الرياضة علم.. والعلم هو مجموعة الخبرات الناجحة فى العالم الذى لم يتقدم من حولنا إلا بالعلم، أما نحن فمازلنا مصرين على الفهلوة، رافضين استخدام العلم رغم أن مصر زاخرة بالعلماء فى مجال الرياضة، ولكننا تجاهلناهم كما تجاهلنا علماء الأنشطة الأخرى، فكانت النتيجة أننا تخلفنا والعالم يتقدم حولنا، وأعجب من صراخ البعض لفوزنا بميداليتين فقط فى دورة الألعاب الأوليمبية الأخيرة فى لندن، وأتساءل: كيف تطالبون بميداليات أكثر وما حصلنا عليه كان نتيجة جهود ذاتية فقط! ولهذا مازلت مصمما على أنه إذا لم يستوعب الوزير الجديد أهمية قضية العلم خاصة فى الإدارة الرياضية فلا أمل إطلاقا فى أن نتقدم خطوة إلى الأمام، بل إننا سنتراجع كثيرا وسنتخلف أكثر، فالعالم كله الآن اتجه إلى الاحتراف، ومازلنا مصرين على الهواية، وإذا كان هناك احتراف، فهو احتراف مشبوه يقوم على الاغتراف بشتى الطرق والوسائل والفهلوة هى الأساس، وللأسف إن البيت العالى أقصد وزارة الرياضة ومديريات الشباب التابعة لها بدلا من أن تتفرغ لدورها الرئيسى فى متابعة الخطط ووضعها ومراقبة الهيئات الرياضية، اتجهت لأسلوب آخر وهو البحث عن الشهرة فقط التى غرقت فيها لشوشتها، ووضع لوائح وقوانين تقصد بها السيطرة على الاتحادات الرياضية والأندية ظاهريا،
والحقيقة أنها تشل حركة الرياضة أكثر، وترزية اللوائح والقوانين من الموظفين فى وزارة الرياضة يزينون كل شىء للمسئول الكبير سواء كان وزيرا أو رئيس مجلس أعلى أو رئيس المجلس القومى للرياضة، فتكون النتيجة الوقوع فى المحظور وفى أخطاء دولية ساذجة مستغلين عدم خبرة ودراية الوزير باللوائح والقوانين الدولية، وهذه أزمة البطانة التى لا حل معها إلا بالاستعانة بعلماء يفهمون تطور الرياضة ويعرفون جيدا اللوائح والقوانين الدولية المنظمة للأنشطة الرياضية، وأنا لست ضد وزير الرياضة أو وزارة الرياضة، وإنما حان الوقت للإصلاح،
فلا يمكن أن تقوم ثورة فى مصر، ولا يمكن أن تتغير الأسماء من مجلس قومى للرياضة إلى وزارة للرياضة دون تغيير المفاهيم، ولهذا أرى أن الأفضل الآن وضع خطة طويلة المدى وأخرى قصيرة المدى للنهوض بالرياضة نهضة حقيقية، وأن تعرف وزارة الرياضة ماذا تريد بالضبط، وما هى الألعاب التى يجب التركيز عليها للفوز بميداليات فى الدورات الأوليمبية، بدلا من فرح العمدة الذى يتكرر كل أربع سنوات ويتم خلاله إهدار المال العام، وأن تقوم مديريات الشباب بدورها الرقابى الحقيقى فى متابعة كل صغيرة وكبيرة فى الأندية والاتحادات وكفى لعبة المجاملات وكفى جلوسا على المكاتب والاعتماد على تقارير وهمية لا تسمن ولا تغنى من جوع، ويجب من الآن وضع خطة لإعداد بعثة مصر فى الدورة الأوليمبية المقبلة بريو دى جانيرو وإعداد ميزانيتها والألعاب التى ينبغى التركيز عليها ونفس الشىء بالنسبة للدورتين الأفريقية والعربية، وأن يتغير مشروع قانون الرياضة الذى ينبغى أن يوضع لتحقيق نهضة حقيقية وفقا لاستراتيجية محددة، ونبدأ من حيث انتهى العالم وليس من حيث انتهينا، وأن يكون العلم والاحتراف هما الأساس لتحقيق النهضة التى نريدها، وإذا حدث غير ذلك فسأقول على الرياضة السلام حتى إشعار آخر، وسأقول تحيا الفهلوة اللى جابتنا ورا.