علامات استفهام كثيرة تحاصر الرئيس مرسى بعد قراراته الأخيرة، وخاصة إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى أقسم عليه بعد وصوله إلى الحكم، النقاشات التى لا تتوقف فى الساحة السياسية بعد تغييرات مرسى تركز على كونه تفوق على مبارك فى الانفراد بالسلطات التنفيذية والتشريعية، وهذا منبع قلق لكل القوى السياسية بجميع ألوانها، لكن بعض القوى المؤيدة له تجد المكسب أكبر من الخسارة، خاصة لو كانت مؤقتة كما يمنون أنفسهم، فكان الأهم بالنسبة لهم التخلص من قيادات المجلس العسكرى، مطالبين مرسى بالإسراع فى إنهاء حالة الجمع بين السلطات، ويرون فى استعجاله الانتخابات البرلمانية دليلا كافيا على حسن النية، رغم أن هناك تساؤلات كثيرة وجدلاً عميقاً حول شرعية الرئيس الآن بعد أن ألغى الإعلان الدستورى الذى أقسم عليه اليمين ثلاث مرات، حتى إن البعض يعتبره رئيسا غير شرعى للبلاد، ويحذر من خطورة أن يضع مرسى الصلاحيات لنفسه بعد أن تخلص من الإعلان الذى كان يحدد صلاحياته، والأخطر بالنسبة لقوى أخرى هو المعركة القادمة للرئيس وقراراته الأخرى المفاجئة. عمرو موسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أكد أن التغييرات الأخيرة فى القوات المسلحة أنهت ما وصفه بالازدواجية على قمة السلطة فى مصر، موضحا أنها أحدثت تغييرات هامة بتعيين شخصيات جديدة تلتزم بسياسات النظام الجديد وتفترض فيها الولاء له. التكريم وتصفية الحسابات ورفض موسى خلال تصريحاته ل «روزاليوسف» فكرة تصفية الحسابات بين رئيس الجمهورية والمجلس العسكرى ووصف ما حدث من تغيير قيادات القوات المسلحة بأنه إطاحة بهم، حيث قال: هذه التغيرات ليست تصفية حسابات، ولكنها ممارسة لصلاحيات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الذى وجد ضرورة من تغيير القيادات، والدليل على عدم تصفية الحسابات هو التكريم. وفيما يتعلق بجمع الرئيس بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، قال موسى: إن هذا الجمع مؤقت والدليل دعوة مرسى إلى سرعة إجراء انتخابات برلمانية بعد الاستفتاء على الدستور، لتنتقل السلطة التشريعية تلقائيا، ولكن حتى لا نظل فى هذا الوضع بأن يجمع الرئيس بين سلطتين، فعليه إجراء انتخابات برلمانية دون الانتظار إلى الانتهاء من الدستور. أما الكاتب والسياسى مصطفى بكرى فقال: إن الجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أمر خاطئ من الناحية الدستورية لأنه يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، لأنه يجب أن تكون السلطة التشريعية مستقلة ونفس الأمر للسلطتين القضائية والتنفيذية الموجودة فى يد رئيس الجمهورية. الجيش المحترف لا يسيس وقال بكرى: إن جمع الرئيس بين سلطتين دون رقابة من مؤسسات الدولة المستقلة يعتبر فوضى دستورية، لأنه يحول الرئيس إلى نصف إله يتحكم فى كل شىء بالبلاد، ويصدر القرارات كيفما شاء دون رقابة ويشرع لها كيفما شاء وهنا نجد مجالا للأهواء الشخصية والحزبية، موضحا أن تحكم الرئيس فى إصدار القرارات دون النظر إلى الشرعية يستمر فى إلغائه للإعلان الدستورى الذى أقسم عليه ليكون رئيسا للبلاد، وأن إلغاءه بهذه الطريقة أمر خطير يتعارض مع جميع الثوابت الدستورية المتعارف عليها، ومعنى أن يقوم بذلك فهو يضع شرعيته فى مهب الريح، مشددا على أنه ليس من حق رئيس الجمهورية إصدار إعلان دستورى مصحح لأنه ليس صاحب سلطة تأسيسية. وقال بكرى: أخونة الجيش المصرى درب من الخيال، وإذا كانت هذه الأخونة متاحة لكان هذا الجيش صبغ بصبغة الحزب الوطنى ومن ثم كان سيقف ضد الثورة ويناصر