كثير من الأسئلة طاردت الرأى العام حول قرار الرئيس بتشكيل لجنة قانونية رئاسية لمراجعة قانونية قراراته، والغريب أن القرار تزامن مع الحكم بسجن رئيس الوزراء لأنه لم ينفذ حكمًا قضائيًا بإعادة شركة طنطا للكتان للقطاع العام، وسط اتهامات تطارد اللجنة بعدم الدستورية لأن الدستور الجديد يمنع انتداب القضاة، واللجنة بدأت بانتداب «5» من مستشارى مجلس الدولة!
منير عبد القدوس ومن الأسئلة التى دارت فى أذهان العديد من القوى السياسية وخبراء القانون والمواطنين العاديين طوال الأسبوع الماضى، هل مرسى سيصدر خلال الفترة القادمة قرارات وقوانين تتفق مع القانون والدستور بعد أن أصدر قرارات صادمة للشارع والقوى السياسية وقف القضاء ضدها بأحكامه لأنها تخالف القوانين والدستور؟!سبب السؤال كان قرار رئيس الجمهورية الأسبوع الماضى بتشكيل لجنة قانونية برئاسته وتتكون من عدد من مستشارى مجلس الدولة والقضاة لمراجعة وإبداء الرأى فى القرارات ومشروعات القوانين الرئاسية التى ستصدر من الرئاسة قبل طرحها وأيضا مراجعة مشروعات القوانين التى ستصدر من مجلس الشورى. وبالفعل اختارت الرئاسة خمسة مستشارين من مجلس الدولة للندب إليها فى هذه اللجنة منهم المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا والمستشار منير عبدالقدوس عضو الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا والمستشار محمد صبحى سعفان عضو الدائرة الثامنة بالمحكمة الإدارية العليا والمستشار إبراهيم عبدالمنعم عضو إحدى دوائر محكمة القضاء الإدارى.ووافق المجلس الخاص بمجلس الدولة برئاسة المستشار غبريال عبدالملاك رئيس المجلس على ندب هؤلاء المستشارين للجنة القانونية لرئاسة الجمهورية، بينما لم يتم اختيار قضاة القضاء العادى الذين سينضمون إلى هذه اللجنة. الدكتور مستشار محمد فؤاد جادالله مساعد رئيس الجمهورية للشئون القانونية وأحد أعضاء هذه اللجنة علق على قرار تشكيل اللجنة بقوله: بطبيعة الحال هناك خلافات تظهر بين الحين والآخر حول القوانين والقرارات وكلها تكون صحيحة، فلكل حجته القانونية ولذا ستكون مهمة اللجنة الاتفاق على الرأى الصحيح.بينما قال المستشار منير عبدالقدوس نائب رئيس مجلس الدولة وأحد أعضاء اللجنة القانونية الرئاسية: اللجنة ستكتفى بمراجعة ودراسة كل ما يحال إليها من قرارات وقوانين من قبل رئيس الجمهورية للنظر فيها من الناحية القانونية والدستورية بغض النظر عن الاعتبارات أو النواحى السياسية. بالمناسبة المستشار عبدالقدوس كان أحد أعضاء الدائرة أولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا التى أصدرت العديد من الأحكام النهائية المهمة منها بطلان انتخابات مجلس الشعب 2010 وحل الحزب الوطنى وإحالة نصوص قانون انتخابات مجلس الشعب والشورى الأخيرة للمحكمة الدستورية العليا التى حكمت ببطلان انتخابات مجلس الشعب وحله فى 14 يونيو .2012 ومع اختيار وتكوين اللجنة أثيرت العديد من الأسئلة داخل الأوساط القضائية والسياسية لعل من أهمها لماذا اختارت رئاسة الجمهورية هؤلاء المستشارين دون غيرهم من باقى المستشارين وهل فعلاً رئيس الجمهورية لديه النية الصادقة أن يصدر قرارات وقوانين تتفق مع الدستور حتى لا يثور عليها الشارع والقوى السياسية والقانونية أم هى لجنة قد لا يأخذ برأيها، وهل اختيار رئيس الجمهورية هذه اللجنة من خارج أعضاء حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين يعنى أنه ليس هناك من الحزب والجماعة من يمكن أن يدلى برأى قانونى صحيح لرئيس الجمهورية.
