يبدو أن القضاء أصبح قدره أن يظل تحت الحصار فى عهد أول رئيس منتخب بعد قيام الثورة، فمن حصار المحكمة الدستورية العليا إلى حصار الأولتراس، فالقضاة باتوا يعملون فى أجواء من الشحن والتشكيك وهو ما يضرب العدالة فى مقتل بعد أن فقدت السلطة القضائية «عمود الدولة القانونى» الكثير من هيبتها نتيجة الحملة الشعواء التى تستهدفها، الأولتراس أحد الفصائل الثورية التى خرجت فى ثورة 25 يناير المجيدة تطالب باقتلاع الفساد من كل أرجاء المحروسة ولعبت دورا مهما فى نجاحها.
فقدوا الكثير من الثقة فى الدولة ومؤسساتها بعدما حصل معظم المتهمين بقتل آلاف سالثوار والمصابين فى أحداث الثورة المختلفة على براءءتهم دون أن تستطيع مؤسسات الدولة المعنية «تواطؤا أو عجزا» أن تقدم الدلائل الدامغة على إدانتهم أو أن تقدم الفاعل الأصلى للجريمة!
الهوة اتسعت بين مجموعات الأولتراس ومؤسسات الدولة بعد وقوع الحادثة الأبشع فى تاريخ الرياضة المصرية. الأولتراس الأهلاوى فقد ثقته تماما فى القانون ولجأوا إلى الضغط بشتى الوسائل سياسيا وشعبيا ورياضيا وفى المقابل لجأ الأولتراس «الجرين إيجلز» مشجعو المصرى البورسعيدى والذين يقبع أعضاء منهم فى محبسه متهما على ذمة القضية إلى نفس أساليب الضغط بعد أن شعر بالنتيجة الإيجابية التى يحققها الأولتراس الأهلاوى يوما بعد يوم!
بعد انتظار طويل دام أكثر من تسعة أشهر لم تجف فيها دموع أمهات الشهداء وذويهم أعلن المستشار «صبحى عبدالمجيد رئيس المحكمة يوم 26 من يناير موعدا للنطق بالحكم، تسكت فيها آهات المتهمين وذويهم وصرخاتهم بأنهم ليسوا الجناة وأنهم قدموا ككبش فداء بالحكم وإسدال الستار على القضية التى شغلت الرأى العام.
بمجرد الإعلان عن ذلك هرع الجانبان لحشد كل قواهما وتسخير كل الظروف التى تحقق أهدافهما وكانت ركلة البداية من قبل الأولتراس الأهلاوى بفرعيه مجموعة أهلاوى المسئولة عن القاهرة وضواحيها ومجموعة ديفليز المسيطرة على محافظات مصر الذى رفع شعار «القصاص أو الدم» على صفحته الرسمية فى رسالة وجهها للجميع خاصة بعد أن خرجت تسريبات إعلامية تفيد برغبة الدولة فى انطلاق الدورى قبل انتهاء المحاكمة وكان هذا الشعار كفيلا بإلغاء الفكرة من الأساس كما صدرت التعليمات من قيادات «ديفيلز» إلى زملائهم مسئولى الفروع المختلفة فى المحافظات لعقد اجتماعات عاجلة مع الأعضاء وبحضور جماهير الأهلى من غير المنتمين للأولتراس لأول مرة فى سبيل حشد أكبر قدر من المساندين للقضية والمتأهبين للتحرك فى شتى الاتجاهات وفقا لمجريات الأمور، فيما تولت مجموعة «أهلاوى» التنسيق مع أهالى الشهداء وذويهم وأصدقائهم لنفس الغرض.
ووصل الأمر إلى تنفيذ مجموعة من أولتراس ديفيلز فرع دمياط مهمة فى احتفالات رأس السنة الجديدة داخل بورسعيد قاموا من خلالها بإزالة 26 جرافيتى خاصا بالأولتراس البورسعيدى من شوارع المدينة بالإضافة إلى الحصول على إحدى «المسجات» اللافتات الخاصة بالأولتراس البورسعيدى والتى كتب عليها «26 يناير براءة لمظلومى بورسعيد» وقاموا «بقلبها» والتصوير بجانبها داخل بورسعيد وهو ما يعد إهانة بالغة فى عرف الأولتراس.
كما علمت روزاليوسف أن الأولتراس الأهلاوى قرر تأديب الأولتراس البورسعيدى بعد النطق بالحكم بغض النظر عن اتجاه الحكم سواء كان بإدانة المتهمين أو تبرئتهم وهو ما فطن إليه أولتراس الوايت نايتس الزملكاوى رفيق كفاح الأولتراس الأهلاوى وفقا للهدنة الموقعة بعد مباراة المذبحة والذى قرر عدم حضور الجلسة حتى لا يزج به فى أحداث قد تكون دامية حسبما أكدت مصادرنا.
وبين هذا وذاك تظل المحكمة وقضاتها محاصرين بين تهديدات أولتراس الأهلى بالثأر «لإخوانهم فى الدم» بأيديهم وهو «مبدأ ثابت» إن فشل القانون فى ذلك بالتحول إلى ميليشيات مسلحة وبين تهديدات الأولتراس البورسعيدى الذى وجه رسالة واضحة إلى قضاة المحكمة من خلال لافتاتهم والتى طالبتهم بالحكم بالعدل وحذروا من وقوع الظلم عليهم - إدانة زملائهم.
كل فريق يرى العدالة التى تكون فى صالحه.. ترى هل سيشهد اليوم الختامى لقضية مذبحة بورسعيد مذبحة جديدة؟! أفيقوا يرحمكم الله.