لن يفوت كل المصريين المواقف المثيرة للاشمئزاز التي يفتعلها «د. عصام العريان» فى الفترة الأخيرة، رغم أنه يعرف بأنه أحد الرموز المعتدلة فى جماعة الإخوان وحزبها «الحرية والعدالة»، ولن ينسى أيضاً أحد كيف كان يتعامل مع الإعلام ويتودد للظهور فيه، ثم الآن يحاكمه ويتهمه بتقاضى الرشاوى لمجرد أن هذا الإعلام الذى كان يدافع عنهم وقت الضعف هو نفسه الذى يدافع عن ميدان التحرير بعد التجاوزات التى وقعت فيه فى جمعة «محاسبة الرئيس»! الإخوان تحولوا بعد السلطة إلى صقور جارحة لا تخاف الفخاخ أو الصيادين، ومنذ سقوط النظام ركبوا الثورة وحاولوا التواصل مع كل القوى الوطنية بوداعة وخدعوا الجميع بالإعلان أنهم لن يسيطروا على المجالس النيابية بل سيشاركون فيها بمبدأ المشاركة لا المغالبة واحتلوا مجلس الشعب ولجانه، ونفس الأمر فى مجلس الشورى وبعد صدمة حل الشعب سيطروا على الجمعية التأسيسية للدستور وظهرت أنيابهم التى نهشت الجميع، وخاصة الإعلام. د. عصام العريان أثار الجميع بتحوله الخطير فى كياسته السياسية وتودده للإعلام.. كان أحد قيادات الإخوان بنقابة الأطباء واستحدث مع د. أنور شحاتة معارض السلع المعمرة بالنقابة فى مرحلة سيطرة الإخوان على النقابات المهنية وسجن لمدة ثلاث سنوات فى قضية تنظيم النقابات وعليه بلاغات بمكتب النائب العام برقمى 804و 805 قدمت فى 8 مارس الماضى تطالبه برد أربعة ملايين جنيه حصل عليها لحضوره جلسات شركة المهنية الطبية بدعوى كسب غير مشروع ومنذ وصول الإخوان إلى مقاليد السلطة تغيرت علاقته بالإعلام بشكل مرعب لدرجة الخوف من التحدث معه أو استضافته، والوقائع المسجلة والتى وصلت مؤخراً إلى بلاغ ضده للنائب العام تقدمت به الإعلامية جيهان منصور - مقدمة برنامج صباحك يا مصر على قناة دريم الأربعاء الماضى وحمل رقم 3874 بلاغات مكتب النائب العام على أثر اتصال تليفونى معه صباح السبت الماضى تعليقا على أحداث الجمعة الماضية ورغم شروطه بعدم دخول أحد معه فى المداخلة وعدم المقاطعة إلا أنه بمجرد بداية حديثه عن أحداث الجمعة الشهيرة بموقعة الجمل الإخوانية اتهم العريان المذيعة جيهان والقناة بالانحياز المغرض، وأن القناة قامت بالتشويش على صوته ووصف ما حدث بأنه سقطة مهنية وطالب بضرورة محاسبة المذيعة والمسئول عن الواقعة ولم يتوقف العريان عند هذا الحد بل اتهم جيهان بتلقى أموال مقابل الهجوم عليه وعلى الإخوان وقال لها «بتقبضى كام يا جيهان علشان تقولى هذا الكلام..!وأريد أن أحصل على حقى فى الكلام مثل د.كريمة الحفناوى ويجب أن تتعلموا الإعلام ويجب أن تعودى لشريط الحلقة لتتعلمى المهنية والإعلام ». وهو الأمر الذى صدم المذيعة والجميع بتوجيه الاتهامات إلى الجميع لمجرد الاختلاف معه لدرجة قوله: من أين تأتون بالأموال. وهو الأمر الذى جعل أسامة عزالدين رئيس مجلس إدارة القناة يصدر بيانا يدين فيه ما قاله العريان ويسأله عن مصادر أمواله وأموال الجماعة وأن مصادر أموال دريم معلومة ومعروفة للجميع. الملاحظ أن