوبيا!
جلست السيدة غير المُحجبة داخل الميكروباص تأكل التِرمس، فى الوقت الذى جلس بِجَانبها أحد القادمين مِن سوهاج، الذى اندهش مِمَا تفعله، فسألها ما إذا كانت صائمة أم العَكس، حيث إن «السوهاجى» لديه جيران مَسيحيون يصومون فى هذا التوقيت، فأسكتته السيدة بقولها: أنا لستُ مسيحية، بل مُسلمة فاندهش «السوهاجى» مِمَا تقوله، خاصةً أنها لا تضع غِطاء الرأس كعادة جميع نِساء المُسلمات - على حد تصوره- فما كان مِن السيدة إلا أن أجابته باستفزاز : غطاء الرأس هذا تخلف.. ألستَ إخوانياً؟!، فرد «السوهاجى»: لا لستُ إخوانياً.. لكن ما تقولينه حرام وعيب.. مِن الواضح أنكِ تنتمين لِجبهة «الخراب»، وما هى إلا لحظات حتى بدأت حُمى وطيس المُناقشة، فى الوقت الذى كُنت أُراقب فيه هذا الموقف العبثى - الذى حدث أمامى ! - قال أحدهم ساخراً : ما أجمل رئيسنا الذى وحد المصريين جميعاً! يعتبر الكثيرون تفريق المصريين الإنجاز الساخر للرئيس «مُرسى»، فقد استطاع - وبِقُدرة قادر - أن يوحد المِصريين جميعاً تحت تصنيفات: الإخوانى وأنصاره - السلفى وأنصاره - العلمانى أو الليبرالى أو اليسارى أو أياً مِمَن يُدعمون الحُريات، وأصبحت الجماعة - أو الإخوان وأنصارهم - هُم الداعمون للرئيس فى كُل قراراته، فى الوقت الذى يتخذ فيه العلمانيون وأشباههم الموقف المُعاكس، مِمَا يؤدى لاحتدام الصراع بين المجموعتين - بِدليل أحداث الاتحادية - فى الوقت الذى يقف فيه الرئيس موقف «المُشاهد»، وبعدها يقوم بإلقاء خِطابات - كما هى العادة - فى حين أن المجموعة الثالثة - أى السلفيين وأنصارهم - يتخذون مواقف مُتناقضة، فهُم مرة مع الإخوان، بِاعتصامهم أمام مدينة الإنتاج الإعلامى بقيادة «حازم أبوإسماعيل»، ومرة مع العلمانيين وأشباههم، كانضمام حِزب «النور» لِ «جبهة الإنقاذ» فى تحالف غير مسبوق لِوقف المَد الإخوانى، وإن كانت المَصلحة الأساسية هى الانتخابات! كُل هذه الصراعات نتيجتها واحدة هى سقوط المزيد مِن الشُهداء، فى الوقت الذى لم تعُد حقوق الشُهداء السابقين سواء مادياً أو حتى فى القصاص مِن المسئولين عن هذه الأحداث، فنجد مثلاً «زكريا عزمى» و«صفوت الشريف» خرجا بِبَراءة مِن التُهم المنسوبة إليهما!.. وبِالتالى يُعتبر الإنجاز الثانى فى عهد الرئيس «مرسى» - كما يرى الكثيرون - أن دِماء المِصريين قد سالت فى الطُرقات أكثر مِمَا سالت فى عهد الرئيس السابق «مُبارك» فى 30 عاما كاملة! إلا أنه - وبِجِمِلة الإنجازات - لم يكُن الشُهداء فقط مِن الشباب، بل كان الإنجاز الثالث أن الشُهداء كانوا أيضاً مِن الجُنود المِصريين، فقد سقط 16 جُنديا قتيلاً فى أحداث «رفح»، وحتى الآن لم يتم التعرف على هوية الجُناة الحقيقيين، رغم أن أُغسطس القادم يُصادف مرور عام كامل على مَقتل هولاء الجُنود. واكتفت