الرئيس السابق ونظامه، ولذلك فإن أى صبغة سياسية على الجيش أمر مستحيل لأنه جيش محترف له عقيدة لا تتأثر ولا تتغير أبدا، لافتا إلى أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى شخصية وطنية محبوبة داخل الجيش ونفس الأمر لرئيس الأركان صدقى صبحى، ولذلك أدعو الجميع لرفع أيديهم عن الجيش وألا يتدخل أحد فى شئونه. فيما قال المنسق العام لحركة 6 أبريل أحمد ماهر ل«روزاليوسف»: الحركة لن تشارك فى مظاهرات 24 أغسطس لأن الدعوة إليها ليست نابعة من القوى الثورية، ولكنه أكد حق الجميع فى التظاهر، وأكد ماهر أن جمع مرسى للسلطتين التنفيذية والتشريعية هو أمر لن يستمر وسيكون بصفة مؤقتة، وهناك اقتراحات حاليا بإعادة تشكيل التأسيسية ليقوم بالدور التشريعى أو أن يكون المشرع هو مجلس الشورى لحين الانتهاء من انتخاب مجلس الشعب ليقوم بدوره المنوط به. تخوفات من الإخوان وقال ماهر: إن هناك تخوفات من قوة الإخوان المسلمين التى تعتبر القوة الأكبر على الحشد فى الشارع، ولابد لبقيه القوى السياسية أن تستعد حتى يكون هناك بديل يكون بمثابة القوى المعارضة التى تمنع أى احتكار للسلطة، حيث إن هناك تقصيراً من القوى الليبرالية والمدنية التى تركت الساحة للإخوان والسلفيين، وهذا التقصير أقرب إلى الضعف لدرجة أننا لا نجد أى حزب يستطيع أن يشكل الحكومة سوى حزب الحرية والعدالة لما له من قوى فى الشارع تجعله قادراً على التعامل مع مشكلات الشعب والدولة، ولكن فى الوقت نفسه فإن فصيل الإخوان جاء بإرادة الناس بانتخابات حرة، ولذلك يجب أن نعطيه فرصته فى الحكم حتى نستطيع أن نغير بعد ذلك فى الانتخابات القادمة، والتغيير لن يأتى بأن تقف القوى السياسية محلك سر، فمثلا نحن على أعتاب انتخابات برلمانية، فهل رسخت بقيه الأحزاب أقدامها فى الشارع واقتربت من الجماهير؟! واستبعد ماهر فكرة أخونة الجيش متفقا مع فكرة أن للقوات المسلحة عقيدتها ومبادئها التى لن يسمح أبناؤها بأن تسيس أو تتغير حسب أيديولوجيات أو تقوم بدعم تيارات بعينها فى الشارع، فعقيدة الجيش أنه يحمى الشعب والوطن والحدود وهذا واجبه الذى لا تريد أن يخرج عن سياقه وأن يواجه أى تعديل لهذا المسار العقائدى. أما عن تقاعد قيادات المجلس العسكرى فى هذه الفترة، فقال: إنهم كحركات شبابية سياسية لا ينظرون لتفاصيل الأمر حول أنها إطاحة بهذه القيادات لاستلام السلطة بشكل كامل من جانب الرئيس أم أن الأمر يدور فى صفقة الخروج الآمن، ما يهمنا هو ملاحقة هذه القيادات قضائيا ولن يستطيع الرئيس منعنا من ذلك، لأنه ليس طرفا فى ذلك وإذا أصبح طرفاً مدافعاً عن هذه القيادات سيكون لنا موقف آخر منه، نحن لا يعنينا أن المشير طنطاوى والفريق عنان واللواء حمدى بدين واللواء حسن الروينى وغيرهم حصلوا على تعهدات الخروج الآمن من الرئيس لأن يقيننا هو الثأر لشهدائنا ولرئيس الجمهورية مواءماته السياسية التى لا تمثلنا ولن نمثلها. فيما رفض د. فريد زهران نائب رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى انفراد الرئيس مرسى بالسلطتين الحاكمتين فى يد واحدة التنفيذية والتشريعية، وقال: نحن فى الأساس مع تقليص صلاحيات الرئيس ويجب أن يتيقن رئيس الجمهورية أن ثورة 25 يناير قامت ضد رئيس ينفرد بالسلطات، موضحا أن الصلاحيات المطلقة تأتى باستبداد، ونحن لن نترك الموضوع على طريقة «الله غالب»، ولذلك على رئيس الجمهورية أن يحول الصلاحيات التشريعية إلى الجمعية التأسيسية للدستور لحين انتخاب مجلس الشعب، لأن الوضع الحالى غريب جدا ويجب أن نذكر الرئيس مرسى أنه كان من ضمن السياسيين الذين كانوا ينتقدون