العريان قبل وصول الإخوان للحكم كان وديعا مع الإعلاميين، سواء فى الصحف أو البرامج يقول رأيه بكل بساطة وكياسة وعندما يخطىء مع أحد يعتذر له ويتواصل ولا يرفض الحديث مطلقا.. لكن بعد السلطة والنفوذ أصبح يشترط فى وقت الحديث والضيوف ولم تتوقف ممارساته المثيرة مع دريم فقط، بل أيضا مع الحياة فى مداخلة مع الإعلامية لبنى عسل وأيضا عقب أحداث الجمعة تحدث عن براءة الإخوان وعندما طلبت منه« لبنى» الانتظار للرد على د.رفعت السعيد أغلق التليفون وأغلق تليفونه المحمول ولم يهتم ولم يراع استئذان أحد منه بالاستمرار. ومن الحياة إلى قناة الجزيرة مباشر حيث اعترض على سؤال المراسل له بأن الشارع يرفض سيطرة الإخوان على كل شىء واتصل بمكتب القناة معاتبا وأصر على معاقبة المراسل، ولم يتوقف جبروت وسيطرة العريان على القنوات بل امتد إلى الصحف، حيث هاجم إحدى الصحف المستقلة قائلا: لا يمكن أن أكلم كل يوم مائة صحفى بالجريدة وتواصل مع قيادات الصحفيين بها لحل الأزمة ولكن مبدأ العريان أصبح مهاجمة الإعلام لإرهابه لوقف الهجوم على الإخوان!! الإخوان وقياداتهم أصبحوا نسخة من الحزب الوطنى المنحل لدرجة جعلت المرشد العام د. «محمد بديع» يصف الإعلاميين ب«سحرة فرعون» الذين جمعهم فرعون لسحر الناس وبث الرعب والرهبة فى قلوبهم، بل قال أيضاً إن الشيطان يوحى للإعلاميين بأن يصوروا للشعب المصرى أن الإخوان هم بديل الحزب الوطنى وأنهم سيدمرون البلاد. ورغم هذه الاتهامات فالإعلام الحر والمستقل هو الذى فتح لهم القنوات والصحف للحوار وطرح رأيهم أمام النظام السابق!. الإخوان بعد الثورة أصبحوا لا يتحملون أى نقد ولو بالخطأ والوقائع كثيرة لدرجة تحويل سارة حنفى مذيعة برنامج نهارك سعيدالذى يعرض على قناة«نايل لايف» بالتليفزيون المصرى ومعها المعدة تغريد دسوقى والمخرج ريمون فؤاد إلى التحقيق لهجوم ضيفهم الصحفى «عماد صابر» على الإخوان الذين وصفهم بعدم المصداقية! وهو ما أغضب المرشد والجماعة، وداخل مكتب الإرشاد والحزب تمت التعليمات بالتعامل مع الإعلام بحزم وعدم الموافقة المباشرة على الظهور أو الحديث والشروط فى التعامل والضيوف، لدرجة أن البعض كانوا يطالبون بمقابل مادى مثل نجوم السينما والمجتمع والشخصيات الكبرى لدرجة التحكم فى اختيار الضيوف الذين يظهرون معهم والتفضيل بين المذيعات والمذيعين. ويأتى خيرت الشاطر نائب المرشد والمرشح الرئاسى السابق قائد التيار المحافظ داخل الجماعة بعد المرشد فى الهجوم على الإعلام بدعم شقيقه جلال الشاطر، كما أن المتحدث الإعلامى للجماعة محمود غزلان هو زوج شقيقة الشاطر ولم يسلم الإعلام من هجوم الشاطر عليه بوصفه بأنه يرتبط بالنظام السابق وأن الإعلام يحارب عملية التغيير وأن حرية الإعلام ليست مطلقة ووصف جريدة الدستور بأنها منشور طائفى ضد الإخوان،ورغم مطالبه بالشفافية والمصداقية منع الشاطر دخول وسائل الإعلام المصرية لقاء خاصاً به مع مسئولين أتراك مؤخراً وسمح لوكالة الأنباء التركية وشبكة يقين القريبة