التحقيقات بِالاستنتاجات أو التلميحات، لكن النتيجة أنه لا أحد يعلم ما إذا كان الجُناة مِن «حماس» أو «إسرائيل» أو «الخلايا الإرهابية بِسيناء»، وأصبح الموضوع مُعلقاً، حتى عاد للمُثول مُجدداً، بعد اختطاف ال 7 جُنود مِن سيناء، ورغم أن الجيش استطاع إنقاذهم، فإنه لا أحد يرى أن هذا الإنجاز سوى إنجاز للجيش ومِن بعده قبائل سيناء التى ساعدت الجيش فى الوصول للجنود، إلا أن الإنجاز الساخر الرابع للإخوان وللرئيس هو الركُوب على هذا الإنجاز، للإعلان عن أن الجماعة صاحبة الفضل فى تحرير هؤلاء الجُنود، وهو ليس بِغريب على «راكبى ثورة 25 يناير»! .. وهذه الأحداث علق عليها البعض بأنها تستحق لقب «أنا والجُنود وهواك» المُستمر حتى وقتنا هذا! إلا أن الإنجاز الخامس - وهو الإنجاز الأساسى - هو توحد المِصريين جميعاً سواء لِلشكوى مِن النظام الجديد أو لِلدعوات لإسقاط هذا النظام، بِدليل دعوات النُزول يوم 30 يونيو القادم، أو حتى حملة «تمرد»، التى أصابت الإسلاميين فى مَقتل، بِدليل إنشاء حملة «تجرد» رداً على «تمرد»، وكذلك تصريح الرئيس الأخير: «أنا نجحت بِالعافية، وماحدش يجيبلى شوية توقيعات، ويقولى مع السلامة»! .. فقد استطاع «مُرسى» فى أقل مِن 30 عاما - حاول فيها المَصريون أن يثوروا ولو بِشكلٍ ما على حُكم مُبارك - فى توحيد الشعب كُله للسخط عليه وعلى «الإنجازات» التى جلبها - على حد قول الكثيرين! من ضِمن هذه الإنجازات، الإنجاز الأخير فى بِدء «إثيوبيا» بِتحويل مجرى «النيل الأزرق»، لِبِناء «سد النهضة»، ومِن الواضح أن «النهضة ورانا ورانا»، حيث إنه بِبِناء هذا السد ستقل حِصة مصر بِالتالى مِن مياه النيل.. وبدلاً مِن أن يكون الإنجاز الوحيد للرئيس هو مسألة انقطاع الكهرباء بِمُعدل أسفرت عنه ظُهور حركة تُدعى «مِش هندفع» التى تُنادى بعدم دفع فاتورة الكهرباء، فِمِن الواضح أن الرئيس أحب ألا يهل علينا رمضان سوى بإنجازٍ جديد - بِجانب انقطاع الكهرباء ! - وهذه المرة هى انقطاع المياه، مِمَا دفع نُشطاء مواقع التواصل الاجتماعى بِتبادل فيديو قديم للرئيس يقول فيه: «سنزيدُ مياه النيل بِالدُعاء والحُب»! .. فى الوقت الذى يقول فيه الرئيس: إن تحويل نهر «النيل الأزرق» لن يؤثر على حِصة مصر! وحتى مع وجود إنجاز حقيقى - كتعيين «باسم عودة» وزيراً للتموين والذى حاول قدر المُستطاع حل العديد مِن الأزمات كأزمة «رغيف الخُبز»، فإنه سُرعان ما «ياخدوا الفرحة بعيد»، ففى أحد مؤتمرات «عودة» للحديث عن إنجازاته، تُقطع الكهرباء عليه!.. وهو ما جعل أحدهم يُعلق : «مِن الواضح أن إنجاز الرئيس السابق مُبارك مُستمر فى عهد مُرسى وهو غيرة الوزراء»! .. وهى «الغيرة» التى امتدت للمُثقفين، الذين غاروا مِن سائقى «التوك توك» بعدما اهتم بهم الرئيس «مرسى» فى أول خطاباته، التى