حسنى مبارك عندما كان ينفرد بالسلطات، والآن نجده يحتكر جميع السلطات، فهل نحن على موعد مع ديكتاتور جديد؟! أخونة منظمة وعما يتعلق بالتخوفات حول أخونة الدولة ومن ثم أخونة المؤسسات المهمة مثل المؤسسة العسكرية، قال زهران: البوادر بدأت مع ما يفعله مرسى من ناحية وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى مع الإعلام لأن صبغ المؤسسات الصحفية بصبغة محسوبة على تيار الإخوان وإقصاء من هم يعارضون الإخوان أمر ينبئ بأن هناك أخونة منتظرة لمؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والجيش، وهذا سيعبر بنا إلى جسر آخر هو عدم العمل بدولة القانون والمساواة بين المواطنين والتعدى على حرية الرأى والعقيدة، ونفس ما نراه مع الإعلام والجيش سيحدث مع بقيه مؤسسات الدولة وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا. وعن تغيرات قيادات القوات المسلحة فى ظل وضع الحرب على التكفيريين فى سيناء تساءل زهران عن المسئولية عن أحداث الحدود: كيف تتم إقاله طنطاوى وعنان فى حين تتم ترقية عبدالفتاح السيسى رئيس المخابرات العسكرية السابق إلى رتبة فريق أول وأن يكون وزير الدفاع؟!.. لم نسمع عن هذا المنطق من قبل، فإن السيسى فى وضع المسئولية مع طنطاوى وعنان لأن المنطقة الحدودية مسئولية أولى للمخابرات العسكرية التى كان رئيسها، ومع ذلك تمت ترقيته، إذن نحن هنا أمام وضع غير شفاف، وفى جميع الأحوال ما يحدث فى سيناء يحتاج لوقفة صادقة من القيادة السياسية. لا عزل لرئيس منتخب أما محمد أبوحامد النائب السابق وأحد الداعين لمظاهرات 24 أغسطس فقال: الدعوة لهذا اليوم ليست للخروج عن الشرعية أو تحمل مطالبات عزل رئيس الجمهورية، فهذا الرئيس شرعى ومنتخب، ولكن هدف النزول هو مواجهة وضع جماعة الإخوان المسلمين التى تعتبر بمثابة دولة فوق الدولة، حيث تجاوزت فكرة دولة داخل الدولة، ونحن نعترض فى الأساس على الوضع الشاذ لهذه الجماعة، فهى كيان ليس له إطار قانونى وتتعامل على أساس أنها جهة استثنائية، مع التأكيد على عدم اللجوء إلى العنف فى هذا المظاهرات كما يروج قيادات الجماعة بأننا سنحرق ونخرب، فهذا الأسلوب لا نتعامل به، نحن شاركنا فى 25 يناير التى كانت ثورة سلمية وسنستمر على النسق السلمى، وهذه المظاهرات أيضا هدفها إجراء تحقيق عن المسئولين فى أحداث سيناء لأننا تأكدنا من أن هذه المنطقة مسئولية المخابرات العسكرية التى تم ترقية مديرها ليكون وزيرا للدفاع. لا يصح أن تسير بإعلان دستورى جاءت فيه إجراءات معينة ثم تسقطه ثم تصدر إعلاناً جديداً.. كل ذلك بدون سند دستورى، واستكمل: عند إصدار نتيجة الانتخابات واعترافنا بمرسى رئيسا، هل ذلك يعطيه الشرعية بإصدار إجراءات ليس لها سند قانونى أو دستورى، فإن شرعيته كرئيس مشروطة بالاختصاصات التى حددها الإعلان الدستورى الأول والثانى، ومن ثم يضع كل الصلاحيات فى يده مع الوضع فى الاعتبار أن ثورة 25 يناير قامت ضد رئيس يحتكر وينفرد بالصلاحيات. وننتقل لرئيس حزب مصر القومى د. عفت السادات وهو أحد الداعين لمظاهرات 24 أغسطس، حيث اتفق مع أبوحامد حول أن هذه التظاهرات لا تهدف الإطاحة برئيس الجمهورية، قائلا: نحن أول من تحدثنا عن الشرعية واحترامها، ومادام مرسى كما قال رئيسا لكل المصريين، وبحكم ذلك فهو موجود على رأس السلطة التنفيذية وليس هناك مشكلة أن تكون السلطة التشريعية فى يده حتى انتخاب برلمان جديد، ولكن من حقنا أن نتظاهر ضد وضع جماعة الإخوان ولذلك نطالب بتقنين الوضع غير الشرعى لجماعة الإخوان، ومن غير المعقول أن نرى جماعة تعمل على حماية رئيس