رغم أن «القراءة» أول دعوة فى الإسلام، إلا أن المتمسحين بالشريعة اعترفوا بأنهم لن يقرأوا مسودة الدستور قبل الاستفتاء عليه اليوم، إلا أنهم مصرون على «نعم» لنصرة الله ودينه الحنيف، رغم اعتراضهم على بعض مواد الدستور نقلا عن شيوخهم لا بقراءتهم، فحتى أئمة المساجد الإخوان والسلفيين الذين يدعون الناس للتصويت بنعم للدستور، لم يكابروا واعترفوا لنا بأنهم لم ولن يقرأوا، لأن هذا مضيعة للوقت، ويكفى أن أولى الأمر قرأوه وتوافقوا على أنه يطبق الشريعة، وقالت لنا عناصر إخوانية إنها ستقول نعم بالتأكيد دون قراءة الدستور لأن الجماعة أمرتهم بذلك وعليهم السمع والطاعة، بينما قالت لنا زوجة منتقبة بأنها ستقول نعم للدستور لأن «زوجها» الشيخ «محمد» أمرها بذلك وعليها طاعة زوجها!
الأكثر غرابة من ذلك أن الأمر لا يختلف كثيرا فى معسكر المعارضين، حيث يقولون «لا» للدستور لأن قياداتهم ترى ذلك وتنصحهم به، معترفين فى أغلبهم بأنهم لم يقرأوه! وتكشف هذه المفارقة المزدوجة عن جهل غالبية هذا المجتمع بما فيه نخبة من التيارين، التى تستغل جهل أغلب المصريين خاصة فى قضية الدستور، وبالتالى ستكون نتيجة الاستفتاء مهما كانت ليست المعبرة عن المصريين، لأنهم لم يقرأوا.. لأنهم لا ينوون القراءة من ناحية، ولضيق الوقت والاستقطاب الدينى والسياسى من ناحية أخرى.. وبمعنى أن اللعبة أعمق من كونها دستور «جنة ونار».. بل جهل أمة، وبذلك لن تقوم لنا قائمة أبدا!
أحمد السيد - إمام وخطيب مسجد الرحمة - فى الأربعينيات من عمره سلفى التوجه قال: سأصوت بنعم لأننا أصحاب مشروع إسلامى متكامل ولن نمكن العلمانيين من تدنيس شرع الله، وأضاف: أندهش من عمرو موسى الفلول الذى أصبح من الثوار بقدرة قادر! لم أقرأ الدستور ولا وقت لدى ليضيع وقتى فى قراءته مادام رأى من هم أكثر منا علما ودينا ونحن أمرنا أن نطيع أولى الأمر منا فما بالك بالعلماء، ونحن نتحدث عن مسألة شرعية.. القول بنعم واجب على كل مسلم غيور على دينه.
أما عبدالله مراد - طالب جامعى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين - فقال: سأصوت بنعم للدستور لأن الجماعة قالت نعم، وعلينا السمع والطاعة كما أن نعم معناها استقرار الدولة واستكمال مشروع النهضة، وعلينا دعم الرئيس المنتخب ذى المرجعية الإسلامية.
منى عاطف إحدى السيدات المنتقبات التى تظاهرت فى ميدان النهضة تأييدا لمرسى قالت لنا: طبعا هقول نعم رغم أنى مقرتش الدستور.. وعن السبب أوضحت: زوجى الشيخ محمد قال لى هنروح نقول نعم عشان حزب النور قال نعم وده فى صالح الشريعة والرسول قال: «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، وبالتالى طاعة زوجى أمر شرعى، كما أن هذا فى سبيل نصرة الدين.
إسلام حسين قال: نعم للدستور لأنه يطبق الشريعة الإسلامية للمرة الأولى، نعم للدستور لسحق العلمانيين ومعارضى الدين والإعلاميين الفاسقين.. ونعم للدستور من أجل مقابلة الله بوجه ونية صالحة تدخلنا الجنة، وأضاف: قرأت بعض مواد الدستور واستبشرت خيرا منها ولم أكمله لأن البداية كانت جيدة، وعندما سألته عن أهم المواد التى أعجبته قال: لا أتذكر الآن!
الأمر لم يختلف لدى قادة الدعوة السلفية وقيادات الإخوان، وهم بمثابة العقل المدبر لقواعدهم المنتشرة فى المحافظات والذين يتبعونهم بلا تفكير.
نادر بكار المتحدث باسم حزب النور اكتفى بقوله: قمنا بتدشين حملة «نعم للدستور»، وأخرجنا بيانا يهدف إلى توعية الشعب بأهمية الموافقة على الدستور، وتحدثنا عن مميزاته والرد على الشبهات المثارة حوله.
بالإضافة إلى حملات شعبية للتواصل مع المواطن مباشرة، من خلال أكشاك متحركة وشاشات تعرض أقوال العلماء فى الدستور، بالإضافة إلى الحملات الدعوية التى يشارك فيها أبناء حزب النور، والدعوة السلفية التى ستنطلق فى كل مراكز وقرى الجمهورية، لتوضيح مواد الدستور.
