فى مفاجأة من العيار الثقيل تعود جماعة «الإخوان المسلمين» - التى تنتظر حكما قضائيا نهاية سبتمبر الجارى حول موقفها القانونى - للحياة السياسية والعامة، بجميع ما اكتسبته من ممارسات، كانت محلا للجدل خلال السنين الماضية، إذ سيسمح لها كجمعية أهلية، بالعمل السياسى وممارسة الأنشطة التجارية.. فضلا عن تلقى التبرعات والهبات من الخارج! وهو وضع سعت إلى تقنينه وزارة الشئون الاجتماعية عبر قانونها الجديد، الخاص بالجمعيات الأهلية.. والمقارنة بين القانون الحالى «84 لسنة 2002»، وقانون الشئون الجديد، الذى حصلت «روزاليوسف» على نسخة منه، تكشف الفرق دون عناء! القانون اشترط لإنشاء جمعية أن يكون لها نظام أساسى مكتوب وموقع عليه من المؤسسين وأن تتخذ لمركز إدارتها مقرا مستقلا وملائما فى جمهورية مصر العربية. ويشترط فى عضو الجمعية أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية ولم يصدر ضده حكم نهائى بعقوبة مقيدة للحرية فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره. وفى مشروع قانون الجمعيات الجديد أضيفت فقرة جديدة فى شروط إنشاء الجمعيات وهى: يجوز لغير المصريين ممن لهم إقامة دائمة أو مؤقتة فى مصر الاشتراك فى عضوية الجمعية أو مجلس إدارتها بما لا يجاوز نسبة 25٪ من عدد الأعضاء. كما يجوز لأى من الجاليات الأجنبية إنشاء جمعية تعنى بشئون أعضائها وفقا لأحكام هذا القانون وبشرط معاملة الجالية المصرية فى شأن إنشاء الجمعيات فى بلدهم بالمثل. والمستندات التى يجب تقديمها عند إشهار الجمعية واحدة من حيث نسخة النظام الأساسى للجمعية وسند شغل مقر الجمعية ورسم مائة جنيه مقابل قيد الجمعية وإعداد الحالة الجنائية للأعضاء المؤسسين. ففى قانون الجمعيات «الحالى» لابد من تقديم إقرار من كل عضو مؤسس بأنه لم يصدر ضده حكم نهائى بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة. إلا أن هذا الإقرار غير موجود فى قانون الجمعيات الجديد، إذ تم استبداله بإقرار آخر من كل عضو مؤسس باستيفائه الشروط.. فضلا عن صحيفة الحالة الجنائية لكل عضو من المؤسسين. وتعتبر المادة الخاصة بأغراض الجمعيات وحقوقها والتزاماتها هى المادة التى بها كثير من الاختلاف فى القانونين. فهذه المادة فى القانون الحالى تحتوى على أربعة بنود والقانون القادم على خمسة بها ثلاثة بنود واحدة فى القانونين، فالمادة فى القانون الحالى أعطت لوزارة الشئون الاجتماعية رفض إشهار الجمعية إذا كان من بين أغراضها تكوين سرايا أو تشكيلات عسكرية أو ذات طابع عسكرى، وتهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو الآداب أو الدعوية إلى التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة، واستهداف تحقيق ربح أو ممارسة نشاط ينصرف إلى ذلك وممارسة أى نشاط سياسى لأنه تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسية وفقا لقانون الأحزاب..أو أى نشاط نقابى تقتصر ممارسته على النقابات وفقا لقانون النقابات. بينما فى القانون الجديد يتم حظر نشاط الجمعية، دون إلغاء ترخيصها إذا قامت بالآتى: 1- تكوين السرايا أو التشكيلات ذات الطابع العسكرى.. 2- تهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو الآداب أو الدعوة إلى التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة. 3- أى نشاط سياسى تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسية وفقا لقانون الأحزب وأى نشاط نقابى تقتصر ممارسته على النقابات وفقا لقوانين النقابات. ثم أضيفت فقرة جديدة إلى بند 3 فى القانون الجديد تقول: لا يعد نشاطا «محظورا» فى هذا الخصوص الأنشطة الممولة محليا التى تهدف إلى التوعية بالحقوق القانونية والدستورية والدفاع الاجتماعى وحقوق الإنسان التى يجوز للأحزاب أو النقابات ممارستها دون أن تقتصر عليها! 4- يمنع استهداف تحقيق ربح لأعضاء الجمعية أو ممارسة نشاط بتصرف.. ولا يعد اتباع الضوابط التجارية لتحقيق ناتج يسهم فى تحقيق أغراض الجمعية نشاطا مخالفا وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وبقراءة هذه الفقرة يتضح لنا أنه من الناحية العملية يحق للجمعيات فى القانون الجديد دخول مجال البيزنس والتجارة.. وقد يلجأ الكثير من أصحاب الأعمال والشركات لتكوين جمعيات خاصة، إذ إن القانون أعفى هذه الجمعيات والمؤسسات التى تنشأ فى ظل هذا القانون من رسوم التسجيل ورسوم التصديق على التوقيعات. كما أعفى هذه الجمعيات من ضرائب ورسوم الدمغة المفروضة حاليا التى تفرض مستقبلا على جميع العقود والتوكيلات والمحررات والأوراق المطبوعة والسجلات وغيرها. وأسقط الضرائب الجمركية والرسوم الأخرى المفروضة على ما تستورده من عدد وآلات وأجهزة وأدوات ولوازم إنتاج ووسائل نقل. وكذا على ما تتلقاه من هدايا وهبات ومعونات من الخارج، وذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص، شريطة أن تكون هذه الأشياء لازمة لنشاطها الأساسى ويحظر التصرف فى الأشياء المعمرة منها التى تحدد بقرار من الوزير المختص بالأنفاق مع وزير المالية.. وذلك قبل مرور خمس سنوات ما لم تدفع عنها الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة.. فضلا عن إعفاء العقارات المملوكة للجمعية من جميع الضرائب العقارية!
