أعلنت مؤسسة «ساويرس» للتنمية الاجتماعية ومجلس أمناء جائزة ساويرس الثقافية القوائم القصيرة لشباب الكُتّاب والأعمال الأدبية والسينمائية، التى استقرت عليها آراء أعضاء لجان التحكيم فى أفرع الجائزة المختلفة.
رغم أن الجوائز هذا العام - كسابقتها - تعنى بحرية الفكر والإبداع وأيضا بمواجهة دعوات التزمت والانغلاق، بدليل الجوائز السابقة للمؤسسة والتى أظهرت أسماء معروفة بتوجهاتها وأيضا بإيمانها بأفكار الحرية، مثل عام 7002, حيث فاز الكاتب والمخرج الكبير داود عبدالسيد بالجائزة عن سيناريو فيلمه «رسائل بحر»، المعنى فى الأساس بتوجيه رسائل لتيار الإسلام السياسى، الذى يقود المجتمع إلى الهاوية، وكذلك الكاتبة «مريم نعوم» التى فازت بسيناريو فيلمها «واحد صفر»، - فى نفس العام والذى يناقش ما وصل إليه المجتمع من تفكك، كما أن الفيلم نفسه بعدها واجه العديد من الانتقادات من الكنيسة لمناقشة الأحوال الشخصية للمسيحيين فيما يتعلق بقضيتى الزواج والطلاق.. أيضا الأعوام السابقة لم تخل القائمة من أسماء شهيرة ك «محمد المخزنجى» فى عام 2005عن مجموعته القصصية «أوتار الماء»، وكذلك الروائى «محمد المنسى قنديل» فى عام 2006عن روايته «قمر على سمرقند» .
الملاحظ أن القائمة «2102- 3102» ضمت العديد من الأعمال التى لم تختلف فى توجهاتها ولكنها تنبئ بمواجهة جوائز «ساويرس» - بشكل غير مباشر - للإخوان، فمثلاً ضمت القائمة فى مجال الرواية رواية «إيموز» للكاتب «إسلام مصباح عبد المحسن»، وهى الرواية التى أثارت الجدل، وتعنى باغتراب الشباب عن مجتمعهم، مما يدخلهم فى دائرة لا نهائية من المناقشات على ال Facebook ، كما أن كلمة «إيمو» فى علم النفس تطلق على الشخص ذى الميول الانتحارية، والذين يعانون من الاضطرابات النفسية، ويستمتعون بشتى أنواع التعذيب النفسى، وبأنواع خاصة من الموسيقى والرقص، كما أن الجامعة الأمريكية قامت بترجمة الرواية، وصمم غلافها الكاتب والسيناريست الشهير «أحمد مراد»، كما أن العديد من النقاد أشادوا بها مثل الروائى «إبراهيم عبدالمجيد» الذى كتب عنها: «رواية طموحة، تحاول الإحاطة بأسئلة هذا الجيل من الشباب، ضمير المخاطب فيها يشطر الشخصية الرئيسية، ويكاد يجعلها فى حالة حساب، فيزيد من إيقاع اللغة وإيقاع الأحداث، فبالوقت الذى يكشف فيه أغوار الشخصية، والإيموز كما نعرف هم الشباب غير المتوافقين مع المجتمع، والذين اندفعوا وراء عواطفهم، الرواية تكشف لماذا يمكن لهذا الجيل أن يكون كذلك، وهو ما وصل لترشيح الرواية لجائزة «البوكر»، وبالتالى ضمها فى قائمة «ساويرس» يعنى أن الثقافة لا يمكن أبدا أن تكون بمعزل عما يحدث فى المجتمع من محاولات سيطرة فصيل سياسى واحد على الساحة.
أيضاً ضمت القائمة رواية ''كادرات بصرية'' للكاتب «محمود الغيطانى»، التى تعنى بتماس واقع الثقافة المصرى مع ما حدث فى سجن «أبوغريب» بالعراق، وذلك من خلال 3 شخصيات، ففى أحد مقاطع الرواية كتب: «إنهم يعذبون المعتقلين فى سجون العراق بإبقائهم عراة تماما طوال الوقت، معرضين إياهم لعوامل الطقس المختلفة من سخونة لاهبة وبرودة مجمدة، يرغمونهم على ممارسة اللواط وإدخال الأعمدة المعدنية فى مؤخراتهم، يمارسون أبشع أنواع الجنس الداعر وأحقره مع النساء، يطلقون عليهم الكلاب البوليسية المدربة لنهشهم أحياء، يلتقطون لهم الصور وأفلام الفيديو فى أكثر الأوضاع شذوذا ومهانة للإمعان فى تحقيرهم».. فالرواية يمكن تصنيفها باعتبارها رواية «سياسية - اجتماعية» - ثقافية»، بل إنها كتبت بأسلوب سينمائى، به العديد من المشاهد الجنسية، وهى رسالة واضحة للإخوان أن الجرأة لن يقف فى طريقها أحد.
كما ضمت القائمة - فى مجال المجموعات القصصية - «ثعبان يبحث عن مشط» ل «محمد مستجاب»، التى ضمت 01 قصص قصيرة، منها قصة «حكاية عم هارون»، حيث تدور القصة حول «عم هارون» الذى يقضى عمره كله داخل قاربه الصغير، دون أن يدرى بكل ما يحدث فى العالم الخارجى، حتى إن من يراه يظن أنه لم يغادر قاربه منذ أن استقرت سفينة نوح! .. وهو ما يعنى ثبات الحال وعدم تغيره بالنسبة لواقع المجتمع المصرى.
كما ضمت القائمة - فى مجال السيناريوهات السينمائية - سيناريو فيلم «عاصمة جهنم» ل «محمد أمين راضى»، الذى واجه منذ عامين صراعات مع الرقابة لمحاولة تمريره، والذى يتناول وقائع وأحداث وقعت فى مصر قبل ثورة 52 يناير، ورغم أنه لا يتناول أى وقائع خادشة للحياء، ولا يتعرض لأى أمور أمنية، إلا أنه يشير إلى قصص لبعض الشخصيات المعروفة فى المجتمع المصرى، وهو ما أدى لخوف الرقابة من أن تثير معها أزمة فى حالة تصوير الفيلم، وانتظرت تعليمات وزارة الثقافة بالموافقة، إلا أن الوزارة لم تُرسل أى رد، وبالتالى ترشيح السيناريو لجائزة «ساويرس» يعنى بالأساس المواجهة مع مؤسسات الدولة التى يتم اتهامها ب «الأخونة»، وهو ما يعنى أن المواجهة بين المثقفين ومن يريدون أخونة الدولة قادمة - أياً كانت نتيجة الجوائز - فالمواجهة بين المثقفين ومن يريدون أخونة الدولة قادمة، حتى وإن تأخرت بعض الوقت.