أما الدعوة السلفية فقامت بعدة مسيرات فى بعض المحافظات رافعة شعار «نعم للدستور من أجل نصرة الدين»، وهتف المشاركون فيها: «اهتف قول.. نعم للدستور» و«مهما تلف ومهما تدور.. نعم نعم للدستور».
أما الداعية وجدى غنيم فقال: نعم للدستور، عنادا فى الكفار والعلمانيين وأعداء الله وفق ادعائه، وأضاف عبر فيديو مسجل له على موقعه الإلكترونى: رغم اعتراضى على بعض المواد واعترافى بوجود نقاط عوار فى مسودة الدستور، فإننى أعلن عن موافقتى على مشروع الدستور الذى قدمته الجمعية التأسيسية «عنادا»، وأضاف: أشكر أعضاء الجمعية التأسيسية الذين استمروا فيها وعلى رأسهم المستشار حسام الغريانى قائلا: جزاكم الله خيرا، مؤكدا اعتراضه على المادة الأولى لاحتوائها على كلمة «الديمقراطية»، والتى اعتبر مبادئها كفرا فى كفر، مطالبا باستخدام العبارات الإسلامية وهى «الشورى»، كما اعترض على عبارة «السيادة للشعب» مطالبا باستبدالها ب «السيادة لله».
وأوضح غنيم أن الموافقة على الدستور تأتى من منطلق «خلى المركب تمشى»، حيث سيكون بداية لانطلاق الدولة بإجراء انتخابات برلمانية وتشريعية.
والداعية السلفى «ياسر برهامى» قال: نعم للدستور نصرة لدين الله عز وجل وإعلاء لكلمة الشريعة، وأضاف: «نؤكد للجميع أن المادة المفسرة لمبادئ الشريعة - وهى المادة 219 فى الدستور القادم - هى الحد الأدنى الذى يمكن أن نقبل به، وهى واضحة أو لا قيمة لها كما يقول بعض دعاة الإسلاميين، وهى تشتمل على الأدلة والمصادر، ودخل فيها الكتاب والسُنة والإجماع والقياس، وغيرها من المصادر المختلف فيها».
أما عبدالمنعم الشحات فقال: «نعم للدستور لأنهم يكرهون صوت الله، بل يكرهون الله نفسه ونحن نحبه، ومن أجل ذلك تطبيق شرع الله غايتنا، ومن أجل دعم شرعية الرئيس مرسى لأن هناك معارضة تحاول تضليل الشعب ويقولون كذبا أنهم يعيدون مرة أخرى الثورة، ولكن الحقيقة أنهم فلول ونحن نقول إن الصندوق هو الحكم بيننا وبينكم ولايوجد خوف من تطبيق الشريعة ويجب قطع يد السارق ومن يخشى ذلك سوى الحرامى!»
أما الفريق الآخر الذى قرر أن يقول «لا» فى الاستفتاء على الدستور الجديد فيسخر من فكرة أن مصيره جهنم وبئس المصير إذا أصر على «لا»!
«نسمة محمد» محاسبة قالت: هقول لا رغم أنى لم أقرأ الدستور، لكننى معترضة على مبدأ إقصاء جميع التيارات من الجمعية التأسيسية كما أنه ليس منطقيا أن يتم التصويت على المسودة النهائية للدستور فى 16 ساعة متتالية ثم يخرج الرئيس فى المساء لدعوة المواطنين للاستفتاء بعد أقل من أسبوعين، هناك سرعة غير مبررة، تزيد من شكوكى بأن الدستور فيه «سم قاتل»!
أما «مينا عز» مهندس اتصالات فقال: «لا للدستور لأنه طائفى وتم إقصاء المسيحيين وطرد الكنيسة فى شكل انسحاب، وطالما نحن كفرة بالله وسندخل النار كما يقولون فلهم دستورهم ولنا دستورنا!.. نحن نريد دستورا يحمى الدولة المدنية وليس دستورا يؤسس لدولة ثيوقراطية.
عمرو عادل طالب بكلية الطب قال: «لست مضطرا للتصويت بنعم أو لا على هذا الدستور الباطل لأننى ببساطة أتبع تيارا ثالثا وهو المقاطعة، وبالتالى دستورى ليس هذا الدستور الذى قدمه الغريانى»
وعلى جانب آخر تحركت حركة شباب 6 إبريل فى حملة إعلامية بعنوان «لماذا نرفض الدستور» قالت فيها «نحن قادرون على إسقاط دستور الإخوان، ولن نرتكب الحماقة نفسها مرتين، فالامتناع عن التصويت فى انتخابات الرئاسة، وإبطال الأصوات تسبب فى الكارثة التى نعيشها الآن.. صوتك أمانة.. انزل وأدلِ بصوتك وقل: لا».