البند الخامس فى أغراض الجمعيات فى القانون الجديد، وغير موجود فى القانون الحالى.. لكنه أعطى الحق للجمعيات والمؤسسات إجراء بحوث ميزانية واستطلاعات رأى ومشروعات فى مجال العمال الأهلى شريطة الحصول على موافقات وزارة الشئون والجهات المعنية قبل القيام بإجرائها. ونصت المادة الرابعة عشرة من القانون على أنه يجوز للجمعية أن تتعاون أو تنضم أو تنتسب أو تشترك فى ممارسة نشاط لا يتنافى أغراضها مع جمعية أو هيئة أو منظمة أجنبية شريطة إخطار الاتحاد الإقليمى والجهات الإدارية بذلك. وبقراءة هذه المادة فى القانون الجديد يفهم منها أن هناك جمعيات ستنسق مع جمعيات أخرى أو فروعها فى الخارج.. مما يعنى أننا قد نرى بعد عدة أشهر من صدور قانون الجمعيات الجديد أن هناك قنوات اتصال تأخذ صفة الرسمية بين جمعيات ومؤسسات مصرية ستنسق مع أخرى فى الخارج دون أدنى مشكلة أو مخالفة. وبغض النظر عن نشاط الجمعيات فى الخارج وماذا تفعل وستفعل فى الداخل، والمهم أن يكون هناك نشاط مشترك.. الأمر يتم بالإخطار دون اعتراض!
فى المقابل وضع القانون الجديد عدة ضوابط للجمعيات، منها المادة السادسة عشرة التى أكدت أنه لا يجوز لأية جمعية أن تحصل على أموال من الخارج أيا كانت طبيعتها سواء من شخص مصرى أو أجنبى أو من جهة أجنبية أو من يمثلها فى الداخل.. ولا أن ترسل أموالا أيا كانت طبيعتها إلى أشخاص أو منظمات فى الخارج إلا بعد الحصول على موافقة اللجنة التنسيقية. واللجنة التنسيقية برئاسة وزير الشئون وتضم ممثلين عن وزراء الخارجية والعدل والداخلية والتعاون الدولى والشئون الاجتماعية مهمتها التصريح للمنظمات الأجنبية غير الحكومية بممارسة نشاطها فى مصر. والقانون الجديد أيضا يخضع أموال الجمعيات إلى مراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات وأجاز لوزير الشئون عزل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مجلس مؤقت إذا ارتكبت الجمعية أيا من المخالفات الآتية: 1- تصرف الجمعية فى أموالها أو تخصيصها فى غير الأغراض التى أنشئت من أجلها. 2- حصول الجمعية على أموال من جهة خارجية أو إرسال أموال إلى جهة خارجية بالمخالفة للقانون. 3- ارتكاب الجمعية مخالفة جسيمة للقانون كتبديد مال أو اختلاس أو إهدار المال العام أو مخالفة للنظام العام أو الآداب أو غير ذلك. 4- تعاون الجمعية أو انضمامها واشتراكها أو انتسابها إلى جمعية أو هيئة أو منظمة أجنبية بالمخالفة للقانون. 5- قيام الجمعية بجمع تبرعات بالمخالفة للقانون. 6- عدم انعقاد الجمعية العمومية عامين متتالين. 7- عدم تمكين وزارة الشئون الاجتماعية من متابعة وفحص أعمالها. 8- الانتقال إلى مقر جديد دون إخطار وزارة الشئون.