قال المستشار يحيى البنا الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة: إن قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2012 الداعى إلى عودة مجلس الشعب أدخل مصر فعليا فى حالة غير مسبوقة دستوريا وقانونيا وسياسيا، لأنها المرة الأولى فى تاريخ مصر القضائى التى يقوم فيها رئيس الجمهورية بتعطيل حكم قضائى بات وقاطع بقرار جمهورى. وأشار البنا فى حواره ل «روزاليوسف» إلى أن وزر القرار يتحمله مستشارو السوء لرئيس الجمهورية.
∎ هل أصبحت الأحكام القضائية تصدر وفق رغبة سياسية حسبما يصف البعض؟ - بعض النشطاء حاولوا بالفعل الإيهام بأن الأحكام الصادرة عن المحاكم مؤخرا هى أحكام سياسية، رغم أن جميع الأحكام تصدر باسم الشعب، ووفقا لنص القانون والدستور،ولا تحكم الدستورية العليا وقائع سياسية أو ظرف سياسى بعينه، لأن هذا ليس من طبيعتها أو اختصاصها، وسبق أن حكمت الدستورية قبل ذلك بحل البرلمان مرتين فى ظل النظام السابق، وامتثل لها.
∎ طرح بعض القانونيين فكرة الاستفتاء على قرار الرئيس بعودة البرلمان كحل وسط للخروج من هذا المأزق قبل قراره الأخير الذى أكد فيه احترامه لأحكام القضاء. ما رأيك فى هذه الفكرة؟
- فكرة اللجوء للاستفتاء الشعبى تدخل الدولة فى حالة انقسام فعلى، وهى مخالفة للقانون والدستور، هذه الأحكام تصدر فى الأساس باسم الشعب أيضا ما فعله رئيس البرلمان المنحل بإحالة الاختصاص فى الفصل فى صحة وجود البرلمان إلى محكمة النقض من عدمه غير صحيح، لأن الاختصاص الأصيل هنا للمحكمة الدستورية.
وبمطابقة هذا النص بأحكام الدستور والقانون نرى أن حكم الدستورية واجب النفاذ والاحترام ولا يقبل الطعن عليه أمام أى جهة قضائية أخرى.
ودعوة الرئيس لانعقاد البرلمان المنحل كانت سيترتب عليها آثار قانونية خطيرة، لأن أعمال المجلس فى هذه الحالة ستكون أعمالا مادية وليست قانونية، بمعنى أنه إذا صدرت عنه قوانين خلال فترة انعقاده وهو منحل، كانت المؤسسة القضائية ستمتنع عن تطبيق هذه القوانين، لأن القضاء يملك سلطة رقابة الامتناع حتى لو كانت هذه القوانين الصادرة فى شكلها الصحيح، ولكنها أمام القضاء مجرد «كلام على ورق» .
∎ هل أفسدت السياسة مؤسسة القضاء؟
- علينا هنا أن نفرق بين المؤسسة القضائية العريقة، وبين بعض القضاة الذين يمكننا القول إنهم تجاوزوا فى بعض تصرفاتهم، وإن السياسة جذبتهم، لكنها لم تفسدهم، إضافة إلى أن بعض القضاة الذين يعملون بالسياسة الآن هم قضاة متقاعدون.
وعلينا أيضا أن نكون منصفين لأنه حتى القضاة الذين يتحدثون بالسياسة حينما يجلسون على المنصة، فإن آراءهم أو اتجاهاتهم السياسية لا تؤثر على أحكامهم لأنهم أقسموا على التجرد والحيدة والنزاهة حينما يتعرضون للقضايا. ومن الممكن أن نرى قاضيا فى ميدان التحرير يتحدث فى السياسة، ولكنه على المنصة لا يتحدث بغير لغة القانون. ∎ هل ترى أن القضاء مستقل.. أم أن القضاة هم المستقلون؟ - استقلال القضاء يعنى المسائل المادية والإدارية وتدخل السلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل باختيار رؤساء المحاكم الابتدائية، أو التعيينات أو الأمور المادية فى بعض الأحوال، وقد يكون القضاء هنا غير مستقل تماما، لكن هذا فى حد ذاته لا يؤثر على العمل القضائى أو على القضاة أنفسهم، لأن القضاة لا يقبلون أن يتدخل أحد فى أحكامهم. ∎ فصيل سياسى يرى أن الرئيس المنتخب يحاول الانتقام من الدولة التى تأسست عقب ثورة يوليو ما رأيك؟ - هذا الرأى غير صحيح وهذا كلام للاستهلاك المحلى، لأن هذه الحقبة من الناحية التاريخية ملك لمصر وليست ملكا لتيار بعينه، بل أرى أن قراره الأخير الداعى إلى سحب قراره الأول هو رد على ذلك. ودعنى أقل لك أيضا إن ما بدا واضحا لى أننا نختلف ونتصارع بشكل مؤسسى وليس فى إطار همجى كما حاول البعض تصوير ذلك، وأن القانون والدستور مازالا فعليا هما الحاكم للدولة. ∎ لماذا حاول البعض إعلاميا أن يصور الأمور أننا أمام صراع سياسى على السلطة استخدمت فيه ساحات المحاكم؟ - عندما تعود لقرار المجلس العسكرى الخاص بحل البرلمان من الناحية الإجرائية ترى أنه قرار لا قيمة له من الناحية القانونية.. لأن حكم المحكمة الدستورية واجب النفاذ على الجميع سواء سلطة تنفيذية أو تشريعية، وقرار رئيس الجمهورية هو الذى عطل تنفيذ حكم المحكمة، ويعاقب عليه هنا بالقانون لأن عقوبته فى قانون العقوبات الحبس والعزل، وفقا لنص المادة 123 التى تنص على أنه يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى امتنع بالطريقة العمدية عن تنفيذ حكم أو أمر، ولذلك أثنى هنا على قرار الرئيس الأخير الذى أكد فيه احترامه للقانون والدستور والقضاء. ∎ هل هناك خلاف بين القضاة يعيد للأذهان فكرة «الموالاة والمعارضة»؟ - لا يهم انتماء القاضى، ولكن المهم ما يصدره على المنصة من أحكام، بل أرى أن اختلاف القضاة فى توجهاتهم أمر صحى.. ويثبت أنهم مرتبطون بقضايا وطنهم، وأنه إذا كان هناك خلاف بينهم من الناحية القانونية فيجب أن يكون فى غرفة المداولة. ∎ اتهام محامى جماعة الإخوان للدستورية العليا بأن قضاتها مزورون.. كيف تقيم هذه الواقعة؟ - بما أن الواقعة محل تحقيق الآن فلا يحق لنا التعرض لها، ومن حق كل شخص أن يقول ما لديه، ولكن إذا ثبت غير ذلك فعليه أن يتحمل نتائج ما يدعيه.