فى عام 2003 أنشأ الرئيس المخلوع المجلس القومى لحقوق الإنسان كآلية ديكورية يتباهى بها أمام العالم بأن مصر بلد الحريات والمؤسسات وسيادة القانون ويواجه به تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية التى ترصد ديكتاتورية وانتهاكات نظامه، ولكن من إيجابيات النظام السابق كان تشكيله الرائع الذى جاء بالدكتور بطرس غالى رئيسا والدكتور كمال أبوالمجد نائباً له وضم فى عضويته كوكبة من الحقوقيين خبراء ونشطاء حقوق الإنسان فى مصر الذين أثروا الحياة السياسية بانتقاداتهم وتقاريرهم التى رصدت الكثير من ممارسات النظام حتى وإن كانت على استحياء فى البداية وذهب معظمها جفاءً إلا أنها أرست جزءاً من مبادئ حقوق الإنسان فى مصر ومعاييره الدولية، وكانت بمثابة مخاض لثورة يناير 2011 المجيدة. ولكن التشكيل الأخير الذى أتى به مجلس شورى الإخوان جاء صادماً يغلب عليه الطابع السياسى لا الحقوقى حيث استبعد الكثيرون من نشطاء حقوق الإنسان الحقوقيين وضم عدداً من الأعضاء المعروف عنهم عداؤهم الشديد لقضايا الحريات ومن بينهم السفير عبدالله الأشعل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الذى سحب ترشيحه لحساب مرشح الإخوان الدكتور صفوت حجازى الذى يلاحق ويقاضى معارضيه فى المحاكم بعد أن وصفهم على الملأ بالكلاب على شاشات الفضائيات، وفى عضوية المجلس أيضاً بعض الفنانين المنقلبين على الفن مثل وجدى العربى الذى يرفض النقاش والتعامل مع أية آراء مغايرة لآراء الإسلاميين، مما يدعو إلى التساؤل كيف يمكن لهذه العقليات التعامل مع التيارات السياسية والحزبية المختلفة التى أتت بها الثورة، مما يشير إلى أن التشكيل الحالى للمجلس القومى قد يكون هو الأسوأ فى تاريخه. والاعتراض ليس على أشخاص أعضاء المجلس بقدر ما هو اعتراض على الخلفية السياسية والحزبية لكل منهم وطريقة ومعايير الاختيار التقليدية التى تغلب أهل الثقة على أهل الخبرة.