شوقى السيد
والأهم من ذلك كله كيف يختار رئيس الجمهورية مستشارين من مجلس الدولة والقضاء العادى لندبهم لهذه اللجنة وهناك نص دستورى ينص على منع ندب القضاة لأى جهة، هل معنى ذلك أن رئيس الجمهورية خالف الدستور بتكوين هذه اللجنة؟!المستشار غبريال عبدالملاك رئيس مجلس الدولة قال لنا: نعم انتداب مستشارى مجلس الدولة للجنة القانونية الرئاسية مخالف للدستور الجديد الذى يمنع انتداب القضاة إلى أى من الجهات أو الوزارات. إلا أننا وافقنا على انتداب هؤلاء المستشارين لرئاسة الجمهورية طبقا لنص قانون مجلس الدولة الذى يجيز ندب قضاة المجلس، وطبقا أيضا لنص المادة 222 من الدستور الجديد التى تلزم تعديل القوانين طبقًا للدستور للعمل به وقانون مجلس الدولة لم يعدل حتى الآن والمجلس يشكل لجنة الآن لتعديل القانون وفقا لنصوص الدستور وبعد التعديل سيمنع انتداب المستشارين سواء لرئاسة الجمهورية أو أى وزارة أو جهة حكومية. وأكد لنا رئيس مجلس الدولة أيضا أنه من حق أى جهة أن تطلب مستشارين بأعينهم، وهنا يوافق المجلس على الندب وهذا ما يحدث فى معظم طلبات ندب المستشار وقليلاً ما تترك الجهة للمجلس حرية اختيار المستشار المنتدب إليها.والسبب فى أن الجهات تطلب مستشارين بأعينهم تتوقف على العلاقات الشخصية بين المستشار والجهة التى تريد ندبه وأنا عن نفسى- والكلام لرئيس المجلس- لم أنتدب لأى جهة نتيجة عدم وجود علاقات شخصية بينى وبين الجهات والوزارات. د.شوقى السيد الفقيه القانونى قال لنا: قرار رئيس الجمهورية بتكوين لجنة قانونية جاء متأخرًا، وأذكر وقت أن قامت ثورة 1952 كان بجوارها الدكتور عبدالرازق السنهورى وكان يأخذ كل مشروعات القوانين والقرارات ويذهب بها إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعتها قبل إصدارها.ويقول السيد: الآن وبكل أسف مضت مؤسسة الرئاسة فى طريق إصدار قرارات وتشريعات متناقضة أحدثت ارتبكات سياسية وغضبًا شعبيًا فى البلاد منها الجمعية التأسيسية والدستور وقانون مجلس النواب والصكوك.
جمال تاج
ولهذا أشك جدا فى صدق النوايا فى تكوين هذه اللجنة القانونية وأن الأمر قد يكون شكليًا فقط دون المضمون حتى نقول إن هناك لجنة محايدة، وأعتقد أن مستشارى مجلس الدولة فى هذه اللجنة سيرفضون أن يتعرضوا لضغوط وينفذون ما تطالبهم به مؤسسة الرئاسة إلا إذا كان منهم سوف يستسلمون للأمر، فالإخوان عماهم المكابرة والعناد ومازالوا يرفضون من يعارضهم ويرفضوا الكلام المحايد الموضوعى الذى قد يكون ضد آرائهم وكثير من القانونيين عندهم هوس سياسى والقانون إذا لم يكن محايدًا وموضوعيًا فلن تنتظر منه خيرًا. «نزار غراب» المحامى وعضو مجلس الشعب السابق قال لنا: التشكيل الهيكلى لرئاسة الجمهورية سواء كان فى عهد جمال عبدالناصر أو مبارك أو مرسى لابد أن يكون لديه لجنة قانونية أو سياسية أو إدارية تقدم لرئيس الجمهورية الاستشارة القانونية السليمة حتى يصدر الرئيس قرارات وقوانين صحيحة.هذا من حيث المبدأ العام ولكن أعتقد أن إشكالية تذبذب رئيس الجمهورية تخص تكوينه الفكرى أو انتماءه الفكرى بمعنى أن جماعة الإخوان المسلمين تفرز شخصيات غير قادرة على الحزم للمواقف التى بها صراعات سياسية وهذه الإشكالية لم تعالجها تكوين اللجنة القانونية الرئاسية.
محمد فؤاد جاد الله
بمعنى لو افترضنا أن هذه اللجنة أصدرت قرارًا سليمًا فى أى موضوع وأصدره رئيس الجمهورية لكن لو ضغطت أى قوى سياسية على الرئيس بعد إصدار هذا القرار السليم يمكن أن يتراجع وهذا ما اتخذناه من انطباع على الرئيس الدكتور محمد مرسى منذ أن تولى السلطة.ولهذا فأنا أرى كما يقول نزار غراب أن وجود اللجنة القانونية شىء مهم، أما مصير قراراتها وأرائها القانونية لا يعلمه إلا الله.وفى المقابل لا يجوز أن نقول أن تشكيل اللجنة من خارج الإخوان يعنى أن هذه الجماعة أو حزب الحرية والعدالة ليس لديهم كفاءات قانونية ولكن يجب أن تنظر إلى ولائهم وانتماءات تكوين اللجنة المهم تختار الكفاءة. جمال تاج عضو اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة قال لنا: أمر طبيعى أن يصدر رئيس الجمهورية قرارًا بتكوين لجنة قانونية من مستشارى مجلس الدولة والقضاء العادى، وهذه اللجنة مهمة وتعنى أن الرئيس بدأ فى عمل نظام مؤسسى لأنه لا يجب أن يكون للرئيس مستشار قانونى واحد أو اثنان لابد أن تكون لجنة بها العديد من المستشارين لمراجعة القرارات والقوانين من الناحية القانونية والدستورية وبالتأكيد تكوين هذه اللجنة من مستشارين وقضاة سيعطى قوة لأى قرار أو قانون يصدره الرئيس، ولا يعنى أن تكون اللجنة من مستشارين وقضاة من خارج الإخوان أن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين ليس لديهم كفاءات قانونية، بالعكس لديهم كفاءات قانونية على أعلى مستوى ولكن إذا اختار الرئيس لجنة من حزب الحرية والعدالة والإخوان ستقولون أخون الرئاسة وإذا لم يختر منهم تقولون هو فيه إيه أنتم عاوزين إيه بالضبط نغلق الباب ولا نفتحه؟!