الجمهورية، فهذا يسىء لدولة القانون والديمقراطية، ومن المطالب أيضا حل الجمعية التأسيسية وإعادة تشكيلها حتى يشارك فيها جميع التيارات بشكل حقيقى ليكون الدستور لجميع المصريين ويناسب ثورة 25 يناير. وقال السادات: هناك صعوبة فى أخونة الجيش لأنه جيش محترف ونظامى وله تقاليده، وإذا كان هناك مخطط لذلك فهذه الأخونة تحدث فى سنوات طويلة حتى إذا صح هذا المخطط، رافضا فكرة تأثر الجيش بتغيير قياداته فى ظل الحرب القائمة فى سيناء مع التكفيريين، لأن الجيش له قياداته وصفوفه والتعامل فى سيناء ليس له علاقة بتغير القيادات. أما السفير حسين هريدى- سفير مصر الأسبق فى أمريكا وعضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار وأحد قيادات منظمة الشباب وخاصة الدائرة التى كانت محاطة بالرئيس جمال عبدالناصر فى الستينيات- فقال عن صلاحيات مرسى بالسلطتين التنفيذية والتشريعية: بداية من انتخاب الرئيس عبدالناصر رئيسا لمصر فى عام 1956 ومجىء الرئيس السادات 1970 وفترة حكم مبارك نجد أنه للمرة الأولى منذ قيام النظام الجمهورى لا يوجد رئيس لمصر جمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مثل الرئيس محمد مرسى ولا أول مرة نرى رئيسا يكون حاكما بسلطتين، ولم نر أيضا رئيسا انقلب على الدستور الذى جاء بموجبه إلى سدة الحكم، طوال فترة حكم الرؤساء الثلاثة السابقين كان التحرك فى إطار دستورى بغض النظر عن كوننا رافضين أم موافقين على هذا الدستور ضربة قاصمة واستكمل هريدى: بالنسبة لما حدث يوم الأحد الماضى، فإن قرارات مرسى ضربة قاصمة لسيادة القانون والنظام الديمقراطى، لأن أى نظام ديمقراطى يفصل بين السلطات ويقوم على أن قوة النظام السياسى تقابلها قوى أخرى ترشد سلوكها، الآن لا يوجد مجلس الشعب، وتم إلغاء الإعلان الدستورى وبهذا يستطيع الرئيس أن يصدر أى قانون، وإذا ذهبنا بسلطة التشريع كما يطالب البعض للمحكمة الدستورية، فذلك تصحيح لخطأ بخطأ لأن الدستورية سلطة قضائية. وأوضح هريدى: إن مصر فى وضع مرتبك سياسيا ودستوريا ويجب تصحيحه فى أقرب فرصة لأن شرعية محمد مرسى الآن غير موجودة. وعن تغيير قيادات الجيش الأسبوع الماضى قال هريدى: ما حدث مع المشير وعنان لا علاقة له بالأوضاع فى سيناء فتقاعدهم تم والعمليات قائمة وعادة لا يتم تغير القيادات وقت العمليات، ولم يجر العرف على ذلك أبدا، ولكن تقاعدهم هو مخطط سابق من الداخل وبضغط مساند من الولاياتالمتحدة التى كانت تقيم ضغوطاً عنيفة على المجلس العسكرى لتسليم السلطة كاملة، خاصة أن كبار رجال الإدارة الأمريكية وحتى الإعلام الأمريكى كان يمارس مزايدات على المجلس العسكرى فى ظل ضغط متناغم من الإدارة الأمريكية. وفى إطار آخر قال د.أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط أن انفراد الرئيس بالسلطتين التشريعية والتنفيذية أمر مؤقت لحين إصدار الدستور، والسلطة التشريعية كانت مع المجلس العسكرى ولذلك وجب انتقالها بشكل مؤقت لرئيس مدنى منتخب، ولن نقبل أيضا أن يكون هناك استمرار لتجميع السلطات والانفراد بها لأن الوعى السياسى عند الشعب سيمنع وجود ديكتاتور على رأس السلطة، وهذه الفترة ستكون محددة لحين إجراء الانتخابات التشريعية وتحديد مهام وصلاحيات الرئيس، مؤكدا أن الدستور السابق كان يعطى الحق لرئيس الجمهورية التشريع فى فترة الإجازة البرلمانية أو حل المجلس موضحا أن من أعظم القرارات التى اتخذها مرسى هى إلغاء الإعلان الدستورى لأنه كان غير دستورى، ولم يضع الرئيس صلاحيات جديدة لنفسه، كل ما حدث أنه حصل على الصلاحيات التى كان يمسك بها المجلس العسكرى.