تخطى عددها العشرات، لتُصبح إنجازاً فى حد ذاتها . أو حتى مع وجود مَشروعات التى يقوم بِها الرئيس «مُرسى»، تُحاصرها الاتهامات بأنها مشروعات فى الأساس للرئيس السابق مُبارك، كمشروع «الصكوك»، سُرعان ما نُشِرَ وقتها أن هذا المشروع هو نفسه «مشروع الصكوك» الذى قدمه وزير الاستثمار السابق «محمود مُحيى الدين» فى عصر مُبارك، الذى تولاه وقتها جمال مُبارك! ناهيك طبعاً عن عشرات الإنجازات السابقة، كتعيين النائب العام المُستشار «طلعت عبد الله» بدلاً مِن «عبد المجيد محمود» وذلك عملاً بِمبدأ «يا فرحة ما تمت»! كذلك «الإعلان الدُستورى» المُكمل الذى تم إلغاؤه بعدها وتسبب فى كلتا الحالتين فى سقوط ضحايا، أيضاً أحداث الفِتن الطائفية المُستمرة والتى كانت آخرها «أحداث الخُصوص»، بجانب ملف «تنمية قناة السويس» والذى انسحب مِنه الفريق الاستشارى، كما حدث وانسحب العديد مِن أعضاء الجمعية التأسيسية للدُستور، وتم وضع دُستور غير توافقى، خِلاف الأحداث التى سبقت ظُهور الدُستور، كحِصار «المحكمة الدُستورية»، السباب الإعلامى الذى امتلأ فى القنوات الدينية تحديداً، لنجد من يقول ل «إلهام شاهين»: «كم شخصاً اعتلاكِ ؟!» .. تحويل مكان مِثل المُقطم بعد أن كان «مُلتقى العُشاق»، فأصبح «المُلتقى الرسمى للجماعة»! .. وغيرها مِن «شريط الإنجازات» التى لا تتسع المِساحة - وللأمانة «الأعصاب»- لذِكرها! «عِز الدين دويدار» مُخرج حملة «الحُرية والعدالة» فى مجلس الشعب يقول : «مُبارك كان عقبة فى انتقال مصر للديمقراطية، وبعد سِجن مُبارك أصبحنا فى مَرحلة انتقالية لِلتأسيس على القواعد، وبِالتالى هُناك اختلاف على القواعد لأن كُل فصيل يعود لِقواعده، وطول فترة الحُكم له بصمة العسكرى لم تجتمع القوى السياسية، سواء الإخوان أو الليبراليون على موقفٍ واحد، وكان هذا دور الحُكم العَسَكرى، ولم يكُن هناك بُد لِحسم هذا الخِلاف سوى فى الانتخابات البرلمانية، وعندما شعر المجلس العسكرى واليساريون أن الأُسس ستكون فى كَفة التيار الإسلامى وتجعله فى موقفٍ أفضل عِند التأسيس، تم التآمر لإسقاط مجلس الشعب.. للرئيس مرسى قائمة طويلة بإنجازاته - كإسقاط حُكم العسكر بعد 60 عاما - لن يعترف أى فصيل آخر بالإنجازات، ولو أقام التيار الإسلامى له الدُنيا أو حتى أتى له بِالشمسِ مِن المَشرق!.. وللإحساس بهذه الإنجازات، فى الوقت الذى نجد فيه مُشكلات مُتراكمة وفسادا فى كُل مكان فى مصر، فلن توجد قوى فى مصر قادرة على حل هذه المُشكلات أو ادارة البِلاد». المُرشح الرئاسى السابق «أبو العِز الحريرى» كان له رأى آخر، فقال: «هى فين الإنجازات دى؟! .. بعد وصول الرئيس مُرسى زادت ديون مصر الداخلية، وزادت البطالة، وأدى حُكمه لِغِلاء المعيشة والأسعار وقِلة البنزين وغيرها.. إذن أين هى هذه الإنجازات»؟!