من الجماعة مع الصحفيين المنتمين للتيار الإخوانى. ورغم أن الشاطر كان ضيفاً على عدد من البرامج وعلى صفحات الصحف المستقلة والحزبية وهاجم النظام السابق إلا أنه عندما بسط الإخوان يدهم على كل شىء أصبح مثل نجوم السينما العالميين وأبدل تليفونه وعين مثله مثل كل قيادات الإخوان مديرين وسكرتارية طويلة للرد على التليفونات وتحديد المواعيد التى فى الغالب لا تتم وتؤجل مرات ومرات وفى وقت الحاجة إلى قول شىء يتصل برجال الإعلام والإخوان ليملى ما يريد وقت ما يريد. ويدخل «جلال الشاطر» شقيق خيرت على الخط فى الهجوم على الإعلام بقوله بأن الإعلام هاجم الإخوان ولم يهاجم الفلول وقت انتخابات الرئاسة وطالب على صفحته على الفيس بوك بمقاطعة وسائل الإعلام التى تهاجم الإخوان وأن الإخوان لن يشغلوا بالهم «بالحثالة الإعلامية» وأنها مافيا وراءها أمور كثيرة.. بجانب السخرية المستمرة من الإعلام ومطالبة شباب الجماعة بترك ما يتردد عن الإخوان بالإعلام وعدم تصديقهم والتواصل مع المجتمع لجمع الأصوات الانتخابية التى هى أهم من مزاعم الإعلام. عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامى للجماعة قوته فى الجماعة تأتى من زواجه من شقيقة خيرت الشاطر وهو من الحرس القديم ورغم أنه المتحدث الإعلامى لكنه الصامت دائما وهو الأمر الذى جعل العريان والبلتاجى وغيرهما يتحولون إلى كل شىء فى مصر. ونفس الأمر مع د.محمود حسين أمين عام الجماعة الذى تحدث أكثر من مرة ثم توقف بعد سيطرة العريان والبلتاجى على كل وسائل الإعلام وخطابهما ذى الصوت العالى ولم يستمر غزلان وحسين لهدوء حديثهما والاستماع إلى آخر وهو ما ترفضه الأصوات الجديدة وسط الإخوان الذين يرون ضرورة ضرب الإعلام على رأسه وتعويض ما فاتهم وعدم الهجوم عليهم مهما كان الأمر. ووسط هذا الهجوم دخل وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود على الخط الساخن فى هجوم على قناة الحياة لدرجة وصفهم بأنهم من القنوات التى تستأذن قبل استضافة الضيوف ودلل على ذلك بواقعة قديمة له بالقناة بخلاف ما قاله الوزير فى حوار مع إحدى القنوات العربية، ومن طرائف قيادات الإخوان مع الإعلام عندما يتم الاتصال بهم للظهور فى القنوات تجد مثلا وليد شلبى المستشار الإعلامى للمرشد يقول الحوار بعد عام!! ومحمود حسين أمين عام الجماعة يرد بعد ستة أشهر. ود.عبدالرحمن البر مفتى الجماعة يقول بعد ثلاثة أشهر والقيادات الأخرى تطلب تحديد المواعيد مع أحمد سبيع المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة أو مع مديرى مكاتبهم وفى الغالب لا ردود ولا مواعيد إنما هى دوامة الوقت الضائع مع كل من يختلف معهم ونجد العكس مع رجالهم وأنصارهم فى القنوات والصحف الإخوانية. هذه المواقف تكشف الانتقام الإخوانى المرعب ليس فقط من الإعلام بل من مصر بكل من فيها من قوى سياسية ومرأة وفنانين وناصريين ويساريين وهذه المواقف بحاجة إلى إعادة نظر إخوانية لأنهم تفوقوا على ممارسات الحزب الوطنى المنحل.∎